أكثر من مغزى وراء قصف فرنجية الكلامي
البطريرك وquot;حزب اللهquot;: من الشوق إلى البرودة

إيلي الحاج من بيروت: تشهد العلاقة بينquot; حزب اللهquot; والبطريرك الماروني نصرالله صفير تراجعا ملحوظا في الحرارة والتواصل منذ عام . برودة تعود إلى عدم استساغة الحزب الشيعي مواقف البطريرك المؤيدة دون تحفظ لقرارات مجلس الأمن الدولي في شأن لبنان، من القرار 1559 الى القرار 1680، وكذلك زياراته المتكررة للولايات المتحدة وفرنسا، فضلاً عن أن الحزب بنى علاقاته السياسية مع مسيحيي لبنان في ضوء التطورات الداخلية لبيئتهم بعد عودة قياداتهم وانكفاء الدور السياسي للبطريركية . لذا أعطى الأولوية للعلاقة الجديدة مع الجنرال ميشال عون والتي أثمرت تقارباً وصفه خصوم الحزب والجنرال بأنه quot;تحالفquot; وأصرا على أنه مجرد quot;تفاهمquot;.

وعندما قصد وفد من quot;حزب الله quot; مقر البطريركية في بكركي قبل نحو شهر كي يشرح للبطريرك صفير ملابسات التظاهرات الشعبية التي قام بها انصاره احتجاجا على تناول الأمين العام السيد حسن نصرالله في برنامج تلفزيوني ساخر على محطة quot;إل بي سيquot; ، وكان هذا أول اتصال رسمي وعلني من أشهر بين الجانبين، بادر البطريرك أعضاء الوفد بالقول: quot;اشتقنالكمquot;.

كان اللقاء وديا وايجابيا ونجح في تحقيق هدفه المباشر، أي توضيح ما حدث وحصر المضاعفات ودورquot; حزب اللهquot; في احتواء المشكلة. لكن اللقاء لم يتناوللا من قريب ولا من بعيد أمورا حساسة تناقش على طاولة المؤتمر الوطني للحوار وآخرها الاستراتيجية الدفاعية لquot;حزب اللهquot; التي لا يؤيدها بطريرك الموارنة . فهي تعني له إحتفاظ الحزب بسلاحه دون بقية الطوائف اللبنانية وعلى حساب الدولة.

وفي أول أيام زيارته للولايات المتحدة سئل في مؤتمر صحافي عن سلاح quot;حزب الله quot; ، فأجاب : quot;لا أحد يقبل بأن يبقى حزب الله مسلحا ًلأن الجميع يجب ان يكونوا متساوين أمام القانون . ومن الصعب نزع سلاحه لأن ايران وسورية تحركانهquot;.

هذا الموقف فاجأ quot;حزب اللهquot; وأثار استياءه لثلاثة أسباب: لأنه يصدر من الولايات المتحدة . لأنه يصور quot;حزب اللهquot; ميليشيا ويدعو الى نزع سلاحه. ولأنه يصوره تابعاً وأداة للمحور الايراني - السوري ومصالحه.

وأتبع البطريرك مواقفه هذه بالإعلان ليل أمس أن سورية انسحبت عسكرياً فعلاً من لبنان، ولكن بقيت فيه استخبارات مع حلفاء أو أصدقاء ( لم يتضح إذا كان قصده حلفاء لسورية أو لاستخباراتها، وربما قصد أن لا فرق).

الحزب من جهته حرص على عدم الرد مباشرة على البطريرك هذه المرة خلافاً لما فعل عندما رد على موقف أدلى به في خلال زيارته الأخيرة الى باريس، لكن اوساطا قريبة من quot;حزب اللهquot; تعتبر ان مواقف رئيس الكنيسة المارونية quot;لا تنسجم مع مناخ التهدئة الداخليةquot;، متسائلة عنquot; السبب الذي يدعوه الى التصعيد بهذه الطريقة عندما يكون في الخارج خلافا للمنحى الهادئ الذي يتسم به خطابه على العموم في لبنانquot;.

وتعتقد هذه الاوساط أن الوجه الآخر لكلام البطريرك الماروني ينطوي على رسالة ضمنية موجهة عبر quot;حزب اللهquot; الى الجنرال ميشال عون ، الذي يجمع المراقبون على أنه لم يعد في الموقع الذي كانه قبل عام، عندما دعمه البطريرك بقوة لأسباب متعددة.
ولعل ثمة أكثر من رسالة ومغزى في توجيه الوزير السابق سليمان فرنجية قصفه الكلامي المركز إبتداءً على المساعد الأقرب للبطريرك، المطران يوسف بشارة الذي يرافقه إلى أميركا، من منزل حليفه الجنرال عون . خصوصاً أن الكلام في أوساط عون على البطريرك ودوره أقل ما يُقال فيه إنه quot;ليس إيجابياًquot; ويذكر بمرحلة quot;الخلاف الكبيرquot; بين الرجلين مطلع التسعينات من القرن الماضي. أما السبب فهو عودة صفير إلى التدخل المباشر من موقع الإعتراض على السياسة التي يتبعها عون.

وفي الأساس يكفي أن البطريرك لا يريد الجنرال رئيساً للجمهورية كما لا يستسيغ بقاء الجنرال الآخر إميل لحود في قصر بعبدا على حساب دور الموارنة في لبنان وحضور لبنان في العالم.