لم تقتصر التداعيات الداخلية التي نجمت عن التمديد للرئيس اميل لحود على استقالة اربعة وزراء امس، بل هي مرشحة لاطلاق سجالات سياسية حيال قضايا مصيرية من مثل تلويح حزب الله باستفتاء على الوجود السوري في لبنان وردّ النائب وليد جنبلاط عليه بأن لبنان ديموقراطية توافقية ومن شأن الاستفتاءات فيها ان تحكم الغالبية العددية بالاقليات المذهبية والطائفية.
اما في الشأن المباشر المتعلق بالاستقالات الوزارية التي املت عقد اول اجتماع مساء امس بين اركان الحكم في بعبدا بعد التمديد، فكان لجنبلاط عقب انتهاء الاجتماع تعليق فوري عليه اكتسب دلالة خطيرة ولاذعة، اذ قال لـ النهار : لا احسد الرئيس الحريري. انتهى الطائف ودخلنا في النظام الرئاسي والاحكام العرفية .
فماذا جرى امس؟
التطور الابرز، وان يكن متوقعاً، تمثل في عودة نادرة للاستقالات الوزارية الى الحياة السياسية اللبنانية التي افتقدت طويلا هذا النمط الديموقراطي الفعلي الذي يترجم مواقف سياسية كلامية ويقرنها بأفعال.
بدأت السبحة صباحا بتقديم وزير البيئة فارس بويز استقالته الى رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ثم عقده مؤتمرا صحافيا شرح فيه حيثيات الاستقالة انسجاما مع موقفه الرافض تعديل الدستور والتمديد، من دون ان يخفي استغرابه الخطأ الذي ارتكب بأن تصبح معركة مواجهة الضغط الخارجي معركة (اثبات) شرعية النظام الجديد .
وبعد الظهر عقد اللقاء الديموقراطي اجتماعا في منزل جنبلاط وخلص الى قرار استقالة وزرائه الثلاثة وزير الاقتصاد والتجارة مروان حماده ووزير الثقافة غازي العريضي ووزير شؤون المهجرين عبدالله فرحات اعتبارا من صباح اليوم.
والى اعلان جنبلاط الاستقالات رد على الامين العام لـ حزب الله السيد حسن نصرالله قائلا: مع احترامي لسيد المقاومة لا نستطيع ان نقبل في لبنان بمبدأ الاستفتاء لحلّ بعض المشاكل المصيرية ، مذكرا بان لبنان ديموقراطية توافقية وفيه اقليات (...) وفي هذه الحال تغلب الاكثرية العددية على الاقلية العددية .ومع ان الاستقالات الاربع للوزراء بويز وحماده والعريضي وفرحات كانت مرتقبة، فانها اوحت ان الحكومة قد اصبحت برمتها على مشارف الاستقالة او النظر في مصيرها على الاقل، فيما كان الرئيس لحود يلمح بوضوح امام الوفود العسكرية والامنية التي زارته مهنئة بالتمديد امس الى برنامج عمله في الولاية الممددة ومن ضمنه تشكيل حكومة من وزراء يعطون وطنهم ولا يأخذون منه . ولكن البحث الجدي في الوضع الحكومي ارجئ الى ما بعد عودة الرئيس الحريري من الجولة التي ستقوده اعتباراً من اليوم الى القاهرة ثم برشلونة ومدريد فبروكسيل.
اجتماع بعبدا
وهذا الامر استدعى عقد الاجتماع الرئاسي الثلاثي في السابعة مساء امس في قصر بعبدا للمرة الاولى بعد التمديد، بين الرؤساء اميل لحود ونبيه بري ورفيق الحريري.
وعلم انه تقرر ان يتم تسيير العمل وفق مرسوم التكليف بالوكالة الذي يصدر بعد تشكيل الحكومة عادة لتأمين العمل في الوزارات في حال غياب الوزير الاصيل، او في حال شغور المنصب، وفي هذه الحال تسند الحقائب الى الوزراء المكلفين بالوكالة وفق المرسوم على النحو الآتي: الوزير نجيب ميقاتي وزيراً لشؤون المهجرين بالوكالة مكان الوزير فرحات، الوزير فؤاد السنيورة وزيراً للاقتصاد والتجارة بالوكالة مكان الوزير حماده، الوزير ميشال موسى وزيراً للبيئة بالوكالة مكان الوزير بويز. اما وزارة الثقافة التي استقال وزيرها الاصيل غازي العريضي ووزيرها بالوكالة مروان حماده فالاتجاه هو الى تكليف الوزير كرم كرم توليها بالوكالة.
وبدا واضحاً من كلام الرئيس الحريري، بعد الاجتماع، ان تغيير الحكومة ليس مستبعداً بعد عودته من الخارج وخصوصاً انه ألغى زيارته لنيويورك التي كانت مقررة في 19 من الجاري.
وقد استمر الاجتماع 40 دقيقة، اوضح بعده بري ان البحث تركز على الوضع الحكومي بعد التطورات التي حصلت اليوم (امس).
اما الحريري فقال: فخامة الرئيس طلب من دولة رئيس مجلس النواب وطلبني الى اجتماع تداول موضوع استقالة الوزير بويز وتوقع استقالات الوزراءالثلاثة، والتي لم تصلني بعد استقالاتهم وستصلني غداً (اليوم) وقد تداولنا الامر .سئل: ما هي الخيارات المتاحة، هل تغيير حكومي ام تعديل من ضمن التركيبة الموجودة، اسناد حقائب الى وزراء دولة او وزراء من خارج الحكومة؟اجاب: لا اعتقد. موضوع الوضع الحكومي كما قلت يبحث بعد عودتي من السفر، وبالنسبة الى الوزراء الذين استقالوا لا يجوز الكلام قبل ان تصلني استقالاتهم .سئل: هل هناك جلسة نهار الخميس المقبل؟
اجاب: نعم.
سئل: ما الذي جرى خلال الاجتماع؟
اجاب: تداولنا الموضوع فقط، ورأيتم كم من الوقت استغرق الاجتماع .سئل: هل التغيير الحكومي وارد في المرحلة القريبة؟اجاب: ليس مستبعداً، وبعد عودتي سيبحث الامر وانا ألغيت زيارتي لنيويورك كما تعلمون .وليل امس زار رئيس جهاز الامن والاستطلاع للقوات السورية العاملة في لبنان العميد رستم غزالي الرئيس الحريري في دارته في قريطم.
ومن التحركات السياسية التي حصلت امس زيارة الرئيس سليم الحص للديمان. وقال الحص لـ النهار اثر عودته ان اجواء لقائه مع البطريرك صفير كانت جيدة جدّاً، وكان اللقاء ايجابياً بكل ما للكلمة من معنى . واشاد بالبطريرك مؤكداً تجاوبه مع مساعي التهدئة . وقال ان لا عقد عنده وهو لا يتطلع الى الماضي، ويلتقي مع الدعوة الى التطلع الى المستقبل .
التعليقات