رسالتي الى الجميع.. هذه آرائي بصراحة

حازم الشعلان*:كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن التصريحات التي أدليت بها الى بعض أجهزة الإعلام، وقد أساء البعض التعامل معها، مما أحدث لغطاً لا يخدم العراق في ظروفه الحساسة التي يعيشها الآن.
ومن أجل إزالة أي غموض، وقطع الطريق على التأويلات والإستغلال المغرض لتصريحاتي، أود أن ألخص رؤيتي السياسية في النقاط موضع الجدل والنقاش بما يلي:
أولاً: العلاقة مع دول الجوار:
تمثل إيران دولة جارة مهمة بالنسبة للعراق، ونحن نتعامل معها من منطلق علاقات الجوار التي نسعى أن تكون في المستوى المطلوب القائم على أساس حفظ المصالح المشتركة، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون البناء من أجل تحقيق السلام في المنطقة، والقضاء على ظاهرة الإرهاب التي تعاني منها شعوب المنطقة.
إن الإرهاب هو قضية مركزية لا يمكن التهاون بخصوصها، ومكافحته تمثل أحد الثوابت الأساسية في توجهاتنا، فمشكلة العراق الكبرى هي مشكلة أمنية، تصنعها القوى الإرهابية الوافدة على أرضنا من الخارج. وهذا هو الموقف الرسمي للحكومة العراقية، يشاركها فيه كل المخلصين من أبناء العراق.
لقد قلت أكثر من مرة إن إيران وبحكم طول الحدود المشتركة مع العراق، كانت مصدر خطر للأمن العراقي، حيث لجأت بعض الخطوط والجهات الموجودة في إيران الى تقديم الدعم للعناصر الإرهابية، وقد كنا نتمنى ولا نزال على الحكومة الإيرانية أن تتخذ الإجراءات المطلوبة والحاسمة من أجل منع نشاط هذه الجهات، لكننا وللأسف لم نلحظ موقفاً جاداً يضبط الحدود الطويلة من الجانب الإيراني. ومن حق أي عراقي عندما يرى تعرض شعبه الى القتل على أيد الجماعات الإرهابية الوافدة إليه من دول الجوار، أن يشعر بالألم وأن يوجه نقده للدول التي يفد منها الإرهاب.
وبإعتباري أتولى مسؤولية أمنية بحكم كوني وزيراً للدفاع، أجد من واجبي أن أحذر الأطراف التي تريد بالعراق سوءاً، وأن أعلن إستهجاني وإدانتي لها، لا يمكن لي وأنا أتولى هذه المسؤولية أن أسكت على انتهاكات مكشوفة ترتكبها جهات في إيران وجهات في سورية وغيرهما، ويكون من نتائجها عشرات الضحايا يومياً من أبناء الشعب العراقي.
لا أقول إن الحكومة الإيرانية أو السورية، هي التي تدعم الإرهاب، وإنما أؤكد على أنني أقول إن فيهما جهات داعمة للإرهاب، وإن لهذه الجهات مصالحها وتوجهاتها الخاصة التي تتقاطع مع المصلحة العراقية، وهذا ما يجعلنا نتصدى لها ونجهر بإدانتها، وهذا واجب أتحمله ضمن واجباتي في حفظ سيادة العراق وأرضه وشعبه.
إننى أتطلع الى علاقات حسنة مع إيران وسورية والسعودية وكل الدول المجاورة للعراق، باعتبار أن ذلك يمثل مصلحة مشتركة بين العراق وجيرانه، بل إن من مصلحة العراق أن تكون علاقاته حسنة ووثيقة مع دول المنطقة ومع المجتمع الدولي بشكل عام، بشرط وحيد لا تنازل عنه، وهو عدم الخدش بالمصلحة العراقية التي تمثل لنا قيمة كبرى.

ثانياً: العلاقة مع الأطراف العراقية:
إنني أعلم تمام العلم، أن وحدة الكيانات والشخصيات السياسية هي مستهدفة من قبل كل الأطراف التي لا تريد خيراً بالعراق، ولذلك نراها تحاول أن تسكب الزيت على النار لتزيدها تأججاً، وتسعى بشتى الوسائل لتضخيم الإختلاف في وجهات النظر، وتصويره بأنه أزمة خطيرة أو معركة ساخنة، وتحولها الى مادة إعلامية للتداول الواسع.
لست من الأشخاص الذين يستغرقون في قضايا هامشية مع رجال السياسة أو مع أي طرف يعمل في الساحة، طالما أنه لا ينتمي الى الجهات الإرهابية.
إنني كنت ولا أزال أمد يدي لكل من يعمل لمصلحة العراق وشعبه، ويسعى الى أن يضمد جراحه، ويعمل على إنهاء أزماته وخدمة أبناء هذا البلد الطيب.
إنني كنت ولا أزال أكن الإحترام الكبير لكل الشخصيات والأحزاب والكيانات السياسية التي عملت من أجل العراق، حتى وإن اختلفت معها في متبنياتها الفكرية، فلكل رأيه ولا بد من إحترام الرأي الآخر، فتلك نقطة أساسية نسعى أن تكون متحركة في الواقع العراقي الجديد.
كل من عمل من أجل خدمة العراق وشعبه، هو قوة بناء تستحق الإحترام، وأنا أمد إليها يدي بالتعاون والتنسيق، وأخطو باتجاهها خطوات من أجل اللقاء. ليست لدي أزمة شخصية مع أحد، وإن بدا تصعيد في التصريحات مع الدكتور أحمد الجلبي، فإنما كان ذلك لإيضاح تهمة وجهت الى وزارة الدفاع، وكان لا بد لي أن أتصدى لإيضاح ما أثير حول مبلغ (500) مليون دولار، هربت خارج العراق، وبينت أن حقيقة الأمر هي صفقة عسكرية وقعتها وزارة الدفاع بهذه القيمة لشراء معدات عسكرية لقوات الحرس الوطني وبناء الجيش العراقي، وأن هناك مبالغ أخرى من المقرر أن تصرف في هذا الإتجاه، وهذا أمر طبيعي لا غبار عليه، بل هو مقرر ضمن سياسة الحكومة العراقية وبرامجها البنائية.
وأود أن أعرب بصراحة إنني يومياً أعيش الألم عندما أرى أبطال الحرس الوطني يسقطون شهداء بأيدي الإرهاب وهم يؤدون واجبهم المشرف في حفظ الأمن، ولا يمكن لي أن أمر على هذه المشاهدات مروراً عابراً، فهي قضيتي اليومية، وهمي الدائم، حيث أتحمل مسؤولية حفظ العراق من أعدائه، في نفس الوقت الذي أتحمل فيه ألم عوائل الشهداء من أبناء الحرس الوطني، وأعيش الألم حارقاً عندما أرى الأجساد الطاهرة لشهدائنا.
إننا في ظرف حساس وحرج، ولي الشرف أن أكون جندياً في خدمة وطني وشعبي، وسأبقى متشرفاً بالقيام بهذا الدور سواء من موقع الجندي أو من موقع الوزير، فلا فرق بين الإثنين، بل أن الجندي والوزير يتحدان في صورة العراقي المخلص الذي يسعى لبناء وطنه، وخدمة شعبه.
إنني أمد يدي للجميع، ولا أعيش عقدة الإختلاف مع أي شخص أو جهة مخلصة، وأعلن موقفي بصراحة العراقي، بعيداً عن شكليات المواقع السياسية، بأني على إستعداد لأن أسير حتى النهاية مع كل شخص وجهة تريد خدمة شعب العراق، وتخلصه من معاناته ومأساته التي تسبب فيها النظام الدكتاتوري السابق.
إن يدي مبسوطة وصدري مفتوح لاحتضان كل جهد صادق من شخصيات وكيانات العراق الصادقة، متجاوزاً كل القضايا الهامشية، لأن الهدف هو خدمة العراق، وأتشرف أن أكون ساعياً بكل ما أملكه من طاقة وجهد للوصول الى خدمة هذا البلد الغالي المعطاء.
أدعو الجميع الى التلاحم من أجل بناء عراق جديد، وأن ننهض بمسؤولياتنا تجاه العراق، وخدمة أبنائه، فهذا هو الخط العام الذي يجب أن نسير عليه، وصولاً الى الهدف الكبير وهو عراق الخير والسلام والديمقراطية.
* وزير الدفاع العراقي