*قرية الصبر الفلسطينية ادخلها احمد سعيد التاريخ السياسي العربي


القدس: امتلأت الأسواق الفلسطينية بثمار شجر الصبار، الذي يطلق عليه المواطنون هنا الصبر، وهو شجر شوكي معروف، واشتهرت به القرى الفلسطينية، واصبح رمزا على وجود هذه القرى وسكانها، خصوصا تلك التي دمرتها القوات الإسرائيلية وبنت عليها مستوطنات وبلدات ومدن، ولكن وجود الصبار الذي يستطيع تحمل أقسى الظروف، ولا يحتاج إلى ري، في أطراف القرى الفلسطينية، نظر إليه على أن دليل رمزي ومادي على وجود عربي في هذه القرى لم تستطع إسرائيل محوه، وحمل اسم هذا النوع من النبات أسماء أفلام وروايات عن الواقع الفلسطيني اشهرها رواية (الصبار) للكاتبة الفلسطينية سحر خليفة.
وافترشت الفلاحات الفلسطينيات أرصفة شوارع المدن الفلسطينية لبيع ثمر الصبار، وتقديم خدمة تقشيره للزبون، وهي خدمة هامة لان كثيرين من محبيه لا يقتربون منه لوجود الأشواك المدببة في ثماره.
ولكن ما ميز الصبار هذا العام هو دخول عناصر شابة في تسويقه، بشكل اكثر ترتيبا ومهنية من بيع الفلاحات التقليدي وذلك بوضعه في صناديق خاصة وعرضه بطريقة جذابة.
ولا يقتصر الاهتمام هذا العام على شكل تسويق الصبار ولكن بطرح كميات كبيرة منه، وذلك يعكس عناية جديدة من قبل الفلاحين به، ويعتقد أن ارتفاع مستويات البطالة في الأراضي الفلسطينية جعل كثير من الشبان يلجأون للعناية بما تبقى من الأراضي، ولان الصبار لا يحتاج عناية كبيرة، فان اهتماما خاصا أبداه هؤلاء الشبان به.
وقال محمد علي أحد الشبان الذين يبيعون ثمار الصبار "أهم شيء بالنسبة للصبار هو نوع التربة التي يزرع بها، صحيح أن زراعته سهلة جدا، ويمكن أن ينمو في أي مكان حتى على الصخور، ولكن نوع التربة يحدد حجم الثمرة وشكلها".
وحسب علي فان قرى فلسطينية أصبحت تشتهر بالاهتمام بالصبار مثل قرية نعلين قرب رام الله، والتي يوزع منتوجها على أسواق مدن فلسطينية عديدة.
ونعلين دخلت التاريخ السياسي العربي في ستينات القرن الماضي على يد احمد سعيد مذيع صوت العرب الشهير، أثناء احتدام الخلافات بين المملكة الأردنية الهاشمية وكانت الضفة الغربية جزء منها والجمهورية العربية المتحدة بزعامة جمال عبد الناصر، الذي حظي بشعبية عارمة لدى الفلسطينيين.
وفي ظل احتدام هذا الخلاف زار الملك حسين بن طلال العاهل الاردني الأسبق ريف رام الله وتوقف في قرية نعلين الصغيرة، فاقترب منه أحد الوجهاء ورمى بصورة الزعيم عبد الناصر تحت أقدامه، والقى خطبة باسم "نعلين وقراها" بايع فيها العائلة الهاشمية وهاجم عبد الناصر، ونقلت الاذاعة الأردنية تلك الأخبار، وانتظر الفلسطينيون حلول الليل ليلجأوا الى اذاعة صوت العرب التي كانت الحكومة تحظر سماعها، لياتيهم صوت احمد سعيد الهادر الذي قال "أين أنت يا نعلين، بحثت عنك في كل خرائط العالم، فلم أجدك".
وخصص حديثه اليومي في هجاء تلك القرية التي سقطت بعد ذلك بسنوات مع أراضي فلسطينية وعربية في حرب سميت بحرب الأيام الستة، عندما تركها الفرقاء المتخاصمين لوحدها، ولم يعد يذكرها، على الأغلب، حتى احمد سعيد نفسه.
وكان المستوطنون الإسرائيليون سبقوا الفلسطينيين بالاهتمام التجاري بالصبار وذلك بزرعه بشكل حديث وفي مزارع خاصة، بهدف قطف زهوره وتصديرها حيث تستخدم في صنع أدوية لعلاج أمراض البروستاتة.
ويقول البائع الشاب محمد علي بان هناك إقبال ملحوظ من الفلسطينيين في هذا الموسم على شراء الصبار دون أن يعرف سببا لذلك مشيرا بابتسام إلى أن الفلسطينيين "اصبحوا يأكلون الصبر بعد أن صبروا بما فيه الكفاية".