أسمرة- عبد العليم حسن: خرج رئيس حركة تحرير السودان (دارفور) عبد الواحد محمد أحمد نور امس، عن صمته وأعلن استعداده للذهاب الى المحكمة بغرض محاكمته اذا كان مجرما، مشددا بأنه سيكون اول الذاهبين الى المحاكم الدولية.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا الامم المتحدة ولا أمينها العام ولا مجلس الأمن الدولي ولا الاتحاد الافريقي ولا واشنطن لها الحق في ايقاف محاكمات الذين ارتكبوا جرائم التطهير العرقي في دارفور»، مناشدا دولا لم يسمها بعدم تلطيخ سمعتها بالوقوف الى جانب المجرمين وحمايتهم على حد تعبيره، وقال «ان عمليات المحاكمة ستحمي السودان من عمليات الانتقام وستؤدي الى اعادة الثقة بين الضحايا والنازحين».
* ما هو تقييمكم للأوضاع في دارفور في الوقت الحالي؟
ـ لقد أثبت الاتحاد الافريقي فشله التام ولم يستطع كبح جماح الحكومة السودانية او على الاقل تنفيذ ما اتفقنا عليه سواء كان اتفاق انجمينا او اديس ابابا او البروتوكولين الفني والانساني في ابوجا، وفشل الاتحاد الافريقي في الزام الخرطوم بسحب قواتها من المناطق التي احتلتها اخيرا ومن انتهاكاتها المتكررة وهجومها المتواصل، والطامة الكبرى الآن تتمثل في موقف الاتحاد الافريقي من قضية المحاكمات رغم احراق الحكومة لأكثر من 3000 قرية واغتصاب اكثر من 200 الف سيدة، واكثر من 200 الف قتيل، وموت اكثر من 10 آلاف شهريا بسبب الجوع والمرض وهجمات الجنجويد وعمليات القصف الحكومي.
الوضع الذي يجري في دارفور والسودان عموما هو اسوأ من رواندا، ورغم عمليات التطهير العرقي والابادة المنظمة العالم لم يحرك ساكنا وهذه هي خطورة الموقف في السودان.
* ما هي الاسباب التي أدت الى انسحابكم ورفضكم لاستئناف المفاوضات في ابوجا؟
ـ هنالك قائمة تضم 51 من الذين ثبت تورطهم في عمليات التطهير العرقي والابادة الجماعية والاتحاد الافريقي وبرئاسة اوباسانجو طلب من الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ترك الامر لحكومة السودان والاتحاد الافريقي. بالطبع لو كان في السودان قضاء نزيه لما كانت قد حدثت عمليات التطهير العرقي والابادة الجماعية، ولذلك فان الاتحاد الافريقي فقد المصداقية، وجاء الآن دور الامم المتحدة ان تتولى الامر، اضافة للاتحاد الاوروبي، كما طلبنا ان تكون اريتريا هي الوسيط، خصوصا لثقتنا المطلقة بها، اضافة لجنوب افريقيا والسنغال ودول بعينها لتلعب دورا رئيسيا في اعادة الامن، كما ابلغنا القادة الافارقة ان قمم سرت وانجمينا والقاهرة لن تحل المشكلة، وطلبنا من القائد الاممي العقيد معمر القذافي ان يركز جهوده باتجاه إنجاح الجهود الدولية او التعامل مع اريتريا بصورة واضحة جدا، لانها لا تساوم في حقوق شعبنا من اجل تسويات غير سليمة.
* لماذا تصرون على المحاكمات؟
ـ أولا ان حوالي 4 ملايين نازح من اهلنا في دارفور، لا يمكن ان يعودوا الى مناطقهم الا بمحاكمة مرتكبي التطهير العرقي، وكما ذكرت اكثر من مرة، فانني كرئيس لحركة تحرير السودان، مستعد للذهاب الى المحكمة اليوم قبل الغد، لكي تسود العدالة ولا شيء غيرها، فاذا كنا مجرمين لا بد من محاكمتنا، واذا كنا ابرياء تبرئنا العدالة، لذلك فان المذكورين في القائمة لا بد من محاكمتهم حتى تعود الثقة لدى مواطنينا الضحايا وحتى لا تتكرر عمليات التطهير العرقي في السودان ودارفور مرة اخرى، وحتى لا تأتي ردة الفعل والانتقام من هنا وهناك، وحتى لا يتكرر في اي دولة في العالم، لذلك نناشد الشعب السوداني وشعوب العالم ببذل الضغوط عبر المظاهرات من اجل محاكمة المجرمين.
* بما أنك رئيس الحركة، ما هو تصورك لشكل الحكم في السودان؟
ـ الحلول الجزئية غير ناجعة، لان المشكلة في السودان هي بين مركز مسيطر في كل شيء واطراف مهمشة من كل شيء، والحل هو ان تذهب الحكومة السودانية الى غير رجعة، وان يشكل الشعب السوداني كله حكومة قومية تضع دستورا يسع الجميع، ويعتمد على المواطنة، ونحن كحركة تحرير السودان نبني الآن حركة تستوعب كافة الشعب السوداني، وان المرأة فيها تكون لديها حقوق متساوية مع الرجل.
* هل لديكم توجه نحو منبر جديد للتفاوض يضم الشرق ودارفور معا؟
ـ بالطبع هذه أمنياتنا، لأننا نؤمن بحل مشكلة السودان حلا جماعيا وليس جزئيا، فان فرطنا في عدم حل منبر نيفاشا لكافة القضايا، فيجب ألا نفرط، لان اساس القضية واحد وهو التهميش والظلم التاريخي وانتهاك حقوق الانسان والظلم السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، لذلك يجب ان يكون هنا منبر واحد لحل المشكلة السودانية من جذورها.
* بعد فشل أبوجا هل تعتقدون بتجدد المعارك في دارفور؟
ـ نحن نلتزم بوقف اطلاق النار حتى هذه اللحظة رغم انتهاكات الحكومة، ولكن للصبر حدودا، فاذا واصلت الحكومة انتهاكاتها لن يكون لدينا خيار آخر سوى الدفاع عن انفسنا.
* ما هي أسباب الخلافات التي تحدثت عن عزلك شخصيا من رئاسة الحركة؟
ـ نحن حركة بدأت صغيرة والآن باتت كبيرة جدا، ولا بد ان تكون هناك خلافات من هنا وهناك ويكون اشخاص لديهم طموحات، لأن استراتيجية حكومة الخرطوم تعتمد على تغييبنا، خصوصا ان هناك ايضا دارفور اجتماعي ممتد في كل السودان ابتداء من الخرطوم، والحكومة تعتزم تفتيت الحركات عبر المؤامرات التي تجريها في تشاد وفي اي مكان، والتجربة التي مرت بها الحركة الشعبية لتحرير السودان خير دليل، لكن الذين تمسكوا ببناء السودان على اساس المواطنة هم الذين انتصروا. اناشد كل الاخوة في حركة تحرير السودان ان يفوتوا على الحكومة مؤامراتها، خصوصا اننا قد اصبحنا اقوى حركة في السودان من خلال طرحنا الواضح الذي يعتمد على بناء السودان الجديد على اساس المواطنة وسحب البساط من تحت الحكومة، لذلك تلجأ الى الاسلوب القذر.
* كيف تم حسم الخلافات داخل الحركة؟
ـ ليس هنالك خلافات بالفطرة البشرية، هنالك من لديه مطامح شخصية او قبلية او شللية، لكن المهم في الامر اننا اتفقنا على عقد المؤتمر الذي يمثل كافة الشعب وكافة القطاعات بالقالب الذي يشملنا جميعا وليس ارضاء لكل من يصدر البيانات ليقللوا من اخطائهم. وأؤكد بأن مستقبل شعبنا لا نضعه الا في ايد امينة والمؤتمر سوف نعقده حسب ظروف شعبنا سواء كان ذلك بعد ثلاثة اشهر او 6 أشهر. وأؤكد ان من يثير الخلافات هي ايادي الحكومة بعد ان تأكدت تماما من ان الحركة اصبحت قوية، لذلك فان الحكومة والمنتفعين وبعض الدول التي لديها مصالح خاصة، حاولت ان توهم بأننا نعاني من خلافات حتى تجعلنا في اطار عدم تمثيل اهلنا في دارفور وكافة المهمشين في السودان.
* دائما تطالبون بتدخل المجتمع الدولي في قضية دارفور ماذا تريدون من المجتمع الدولي تحديدا؟
ـ نحن كحركة تحرير السودان، نستمد القوة من شعبنا، اطلاقا لا نستمدها من المجتمع الدولي او من اي جهة اخرى، ما نريده من المجتمع الدولي هو تحمل مسؤولياته فقط تجاه اهلنا الذين يتعرضون للابادة. وان العالم يقف معنا ويدخل في القضية بقوة القانون الدولي وليس بطلبنا، نحن اقوياء بارادتنا وارادة شعبنا وقضيتنا العادلة.
* ما هو موقفكم من شكل التسوية التي بدأت في الوقت الحالي بين الاتحاد الافريقي والامم المتحدة بغرض الاشراف على التفاوض بشرط ايقاف المحاكمات حسبما افادت به مصادر مطلعة؟
ـ لا الامم المتحدة ولا الامين العام ولا مجلس الامن الدولي ولا الاتحاد الافريقي ولا واشنطن ولا اي دولة وهيئة لها الحق في ايقاف محاكمات الذين ارتكبوا الجرائم في دارفور. وعلى اي جهة ان لا تلطخ سمعتها بالوقوف الى جانب المجرمين وحمايتهم لان ذلك يستفز مشاعر 4 ملايين من اهلنا النازحين واكثر من 200 الف امرأة مغتصبة، و200 الف ضحية من ضحايا التطهير العرقي، ويغضب الله في السماء، لذلك اناشد العالم الحر بالوقوف خلف محاكمة المجرمين في دارفور.