الخميس 22 مارس 2007

مـرسي عطـا اللـه


رغم أن المجتمع الدولي مازال متمسكا بصحة القرار رقمrlm;194rlm; الصادر عن الأمم المتحدة عامrlm;1949,rlm; الخاص بحق العودة والذي تتكرر الإشارة إليه ـ علي مدي يزيد علي نصف قرن ـ في جميع القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدةrlm;,rlm; إلا أن إسرائيل بدأت في ظل أوضاع القوة الجديدة التي توفرها لها الهيمنة الأمريكيةrlm;,rlm; بالدق علي وتر التشكيك في إلزامية قرار العودة والادعاء بأنه قرار غير ملزمrlm;,rlm; وأنه مجرد توصية لها طابع إنساني فقطrlm;..rlm; فضلا عن الترويج أيضا الي أن معظم اللاجئين لا يرغبون في العودة وأنهم لو جري تعويضهم تعويضا مناسبا فسيتنازلون تلقائيا عن هذا الحقrlm;!rlm;

وقد كثفت إسرائيل في الآونة الأخيرة من ضغوطها السياسية عبر الحليف الأمريكيrlm;,rlm; تحت دعوي ضرورة تعديل المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عامrlm;2003,rlm; من أجل إسقاط حق العودة والتخلي عن بند المطالبة بالعودة الي حدود الرابع من يونيوrlm;1967,rlm; من خلال قرار جديد تتبناه القمة العربية في الرياض الأسبوع المقبلrlm;.rlm;

وبداية أقولrlm;,rlm; إن ما تراهن عليه إسرائيل وأمريكا حول إمكانية استجابة القمة العربية المقبلة في الرياض رهان خاسرrlm;,rlm; لأن حق العودة هو الشيء الوحيد الذي لا تملك أية مرجعية عربية أو سلطة فلسطينية حق التنازل عنهrlm;,rlm; لأنه حق يمتلكه أناس لم يفوضوا أحدا بالتنازل عنه نيابة عنهمrlm;...rlm; ثم إن حق العودة حق أبدي وليس مجرد رخصة مؤقتة تفقد مفعولها بمرور الزمنrlm;,rlm; بمعني أن هذا نوع من الحقوق التي لا تسقط بالتقادمrlm;.rlm;

وهنا يتحتم أن نقول صراحةrlm;,rlm; إن من يشككون في صحة وجدوي تمسك الفلسطينيين بحق العودة لمن جري إخراجهم من فلسطين عامrlm;1948rlm; طبقا لقرارات الأمم المتحدةrlm;,rlm; يتجاهلون ـ عمدا ـ جملة حقائق في مقدمتها أنه عندما وقعت النكبة وجري اغتصاب فلسطين بتزاوج بين المؤامرة السياسية الممثلة في قرار التقسيم عامrlm;1947rlm; والقوة العسكرية ممثلة في نتائج حرب عامrlm;1948,rlm; لم يكن ما يملكه اليهود كأفراد ومؤسسات علي أرض فلسطين يتجاوزrlm;8%rlm; فقط من مساحتها الكليةrlm;,rlm; حيث كان ما يربو عليrlm;92%rlm; ملكا للشعب الفلسطيني وللأوقاف الإسلامية من عهد الخلافة العثمانيةrlm;.rlm;

لقد وقعت أبشع جريمة سياسية وإنسانية في التاريخrlm;,rlm; حيث تمكنت أقلية أجنبية من غزو فلسطين وطرد أهلها وإقامة الدولة العبرية علي أشلاءrlm;531rlm; مدينة وقرية بعد طرد أهلها الذين كانوا يشكلون نسبةrlm;85%rlm; من سكان فلسطين في ذلك الوقتrlm;.rlm;

وهذا الذي أقوله يعترف به الإسرائيليون أنفسهمrlm;,rlm; وهناك عشرات الكتب الإسرائيلية يعترفون فيها بكل التبجح كيف هدموا البيوت العربيةrlm;,rlm; وكيف حصدوا المحاصيل وحرقوهاrlm;,rlm; وكيف قطعوا أشجار الزيتون ودمروا بساتين البرتقالrlm;,rlm; وكيف جرت عملية إحلال وإسكان المهاجرين اليهود في منازل الفلسطينيينrlm;,rlm; وكيف تمت عمليات توزيع الأراضي واقتسام الغنائم من خلال صراعات ومشاجرات بين المنظمات اليهودية حول من يأخذ الأفضل ؟rlm;!rlm;

وبصرف النظر عن بشاعة التفاصيلrlm;,rlm; فإن ما نشره الإسرائيليون في كتبهم يكشف عن صلف القوة الذي يشعر به الإسرائيليون والذي يبرر لهم أن يفعلوا ما يريدونrlm;,rlm; والذي شمل كل أشكال الإيذاء ضد الفلسطينيينrlm;,rlm; من مذابح وطرد وترويعrlm;,rlm; يمثل في مجمله جريمة متكاملة للتطهير العرقيrlm;.rlm;

وبرغم كل محاولات التبرير التي يسوقها بعض المؤرخين الإسرائيليين للتخفيف من وطأة الجرائم التي ارتكبها اليهود خلال عملية اغتصاب فلسطينrlm;,rlm; فإنه يكشف عن ذعر كامن في داخلهم وداخل كل إسرائيلي من مجرد الإشارة الي حق العودةrlm;.rlm;
rlm;
***rlm;
ويخطيء من يظن أن الذعر الإسرائيلي من حق العودة يتعلق فقط بما يمكن أن يترتب علي استعادة اللاجئين الفلسطينيين لمنازلهم وممتلكاتهم المغتصبةrlm;,rlm; ولكن مبعث الذعر هو أن حق العودة يمثل ضربة في الصميم للفكر الصهيوني الذي قامت إسرائيل علي أساسهrlm;.rlm;

لقد كان الترحيل والتوطين خارج فلسطين أحد أهم أعمدة الفكر الصهيوني التي روج لها تيودور هرتزل منذ أكثر من مائة عامrlm;,rlm; عندما كتب فيrlm;12rlm; يونيو عامrlm;1895rlm; قائلاrlm;:rlm; سنحاول طرد المعدمين خارج الحدود بتدبير عمل لهم هناكrlm;,rlm; وفي نفس الوقت سنمنعهم من العمل في بلدناrlm;..rlm; وعلي ذات الدرب الذي سار عليه هرتزل كتب الصهيوني المتعصب إسرائيل زائجويل في ابريل عامrlm;1905rlm; يقولrlm;:rlm; يجب أن نستعد لطرد هذه القبائل العربية بالسيف مثلما فعل أجدادناrlm;.rlm;

وربما يكون ضروريا ومفيدا أن نتذكر أنه عندما بدأت موجات الهجرة الصهيونية الأولي من روسيا للبدء في إنشاء المستعمرات الصهيونية الكيوبتزاتrlm;,rlm; كانت هناك مجموعة من الثوابت التي تحكم عمل هؤلاء المهاجرين اليهود وهيrlm;:rlm;

إن الأرض التي يحصلون عليها في فلسطين ـ طوعا أو كرها ـ لا تعود ملكيتها للعرب بأية حال وتبقي ملكا للشعب اليهودي في كل مكانrlm;.rlm;
الالتزام بمنع العمال العرب من العمل علي هذه الأراضي المستولي عليهاrlm;.rlm;
وقف كل أشكال التعامل والتعاون الاقتصادي مع العرب في فلسطينrlm;.rlm;

ومن الضروري أيضا أن نتذكر أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأوليrlm;,rlm; تقدم الزعيم الصهيوني وايزمان باقتراح الي مؤتمر السلام طالبا تحويل فلسطين الي دولة يهوديةrlm;,rlm; وتضمن اقتراحه نصا مباشرا يدعو الي طرد العرب من فلسطين بالقوة و إسكانهم علي ضفاف دجلة والفرات الخصبةrlm;.rlm;

وخلال سنوات الانتداب البريطاني علي فلسطين منذ انتهاء الحرب العالمية الأوليrlm;,rlm; كان صوت العجوز الصهيوني جابوتنسكي هو المعبر الحقيقي عن الأفكار الصهيونية الخاصة بترحيل الفلسطينيينrlm;,rlm; وكانت له مقولة وقحة ومشهورة في نوفمبر عامrlm;1939:rlm; ليس هناك خيارrlm;..rlm; يجب أن يخلي العرب المكان لليهود في أرض إسرائيلrlm;..rlm; شكرا لله فنحن اليهود لا ننتمي الي الشرقrlm;,rlm; لذلك يجب أن نكنس الروح الإسلامية من أرض إسرائيلrlm;.rlm;

ومن وحي هذه الأفكار الشريرة لجابوتنسكي ولدت عصابة أرجون زفاي لومي بزعامة مناحم بيجينrlm;,rlm; وعصابة شتيرن بزعامة اسحاق شاميرrlm;,rlm; وكان الملهم الروحي للعصابتين هو يوسف وايتز صديق بن جوريون والمعروف في الوسط اليهودي بلقب نهاب الأراضيrlm;,rlm; عندما تزعم أول لجنة لتنفيذ عمليات الترانسفير في حقبة الأربعينيات تحت لافتة نريد فلسطين بدون عربrlm;.rlm;

وبرغم أن ما يقرب من مائة ألف فلسطيني استطاعوا البقاء ومقاومة خطط الطرد والترحيل خلال الفترة ما بين عاميrlm;1948rlm; وrlm;1966,rlm; فإن إسرائيل لم تفقد الأمل في دفعهم للنزوح بشتي الوسائلrlm;,rlm; خصوصا بعد أن وضعتهم تحت الحكم العسكريrlm;,rlm; وصادرت أغلب ممتلكاتهمrlm;,rlm; ولكن الوضع تغير بعد حرب يونيوrlm;1967,rlm; حيث ازدادت مشكلة اللاجئين تفاقما بعد أن زاد عددهم نتيجة النزوح الثاني من الضفة الغربية وغزة التي سقطت في قبضة إسرائيلrlm;.rlm;
rlm;
***rlm;
وإذن ماذا؟
إن من المؤسف له أن تكون هناك أصوات في العالم المتحضر في أمريكا وأوروبا مازالت حتي اليوم مستعدة لمسايرة إسرائيل في ادعاءاتها الكاذبةrlm;,rlm; بأن هؤلاء اللاجئين مشكلة عربيةrlm;,rlm; لأن العرب ـ علي حد زعمهم ـ هم الذين أعلنوا الحرب علي إسرائيلrlm;,rlm; وأن هؤلاء اللاجئين خرجوا بإرادتهم تنفيذا لأوامر عربيةrlm;,rlm; ومن ثم فإن مسئولية ايوائهم وتوطينهم تقع علي عاتق الدول العربية التي سيلتئم شملها في قمة عربية قبل نهاية الشهر الحاليrlm;.rlm;

وربما يكون مفيدا لإنعاش الذاكرةrlm;,rlm; أن نقول إنه بعد أن وقعت النكبة عامrlm;1948rlm; بدأت المحاولات الصهيونية بدعم من القوي المؤيدة لإسرائيل في أمريكا وأوروبا بالسعي لإضفاء العقلانية علي جريمة تهجير الفلسطينيين وطردهم من أرضهمrlm;,rlm; بدعوي أن ذلك بات أمرا واقعا يجب التسليم به والتفكير في وضع الحلول الإنسانية لهrlm;..rlm; وفي إطار هذا المخطط الخبيث صدرت عن المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية عامrlm;1949rlm; دراسة مريبة تقترح توطين اللاجئين في سوريا والعراق وشرق الأردن وتستثني لبنانrlm;,rlm; بدعوي أنه مكتظ بالسكان وتركيبته معقدةrlm;.rlm;

وعلي مدي ما يقرب منrlm;20rlm; عاما منذ قرار التقسيمrlm;,rlm; وحتي نكسة يونيوrlm;1967rlm; صدر العديد من الدراسات الأمريكية والبريطانية المماثلةrlm;,rlm; بهدف الترويج لتصفية قضية اللاجئين وإلغاء حق العودة من خلال مشروعات للتوطين في الدول العربيةrlm;,rlm; كان أبرزها مشروع جونسون لتوزيع المياه العربية الذي جري طرحه عامrlm;1954,rlm; وظل الإلحاح مستمرا بشأنه حتي عامrlm;1967rlm; باسم إمكان تسوية القضية من خلال تخصيص جزء من مياه نهر اليرموك والأردن لتوطين الفلسطينيين في الضفة الشرقية للأردنrlm;..rlm; ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن حق العودة ظل في الضمير العربي والضمير الفلسطيني والضمير الإنساني هو عنوان الحل الجذري للمشكلة الفلسطينيةrlm;.rlm;

وظني أن ما عجزت عنه إسرائيل بمساعدة القوي الكبري علي مدي يزيد عن نصف قرن يصعب الحديث عن احتمال ادراجه كبند للمناقشة في القمة العربيةrlm;.rlm;

بل إنني أقول إنه يتحتم أن يذهب الملوك والرؤساء العرب الي الرياض وهم مجمعون علي أن حق العودة هو البند المحظور في القمة العربيةrlm;.rlm;

واذا كانت المشكلة الفلسطينية قد نشأت بوعد بلفور وزير خارجية بريطانيا عامrlm;1917rlm; لليهود لإقامة دولة يهودية علي أرض فلسطين مجسدا صحة المقولةrlm;:rlm; لقد أعطي من لا يملك وعدا لمن لا يستحقrlm;,rlm; فإن من غير المعقول أن يسجل التاريخ علينا إن من يدافعون عن الحق قد فرطوا فيه دون موافقة أصحاب الحقrlm;!rlm;