ما صدقنا من الله انتهاء زوبعة استجواب وزير الاعلام المستقيل محمد ابو الحسن، لكي تتخلص تلك الوزارة المستهدفة من تأثيرات القوى السياسية - الدينية عليها، سواء كانت من اعضاء مجلس الامة او غيرهم. ولكن يظهر ان تمنياتنا كانت كعشم ابليس في الجنة.. فالوزارة التي تدير وسائل الاعلام الرسمية، كالاذاعة والتلفزيون اصبحت تعيش هاجس تلك القوى، وتتوخى في كل خطواتها السلامة من هجومهم عليها!
نحن نعرف ان وسائل اعلامنا لا يقبل على مشاهدتها الكثيرين، وهو امر يعرفه القاصي والداني، ونقله احد النواب عن سمو رئيس وزرائنا الشيخ صباح الاحمد في احدى جلساته الشهر الماضي مع النواب، لحثهم على مساندة الحكومة في استجواب ابو الحسن، ولكن مع ذلك، فهذه الوسائل، اي التلفزيون والاذاعة تظل تنطق باسم الكويت حكومة وشعبا، وبالتالي يجب ان تمثل التوجه العام الوسطي لأهل الكويت حكومة وشعبا، وألا تقتصر على تمثيل فئة منهم، معزولة تتكلم وكأن لديها وكالة عن الدين والعقيدة والعادات والتقاليد، لذلك وبعد ان انكشف للحكومة عدم جدوى مهادنتها للقوى الاصولية السياسية، املا منها في بقاء الوزير ابو الحسن في منصبه مهما بذلت لها الحكومة، مثل وضع ضوابط الحفلات الثلاث عشرة، واستمرار شيخ السلفية عبدالرحمن عبدالخالق في القاء محاضراته اليومية التي يفسر بها القرآن الكريم بنظرة سلفية بحتة، وذلك بمعدل 365 يوما في السنة، كل تلك المظاهر وغيرها اصبحت امورا يجب اعادة النظر فيها، لأن تلك القوى «منكر حسنه»، و«لا يبين في عيونهم جميل او معروف»، وهم من نكث العهد والاتفاق، فإذا ما افاقت الحكومة من شهر عسلها معهم، وعدلت عن الامور التي فرضتها على اهل الكويت لمرضاة تلك الفئة فقط، فهي معذورة واجراءاتها تلك مبررة ومقبولة.
مشكلة اعلامنا لا تكمن فقط في التخلص من الهاجس الرقابي الاصولي عليه، وانما تكمن مشكلته في خضوعه تماما لذلك التيار، تحت وطأة الهجوم المتواصل على مسؤولي الاعلام، ونضرب مثلا لذلك ما نسب في تصريح للاخ الفاضل برجس البرجس، رئيس جمعية الهلال الاحمر الكويتي، قال فيه ان وزارة الاعلام منحازة ضدنا، وتعطي دورا اكبر للجمعيات الدينية!.. ففي الوقت الذي يعطي فيه تلفزيون الكويت دورا اكبر في برامجه لنشاطات الجمعيات الاصولية في اغاثة ضحايا منكوبي تسونامي، نجد ذلك التلفزيون يختصر الوقت المفترض اعطاؤه لمسؤولي الهلال الاحمر الكويتي في برامجه» (الطليعة 16/1/2005).
نقول للتلفزيون والمسؤولين عنه: القوى الاصولية لا تحتاج لكم ولا لإعلامكم، وانظروا فقط الى حجم وقيمة الاعلانات التي نشرتها الامانة العامة للوقف في حملتها المعنونة «قررت استثمر مع الله»، واسألوها عن مردودها فستظهر لكم الاجابة، ان القصد لم يكن فقط حملة لجمع التبرعات لضحايا تسونامي، وانما لاستعراض القوة ولإثبات الوجود بأننا نحن هنا.
نتمنى للحكومة الرشيدة ان تصحو قبل فوات الاوان، وان تحرر لنا اعلامنا من تلك الهيمنة الاصولية، فمتى سيحصل ذلك؟.. العلم عند الله.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

gt; هامش:
نرجو ان لا تكسر خاطر حكومتنا قلة منابر القوى الاصولية الاعلامية. فمنابر هذه القوى، وخصوصا عن طريق الانترنت، اكثر من الهم على القلب، هناك مواقع حامد العلي وحاكم المطيري وناصر العودة والموقع الذي يهاجم المذاهب والاديان الذي تكلم عنه الزميل محمد مساعد الصالح.. الخ.