مبارك العبدالهادي ومحمد الشرهان وراشد الشراكي وحسين العبدالله: انشغلت الكويت امس بأبعاد الاعتداء الارهابي الذي ادى الى استشهاد اثنين من رجال امن الدولة هما الملازم اول حمد الايوبي والرقيب ايمن الرشود اللذان شيعا امس، في حين شنت القوات الخاصة ورجال امن الدولة سلسلة حملات مداهمة في مناطق الجهراء والصباحية وجابر العلي ومخيمات في الصبية والمطلاع، بحثا عن مشتبه فيهم وترددت معلومات ان اطلاق نار جرى خلال حملات المداهمة لاعتقال مطلوبين ومشتبه فيهم، وقد وصل عدد الموقوفين امس الى 10 اشخاص كما تسلمت الكويت من السعودية مشتبها فيه.
وبينما رفعت اجهزة الامن من درجة استعدادها في بعض القطاعات، وتم تشديد اجراءات الامن حول الاماكن الحيوية والحساسة، توقفت مصادر امنية امام تفاصيل الاعتداء الذي ادى ايضا الى مقتل المطلوب فواز العتيبي. وقالت المصادر ان عراكا وقع في بادئ الامر بين الضابط الايوبي والمتهم العتيبي تطور الى اشهار العتيبي مسدسا واطلاق النار على الضابط، فما كان من الرقيب الرشود الا الرد باطلاق النار على المتهم العتيبي ليسقط الى جانب الايوبي جريحين. وكان اللافت وفقا للمصادر المطلعة هو ترجل شخص ملتح قصير القامة نحيف من سيارة شفروليه بيضاء طراز 1979 برشاش، وتقدم من الضابط ورفيقه العتيبي ليطلق النار عليهما فيستشهد الايوبي ويقتل العتيبي في وقت لاحق، كما تم تبادل لاطلاق النار بين الرشود والمسلح برشاش كلاشينكوف ادى بالنهاية الى استشهاد الرشود.
وقالت المصادر ان اقدام المسلح على قتل رفيقه الجريح كان يهدف الى قطع الطريق امام اي اعتراف منه على رفاقه، وهذا ما يعكس خلفية تنظيمية. وقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر امني ان المسلحين على علاقة بتنظيم القاعدة، لكن النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد، اكد ان التحقيق مازال جاريا ولا معلومات حول وجود تنظيم، وقد يكون عملا فرديا، واكد ان الجناة لن يفلتوا من العقاب.
وقال مصدر امني رفيع ان التحقيقات لم تظهر وجود عمل تنظيمي او علاقة بـ «القاعدة» انما لديهم افكار متطرفة ويعملون وفق رؤى ضيقة وبشكل عشوائي.
وقالت مصادر مطلعة ان اجهزة الامن لديها كل المعلومات التفصيلية وصور للمسلحين الذين كانوا برفقة المتهم العتيبي، وتوقعت ان يتم اعتقالهم قريبا جدا.

*والد العتيبي حذر رجال الأمن!
علمت «القبس» ان والد فواز العتيبي توجه قبل الحادثة بأكثر من أسبوع الى أمن الدولة، وأبلغهم ان ابنه لديه سلاح في المنزل، وينوي التوجه للجهاد في العراق، وانه خلال الايام المقبلة سيحدث شيء ما. وعلم ايضا ان العتيبي كتب وصية يقول فيها إنه سيقاتل في سبيل الله للتضليل والإيحاء بأنه خارج الكويت.
وصف مصدر امني مطلع ما جرى بانه اشبه بكمين لرجال امن الدولة، في حين قالت مصادر اخرى ان رجال امن الدولة كان يجب ان يدركوا انه لا يعقل ان يعيد شخص سيارة مستأجرة من دون ان يكون هناك من يعيده من مكتب الاستئجار.

*من هم؟
علمت «القبس» ان المتهم فواز العتيبي الذي قتل في الاشتباك كان ضمن مجموعة من 5 اشخاص وردت بلاغات بتغيبهم، وهم اضافة الى العتيبي الذي يعمل في وزارة الاوقاف كل من: محمد. م.م كويتي مواليد عام 1980. صلاح. ش «بدون» من مواليد عام 1981. عثمان. ز.م. «بدون» من مواليد 1979.
وقالت المصادر ان المجموعة تنتمي لجماعة التكفير والهجرة، وكانت تلتقي في احد المساجد في منطقة العيون، وان امام المسجد فصل من الاوقاف بسبب مواقفه المتشددة وزياراته المتكررة الى العراق.

*دم بارد .. والله أكبر
ذكرت مصادر مطلعة ان الارهابي الذي ترجل واطلق النار على رجلي الامن وزميله نفذ جريمته بدم بارد، وانه غادر المكان برفقة شخص واحد وهما يصرخان «الله أكبر.. الله أكبر».
وتقول مصادر امنية ان رجال الامن عثروا على جهاز هاتف نقال يعود للمتهم العتيبي، وبه مجموعة من الارقام التي قادت الى كشف خيوط كثيرة.
عممت وزارة الداخلية اوصاف المركبة رقم 101243 نقل خاص، وهي وانيت تويوتا «هاي لوكس» موديل 1999، بيضاء اللون، وطالبت بجلبها مع من تكون بحوزته مخفورا.

*شهود عيان يروون الاعتداء لحظة بلحظة
موقع الحدث في ميدان حولي، كانت الانظار تراقبه من بعيد وقريب، والمارة يتوقفون للحظات وهم يتذكرون الاحداث العصيبة والمخيفة التي سالت فيها الدماء.
اصحاب مكاتب السيارات باشروا صباح امس وهم يراقبون القادم اليهم بحذر، بغسل ما تركته بصمات الغدر.
«القبس» زارت موقع الحدث ورصدت المشاعر التي خلفتها تلك الجريمة من رعب وخوف سيطر على العاملين والقاطنين هناك.
وفي محل التاكسي الذي دارت الاحداث امامه، واستشهد خلالها الملازم اول حمد الايوبي، وما ان دخلنا المكتب حتى استقبلنا صاحبه علي الشمري وهو يعرب عن اسفه من تلك الاحداث المأساوية، قائلا: «ان المشهد الذي عايشه الموقع امر صعب، خصوصا انها المرة الاولى التي تحدث فيها مثل هذه التصرفات اللاعقلانية».

*إفادة العمال
واضاف «لم اكن موجودا اثناء الحادثة في المحل، وانما حسب ما ابلغني فيه العاملون في المكتب ان فواز العتيبي اثناء استرجاعه للسيارة التي استأجرها من المكتب الذي بجانبنا، كان رجال الامن يرصدونه، حيث قبضوا عليه امام محلنا خلال توجهه الى مكتب السيارات، واثناء ذلك اخرج مسدسه واطلق النار على احد رجال الامن، بعدها نزل شخص آخر يحمل رشاشا صغيرا وقام باطلاق النار على رجال الامن.
واضاف ان الملازم اول الايوبي اصابه العتيبي امام محلنا، ومن ثم اجهز عليه قائد السيارة الشفر بعد ان نزل منها.
اثناء ذلك دخل العامل الذي شهد الحادث ويدعى مؤمن فاروق، حيث بدت عليه آثار التعب والارهاق، والخوف والارتباك، فما ان تحدث كلمتين حتى استرجع بذاكرته الى الوراء وقال «سامحوني تعبان، فما حصل امس شيء لا يصدق انه ارهاب».
واضاف «بعد صلاة المغرب في الساعة الخامسة والنصف تقريبا، كنت اجلس في المكتب، خلال ذلك شاهدت مشاجرة في الخارج وامام باب المكتب، فخرجت لاستعلم الامر، وكان الضابط الايوبي حسبما علمت بعد الحادث والشخص المطلوب العتيبي كل منهما يمسك بالآخر، وكان الاخير قد اخرج مسدسا، وسقطا على الارض من شدة الاشتباك الذي حدث بينهما.
اثناء ذلك سمعت اطلاق نار لم اعرف مصدره، بعدها دخلت المكتب واختبأت خلف الباب، وكان اطلاق النار مستمرا، وشاهدت الضابط والعتيبي قد سقطا على الارض وهما يسبحان بدمائهما».

*شظايا في الرأس
وقاطعه زميله العامل في مكتب التاكسي نفسه سعد صديق سليمان الذي تعرض لاصابة في رأسه جراء شظايا الزجاج التي لحقت به خلال اطلاق النار على باب المكتب، قائلا «كنت موجودا في المحل اثناء الحادث، وسمعت مشاجرة، واعتقدت انها بين اصحاب المحلات جيراننا، وخلال ذلك سمعت اطلاق نار على زجاج مكتبنا فتناثر الزجاج على وجهي، وكنت اعتقد ان رصاصة اصابتني في رأسي».
واضاف «بعد ان ركزت نظري امام محلنا فوجدت الضابط الايوبي ملقى على الأرض وبجانبه المطلوب العتيبي والدماء تنزف منهما، خلال ذلك نزل شخص وتوجه على بعد متر ونصف المتر منهما وكان يحمل رشاشا صغيرا واطلق رصاصاته على الضابط وأخرى على العتيبي، وبعدها هرب بسيارة شفر بيضاء قديمة».
سألته هل كان معه أحد؟
«لا اعرف، لان المفاجأة كانت كبيرة امامي».
gt; كيف عرفت مواصفات السيارة الشفر التي هرب بها الجناة؟
- كان خلال ذلك رجل مسن يمشي وقال بصوت عال «لا تخلونه» ان السيارة شفر ابيض.
وتابع حديثه «اثناء ذلك شاهدت جثة ايضا امام المكتب الاخير، واثنين مصابين بداخله».
وقال ان الضابط الايوبي لم يتوف امامهم الا بعد 15 دقيقة، فضلا عن العتيبي الذي تم اسعافه مع الآخرين.

*مكتب الحدث الثاني
مكتب تأجير السيارات الذي شهد استشهاد ايمن الرشود واصابة عسكريين، يبعد امتارا قليلة عن محل التاكسي الذي شهد بداية الحادثة، وكان هناك الموظف في المكتب الذي لولا عناية الله لكان الضحية الثالثة لهذا العمل الارهابي، حيث سرد لـ«القبس» التفاصيل الكاملة للحادثة قائلا «بعد صلاة المغرب كنت مشغولا بالجانب الخلفي لمكتبنا الذي يقع بالزاوية، وبعد ان انتهيت من ذلك عدة الى المكتب، حيث شاهدت سجالا بين اثنين، وكانا يقفان امام مكتب التاكسي والمكتب اللصيق بنا، الامر الذي دعاني للتدخل لفض الاشتباك، حيث كنت اعتقد بانهم يعملون بالمكتب، اثناء ذلك رد عليّ احدهم وقال لي «ابتعد نحن رجال امن، وفعلا نفذت ما طلب مني، واثناء استدارتي وتوجهي الى المكتب سمعت صوت طلقة نارية، فالتفت مرة اخرى نحو رجال الامن واذا بي اشاهد دخانا ابيض، فكنت اعتقد في بداية الامر ان مصدر الصوت «جراغي» ولكن بعد سماعي اكثر من طلقة نارية عرفت ان الامر هو حقيقة وليس ألعابا، الامر الذي دعاني الى الهروب للمكتب، وعندما وصلت الى هناك كنت احاول ان اغلقه، اثناء ذلك دخل عليّ شاب يرتدي بدلة «سبورت» وكان مصابا ومن شدة الربكة اصطدمت به فسقطنا على الارض، واصبحنا نزحف على الارض داخل المكتب، بعدها بفترة قليلة وبينما اطلاق النار مستمر في الخارج دخل عليّ زميله الثاني وسقط على الارض داخل المكتب، وانتظرنا قليلا وكان احدهما يصرخ من شدة اصابته، اما زميله الثاني فكانت حالته حرجة جدا وكان يذكر المولى عز وجل.

*إطلاق نار عشوائي
وتابع «بعدها حدث اطلاق نار عشوائي على مكتبنا، وكنت اشاهد من تحت المكتب الرقيب الرشود امام مكتبنا يتبادل اطلاق النار مع الجناة، بعدها سقط على الارض، ومن ثم سمعت ما بين 3 الى 4 طلقات نارية».
واضاف «بعد ان توقف اطلاق النار خرجت واذا بي أجد الرقيب الرشود متوفى امام المكتب، فضلا عن الضابط والمطلوب العتيبي امام مكتب التاكسي».
واشار الى ان الاطباء في المركز الطبي حاولوا مساعدة الجميع ووضعوا لهم اجهزة تنفس وغيرها من الوسائل العلاجية.