إيلي الحاج من بيروت: استبق رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل قرار quot;حزب اللهquot; وبقية حلفاء سورية في لبنان النزول فعلاً إلى الشارع لإسقاط الحكومة، بمبادرة حل عرضها اليوم على رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف الحزب الشيعي. وكان الجميل استقبل في إطار تقبله التعازي بنجله المغدور الوزير بيار الجميّل، رئيس الحكومة السابق عمر كرامي، الذي تردد أنه هو صاحب المبادرة، واقترح نقلها إلى بري. ولف تكتم مضمون المبادرة التي قطع في سبيلها الجميّل استقبالاته لتقبل العزاء، لكنها وصفت بأنها quot;متكاملةquot; ، بمعنى أنها تتضمن تغييراً رئاسياً وحكومياً في آن واحد.
جهوزيّة
وكان خيار النزول الى الشارع عاد الى الواجهة بعدما خطفت جريمة اغتيال الوزير الجميل الأضواء وقطعت شريط الأحداث. ودلت مؤشرات متلاحقة الى ان الأسبوع الحالي سيشهد انطلاقة تحركات شعبية من دون تحديد الساعة الصفر حتى الآن، علما ان اوساط المعارضة تقول ان أمام الأكثرية فرصة يومين في انتظار ذكرى أسبوع الوزير الجميل قبل بدء التحرك في الشارع وغيره من أمكنة وأساليب التعبير الديمقراطي.
تتحدث معلومات في هذا الاطار عن جهوزية لدى quot;التيارالوطني الحرّquot; الذي دعا قائده النائب الجنرال ميشال عون المتحالف مع quot;حزب اللهquot; جميع كوادره وأنصاره الى الانتشار في مراكز التيار والبقاء فيه حتى خلال فترات الليل، بينما أبقى quot;حزب اللهquot; استنفار ماكينته في العاصمة والمناطق. وتشير الى ان التحرك قد يكون بالتظاهر او بالدعوة الى العصيان المدني او بخطوات أخرى ستكون quot;متدرجة ونوعية ومتنوعة ومفاجئة وسلميةquot; على حد تعبير أوساط المعارضين. ويرجح متابعون ان الاعتصام المركزي سيكون في منطقة الوسط التجاري ومحيط القصر الحكومي، وانه يجري التحضير لاقامة خيم لكون الاعتصامات قد تأخذ وقتا لا بأس به.
ويضيف هؤلاء ان ما يؤجل إنزال جمهور quot;حزب اللهquot; الى الشارع حتى الآن، هو عدم رغبة الحزب في القيام بهذه الخطوة منفردا، فيكون له طابع مذهبي منفر. في حين ليس سهلا ان يشارك الجمهور العوني في هذه الفوضى لأن الوسط المسيحي سيصاب بانقسام حاد، ولأن الجنرال عون لا يريد تكرار تجربة العام ٨٩ والصدام مع بطريرك الموارنة نصرالله صفير والأساقفة الذين يجدون في حركته وتوجهاته السياسية الخارجة عن مألوف الطائفة خطرا على الدولة وعلى المسيحيين أيضاَ. كما ان عون يحتاج الى استيعاب وهضم ما حصل في الأيام الأخيرة إثر اغتيال الجميل من تطورات وضغوط لتأمين جهوزية شعبية وسياسية، خصوصاً أن التعبئة ضده بلغت مداها، وعكست إحتقاناً قوياًُ ضده لدى فريق مسيحي يعتقد ان عون ساهم عبر سياساته في خلق مناخ سياسي لجريمة إغتيال الشيخ بيار الجميّل.
وضع هشّ
ويرى عون وكثر من أنصاره أن هناك خطط وحاول الافادة من اغتيال الجميل لتوجيه رد الفعل في اتجاه معيّن، رد فعل لجمه الى حد كبير الموقف الهادئ والعقلاني الذي اتخذه الرئيس امين الجميل ليلة الاغتيال وحال دون تطور الوضع نحو الأسوأ. والثابت أن الأجواء بين أحزاب الكتائب اللبنانية وquot;القوات اللبنانيةquot;من جهة، وquot;التيار الوطني الحرquot; من جهة باتت هشة ودقيقة. وتأكد أنها تختزن صراعا مزمنا وخلافات سياسية مستحكمة، وبدأت تخرج عن اطارها السياسي وتهدد بانتاج توترات متنقلة في الشارع والجامعات، وباتت تحتاج الى أكثر من لقاء عزاء بين الرئيس الجميل والجنرال عون، وأكثر من quot;غداء تشاورquot; في وسط بيروت بين الجنرال عون والدكتور سمير جعجع لتحديد أطرها والضوابط التي تحكم حركتها مع انتقال الأزمة السياسية في البلد الى الشارع.
وأبرز المتغيرات التي تمخضت عنها الأحداث الأخيرة عودة quot;لقاء قرنة شهوانquot; إلى عقد اجتماعاته في شكل غير رسمي وبمبادرة ذاتية وبمعزل عن غطاء البطريركية المارونية وغطائها. وهذا اللقاء الذي خسر حتى الآن اثنين من أركانه إغتيالاً ، هما النائب والصحافي جبران تويني والوزير بيار الجميل جمعته quot;المصيبةquot; وأيضا الشعور المتزايد بالحاجة المتجددة الى قوة سياسية على غرار quot;اللقاءquot; وبأن الأسباب والظروف quot;المسيحيةquot; التي دفعت في اتجاه قيام هذا اللقاء تعود تدريجيا.
أما بطريرك الموارنة القلق جدا حيال انحدار الوضع اللبناني الى منزلقات خطرة، فمستاء جدا مما آلت اليه أحوال رعيته التي عادت ١٦ عاما الى الوراء والى مشهد المواجهات في الشارع الذي لا ينقصه الا السلاح، مما يؤكد له ان أحدا لم يتعلم من الدروس والتجارب المريرة السابقة والمكلفة.
التعليقات