خميس الخياطي: لو تصفحنا الجرائد والمجلات، ولو أصغينا الي عديد الاذاعات الوطنية أو الجهوية أو شاهدنا قناة تونس 7 ونظيرتها 21، لن نجد لـ معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وخاصة استضافة الثقافة العربية بما فيها الثقافة التونسية أي أثر وكأن الأمر لا يهم وسائل الاعلام الا في ما ندر وفي الصفحات الداخلية منها بين خبر عن فنانة ترفض التمثيل بسبب العري في الأفلام التونسية (ولا أحد قد طلب منها ذلك) واعلان عن قارئ للطالع...
كذلك، لو جلسنا في المقاهي والبارات (وخاصة دار الكاتب ودار الصحافي) التي يؤمها البعض من مثقفي ومبدعي تونس، لاكتشفنا أن الأمر سيان في المشاركة أو عدمها الا من بعض الذين يؤمنون ـ ومنهم من هو علي حق ـ أن تناسي وزارة الثقافة لهم في ادراجهم ضمن لائحة المختارين لتمثيل الثقافة التونسية في هذا الموعد الابداعي العالمي هو تجن عليهم. وبالتالي، لن يدخروا جهدا في التنديد بهذه الاختيارات في حين أن الذين أختيروا، هم كذلك لازموا الصمت...
ورغم أن البرنامج الذي عملت عليه وزارة الثقافة حافل بالأنشطة القيمة ورغم أن الأسماء المقترحة في غالبيتها العظمي أسماء محترمة كل في ميدانه من شعراء وروائيين ونقاد ومفكرين وفنانين تشكيليين وسينمائيين الخ... الا أن بعض الأسماء التي لا يمكن البتة التغاضي عنها تم تجاهلها لأسباب مجهولة. ففي باب الشعر، كيف يمكن تناسي الصغير ولاد أحمد أو آدم فتحي وغيرهما؟ وفي باب الرواية، لماذا لم يدرج اسما صلاح الدين بوجاه أو حافظ محفوظ؟ وفي قسم الدراسات الأدبية والفكرية والحضارية لا نجد أسماء السادة هشام جعيط ولا عياض بن عاشور ولا محمد الشرفي ولا عبد السلام المسدي ولا عبد المجيد الشرفي ولا لطفي اليوسفي وهي أسماء لا يمكن لأي كان في تونس أو خارجها من العرب والغربيين أن يشكك في مصداقيتها... ما السبب؟ دواليب الوزارة أعلم بذلك.
ففي غياب سجال اعلامي تناقش فيه الاختيارات حتي ولو كانت اختيارات سلطة الاشراف، تكون الوزارة قد طبخت طبقها كما يحلو لها وفي سرية تامة كما أصبحت العادة لديها في جميع أنشطتها. فعلي سبيل المثال، بيننا وموعد انعقاد الدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية شهر ولا أحد يعلم شيئا عن الأفلام التي ستكون في المسابقة ولا حتي خارجها، لا نعلم شيئا عن موضوع الندوة ولا حتي أسماء المدعويين... وهي دلالة ناطقة عن سياسة ثقافية تؤمن بالسرية والمباغتة والأمر الواقع.
وما تتسم به المشاركة التونسية في معرض فرانكفورت هو التركيز علي الابداع النسوي وحضور النساء وهو ما نلاحظه في مشاركة بالي سهام بلخوجة وفرقة سميرة عطية الصغير ثم أمينة الصرارفي وسلوي الشرفي والصحافية والشاعرة آمال موسي والشاعرة جميلة الماجري والسينمائية مفيدة التلاتلي بفيلم موسم الرجال وهو فيلم عن غياب الرجل، اضافة الي سبع فنانات تشكيليات. وكأننا بتونس وفي هذه الحقبة حيث الصراع قائم في الدول العربية حول حقوق المرأة، تود ارسال اشارة لا شك ولا جدال فيها حول منزلة المرأة المتقدمة مقارنة بما تعيشه في جل الدول العربية الحاضرة في المعرض...
وقد طلبت القدس العربي من عديد المبدعين/ات التونسيين/ات أن يقيموا سياسة الحضور التونسي في معرض فرانكفورت ، فأتت أجوبتهم كالتالي، في حين امتنع العديد أو ماطل في الرد.
الازدحام والتناحر والتطاحن...
أمال مختارہ
ان مشاركة الدول العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب لهذه السنة تعتبر فرصة للتلاقح بين الثقافة العربية والثقافة الألمانية. أما بالنسبة الينا، نحن العرب، فان هذه المشاركة هي بمثابة الشباك الذي سنطل من خلاله علي الثقافة الألمانية بوجه ثقافي نريده حقيقيا وغير مزيف، يحمل جماله في حقيقته.
هنا تحديدا، يهمنا أن نعرف من سيختار هذا الوجه الثقافي العربي الذي سيتحدث عنا وسيمثلنا نحن العرب كحضارة عريقة تسعي لاقتلاع حضورها العالمي. الدعوة جاءت عن طريق جامعة الدول العربية، والتمثيل عن طريق الجامعة لا يمكن أن يكون الا رسميا. وفي مثل هذه الحال، تمثل وزارة الثقافة كل بلد عربي في هذا المعرض الدولي.
سوف لن أناقش البلد المضيف حول شكل الدعوة المجهة لنا. لكن في المقابل، أستطيع مناقشة المؤسسات الرسمية العربية في امكانية اشراك المؤسسات غير الرسمية والجمعيات الثقافية وغيرها ممن يستطيع المساهمة في تشكيل ذلك الوجه الحقيقي للثقافة العربية. فبعيدا عن المناخات السياسية التي تحكمها بروتوكولاتها، للمجال الثقافي من المرونة والتفتح، بحيث يسمح للمؤسسة الرسمية الثقافية في كل بلد عربي لتقديم وجه حقيقي خال من مساحيق التزويق التي قد تجعل منه وجها فجا وقبيحا بينما هو في الحقيقة جميل بطبيعته.
طرح هذا الاقتراح للنقاش علي مستوي جامعة الدول العربية. غير أن تلك الاختلافات والخلافات المعششة في البيت العربي وقفت بالمرصاد وأجهضت الاقتراح. فبقي التمثيل رسميا مئة في المئة. لكن، هل يمنع ذلك كل بلد او دولة عربية من الاجتهاد علي مستواها الخاص، فتسمح بتطعيم وفدها ببعض الاسماء المبدعة غير المنتمية رسميا. ربما حدثت بعض المحاولات في هذا البلد أو ذاك، غير أن الأكيد أن المسألة أخذت منعرجا آخر عندما وصلت الي مستوي التنفيذ، فترهلت. وللأسف، أتألم عندما أشاهد مثل ذلك الازدحام والتناحر والتطاحن بين المبدعين لتسجيل القوائم الأولي لاختيار المشاركين في الوفد.
هذا علي مستوي الفنانين الرسميين. فماذا كان سيحدث لو وقع اقتراح مبدعين غير رسميين؟ وماذا سيبقي أمام الثقافة غير الرسمية غير الثنايا الترابية الشاقة لبلوغ معرض فرانكفورت الدولي للكتاب!!!
ہ صحافية وروائية
المشي الي فرانكفورت علي بيض النعام
سليم دولةہ
سأكون ذاتيا بمعني واضح وجارح، ذلك أن استحضار الثقافة محليا يحيلنا للتو علي السخافة المعممة التي تفتح بدورها علي اقتحام السرطان الحزبي السياسي علي كل ما يسمي المجتمع المدني ، ذلك أننا نحذق الخلط بين السجلات والمجالات، كما كان شأننا دائما، كأن نخلط بين فعل التغيير والتزوير، بين الاقتصاد والوعظ الأخلاقي، بين الكونية والعولمة، بين المشاركة والشرك، تماما كما بين الصراحة والوقاحة وبين حب الوطن والجنون علي رأي صاحب أم القري .
ان مناسبة هذا الحديث المالح هو خبر الضيافة الألمانية للثقافة العربية. هكذا، الثقافة في المطلق!!! غير أن أولي الأمر منا، وأقصد أحزابنا الحاكمة المتحكمة في رقابنا وفي أجورنا وفي تسيير جولان أفكارنا، تريد أن تتمسك بحق شبه ميتافيزيقي في تحديد رقاب بنات أفكارنا بالتفكير لنا نيابة عنا وبدلا، فتأخذ الجزء علي أنه الكل، بمعني أن المنتجين في طواقم المشاركين والمشاركات من رجالات و نساءات التونسيين والتونسيات، هم من جوقة واحدة وفيصل دموي واحد، وحزب واحد ذي عزف منفرد واحد أيضا، لا يمثلون الا التجمع الدستوري الديمقراطي وريث الحزب الحر الدستوري الاشتراكي جدا، فكان سليله التجمع الدستوري الديمقراطي ديمقراطيا جدا الا أحيانا اذ هو يتبني الحرية المطلقة في كل شيء: التبادل الحر، الجامعات الحرة الي غير ذلك من متواليات الحريات. أمر واحد فقط يريده أن يظل حكوميا وملكا خاصا وهو الحقل الثقافي، أكثر الحقول الملغمة والذي لن يستطيع تسويقه في الأسواق الحرة لخوف حقيقي أو وهم من المشرفين علي تسيير الأمر الثقافي من الحرية. لذلك، تجدهم كتابا وكتبة ومكتوبا لهم يحاصرون من يخالفهم الرأي في الآداء الكتابي والمعرفي، فيستحيل المستشار منهم الي منشار حقيقي يأتي علي الغصن الذي يقف عليه، ويستحيل بقدرة عجائبية لا يعرفها غير الراسخين في التقلب والتلون، يستحيل الشعار الحقيقي الي ما يشبه الشعر المستعار. وهي مسلة موضة واستراتيجية موضة ومن أخص خصوصيات الموضة أنها تأكل نفسها كي تضمن لها الدوام Le propre de la mode, c'est qu'elle se demode .
ذلك هو حال الثقافة العربية الرسمية الموسومة بالحزبية الضيقة التي يراد لها أن تكون ممثلة للثقافة العربية بألف ولام التعريف.
عود علي بدء: المشي الي فرانكفورت علي بيض النعام.
ان الاعتراف بالاختلاف وبفكرة حق الاختلاف يفترض أساسا تثويرا للبني الذهنية لدي المشرفين علي تسيير الشأن العام والأمر العمومي في الوطن العربي وفي تونس تحديدا، ذلك أننا نسمع خطابا رسميا راقيا حول وضع الثقافة والمثقفين وضمان حقوقهم المادية والاعتبارية.
غير أن الممارسة والمعايشة اليومية تقول غير ذلك تماما وكأنما المطلوب منك، باعتبارك كاتبا مثلا، هو أن تصدق التلفزة وتكذب نفسك. وهذا من باب الكذب عيني عينك . الكذب ليس بالمعني الأخلاقي فقط، انما بالمعني اللغوي تحديدا اذ يعني الكذب، في ما يعني، وضع الكلام في غير موضعه. كما يتم وضع الفرانكفورتيين التونسيين التجمعيين الديمقراطيين وأحبابهم في موضع المتكلم الواحد الوحيد الأوحد باسم الثقافة التونسية. هكذا في المطلق، كما لو أن مثقفي تونس انما هم علي بكرة أجدادهم حزبيون متحزبون بالقوة والفعل والامكان والضرورة.
ان كانت الضرورة الشعرية تقتضي بعض العدول والانزياح والعلل والزحاف، فان القائمين والقائمات علي تبرير الشأن الثقافي قد استفادوا من هذا التسامح العروضي ليعرضوا عن تشريك معارضيهم، ان يحذقوا تماما التعامل مع خصومهم بعقلية الأعداء.
ولم يدركوا بعد أنني أتعامل معهم، أنا شخصيا، باعتبارهم مجرد خصوم لا أعداء. لذلك تجدهم بعقليتهم تلك المتعودة علي تكرير المكرور من الأفعال، يمارسون كل أشكال الاقصاء والتغييب، ويستكثرون عليك نشر كتاب في سورية أو لبنان أو المغرب، فما بالك بأمر المشاركة معهم في فضاء ستكون أنت فيه فضيحتهم وشاهدا علي تملقهم ونفاقهم وحربائيتهم. ذلك أن الكثير من الخلق الثقافي عندما يغادرون تونس، يقدمون أنفسهم علي أنهم مناضلون اشاوس ومغضوب عليهم جملة وتفصيلا. وأنهم أبناء المعارضة ويمارسون كل أشكال الابتزاز العاطفي والتملق الأممي من أجل أن تدبر أمورهم بالليل وبعيدا عن عيون الوطن. لذلك تجد الواحد منهم لا يقوي علي المشي مستقيما، مرفوع الرأس وانما تراه كمن يمشي علي بيض النعام حذر الشرطي الثقافي الذي يخفيه في معطفه. اذا كان الشابي قد أعلن ذات ليلة في بعض رسائله: اني يائس من المشاريع التونسية ، فانني أعلن بكل برودة أعصابي، وبكل ما أوتيت من حكمة كلبية ، يأسي من المشاريع الثقافية العربية الرسمية. وعليه، أرفض أن يفكر أحد التونسيين لي وعوضا عني حتي زمن شيخوختي الفكرية، انه وان تكلم بأسم التونسيين وان قبل كل التونسيين أن يمثلهم، فهو لا يمثلني، ان لو لأنتخبه، ولم أنتخب من انتخبه، هذا السائر علي بيض النعام.
أفلم يدركوا بعد أن هزائمنا العسكرية هي بدءا هزائم ثقافية؟؟؟
وان كان قد ورد في الأوراق القديمة: اذا رأيتم عالما يخرج من قصر السلطان فاعلموا أن علمه مغشوش فانني أدون في الأوراق الجديدة: اذا رأيتم مثقفا يرسله السلطان الي بلاد الفرنجة والألمان تحديدا، فاعلموا أن وعيه الثقافي مغشوش...
ہكاتب حر (كما يصف نفسه).
جدل طبيعي وتغييب للمسرح
محسن عبدالرحمنہ
منذ بدء الاستعدادات لمعرض فرانكفورت وحتي قبلها، عند ظهور الفكرة الأولي لترشيح العرب والثقافة العربية تحديدا كمحور للمعرض، كان الجدل علي أشده حول من سيمثل العرب في هذا المحفل الدولي...
وفي تونس، كما في جل الدول العربية، لم يتوقف الجدل حتي بعد ظهور قائمات المشاركين او المختارين من الكتاب والمبدعين (أنظر لائحتهم بالكادر)، ذلك أن طريقة الانتقاء، مهما كانت موضوعيتها ونزاهتها، لن تصل الي ارضاء كل التيارات. فالغائبون غير راضين والحاضرون ممن وقع اختيارهم يتساءلون في صمت عن غياب بعض الزملاء...
وبعيدا عن آراء الكتاب والمبدعين ممن وقع اختيارهم او تغييبهم، تبقي اللوائح في كل الحالات محل جدل ونقاش وخصوصا فيما يتعلق ببعض الأسماء المختارة المحدودة في الواقع علي مستوي الابداع ومثال ذلك فرقة سهام بلخوجة للرقص. فللشعراء أسماء وللرواية كذلك... واسم مثل الشاعر صغير أولاد أحمد له وزنه وموقعه في الشعر التونسي والعربي ولا يمكن بالتالي تجاهله وتغييبه... ولكن حدث ذلك.
ويبقي المسرح، العلامة الأكثر اضاءة واشعاعا في الحركة الثقافية والفنية التونسية، كان من المفترض تمثيله في المحاضرات واللقاءات الفكرية. أما السينما، فهناك تيارات كثيرة كان من المتوقع تمثيلها اثراء لعرض المشهد السينمائي التونسي...
بصفة عامة، تبقي الاختيارات، مهما كانت نزيهة وموضوعية، محل جدل. والمهم الآن والمطلوب هو أن يستغل المشاركون فرصة فرانكفورت لتقديم الصورة الحقيقية للثقافة التونسية والعربية التي تشوهت في السنين الأخيرة وأصبح ينظر اليها كمصدر للازعاج ان لم نقل مصدرا للارهاب.
وهذا العمل موكول لكل المشاركين العرب في معرض فرانكفورت .
ہ صحافي ثقافي
انتاج الخطايا وابراز شهود الزور...
عبد الرحمن مجيد الربيعي ہ
ترشيحات معرض فرانكفورت لا تبدو غريبة علي ولا علي كل متابع للحركة الثقافية في البلاد العربية. فالجامعة العربية المكلفة بهذه المهمة، لمن تتوجه بطلب الترشيحات؟ الجواب أنها تتوجه للمؤسسات الثقافية الرسمية لتقدم أسماء مرشحيها. والمؤسسات هذه لا تدرج أي اسم حتي لو كان مؤثرا وفاعلا وله مكانته، فهذا أمر لا يعنيها وليس هو المطلوب. بل المطلوب من هو مع النظام السياسي بالكامل حتي لا يشذ وينطق بما لا يراد له أن ينطق به.
وهكذا تتشكل الوفود.
عندما قرأت الأسماء المرشحة، أصبت بالذهول. فبعضها لا قيمة له ويمكن وصفه بأنه من أدباء الدرجة العشرين أو أدني. وودت أن أتدخل وأبعث برأيي للتحقيق الذي استجوبت فيه ثقافية القدس العربي عددا من الأدباء العرب. ولكنني وجدت أن جلهم قد قالوا ما أردت قوله ورغم أن الصديق القاص عبد الستار ناصر قد استفزني وأرضي نرجسية المبدع في عندما كتب مستغربا عن عدم وجود اسمي بين المرشحين وقال بالحرف: ماذا عن معرض فرانكفورت ؟ ولماذا لم أجد اسمك بين المدعويين؟ علما بأنني قرأت أسماء لا تصل الي نصف قامتك ولا ربعها. فماذا يحدث في هذا العالم الكفكائي ـ نسبة الي استاذنا فرانز كافكا ـ ويبدو أن اللعبة أكبر منا، ألا تري ذلك؟ .
وأقول نعم ياصديقي. ولكن قد تكون اللعبة أصغر منا وليست أكبر. فنحن بعيدون عن اليومي واللهاث وراء الملتقيات التي لو حضرها أحدهم كلها، لما صار كاتبا اطلاقا. ولعل الصديق الروائي رشاد أبوشاور قد وفق عندما سمانا في مقالته الشهيرة علي صفحات القدس العربي بفئة الـ بدون .
انني أعتقد بأن معرض فرانكفورت فرصة مهمة جدا. وما دامت هذه الفرصة قد سنحت لي لمرة واحدة وفي فترة انهيار عربي كامل علي كل الأصعدة، وما دام البعض منا ما زال يراهن علي الثقافة، فلتكن اختيارات الأسماء لأحسن وأهم ما عندنا قدر الامكان، بعيدا عن الأنانية الرسمية التي علمتنا الأحداث أنها تنتج الخطايا وتبرز شهود الزور. هل هي صدفة أن أكون أنا المنتمي لفئة الـ بدون وفق تعبير صديقنا رشاد أبوشاور من القلائل الذين سيشهد معرض فرانكفورت صدور كتاب لهم مترجم للألمانية؟ نعم هكذا الأمر. سأحضر بكتابي (مجموعة مادامت هناك شمس ) وهناك عدد كبير سيحضرون ولكنهم غائبون جدا. مشكلة الثقافة العربية استحواذ الرسمي عليها ولم يفلت من شبكة الاستحواذ هذه الا عدد من الذين ابتعدوا عن هيمنة الرسمي من خلال وجودهم بعواصم الغرب.
ومن هنا أقول بيأس: لا أتوقع أي نتيجة ايجابية لصالح العربان حضروا أو لم يحضروا. وقد بدأنا نقرأ عن خلافات الأنظمة مند أن طرحت الفكرة. وأخذت الهوة بالاتساع وامتنعت دول عن دفع مشاركاتها وارتأت أخري أن تشارك منفردة وقس علي هذا المنوال...
ہ روائي عراقي مقيم بتونس ولم يقع اختياره
لا في الوفد العراقي ولا في الوفد التونسي.
لكي يخففوا قليلا
من حجم التشويهات...
حسونة المصباحيہ
من المعلوم أن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب هو أضخم تظاهرة في العالم لعرض الكتاب وبيعه وتسويقه والتعريف بأهم المبدعين الجدد والمتميزين من شعراء وروائيين ونقاد ومفكرين وغير ذلك ليس في أوروبا وحدها، بل في العالم أسره. وعلي العرب الذين اشتكوا وما زالوا يشتكون بأن ثقافتهم مظلومة علي المستوي العالمي أن يكونوا سعداء وفخورين لأنهم أختيروا ضيوفا لهذا المعرض في هذا العام. قبلهم كان الاسبان والبرتغاليون والروس والمكسيكيون وغيرهم الذين جاءوا الي فرانكفورت بأفضل ما عندهم من مبدعين وكتاب وشعراء وبكل الذين يخدمون لغتهم الأم وثقافتهم الوطنية بقطع النظرعن ميولهم ومواقفهم السياسية الأخري... وعلي العرب، ان أرادوا حقا أن يكونوا في مستوي معرض فرانكفورت الدولي للكتاب أن يستفيدوا من تجارب الشعوب الأخري التي استضيفت من قبلهم وأن يذهبوا الي هناك بأفضل ما عندهم من كتاب وشعراء ومفكــرين ومبدعين لكي يخففوا ولو قليلا من حجم التشويهات التي أصابت صورتهم في العالم وحولتهم الي ارهابيين وقتلة تخافهم كل شعوب الأرض. عليهم أن يذهبوا الي هناك لخدمة ثقافتهم التي يعرفون ويعرف الآخرون أنها تمر بأسوء مرحلة في تاريخها: الكتاب الجيد مصادر ومهدد بالانقراض، والكتاب الأحرار مهمشون ومقيدون في حين يتولي المنابر أشباه الكتاب وأشباه الشعراء وأشباه المفكرين ومرتزقة الثقافة.
ما نرجوه هو أن تقوم المؤسسات المشرفة علي الحضور العربي في معرض فرانكفورت بدورها بكامل النزاهة والشفافية والانصاف بعيدا عن التقييمات الأيديولوجية والسياسية وغيرهما وأن تدرك أن مهمتها الحقيقية هي خدمة الثقافة العربية في جوانبها المشرقة وليس ارضاء هذا الطرف أو ذاك أو دعوة كتاب وشعراء أو مفكرين لا هدف آخر لهم غير السياحة والتسوق وخدمة مصالحهم الشخصية التي عادة ما تكون ظرفية وآنية.
ہ روائي عاش في ألمانيا فترة طويلة.
آخر اصدار له رواية نوارة الدفلة
التعليقات