المملكة تتطلع إلى تخليه عن التحالف مع إيران
القمة تتيح للأسد فرصة مصالحة السعودية
إيلي الحاج من بيروت: شكل الاستقبال الملكي السعودي للرئيس السوري بشار الأسد، على أرض مطار القاعدة الجوية في وسط الرياض (quot;إيلافquot;)، حدثاً بارزًا في قائمة استقبال الزعماء العرب والضيوف المشاركين في القمة العربية، والذين وصل 14 منهم إلى المملكة الثلاثاء. فهذا اللقاء على أرض المطار ختم قطيعة استمرت أشهراً عدة بين الرياض ودمشق، وكان سببها خطاب الرئيس الأسد في تموز/ يوليو الماضي الذي تعرّض فيه للقيادة السعودية بسبب موقفها من الحرب بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot;في لبنان.
وتوقع دبلوماسيون عرب في الرياض أن تشهد القمة جلسة ثنائية بين العاهل السعودي والرئيس السوري quot;تنهي حالة الخلاف الذي انعكس سلباً على فاعلية التحرك العربي وأنهى عملياً محور الرياض- القاهرة- دمشق الذي كان مؤثراً في الأحداث خلال مرحلة ماضيةquot;. ورجحوا أن تحصل الجلسة الثنائية على هامش حفل العشاء الذي يقيمه الملك السعودي على شرف ضيوفه من قادة الدول العربية المشاركة في أعمال القمة.
وفي بيروت لاحظت مصادر دبلوماسية تابعت من كثب تطور تحضيرات quot;ربع الساعة الأخيرquot; للقمة العربية أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة والتي فرضت على المملكة العربية السعودية تسلم زمام القيادة والمبادرة، دفعتها إلى تجاوز الإعتبارات الخاصة وتوجيه الدعوات تالياً إلى جميع القادة العرب، بمن فيهم العقيد الليبي معمر القذافي رغم ما بين خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز وبينه، وطبعاً الرئيس السوري الذي سبق ان أكد فور تسلمه الدعوة الرسمية ان حضوره quot;تحصيل حاصلquot;، ورأت أن من الطبيعي ان يتحين quot;فرصة القمةquot; لتطبيع علاقته مع السعودية بعد تدهور، واعادة وصل ما انقطع فيها.
وكان الأسد استبق حضوره الى السعودية بسلسلة رسائل ومقدمات ممهدة عبر قنوات مصرية او عبر أشكال مباشرة على غرار حديثه الى صحيفة quot;الجزيرةquot; السعودية الذيساق فيه المدائح للمملكة وقيادتها. وأراد الرئيس السوري الذي أتاحت له القمة فرصة اعادة فتح الأبواب السعودية في وجهه، أن يعقد لقاء مع العاهل السعودي قبل القمة، وسعى الى لقاء ثلاثي يجمعهما مع الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ، ولكن زيارة نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الى القاهرة لم تحقق هذا الهدف، وعند ذلك رغب الرئيس الاسد في عقد لقاء ثنائي في السعودية لتأمين مشاركة مريحة وفعالة له في القمة. ويبدو أن هذه الرغبة قريبة التحقيق.
العاهل السعودي مستقبلا الرئيس السوري أمس |
وتضيف أن المملكة السعودية حددتquot; قواعدquot; للانفتاح الكامل على القيادة السورية واعادة العلاقة معها الى مستوياتها السابقة، بما في ذلك إحياء المحور الثلاثي المصري- السعودي- السوري. وليس صحيحا ان الشرط والعائق أمام تحقق هذه الغاية كانا ضرورة اعتذار الأسد عن الكلام المسيء الذي أطلقه في حق الحكام العرب، تحديدا في خطابه الشهير في تموز/ يوليو. فالقيادة السعودية لم تطلب منه اعتذارا، والرئيس الأسد أظهر استعداده لإبداء الأسف اذا كان قادة عرب اعتبروا انه قصدهم بكلامه.
وتوضح ان ما تطلبه السعودية من سورية لاستعادة الثقة بها أبعد وأعمق. فهي تريد أن تبادر دمشق أولا الى تغيير سياستها انطلاقا من لبنان بتسهيل حل الأزمة وإبداء المرونة في موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، وعدم التدخل في شؤون لبنان، وعدم استخدام أطراف وقوى فيه للتصعيد تالياً، وان تبادر الى الابتعاد عن الجمهورية الإسلامية في ايران وفك علاقتها التحالفية معها بعدما فقدت سورية دورها كجسر بين إيران والعرب، وبعدما تغيّرت طبيعة الدور الايراني quot;التوسعيquot; في المنطقة إثر حرب العراق، ولم يعد ممكنا أمام سورية تالياً الجمع بين واقع ارتباطها بمحور متشدد في المنطقة تقوده ايران، وبين الرغبة في احياء محور ثلاثي عربي يجمعها مع السعودية ومصر.
ولفتت أخيراً إلى أن الدور القيادي الذي تؤديه المملكة السعودية في المنطقة منذ مدة سيتكرس في هذه القمة العربية، فالمملكة استطاعت ان تشكل المحور الذي تتقاطع عنده كل المشاريع السياسية في المنطقة، وهي تتقدم بخطى ثابتة في دورها القيادي بعدما فرضت الظروف الضغوط الاقتصادية والسكانية وقيود السلام مع اسرائيل على مصر قدرا من التراجع في زعامتها الاقليمية، وتقلص دور سورية بعد خروجها من لبنان لتصبح أسيرة الأزمة و quot;التركةquot; اللبنانية التي خلفتها وراءها، وسقط العراق في الفوضى القاتلة.
وأبرز ما يميّز الدور السعودي الصاعد هو التسليم العربي والإسلامي به، والمنحى الايجابي والفعال الذي تأكد أخيرا في وأد الصراع الفلسطيني الداخلي ولجم واحتواء الأزمة اللبنانية، والمقاربة المسؤولة للموضوع الايراني سعياً إلى خفض مستوى التوتر والأخطار في المنطقة، وتوسيع دائرة الانفتاح في العالم الاسلامي في اتجاه دول اسلامية مؤثرة مثل تركيا وباكستان، ليس لإنشاء محور سني ضد ايران، بل لتقوية سياسة الاعتدال الإسلامي ووضع استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب من جهة، وإطفاء مشاريع الفتنة السنية- الشيعية من جهة أخرى.
التعليقات