جل ما نتمناه ان تظل خطيئة التمديد قضية لبنانية لبنانية، ولبنانية سورية، فلا تصبح اداة في لعبة الامم الدموية في المنطقة. وجل ما نتمناه ان يدرك الذين يعتقدون اليوم انهم انتصروا بفرضهم اسوأ الخيارات على اللبنانيين، ان يتواضعوا قليلاً حتى لا يراكموا مزيداً من الاخطاء في الداخل، ليكون هذا مسرحاً خصباً وذريعة اضافية لما يسميه البعض حرب التدخل الخارجي . ولكن اذا كنا نتمنى ان يتعقل البعض من اصحاب الرؤوس الحامية، درءاً لاخطار جمة قد تكون في طريقها الى الاكتمال من كل حدب وصوب، فإننا لا نستهين، شأن البعض، بالقرار 1559 الذي يشكل سابقة في تاريخ العلاقات اللبنانية مع الغرب عموماً، ومع الولايات المتحدة خصوصاً. كما انه يشكل سابقة من حيث تدخل المجتمع الدولي في المسألة اللبنانية. فالقول ان القرار انتهى، خطيئة لا توازيها الا خطيئة التمديد، لانها تشير الى ان ثمة من لا يرى ما يحصل خلف جدران القلعة المهددة، هذه المرة من تنوع دولي قلّ ان اجتمع على قضية مثلما اجتمع على الموقف مما يجري في لبنان.

لا يهدف هذا الكلام الى ضرب العزائم الوطنية القومية ، ولكنه دعوة الى التبصر في ما هو آت صوبنا نحن وسوريا في هذه المرحلة المشبعة بالكثير من العقبات والعواقب. فمن خلال القرار (وقد لا يقترن بخطوات عقابية قريبة)، اصبحنا تحت المجهر الدولي، وكل خطواتنا محسوبة في اطار من النظرة السلبية على كل المستويات بدءاً بالسياسة، وانتهاء بالاقتصاد. ومهما قلنا ان القضية هي قضية لبنانية بحتة، ولبنانية سورية تخص البلدين، فإن من الغباء التظاهر بأن المسألة اللبنانية لم تتدول. نعم لقد جرى تدويل الواقع اللبناني الداخلي، والعلاقات اللبنانية السورية. ومهما حاولنا، فإن الواقع الدولي لن يكون مؤاتياً لتقبل الطروحات اللبنانية الرسمية التي ستواجه تقرير الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان بعد اقل من شهر. وهذا واقع شديد الحساسية، ولا اخال عقلاء دمشق وبيروت غافلين عما نحن بصدده في الاشهر المقبلة.المهم ان لا يأتينا اغبياء ليقولوا لنا ان لبنان وسوريا بالعدة التي يملكانها راهناً، قادران على مواجهة مجتمع دولي متضامن (اوروبا واميركا) ومصمم. ومن هنا لا بد لنا من ان نفكر بالمخارج العقلانية للخروج من هذا الفخ الذي نصب لنا ولسوريا. فالمأزق هنا، ونحن عالقون فيه، ولا يمكن تجاهله. واخشى ما نخشاه ان تتعقد علاقاتنا مع المجتمع الدولي الفاعل الى حد نصبح معه في شبه عزلة. مع الملاحظة ان الصف العربي عملة لا يمكن صرفها بأي حال. (فلنراقب برقيات التهنئة العربية بالتمديد، ولنقرأ نصوصها بتمعن).

لن ننشد مع المنشدين ان الهجمة الدولية الصهيونية هي التي دفعت الى خيار التمديد. بل سنكتفي بدعوة العهد الميمون الى التسلح بالكثير من الحكمة في لعبته السياسية الداخلية لانه تحت المجهر السلبي من كل الناس. وكل خطأ يرتكبه ستكون تكلفته اضعاف اضعاف تكلفة اخطاء اي رئيس آخر، حتى اسوأهم. انه امام تقاطع مفصلي، فإما يكمل نصف الولاية بالكثير من التروي والحكمة والهدوء والعقلانية والتواضع، فلربما نجح، او يستعيد اساليب قديمة معروفة قد تشعره بالرضا الفوري ولكنها سرعان ما ستؤدي بالبلاد الى مزيد من الانغلاق والتصادم والانفجار. من هنا نصيحتنا الى الرئيس اميل لحود بطلب الحكمة ولو في الصين!

ولا يستسلهن احد هدوء الساحة اللبنانية، لان النفوس محقونة. ولا يستسهلن احد البطاقة الصفراء الدولية التي رفعت بوجهنا، نحن وسوريا (يمكن ان تتحول حمراء بأسرع ما نتصور)، لان وضعيتنا اسوأ بكثير مما تتصوره بعض الابواق المتملقة المهينة للعقول، والمجافية للذوق البشريّ!