تعرضت الكويت لعملية إرهابية جديدة وبذلك تصبح الكويت ثاني دولة خليجية تتعرض لعمليات إرهابية من جماعات دينية متطرفة. السؤال المطروح: لماذا التطرف والتعصب والإرهاب في الكويت البلد الذي يتمتع فيه مواطنوه بديمقراطية نسبية وحرية مطلقة في الكتابة والتعبيرعن الرأي بحرية؟ لماذا تلجأ بعض الجماعات المتطرفة إلى تشويه هذا البلد الديمقراطي المسالم الذي لم يشهد طوال تاريخه الطويل أي عنف أو إرهاب ديني أو مذهبي؟! من المسؤول عن التطرف وبروز الجماعات الجهادية المتطرفة؟!

في رأينا المتواضع إن المسؤول الأول عن ارتفاع ظاهرة المغالاة والتشدد الديني هي الحكومة التي زجت بنفسها في سباق مع جماعات الإسلام السياسي "الإخوان المسلمين - الحركة السلفية وتنظيمات الشيعة المتعددة"،حول تسييس المجتمع وزج الدين في السياسة وإدخال المجتمع في متاهات دينية وفقهية لم تكن موجودة في السابق.

الحكومة هي التي أنشأت لجنة عليا لأسلمة القوانين، هدفها النظر في القوانين الموجودة ومراجعتها تمهيداً لتغييرها إذا كانت مخالفة للشريعة الإسلامية. الدولة لديها دستور مضى على العمل به أكثر من أربعين عاماً وقوانين وضعية تنظم شؤون البلد في كل الميادين. الحكومة متطوعة سمحت لشبابها بالانخراط في العمل الجهادي خارج الدولة، وكانت البداية في أفغانستان وبعدها البوسنة والهرسك وبعدها الشيشان وآخرها الفلوجة بالعراق. الحكومة غضت النظر كذلك عن ظاهرة تسييس المساجد حيث تقاسمت الحركات الدينية -الإخوان المسلمون والحركة السلفية مساجد الكويت. دور العبادة أصبحت تدريجياً أماكن لاستقطاب الشباب الكويتي للعمل الجهادي خارج الكويت وقد تم مؤخراً القبض على مجموعة من الشباب الكويتي المتطوع في العراق، فيما يطالب بعض خطباء المساجد في الكويت إلى إبعاد القوات الأميركية عن العراق والسعودية والكويت.

المؤسسات الحكومية الرسمية من مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية، حتى المعاهد التطبيقية والجامعات تروج للفكر الديني من خلال كتب الأطفال المليئة بالدروس الخاصة بالجهاد في الإسلام والدعوات المتكررة لإبعاد الأجانب عن بلدان الخليج العربية. كما أن الجماعات الإسلامية من خلال نوابها في مجلس الأمة الكويتي فرضوا على وزير الإعلام الكويتي إبراز مشايخ الدين من الجماعات السلفية أو الإخوان المسلمين، كما طالب النواب من الوزارة منع الأغاني والموسيقى وكل شيء يتعلق بالفرح والمتعة البريئة.

هذه الجماعات المتطرفة قامت بانتهاك حرية التجارة بفرض رقابتها على أحد المحلات التجارية في الجهراء فمنعت بيع أشجار الزينة والإضاءة وغيرها من الهدايا التي تباع بمناسبة أعياد الميلاد. كل ذلك حصل والحكومة لا تلتفت ولا تتدخل. ما الذي يميز الحركات الجهادية الخليجية عن غيرها من حركات التحرير العالمية التي تناضل من أجل استقلال بلدانها من الطغيان الأجنبي؟ الحركات الجهادية الخليجية تختلف عن الآخرين في كونها حركات جهادية تحمل مشاريع لتحرير جميع المسلمين في العالم وتلجأ إلى وسائل تدميرية تشهد بها بلاد الأفغان والشيشان والعراق اليوم.

الشباب الجهادي الخليجي هم منا وفينا وهم ولادة البيئة الصحراوية المنعزلة التي نعيش فيها. فهم تعلموا في المدارس الحكومية في الرياض والكويت ودرسوا في الجامعات الأهلية وتخرجوا منها. والغريب في الحالة الكويتية أن معظم الإرهابيين ينتمون إلى المؤسسة الأمنية الكويتية "أفراد وضباط من الجيش والشرطة" أو المؤسسة الدينية وزارة الأوقاف. ومعظم المجاهدين الكويتيين في الفلوجة إما طلبة صغار تعلموا بمدارس الكويت أو موظفين في وزارتي الدفاع والداخلية. ماذا تتوقع حكومة الكويت إذا كانت كتب طلابها مليئة بالدعوات للجهاد؟ وخطب المساجد تدعو لمحاربة الغرباء من الغرب والمؤسسة العسكرية مخترقة من جماعات الإسلام السياسي؟

المشكلة أن جماعات الإسلام السياسي في الخليج لا تحارب الولايات المتحدة فقط، بل بدأت بمحاربة أنظمتها السياسية.