هذا المقال مهدى الى الاميرة مي ارسلان جنبلاط
عظيم كم هي الذاكرة التاريخية حاضرة في عقل وليد جنبلاط وبواطن نفسه!...
اذ ماذا غير الوعي "التاريخي" كان جعله "يحجّ" الى الفاتيكان يوم وجود البطريرك الماروني هناك، ومصطحباً فؤاد آل السعد، سليل "عين تراز" (التي دنّست الحربُ سُكناها والرموز التاريخية والدينية) عندما اغتصبتها وحوّلتها مستودع أسلحة وذخائر، ففجّرها المحاربون الآخرون!
المفارقة الكبرى ان جنبلاطياً وحده عرف كيف ومتى يستظل، في زعامته المعارِضة، مكانة وجوهر "لبنان الرسالة" الذي كان قد جاء البابا يوحنا بولس الثاني يدعو اليه، وفي لبنان ومن منابره، فتردد في التجاوب بعض الموارنة آخذين وقتهم قبل المضي في الاستلهام. ومنهم من كان قد ساءه ان يكون البابا الاسبق قد وجّه الى الأحبار الكاثوليك في العالم بمن فيهم أحبارنا - تعميماً رسولياً يوصي فيه باقامة الصلوات من أجل المسلمين، في عزّ "حرب لبنان"!!!
بورك فكر الوليد، وريث فلسفة والده ولو لم يكثر من استذكار بعض لمعاتها، كاقتباساته من أدب العالم والفيلسوف المسيحي تيار دو شاردان بنسبة ما كان استلهامه الروحانية الهندوسية (وتعاليم الجهاد المسالم للمهاتما المعلّم الأكبر غاندي)، وقد كان في شعره ينتسب الى ابن عربي وكبار الشعراء الصوفيين المسلمين.
فعاجز، عاجز ومفلس، كل من يدّعي المقدرة على محاربة الوليد في جوهرية مواقفه وما وصفه برحاب الوطنية الشاملة في آفاق الحرية والسيادة وحقوق الانسان.
وهو في الآن ذاته وريث "ارسلانية" الامير شكيب، كبير معلّمي النهضة العربية الاسلامية في أواخر القرن التاسع عشر واوائل العشرين.
فليخرس المتطفّلون الطفيليون الغلمان.
في وجه هذه الاطلالة العملاقة، سيهرب أبالسة الاغتيالات وخَدَمة هياكل الموت عندما يحاول سحرة المخابرات الصغار استحضار اشباح الحرب بالكتابات الصبيانية على جدران عاليه والشوف...
لا، لا، لا... لن يجدي الجواسيس نفعاً تحريض المواطنين الابرياء على الاستقتال من جديد.
وحدها مبادرات وليد جنبلاط تكفي لمصالحة الذات اللبنانية مع ذاتها الاخرى، كما اراد بطريرك لبنان عندما قدّس للمصالحة في دير القمر وحجّ الى المختارة، مظللاً المعارضة المارونية باختصار تاريخ الوحدة العامية بين الطوائف كما جرى في انطلياس ودير القمر القديمة من أجيال ... حاول المخابراتيون وعملاؤهم الصغار تعكير المياه في الكحالة والهبوط بشلالات اوساخهم الى شوارع بيروت العاصمة...
فخسئوا التمترس بالجيش اذذاك!
أوَيكون العماد الرئيس لحود، في خلوته مع البطريرك على الطريق الى روما، قد اعاد رئاسة الجمهورية الى مقام حراسة الحق؟ قولوا انشا الله. نحن نقول ونردد، وندعو.
المطلوب الآن، من أقاصي جنوب حبيب صادق الى اقاصي شمال زغرتا الفرنجيين والمعوّضين معاً، فالى عكار وبقاع الزعامات البريئة القلب لا الملوّثة بكل كلام باطل يراد به حق مهدور ومدنّس...
المطلوب هبوب موجة شعبية رأي عامية قياميّة نهضوية تكسّر سلاسل أسر الروح... وقد حدث مثل ذلك في انتخابات 1968، فلماذا لا يتكرر الأمر؟ وبزعامة الوليد ورفاقه.
"أرجو ان يُنزل الله على الحكام توبةً يقول المطران جورج خضر تقودهم الى فحص مصادر عيشنا (...) أي الى تعزيز كل مرافقنا الاقتصادية والتربوية وغيرها (...) المبتغى ليس اقل من أن ننشئ وطننا من جديد من أجل مزيد من الفرح به (...) الموت الذي ذقناه في الحرب كافٍ ليلقّننا دروساً في الحاضر الراجي حتى ننحت به مستقبلاً واعداً".
الناخبون اللبنانيون، ختاماً _ في العصر العربي الذي نكتشف على عتبته اننا أمّة فيها سبعون مليون عاجز عن القراءة والكتابة _ الناخبون اللبنانيون مدعوون الى توكيل نواب الغد برسالة لبنانية وعربية لا تنتظر قيام البرلمان العربي كي تدعو اخوتنا الى "رفع كل مستوياتهم لنتمكن من الفكر والابداع" ومن أجل "العمل [الذي] يحررنا من التعصب ومن النقاشات الفارغة حول الهويات التاريخية".
مفهوم؟ والأقربون أولى بالمعروف.