بيروت, دمشق: خرق الرئيس اللبناني اميل لحود السكون الذي رافق التمديد له نصف ولاية جديدة اول من امس في المجلس النيابي, فأعلن "اننا على ابواب مرحلة جديدة عنوانها طي صفحة الماضي وتحقيق اجواء المصالحة والتسامح". وشكر لحود البرلمان والحكومة "رئيساً وأعضاء" والذين عارضوه "لأن الاختلاف في الرأي في الاستحقاقات الداخلية لا يعبر عن العداء".
وقالت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت لـ"الحياة" ان كلام لحود هذا "جاء بنصيحة من دمشق التي دعت الرئيس اللبناني الى نهج سياسي يساعد على استيعاب المعارضة التي نشأت في وجه التمديد له والى ملاقاة الذين عدلوا من موقفهم ووافقوا على التمديد بعد رفضهم له في منتصف الطريق (ومنهم رئيس الحكومة رفيق الحريري)".
وذكر بعض حلفاء دمشق من المعارضين للتمديد ان كلام لحود "يحمل جديداً" وانه "على رغم الضغوط التي مورست من قبل محيطه والذهنية الضاغطة التي تعاطوا من خلالها مع التمديد", فإن ما قاله "يستوجب التوقف عنده خصوصاً ان دمشق مدركة لضرورة تجاوز اخطاء الماضي من قبل رئيس الجمهورية". وعُلم ان المسؤولين السوريين نصحوا الموالين للحود بعدم الدخول في سجال والرد على مداخلات النواب المعارضين خلال جلسة التمديد.
وفيما رأى بعض المعارضين للتمديد ان الكلام الجديد للحود "قد يكون قنبلة صوتية", اعتبر قطب بارز ان "على خصوم رئيس الجمهورية ان يراقبوا مدى تطابق ما اعلنه, مع الممارسة اليومية, ورصد مدى مواصلة القوى النافذة في السلطة الضغوط على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وانصاره في المناطق وفي بعض المجالس البلدية والتلويح بفتح ملفات قضائية لبعض المقربين منه, لأنه عارض التمديد في البرلمان".
وترافق كلام لحود الجديد مع اعلان وزير الاعلام السوري احمد الحسن ان بلاده "لن تعادي من لم يصوت" للتمديد للحود.
وكان "لقاء قرنة شهوان" الذي يضم الشخصيات والاحزاب المسيحية المعارضة, اجتمع امس برئاسة البطريرك الماروني نصرالله صفير وأصدر بياناً دعا فيه المعنيين الى "الاحتكام الى العقل والعودة عن الخطأ الفادح" في ما يخص تعديل الدستور للتمديد للحود.
وقالت مصادر وزارية لـ"الحياة" ان "من ضمن اهداف اللغة الجديدة التي صدرت في بيان لحود اراحة الاجواء تمهيداً للبحث الهادئ في تشكيل الحكومة المقبلة التي تأمل دمشق بأن يترأسها الحريري". لكن الاخير, بحسب وزراء مطلعين على موقفه, يفضل التريث في تقديم استقالة حكومته الحالية, الى ما بعد عودته من جولة على مراحل تبدأ الثلثاء المقبل بزيارة الى مصر, تتبعها جلسة لمجلس الوزراء, على ان يزور لاحقاً برشلونة ومدريد وبروكسيل, ثم نيويورك في 19 الشهر الجاري, ما يؤجل بت الوضع الحكومي الى أواخر أيلول (سبتمبر).
من جهة ثانية, أكد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان قرار مجلس الأمن "يستهدف لبنان قبل سورية". وقال: "ان المسألة ليست مسألة استحقاق دستوري بقدر ما هي ذريعة لمشاريع اخطر ترتبط بالمشروع الاميركي - الصهيوني في المنطقة", متسائلاً: "ماذا فعل مجلس الأمن لحماية لبنان من الاعتداءات الصهيونية؟".
وقال نصرالله في احتفال علق فيه على القرار الدولي في شأن لبنان والاستحقاق الرئاسي: "ان بقاء القوات السورية في لبنان هو حاجة ضرورية, ولمن يريد من اللبنانيين اخراجها, فلنجر استفتاء عاماً لحسم القضايا المصيرية التي لا يحصل حولها اجماع, وما تقبل به الغالبية تسلّم به الاقلية".
وأكد نصرالله ان "سلاح المقاومة لا يستهدف احداً, ولا يمنع السلطة من ممارسة مسؤولياتها في المنطقة المحررة", مشيراً الى ان "الإصرار الاميركي - الاسرائيلي على نزع سلاح المقاومة نابع من كونها تشكل التوازن الذي يحمي لبنان حيال الاعتداءات الاسرائيلية".
وشدد نصرالله على "ضرورة التوحد لمواجهة المخاطر التي تحدق بلبنان في ضوء مهلة الثلاثين يوماً التي اعطاها مجلس الامن للبنان لتنفيذ مضمون القرار" ودعا فرنسا الى "عدم السير في الركب الاميركي لئلا تفقد مصالحها في المنطقة".
وقالت مصادر وزارية لـ"الحياة" ان دعوة نصرالله "القوى الاساسية" الى مواجهة المرحلة المقبلة "تأتي في سياق السعي الى لملمة الخلاف الذي نشأ بسبب التمديد, والمقصود به جنبلاط خصوصاً".
لافروف وبيرنز
الى ذلك, تشهد دمشق في الايام المقبلة اتصالات سياسية مكثفة تشمل زيارتي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يومي 7 و8 الجاري ومساعد وزير الخارجية الاميركي وليم بيرنز يومي 10 و11. وعلمت "الحياة" ان وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه "ابدى رغبة جدية" بزيارة سورية وقيل له "أهلاً وسهلاً" من دون تحديد موعد.
وفيما قالت مصادر سورية لـ"الحياة" ان هذه الزيارات "تعكس رغبة بابقاء شعرة معاوية" مع دمشق, وضعت مصادر اخرى ذلك في اطار "سياسة العصا والجزرة" على ان باريس وواشنطن "مارستا ضغوطاً دولية وهما تريدان معرفة التنازلات التي يمكن تقديمها".
التعليقات