من الطائف 1981 إلى مكة 2005 إسلامياً .. (1/2 )
حاضرون وغائبون والحوّية احتوت الصحافة
نصر المجالي من لندن: يكاد يكون الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، هما الزعيمان العربيان الوحيدان اللذان حضرا أو شهدا ما بين قمتين سلاميتين تستضيفهما بلاد الحرمين الشريفين، قمة الطائف 1981 التي كان أطلق عليها اسم قمة مكة المكرمة حيث البيان الختامي أذيع في صحن بيتها العتيق، وقمة مكة المكرمة الاستثنائية الراهنة التي تبدأ أعمالها غدا بمشاركة غير مسبوقة في تاريخ القمم العربية والإسلامية منذ رأت مؤسسات القمم النور على الواجهتين في الستينيات من القرن الفائت.
مشاركة كثيفة من جانب القادة ومن الصحافيين أيضا، ولكن الحال ليس الحال، وهو يختلف بين زمان وآخر وسواء بسواء بالنسبة للمكان، وإذ كانت المملكة العربية السعودية استضافت أول قمة على أرضها العام 1981 فإن الحال مختلف الآن، ولعله بالنسبة للصحافيين الذين عادة ما يهرعون بالمئات إلى مكان الحدث الساخن يبد مختلفا أكثر، خاصة مع تضييق هوة المساحات عبر التقدم التقني الهائل في الاتصالات وسرعتها وتبادل المعلومات حتى أن العالم صار قرية كونية صغيرة أو حارة واحدة.
لكن المملكة العربية السعودية آنذاك، حققت ولأول مرة سبقاً إعلاميا فاجئ الجميع من قادة مشاركين وإعلاميين، بل من العالم، إذ لأول مرة تمت تغطية مباشرة من موقع الحدث إلى عبر قنوات تلفزيونية ومحطات رصدت لها المملكة مبالغ كبيرة واستعانت بخبرات عالمية ومخرجين سينمائيين وفنيين لنقل وقائع أول لقاء إسلامي حاشد على أرضها إلى مختلف أرجاء المعمورة.
يشار هنا إلى أن المخرج العربي الراحل مصطفى العقاد، شارك مع آخرين بإخراج النقل الحي المباشر من داخل قصر المؤتمرات في الطائف أو من باحة الحرم المكي الشريف حيث كانت الجلسة الختامية للقمة وتلاوة البيان ثم الصلاة والطواف حول الكعبة. ولقي المخرج العقاد مصرعه في التفجيرات الإرهابية التي ضربت ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان في التاسع من نوفمبر الماضي وكذلك ابنته ومعهم 60 ضحية وعشرات الجرحى.
في قمة مكة المكرمة الحالية قد يستذكر ممن شاركوا في قمة الطائف قبل 24 عاما، كيف انهم "حشروا" في قاعدة الحوية الجوية التي يطلق عليها اسم (الأمير) الملك فهد بن عبد العزيز، تيمنا بالعاهل السعودي الراحل الذي كان وقتها وليا للعهد. كانت المسافة التي يتعين على الوفود الصحافية أن "تهرول" إليها صباح مساء نحو قصر المؤتمرات حوالي 35 كيلومترا.
الإقامة كانت أمرا مختلفا، حيث يمكن تخيل أي معسكر وثكنة في أرجاء الأرض، حينذاك انتصرت السلطات الأمنية والإعلامية السعودية على جيش الصحفيين بنهمهم وجشعهم و"طول لسانهم" و"تأففهم من كل شيء" بالحكمة والموعظة الحسنة وطيب المعشر والألفة. وأصبح الجميع راضياً، حتى أن الجميع أدى العمرة عزيزا مكرماً. القائد المخطط وقتها لمداراة "أهل القلم والميكرفون واللسان" كان وزير الإعلام الأسبق الداعية الحالي الدكتور محمد عبدة يماني. بمساعدة من ركني الإعلام آنذاك عبد العزيز الصويغ وعبد العزيز الخوجة مسؤولا الإعلام الداخلي والخارجي.
بالطبع ثانية سيجد الصحافيون الأمير سعود الفيصل أمامهم لمرة ثانية من الطائف حتى مكة المكرمة، وهو وزير الخارجية كان آنذاك ولازالت حقيبته الوزارية الدبلوماسية في يمينه كأقدم وزير خارجية في العالم ، وهاهم لمرة الأولى يشاهدون إلا من أتيحت لهم فرص سابقة التوسعات التاريخية التي تحقق بتوجيهات العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، وهذه المرة أيضا سيجدون أنفسهم في تنافس مهني يقصم الظهر مع جيل صحافي جديد خارج من عمق التجربة ورحمها، جيل يختلط فيه ويتسابق الصحافيون والصحافيات، فقمة مكة المكرمة أيضا تجمع المخضرمين وخلفائهم سياسيا وإعلاميا.
ولا بد أن وزير الثقافة الإعلام الحالي إياد بن أمين مدني وكان وقتها في معسكر أهل القلم وكذا حال رئيس تحرير (الرياض) تركي بن عبد الله السديري ورئيس تحرير (الجزيرة) خالد المالك ، على سبيل المثال يستعيدون هذه الصورة ليس كمضيفين وأهل ديرة، بل هم كانوا مثل أقرانهم من صحافيي المملكة وكتابها يتابعون بمنافسة شديدة النظراء من ضيوف بلدهم من"الغزاة الصحافيين" من الخارج في اصطياد أية معلومة، فقمة الطائف وقتها انعقدت لحسم قضايا كانت ساخنة وربما هي أسخن من نظيراتها الراهنة رغم الاحتلالات والارهاب والذبح.
قمة الطائف 1981 لم تشارك فيها أربع دول إسلامية، اثنتان قاطعتا وهما إيران وليبيا التي كانت شبه متحالفة معها، ثم أفغانستان التي طردت وقتها من منظمة المؤتمر الإسلامي بسبب الغزو السوفياتي وقيام نظام شيوعي مؤيد لموسكو، ومصر التي كانت مقاطعة من الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي بعد توقيعها لاتفاقيات كامب ديفيد 1979 . وظلت المقاعد شاغرة حينها تشهد على اختراقات الموقف الإسلامي وتدين من ساهم فيها.
هذه القمة كان وجه الدعوة إلى عقدها العاهل السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز، لبحث قضيتين كان لهما تداعيات خطيرة ولا تزال هذه التداعيات قائمة واعتبرتا بمثابة زلزالين شظفا كسفا من مشرق الأرض الإسلامية ومغاربها وقلبها ولم تكن تنفع في ردعهما أو لجمهما "زُبر الحديد" أو بناء سد يمنع الكارثتين. حال كانت تسونامي عصرها لا بل أدهى وأمر، فويلات هذه الأخيرة الكارثية إنسانيا هب العالم كله لمحاصرتها لكنه وقف ويقف عاجزا عن محاصرة تطورات ساخنة ملتهبة لا تزال تشتعل بل أن البعض يزيد لهبيها ويصب الزيت فوق جمر نارها.
زلزالا العالم الإسلامي كانا الحرب العراقية الإيرانية التي كانت اشتعلت في العام السابق للقمة 1980 بين عراق صدام حسين الذي قال أنه يدافع عن البوابة الشرقية للأمة العربية وإيران الخميني الذي عاد في فبراير 1979 إلى طهران معلنا ثورة إسلامية عزم تصديرها إلى دول الجوار. تلك الحرب لا زالت الأمة تكتوي بنار نتائجها ، مليونا من القتلى، و600 مليار دولار من ثروات المنطقة خسائر المالية، فضلا عن الويلات النفسية والخصومات والانقسامات والنتائج المتشرذمة.
أما الثاني، فكان الغزو السوفياتي العام 1979 لبد إسلامي عريق كان يتربع عند مشرق الشمس على طريق الحرير، وهو أفغانستان، وقتها كان الاتحاد السوفياتي وجد ضالته بالوصول إلى المياه الدافئة ومنابع النفط من بوابات كابول مستغلا خصومات الجنرالات وإخلاص الرؤساء الموالين له ممن انقلبوا على شرعية الحكم الملكي بزعامة ظاهر شاه في العام 1977 .
والحال الأفغاني القاتل، قتل الأمة في كبدها وأصابها في صميم وجودها، ولا تزال تداعياته تتصاعد فصولا بعد انتقال مجاهدي الأمس إلى مواقع الإرهاب لتأجيج الفتنة وأعمال الذبح والقتل والتدمير والانتحار بهدف نحر الأمة الإسلامية كلها تحت عباءة الدين وفقهية الجهاد الأكرم فيه، والدين الداعي لجهاد أكبر مع النفس براء من كل أيدولوجيات دهاقنة ثقافة الذبح والترويع.
يتبع غدا //
** لماذا لم تمكن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من إلقاء كلمته؟
** قائدان عربيان بعثيان مشرقيان متشاكسان التقيا ولم يتصافحا،، وآخران مغاربيان تصافحا عند بوابة الكعبة المشرفة.
** إيران رفضت استقبال وفد وزراء الخارجية
** وصحافيون تواددوا وتحابوا وتعاهدوا على الأخوة في المنام المشترك في الحوية.
** في الطائف تم تصميم مجلس التعاون الخليجي
التعليقات