برز اسم رستم غزالةمسؤول جهاز الأمن والإستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان عقب الجريمة الوحشية التي أودت بالرئيس رفيق الحريري ورفاقه في قلب بيروت. ولكشف خطورة الدور الذي لعبه غزالة في لبنان الى حد دعا المغدور الحريري الى القول عنه، قبل وفاته بأيام، انه "الحاكم الفعلي للبنان، عبر "جريدة الجرائد" اليكم هذا الملف الذي اعتمد أكثر من مصدر .

1ـ اللوموند الفرنسية:

رستم غزالة: "الوحشية التي لا تتخفّى وراء أي قناع"


في ملحق بعنوان "يقظة اللبنانيين"، نشرت جريدة "لوموند" الفرنسية، مقالاً عن مسؤول الإستخبارات السورية في لبنان، العميد رستم غزالة. جاء فيه:

ـ بات سلفه، العميد غازي كنعان، وزير داخلية سوريا، فما هي الوظائف التي سيشغلها العميد رستم غزالة بعد استكمال الإنسحاب السوري من لبنان؟

إن أحداً في بيروت لا يهتم بالإجابة على هذا السؤالن لأن ما يهم الناس هو انتهاء الوصاية السورية. والمؤكد هو أن أحداً لن يأسف على هذا الضابط الذي كان يجسّد ما يسميه اللبنانيون "أجهزة" سوريا: التدخل في كل الشؤون، حتى الخاصة منها، طالما أنها يمكن أن تكون مدخلاً للإبتزاز أو للترويع، والوحشية التي لا تتخفّى وراء أي قناع.

لقد حلّ الجنرال غزالة، الذي نال كل ترقياته في لبنان، محل غازي كنعان في أكتوبر 2002. وكان قبل ذلك قد شغل منصب مسؤول الإستخبارات السورية لمنطقعة جبل لبنان، ومقرّها في "حمّانا"، ثم منصب مسؤول الإستخبارات السورية في منطقة بيروت.

وقد استفاد "أبو عبدو"، أي رستم غزالة، من عمله في بيروت للحصول على "دكتوراه في التاريخ" من الجامعة اللبنانية، تحت إشراف الدكتور حسن الحلاق. ويقول الناس أن حسن الحلاق هو الذي كتب الدكتوراه وأن "نصف السياسين اللبنانيين حضروا مرافعة رستم غزالة وأن مدرّج الجامعة كان مليئاً بباقات الزهور". كما شارك العديد من السياسيين اللبنانيين في حفل زواج إبنته، الذي تمّ في قريته.

ويعطي ما سبق فكرة عن تملّق السياسيين اللبنانيين، أو خشيتهم، من الرجل الذي كان بمثابة "مفوّض سامي سوري" في لبنان. ولكن متظاهري الأسابيع الأخيرة عبّروا بصراحة عن رأيهم فيه، وكان أحد شعاراتهم "فتش بالزبالة بتلاقي رستم غزالة".

إن رستم غزالة "سنّي" من قرية "خربة غزال" في حوران. وكان مقرّ عمله، أثناء تواجده في بيروت، هو "البوريفاج"، وهو عبارة عن 3 مباني سيئة السمعة تقع على شاطئ البحر، وتشمل غرف التعذيب ومراكز تجميع المعلومات.

ويقول اللبنانيون أن رستم غزالة كان قد أسكن إثنين من أشقائه في شقق فخمة قريبة كانت أجهزته قد صادرتها من أصحابها.

إن من المفترض أن يخلي العميد رستم غزالة، الذي تسمّيه دمق "الممثّل الشخصي" للرئيس الأسد، لبنان مع ما تبقّى من قوات عسكرية وأجهزة مخابرات. ولكن يبدو أنه لم يتخلَّ عن صلاحياته بعد: فقد جاء قبل أيام إلى بيروت لكي "يقنع" رئيس الحكومة المستقيل عمر كرامي بعدم التنحّي.

وكان رئيس الحكومة السابق، رفيق الحريري، قد استدعي إلى دمشق في مطلع العام الماضي، حيث أهانه الرئيس السوري بحضور الجنرالين كنعان وغزالة وجنرال ثالث، قبل أن يصرفه بشّار الأسد إلى إجتماع منفصل مع جنرالات الإستخبارات الثلاثة.

ويقول أحد المقرّبين منه أن رفيق الحريري "لم يتعرّض في حياته لمثل المهانة التي تعرّض لها في هذين الإجتماعين. وقد بات رجلاً آخر بعدهما".

كما ذُكِرَ إسم رستم غزالة في قضايا الإحتيال المتعلقة بـ"بنك المدينة". ولكن القضاء اللبناني لم يصدر حكماً في هذا الموضوع بعد.


2ـ مجلة "الشراع" اللبنانية:

رسائل من رئيس التحرير إلى...رستم غزالة الكردي الذي حكم لبنان

لم يكن الأصل الكردي للشاب رستم غزالة حائلاً دون دخوله الجيش العربي السوري حتى يصل إلى أعلى مرتبة أمنية وعسكرية فاعلة في كل سوريا وهي رتبة الحاكم العسكري الأول للبنان، البلد الذي اعتبره النظام في دمشق جائزته الوحيدة خلال 30 سنة سلفت ولا يجاريه فيها فاعلية إلا رتبة رئيس الجمهورية العربية السورية حافظ ثم بشار الأسد بصفة الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية.

فقد سبق غزالة من الأكراد السوريين من وصل منهم إلى أعلى المراتب السياسية والوطنية والقومية والفكرية والحزبية في سوريا، فكان ابراهيم هنانو الكردي قائداً للحركة الوطنية في كل سوريا ضد الاستعمار الفرنسي وكان خالد بكداش الكردي رئيساً للحزب الشيوعي في لبنان وسوريا معاً وكان يوسف العظمة الكردي قائداً لمعركة ميسلون الشهيرة التي استشهد فيها القائد السوري في مواجهة الاستعمار الفرنسي وكان عبد الرحمان الكواكبي الكردي صاحب أهم ما كتب تعبيراً عن استبداد الحكام تحت عنوان طبائع الاستبداد.. (لكأن الكواكبي وضع هذا الكتاب هدية لقرينه الكردي ونظامه كله).

كان نسيج المجتمع السوري يحتمل التنوع العرقي والإثني (بأغلبية عربية وإسلامية حاسمة) مثلما يحتمل التنوع السياسي والحزبي والثقافي، وما زالت سوريا منذ عهود الاقطاع والرأسمالية الناشئة والحياة الديموقراطية وعصر الوحدة العربية حتى بعد 42 سنة من حكم مستبد جاء مع تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة في سوريا (والعراق حتى 2003) هي البلد العربي الوحيد الذي يدخلها العربي دون تأشيرة دخول، وما زال كل عربي قادراً على العمل فيها دون إذن مسبق والتملك دون قرار وزاري والاستثمار دون عقبات (نظرياً طبعاً) وكانت سوريا الديموقراطية سابقاً انتخبت اللبناني فارس الخوري رئيساً للوزراء، وقبلت اللبناني شوكت شقير رئيساً للأركان واللبناني عفيف البزري قائداً للجيش السوري..

ولم يكن الضابط الأمني رستم غزالة ليحلم أن يصبح المرجع السياسي والأمني والإداري والدبلوماسي والعسكري والاستثماري لكل من يريد قراراً في كل هذه المجالات في لبنان البلد الذي جاء إليه أقرانه عمالاً في الورش التي بنت لبنان خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.

ولم يكن الضابط رستم غزالة ليتصور ان يحقق حلماً آخر طالما راوده عندما كان تلميذاً في مدرسة قريته في حوران ان يضع ساعة ذهبية في يده اليسرى أو سلسلة حول رقبته بعد ان أشبع هذا الحلم في لبنان بهواية جمع سبائك الذهب حتى حين ينخفض سعره نتيجة اكتشافات الحقول الهائلة في الولايات المتحدة ثم روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

ولعل الضابط الأمني رستم غزالة يدرك في أعماق نفسه مثلما يعلم الكثيرون ان هذا الحلم كان أشبه بالمستحيل داخل سوريا، وانه لم يكن ليتحقق لو لم يختره العميد غازي كنعان مساعداً له في بيروت رئيساً لفريق المراقبين السوريين بعد العام 1987 ناقلاً إياه من رتبة ضابط الفصيلة الأمنية في بلدة حمانا الوديعة عند عتبة البقاع الواصلة بين محافظته ومحافظة جبل لبنان، حيث أحبه الناس لدماثة خلقه وطيب معشره وتعففه وهي صفات سابقة على نقله إلى بيروت التي تغوي حتى الملائكة كما وصفها وليد جنبلاط سابقاً.

لم تكن ثقة العميد – اللواء غازي كنعان هي الوحيدة التي أهلت غزالة لتحقيق حلمه، ولم يكن فقط الدور السوري في لبنان المتصاعد منذ العام 1976 حتى يوم 14/2/2005 حين بدأ العد العكسي لهذا الدور مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري بل لعل كل هذا لم يكن ليتحقق لولا سلوكية الانتهازية والنفاق والكذب والجبن والجموح والطموح التي ميزت فئة من المتعاطين في الشأن العام اللبناني سواء من كان سياسياً أو حزبياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً أو عسكرياً أو ثقافياً أو إعلامياً.

هذه السلوكية اللبنانية التي كادت تكون الزلزال الذي يدمر كل القيم والأخلاق والوطنية اللبنانية هي التي مكنت غزالة وكل طاقم الإدارة السورية للبنان قبل غزالة بل ومنذ العام 1989 من تحويله إلى أقل من محافظة سورية يحكمها ضابط أمني سوري ويختار لها موظفيها رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي ويملأ سلطتها التشريعية بالأتباع ويملأ الأجهزة الأمنية بالمخلصين لها ويملأ حكومتها بالوزراء الذين يكتبون له التقارير ويملأ الإدارة بمن يسهل له كل ما يريد، ويعين السفراء ورؤساء الجامعات ومدراءها وعمداءها.

هذه السلوكية اللبنانية الانتهازية حولت الضابط السوري الطموح والجموح والآدمي واللطيف إلى إله يحكم بقدرة لا ترد (رب غفرانك) حتى ليعجز أي متولٍ لمسؤولية سورية في لبنان ان يصمد أمام تحقيق ما يريد وحوله وكيفما توجه وأياً من استقبل يقول له ((شبيك لبيك نحن عبيد بين يديك)).

هذه السلوكية الجبانة جعلت أعلى الشخصيات اللبنانية مرتبة (رئيساً أو وزيراً أو نائباً أو قاضياً أو رئيساً لجهاز أمني أو سلك قوى أمن داخلي أو مديراً عاماً.. يمدون قاماتهم كي يعبر عليها الحاكم الأمني السوري في لبنان، ويطأطئون رؤوسهم حين يستمعون إلى الشتائم والسباب، وهم يخطئون في مهمة أو تصريح أو موقف أو زيارة أو فشل في صفقة مالية..

البعض كان يقول عن حسن نية أو جهل أو تنظير إن هذه السلوكية اللبنانية الانتهازية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن الانحراف الذي وسم سلوك معظم جهاز الأمن السوري والعسكري وكل من طال سلطة أو نفوذاً سورياً في لبنان حتى قيل ان هذه السلوكية لم تكن لتترك فرصة حتى للملائكة أن يعصموا أنفسهم عن الانحراف فكيف بضباط أمن أو جنود أو ضباط كانوا مكبوتين في وطنهم ونظامهم ومجتمعهم فجاؤا إلى لبنان حيث الدلال والمال والجاه والعزومات والهدايا والشقق والصفقات والخضوع والنساء والأرصدة والسيارات.. حتى ان الرئيس الراحل حافظ الأسد وفي رده على من طلب منه مرة التنبه إلى ما يجري على الساحة اللبنانية بما يطال سمعة الجيش السوري والسلطة السورية قال: وهل تظنني سعيداً وأنا أسمع وأقرأ التقارير عن أوضاع الجيش السوري وضباطه وأمنه في لبنان..

ان هذا الأمر (والكلام للرئيس الأسد الأب) يجعلني أبذل جهداً مضاعفاً لإعادة تأهيل جيشي وتدريبه حين تعود كل قطعة منه من لبنان إلى وطنها.

ولكن الرئيس الأسد الأب يتابع: وماذا أفعل إذا كان السياسيون اللبنانيون يأتون إليّ كالقطعان (أي كالغنم) يطأطئون رؤوسهم ويتبارون في المديح والغزل بالسلوك السوري في لبنان وسياستنا ودورنا، حتى إذا سمعت ملاحظة مجرد ملاحظة من أحد لم تكن هذه إلا من أجل الطعن في منافس أو غريم وإظهار الطمع في منصب أو دور أو مهمة.

كل هذا صحيح

والصحيح أيضاً ان طبيعة النظام الأمني الذي أقامه الرئيس حافظ الأسد في سوريا منذ العام 1974 وورثه ابنه الدكتور بشار منذ العام 2000 لم تكن لتقبل لا نقاشاً ولا حواراً ولا اعتراضاً على أي أمر سوري صدر في دمشق وسعى الحاكم الأمني السوري لتنفيذه في لبنان..

ولقد عوّد الحاكم الأمني السوري كل اللبنانيين سياسيين وغيرهم على الطاعة ثم الطاعة ثم الطاعة.. ونفذ ولا تعترض.. وحسب الطاعة تكون المكافأة، أما مجرد النقاش قبل الطاعة فقد خبر نتائجه كثيرون وأقلها خسارة موقع او صفقة او دور أما الاخطر فهو المصير الذي لقيه كمال جنبلاط وحسن خالد ورينيه معوض وأخيراً رفيق الحريري.

لقد كان من اساليب رستم غزالة في التعامل مع السياسيين اللبنانيين الاتصال بهم هاتفياً وشتمهم وإهانتهم ثم يقول لهم بعد الشتائم والاهانات: هناك صديق قريب الآن يريد ان يكلمك في اعلان صريح بأن الشتائم والاهانات تمت بوجود شهود لكي يرووا ما سمعوا.

حصل هذا في اتصال هاتفي اجراه غزالة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأكثر من مرة.

وحصل ايضاً ان اتصل غزالة بالزعيم وليد جنبلاط مهدداً اياه متوعداً شاتماً ساباً ثم ليكتشف جنبلاط بعد ذلك ان هذا الحوار الهاتفي مسجل وان غزالة وزعه شريطاً لعدد من السياسيين والاعلاميين.

على الجانب الآخر كان رستم غزالة وفي لحظات الود النادرة مع رفيق الحريري يبدي إعجاباً شديداً بشخصية رئيس وزراء لبنان ناقلاً إليه إعجاب كل أفراد عائلته والأقارب لهذا الرجل الكبير قائلاً له في كل مرة: يا دولة الرئيس ما هذا الذي تفعله بي؟ ففي كل مرة أزور فيها البلد (حيث بنى غزالة قصراً منيفاً مشهوداً..) أجد أفراد أسرتي وأقاربي يتحلقون حولي يسألون عنك ويدافعون عن أعمالك حتى عندما تكون سوريا غاضبة عليك.. وكان الحريري رحمه الله يكتفي بالابتسام لكن عينيه كانتا تلمعان تعبيراً عن الفرح الطفولي الذي لا يستطيع اخفاءه عندما يسمع إطراء بهذا النوع خاصة من الذين كان مقتنعاً انهم لا يحبونه.

لكن أحداً لم يتعرض لمثل ما تعرض له رئيس مجلس إدارة محطة مرئية ((الجديد N.T.V)) تحسين خياط، الذي لم يسبقه أحد في لبنان في كشف المستور في سلوك رستم غزالة، في جلسات عامة وخاصة متحدثاً في أخطر المعلومات عن وثائق تدين أبو عبدو بتلقي رشاوى من بنك المدينة بواسطة رنى قليلات وشقيقها طه وسيارات بالعشرات وهدايا أخرى (كان غزالة يبيع هذه السيارات لتاجر بيروتي لديه معرض في منطقة الروشة كافأه غزالة بعد ذلك بالمجيء بشقيقه عضواً في المجلس البلدي لمدينة بيروت.. ومكافآت غزالة السياسية مشهودة حتى ان أستاذاً في إحدى الجامعات كتب له رسالة الدكتوراه وعده غزالة بتعيينه وزيراً أو نائباً أو عضواً في مجلس بلدي بعد نجاحه المشهود في الحصول على الدكتوراه في يوم خلت فيه دكاكين بيروت من ورود التهنئة التي أرسلت بالمئات إلى غزالة من المهنئين الذين تسابقوا للإشادة بعلمه وثقافته!!)

كانت أحاديث خياط تصل بالطبع إلى غزالة وبعد دقائق من قولها أمام أي كان، وكان الأخير يرسل إلى خياط يطلب منه وقف الحديث عنه، وخياط يرفض حتى ان الأخير هدد بنشر بعض هذه الوثائق مصورة عبر شاشة المحطة المرئية أرضياً وفضائياً. هنا جن جنون رستم، فبادر بالاتصال الهاتفي عبر الخلوي بخياط مهدداً إياه بالافتعال به جنسياً وبعائلته و.. ليرد خياط بالكلام البذيء نفسه، فيسمع من غزالة تهديداً باعتقاله خلال ساعة.

كان خياط مجتمعاً في أحد أيام شهر ك1/ديسمبر 2003 يوم سبت في الساعة الثانية بعد الظهر مع ثلاث شخصيات إحداها كبيرة ومعروفة فاجأها بحملة الشتائم هذه فتحدث معها عن غزالة وتهديده ثم انصرف بسيارته المموهة إلى منـزله ليجمع حقائبه استعداداً لسفر مقرر سابقاً فاتصل من منـزله في الدوحة بصديقه وزير الدفاع يومها محمود حمود عبر الخلوي وكان الأخير في المطار لسفر آخر طالباً منه أن يرسل إليه مرافقه العسكري دون الإفصاح عن سبب ذلك، ولم تمضِ دقائق حتى كان المئات من عناصر وضباط الجيش اللبناني قد أحاطوا بمبنى المحطة المرئية في وطى المصيطبة ومنـزل خياط في الدوحة يبحثون عن وثائق مطلوبة نقلوا إليه انها مزورة ومنها جوازات سفر، مصطحبين خياط إلى سجن في وزارة الدفاع في زنزانة قريبة من زنزانة قائد القوات اللبنانية د. سمير جعجع معصوب العينين موثوق اليدين، وهو يعيب على المعتقلين هذا الأسلوب الذي لا يليق بالعسكرية اللبنانية الخاضعة لنفوذ ضابط أمني سوري مرتشٍ.. خاصة وانه اعتقل بأوامر منه والتهمة الجاهزة هي العمالة لإسرائيل فيصدر فيها بيان رسمي عن مديرية المخابرات في الجيش برئاسة ريمون عازار المكلف من رستم غزالة بهذا التدبير المخيف.

وقبل اعتقاله كان تحسين خياط قد اتصل برئيس الجمهورية العماد إميل لحود واضعاً إياه في صورة تهديد غزالة له متصلاً أيضاً هاتفياً بالرؤساء حسين الحسيني وسليم الحص وعمر كرامي ود. كرم كرم (وزير الصحة في حكومة الرئيس رفيق الحريري يومها).

كان تحسين خياط على خصومة سياسية شديدة في الوقت نفسه مع الرئيس رفيق الحريري وكان عضواً غير معلن في التحالف الوطني الذي كان يضم الرؤساء الحسيني والحص وكرامي والنائبين بطرس حرب ونائلة معوض وألبير منصور قبل ان يؤلف كرامي حكومته بعد التمديد القسري لإميل لحود فيوارى التحالف الثرى سراً دون مراسم.

لكن اول من استقبله خياط في زنزانته في الطابق الثاني تحت الارض وفي اليوم التالي أي الاحد وزير الدولة في حكومة الحريري قبل التمديد وأحد اتباع رستم غزالة عبدالرحيم مراد الذي جاء يقنع خياط بلفلفة القضية وعدم تصعيدها والتوجه معه لزيارة رستم وانهاء الموضوع فما كان من خياط الا ان انفعل في حملة شتائم ضد رستم طارداً عبدالرحيم مراد من زنزانته معنفاً اياه قائلاً ((يا عيب الشوم، يا ابو حسين ما حدا منكم عنده كرامة، كيف راضي على حالك هالدور، روح قول لمعلمك انا مش طالع من هون وخليه يشوف شو راح اعمل فيه..)).

خرج مراد من زنزانة خياط محبطاً خائفاً من فشله امام رستم الذي ارسل الى خياط صديقه الآخر عمر كرامي (الرئيس) مصطحباً معه طارق فخرالدين الذي امضى ساعتين مع خياط محاولاً اقناعه ايضاً بزيارة رستم في عنجر لانهاء القضية وخياط رافضاً حتى وجد كرامي صيغة ان يتوجه خياط الى منـزله مع وعد بعدم نشر الوثائق ويتحدث معه بعد ذلك رستم غزالة هاتفياً.

كان خياط علم ان مخابرات الجيش اللبناني وضابط امن سوري ارسلهم جميعاً رستم غزالة الى منـزله في الدوحة قد صادروا وثائق من خزنة خياط، وان غزالة سيكتفي بهذا القدر خوفاً على نفسه وقد أمنها اثر الاستيلاء على هذه الوثائق، دون ان يعلم ان خياط يحتفظ بوثائق اخرى وبيانات ومعلومات تدين رستم غزالة.. حتى ان خياط وبعد خروجه من السجن طبعاً طلب من محاميه اعداد دعوى قضائية ضد غزالة وعازار ومن يثبت التحقيق تورطه في هذه الحملة المدبرة ضده شخصياً في اعتقاله ومحاولة تشويه سمعته وتهديده فضلاً عن ادعاء عام (إخبار) في سرقة المال العام.

لقد دمج رستم غزالة بنجاح بين رصيد السلوكية الجبانة والنفاق والانتهازية اللبنانية تحت قدميه ورصيد النهج الذي عشش في عقله وقلبه ومشاعره حاملاً اياه تربية وثقافة وممارسة من نظامه الذي كلفه ادارة لبنان بأسلوبه فكان الحاكم المطلق مثلما كان سلفه اللواء غازي كنعان حتى مع الفارق بين الشخصيتين.

كان غازي كنعان مديراً لمدرسة تحكم اوضاع لبنان وتفرض منهجها الدراسي على الجميع، وكان رستم غزالة واحداً من اساتذتها، فلما احتاج النظام في سوريا المدير غازي كنعان لدور شديد الاهمية في نظامه نفسه تسلم الاستاذ غزالة مكان المدير وظل طيلة ثلاث سنوات يجاهد كي يثبت وجوده بديلاً ناجحاً عن المدير وسبب له ظل غازي كنعان الثقيل هاجساً وكابوساً لم يكن ليتخلص منه رغم الدعم غير المحدود الذي حصل عليه من رأس النظام الاعلى الرئيس بشار الاسد نفسه الذي أشغل كنعان بمهمة مزدوجة للنظام وهي حفظ الامن الداخلي وخاصة في مرحلة تحرك منظمات او منتديات المجتمع المدني واعطاء خبرته في مواجهة التحرك الكردي المتحمس والمندفع من زلزال العراق وآثاره ((الايجابية)) على الوضع الكردي في بلاد الرافدين.. فضلاً عن خبرته في تثمير الهدوء الذي ساد في العلاقات السورية – التركية.

وسار غزالة على نهج كنعان ورجاله بالممحاة يمحو اثر وواقع كل علاقة لأي سياسي او امني لبناني معه ومن اعترض – او تلكأ - في اظهار الولاء له شخصياً جابهه رستم غزالة بالحرم، حتى استسلم الجميع وتربع غزالة وحيداً على رأس السلطة اللبنانية بواسطة الاتباع رؤساء ووزراء ونواب وقضاة ومديرين عامين ورؤساء اجهزة.. مع استثناءات كان ابرزها حالة مدير عام الامن العام اللواء جميل السيد الذي لم يعد يمر على رستم في عنجر بل اصبح له هناك في قصر المهاجرين حظوة لا تعلوها إلا حظوة سليمان فرنجية المميزة.. كما اميل لحود.

لقد وصلت سلطة رستم في لبنان حد فرض رقابة على حركة اللواء غازي كنعان وهو وزير داخلية سوريا حين زار لبنان للاطمئنان على صحة ولده يعرب بعد عملية جراحية للقلب اجريت له في مستشفى ((اوتيل ديو)).

وكانت سلطته – كما كتبنا – مستمدة من الرئيس بشار الاسد الذي ابلغ الجميع وعلناً ان باب دمشق يمر من عنجر حيث رستم غزالة.. قالها الاسد لرفيق الحريري عندما أمره بالتجديد للحود حتى لا يكون ضده شخصياً، وأبلغه لوليد جنبلاط عندما طلب الحوار معه مخيّراً اياه بين ان تكون معي فتؤيد لحود او تكون ضد لحود فتؤيد اسرائيل!!!.

واذا كان الشهيد الحريري – رحمه الله – استسلم بعد لقائه الشهير مع الاسد قبل التمديد وتراجع عن كل ما كان يقوله علناً من رفض ومعاندة بعد ان سمع خلال مقابلة لم تستمر الا دقائق معدودة وعلى الواقف تهديداً حاسماً اذا كنت انت ووليد جنبلاط وجاك شيراك تظنون انكم يمكن ان ترغموني على الانسحاب من لبنان فإني والكلام لبشار الاسد مع رفيق الحريري، سأهدم لبنان على رؤوسكم ورؤوس اولادكم قبل ان انسحب!!! وعرّج الحريري على عنجر ليسمع من غزالة ما يجب ان يكون، فإن جنبلاط الذي استقبل رستم وسمع منه ما يفيد فتح الحوار معه بعد رفض التجديد للحود قال علناً انه لن يحاور سوريا عن طريق ضابط امن مهما علت رتبته مع احترامه لموقعه.

ولعل الحدثين اللذين رسما الآن مصير رستم غزالة هما موقف وليد جنبلاط واغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي تكامل الحدثين ما يفيد بداية العد العكسي له وللوجود الامني السوري في لبنان رسمياً وعملياً رغم المعاندة التي يبديها جهازه في لبنان بعد صدور قرار الانسحاب العسكري والامني السوري من لبنان، من خلال اجهزة الامن اللبنانية ومن خلال المخبرين وزراء ونواباً ورؤساء.. ومن خلال الانتقال السري الى شقق ومنازل سرية لعناصره والعمل داخل مكاتب الاحزاب التابعة لها، ومن خلال التمترس العلني في بعض احياء الضاحية الجنوبية لبيروت في حضن حزب الله تحديداً.. وحركة امل.

كان زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري بارتداداته عكس كل تصورات الجهاز الامني السوري – اللبناني الذي تصور للحظة ان غياب الحريري بهذه الصورة البشعة سيرعب كل لبنان سياسيين ومواطنين ومجتمعاً مدنياً ومثقفين واعلاميين.. لكن انتفاضة الاستقلال التي فجرها هؤلاء انقلبت على كل من قرر وخطط ونفذ وموّه وضلل في هذه الجريمة البشعة بعد ان كسرت الانتفاضة بشبابها واحزابها والتفاف الوطن كله حولها عدا المستفيدين من الجهاز الامني اياه حاجز الخوف وانطلقت حناجرها تعبر عما في صدورها من كبت وفي وجدانها من مشاعر وفي ضميرها من صحوة لإنقاذ الوطن والمصير والمواطنين والمستقبل.

وكان لا بد من كبش فداء رسمته الناس صوراً في الشوارع وفي التظاهرات وفي الهتافات وفي المواقف وفي المقالات وفي الحوارات.

واذا كان الصراع في لبنان بدأ الآن داخل صفوف السلطة وأجهزتها الامنية حول من يجب ان يطاح برأسه لينجو الآخرون او النهج فإن مصير رستم غزالة ليس بعيداً عن التضحية في حسابات النظام السوري، والسباق الآن حول من يجب التضحية به في لبنان اميل لحود ام جميل السيد ام رستم غزالة مع آخرين؟

وإذا سحب غزالة الى سوريا تمهيداً لمحاسبته على فشل صنعه امنياً واخلاقياً مشاركة مع آخرين في سوريا صنعوه سياسياً واستراتيجياً، فإن غزالة هو المسؤول السوري الاول الذي اقيمت ضده دعوى قضائية في لبنان (وفي سوريا) بتهمة الاعتداء على حقوق مواطن هو رئيس مجلس ادارة محطة ((الجديد)) المرئية (N.T.V) تحسين خياط واعتقاله وتشويه سمعته بالزعم انه عميل صهيوني.. لماذا؟

وبالمناسبة فإن آخر ((انجازات)) غزالة في لبنان وتابعه عدنان عضوم هو اطلاق سراح رنى قليلات لما تملكه من معلومات عن رجال السلطة لبنانيين وسوريين الذين تقاضوا منها المال والرشاوى والهدايا شققاً وسيارات وأرصدة.. عن طريق موقعها في بنك ((المدينة)).. والبعض يعتبر ان اخراجها سبق خروج غزالة من لبنان حتى لا تقع في يد السلطة التي ستكلف الايدي النظيفة من القضاة للتحقيق معها.

وعندها ستتدحرج رؤوس ((كبيرة)) او على الاقل ستنكشف في لبنان وسوريا فأي مصير لرنى بعد خروجها من السجن في لبنان؟ هذا ما ستكشفه وقائع الاسابيع المقبلة.

لقد وصلت الامور الى خواتمها، وربما بات على كثيرين ان يبدأوا ليس تحديد المصير وقد رسم امام اعينهم، بل العمل على تحجيم الخسائر. فالذي حقق كل هذه الاحلام لا يمكن ان يسمح لكابوس ان يمحوها مهما طال.. وهذا ما يجري من إرعاب في ليالي لبنان الآن.. ولعله تمرد النـزع الاخير.

3ـ السياسة الكويتية:

تفاصيل ما دار في اجتماع الرياض الذي لقي الإشادة بشهامة ولي العهد السعودي وشجاعة مواقف المملكة من كل الأوساط اللبنانية

الأمير عبدالله للأسد: أعطيتني وعداً صريحاً بحماية

الحريري لكنك لست كأبيك حافظ

تحافظ على الوعد والعهد!

اضاءة..

" تقول الأوساط اللبنانية -التي اشادت بشجاعة الموقف السعودي وشهامة الأمير عبدالله -ان ولي العهد استهل حديثه مع الأسد بقوله: هل تعرف ما الفارق بينك وبين والدك الرئيس حافظ? ان والدك كان إذا وعد أوفى بوعده, فامتقع وجه الأسد وسأل الأمير عبدالله عما يعنيه بقوله فأجابه: بعد محاولة اغتيال النائب اللبناني مروان حمادة اتصلت أنا بك, وطلبت اليك المساعدة في حفظ أمن الحريري فأبلغتني بأن أمن الحريري من أمنك الخاص, وأعطيتني وعداً صريحاً بذلك, وها هي النتيجة.. مقتل الحريري الذي نعتبره أحد اخواننا.
هنا قال الأسد للأمير عبدالله: ان التحقيقات جارية لمعرفة من قتل الحريري, فأجابه الأمير عبدالله: اذا كنت لا تعرف من قتله فإن الدنيا كلها تعرف, ولا نعتقد ان إذاعة الأسماء ستكون في مصلحتكم.. المطلوب منكم الآن سرعة الكشف عن قاتلي الحريري والانسحاب فوراً من لبنان, فأجابه الأسد: سننسحب من لبنان في غضون ثلاثة أشهر, فأجابه الأمير عبدالله: بل خلال عشرة أيام, ثم وقف إيذاناً بانتهاء المقابلة, ولم يذهب لتوديعه في المطار".

لندن - دمشق - خاص:
أكدت أوساط قوية وشديدة الاطلاع ان الأولوية الأولى للنظام السوري انحصرت في القضية الداخلية, بعد ان أعلن رئيس النظام بشار الأسد قرار انسحابه وانسحاب قواته, وأجهزة مخابراته من لبنان, وهو القرار الذي اعتبرته هذه الأوساط يشمل الانسحاب من اللعبة الاقليمية في منطقة شرق البحر الابيض المتوسط, اي الانسحاب من الساحة الفلسطينية والاردنية, وربما العراقية, بما في ذلك الانسحاب حتى من حلفائه وأحزابه العاملة في لبنان, والذين يبدون الآن كمن فقد الغطاء السياسي وأضاع البوصلة والاتجاه.
وتشدد الأوساط على ان اهتمام النظام السوري بأوضاعه الذاتية, عائد الى انسداد الآفاق في وجهه, وعجزه عن القيام بأي تحركات خارجية لتبييض صورته في الخارج, وانحصار مدى الحركة في الداخل السوري, والذي لا يبدو أنه سيفيد في الغاء الاحتمالات الخطرة التي تتهدد النظام, والذي يقال أنه دخل مرحلة الموت السريري.
ورأت هذه الأوساط المقربة ان العزلة التي انتهت اليها دمشق باتت تسمح بكشف الكثير من الأوراق عن تفاصيل التحركات التي قام بها النظام السوري, قبيل إعلان قراره الانسحاب من لبنان, وبعد اغتيال الحريري بأيام قليلة.
وتقول الأوساط المطلعة ان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع قام بزيارة للمملكة العربية السعودية بتكليف من رئيسه بشار الأسد بعد تداعيات جريمة الاغتيال, وفي المملكة التقى الشرع ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز الذي أخرج غضبه الصامت قائلاً له: الأفضل ان تذهب وتبعث لنا بصديقك يأتي الينا, وبعد يومين قام الأسد بزيارة للمملكة حيث استقبله على أرض المطار الأمير عبدالله الذي سرعان ما أجرى معه مباحثات تركزت حول جريمة اغتيال الحريري.
وتقول الأوساط اللبنانية -التي اشادت بشجاعة الموقف السعودي وشهامة الأمير عبدالله -ان ولي العهد استهل حديثه مع الأسد بقوله: هل تعرف ما الفارق بينك وبين والدك الرئيس حافظ? ان والدك كان إذا وعد أوفى بوعده, فامتقع وجه الأسد وسأل الأمير عبدالله عما يعنيه بقوله فأجابه: بعد محاولة اغتيال النائب اللبناني مروان حمادة اتصلت أنا بك, وطلبت اليك المساعدة في حفظ أمن الحريري فأبلغتني بأن أمن الحريري من أمنك الخاص, وأعطيتني وعداً صريحاً بذلك, وها هي النتيجة.. مقتل الحريري الذي نعتبره أحد اخواننا.
هنا قال الأسد للأمير عبدالله: ان التحقيقات جارية لمعرفة من قتل الحريري, فأجابه الأمير عبدالله: اذا كنت لا تعرف من قتله فإن الدنيا كلها تعرف, ولا نعتقد ان إذاعة الأسماء ستكون في مصلحتكم.. المطلوب منكم الآن سرعة الكشف عن قاتلي الحريري والانسحاب فوراً من لبنان, فأجابه الأسد: سننسحب من لبنان في غضون ثلاثة أشهر, فأجابه الأمير عبدالله: بل خلال عشرة أيام, ثم وقف إيذاناً بانتهاء المقابلة, ولم يذهب لتوديعه في المطار.
وفي هذا الجانب الموصول أفادت الأوساط المقربة وشديدة الاطلاع في دمشق ان المسؤولين الكبار في احد البنوك المهمة والكبيرة يعيشون الآن حالة من القلق الدائم تمنع عن بعضهم الراحة والنوم, بسبب السحوبات النقدية الكبيرة التي أقدم عليها بعض رجال النظام السوري في الآونة الأخيرة, وكشفت هذه الأوساط ان وزير الداخلية السوري, وقائد جهاز الأمن والاستطلاع (المخابرات) في لبنان غازي كنعان قد سحب من البنك ستين مليون دولار بعد اغتيال الحريري, وأودعها في مصارف في اسبانيا وفرنسا وسويسرا, كما أقدم رستم غزالة, الذي خلفه في منصب رئاسة الاستخبارات في لبنان, ومقره في بلدة عنجر في البقاع الشرقي, على سحب اثني عشر مليون دولار على دفعتين في المهلة التي سبقت اغتيال الحريري بيومين.
وجراء هذه السحوبات الثقيلة أخذ المودعون في البنك المذكور بالتدفق لسحب ودائعهم, خشية تعرض البنك لأزمة عدم دفع تضع اموال المودعين في مهب المجهول. وكانت تتدفق اليه اموال مسؤولي الاجهزة الاستخباراتية في لبنان وسورية, وتلقى منه المعاملة القانونية التي توفرها أرقى البنوك لعملائها, وفي اتجاهي الايداع والسحب. الا أن تبدل الظروف السياسية وانحسار النفوذ السوري عن لبنان, وضعت مسؤولي البنك في منطقة حرجة خصوصا بعد ان تقدمت وكالة التحقيقات المحلية الاميركية (F.B.I) بطلب كشوف حسابات المتنفذين السوريين لمعرفة مصادر اموالهم, وهل هي اموال قذرة تم تبييضها بوسائل احتيالية ام لا.
على صعيد اˆخر ذي صلة ذكرت الاوساط بالمجالس التي كان يعقدها رستم غزالة رئيس جهاز الامن والاستطلاع السوري في لبنان في مقره بعنجر. وقالت هذه الاوساط ان هذه المجالس كانت بمثابة سهرات يحضرها قادة الاجهزة الامنية في لبنان, او بعضهم, الى جانب بعض رجال الاعمال السوريين الناشطين في الخارج والذين كانوا يبغون التعرف على غزالة من اجل تسهيل اعمالهم في لبنان, او تأسيس اعمال جديدة. وقالت الاوساط ان من ابرز وجوه الاجهزة اللبنانية التي كانت تداوم في هذه السهرات ادوار منصور رئيس جهاز أمن الدولة, وريمون عازار رئيس الاستخبارات العسكرية, وعلي الحاج رئيس قوى الامن الداخلي, وجميل السيد مدير عام الامن العام. وكان هؤلاء جميعا يتلقون تعليمات غزالة فيما يتعلق بادارة الشأن السياسي الداخلي, وتوفير الهيمنة السورية الدائمة على هذا الشأن.
وذكرت الاوساط ان ادوار منصور كان يلعب دور الوسيط بين رجال الاعمال ورستم غزالة وقد توسط ذات يوم لرجل الاعمال السوري فؤاد الزيات, الذي ينطلق في اعماله من قبرص ولندن, فعرفه على غزالة, وتاليا أمن له لقاء مع رئيس الجمهورية اللبنانية الممدد له اميل لحود, أسفر عن قيام شراكة مع ابن الرئيس في مجال النقل الداخلي بواسطة طائرات الهليكوبتر. وفي هذا السياق لفتت الاوساط الى الدعوى التي رفعها رجل الاعمال السعودي المعروف عبدالمقصود الخوجه في بيروت ضد فؤاد الزيات لتحصيل مبلغ 23 مليون دولار باقية في ذمة الزيات لصالح الخوجة. وقد حكمت المحاكم اللبنانية لصالح رجل الاعمال السعودي قبل سنتين, الا ان الرئيس لحود, بنفوذه, أوقف تنفيذ هذا الحكم.
ويذكر ان الزيات, بعد وساطة ادوار منصور, ذهب الى عنجر للقاء غزالة بناء على موعد مسبق, فوجد عنده رجال الاعمال السوري نزار أسعد, ورئيس الاستخبارات اللبنانية السابق جوني عبده, وجميل السيد, وريمون عازار, وعلي الحاج. ولقد حرص الزيات ان يتخذ وضعا مميزا لنفسه في هذه الجلسة, فأشعل سيجارا فاخرا ووضع رجلا على رجل, ونفخ صدره, فنظر اليه غزالة بامتعاض وقال له: على شو شايف حالك, ما بتعرف مين انا? ثم اخذ يوجه له الاهانات وطرده من الجلسة.
وكان رستم غزالة يكرر في مجالسه, وعلى مسمع من رواده, اعتقاده بأن الحريري هو الذي لعب دور المحرض للرئيس الفرنسي شيراك, وبالتالي هو المسؤول عن صدور القرار الدولي 1559 الذي دعا سورية الى الانسحاب من لبنان, وبالتالي فان الحريري لن يفلت من عقابه.