إيلي الحاج من بيروت : لم يخلُ من دلالات بالغة اللقاء الذي جمع اليوم الخميس الرئيسان الفرنسيان الحالي واللاحق جاك شيراك ونيكولا ساركوزي مع رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النيابية سعد الحريري في قصر الإليزيه في باريس، فهذا القاء هو الأول الذي يعقده ساركوزي بعد انتخابه رئيساً قبل خمسة أيام مع شخصية غير فرنسية وتبحث فيه قضية خارجية، هي القضية اللبنانية quot;الغالية على قلب شيراكquot; إلى درجة حرص على تداولها مع خلفه في حضور نجل صديقه الراحل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري. مما يؤكد وفق سياسيين مراقبين في بيروت أن المراهنين على تغير في سياسة فرنسا حيال لبنان بعد مغادرة شيراك لقصر الرئاسة سوف يخيب أملهم.

وقال النائب الحريري للصحافيين ( أ ف ب) ان اللقاء الذي استمر 45 دقيقة وحضر ساركوزي منه نصف ساعة تضمن quot;مناقشة صريحة حول لبنان، وحول استمرارية السياسة الفرنسية في لبنانquot;.

وقال ان quot;الرئيس المنتخب ساركوزي اكد ضرورة تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري وجميع الشخصيات الاخرى التي اغتيلت في لبنان، واكد ضرورة مواصلة العلاقات بين لبنان وفرنسا كما كانت في الماضي في عهد الرئيس شيراكquot;. الا ان شيراك الذي شارك بفاعلية في الاجراءات اللازمة لاقامة المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة صديقه لن يتمكن من تحقيق رغبته هذه قبل انتهاء ولايته في 16 من الشهر الجاري.

وخلال اللقاء، ذكر شيراك quot;بالتزام فرنسا حيال سيادة لبنان التامة، وذكر بضرورة تطبيق واحترام مجمل قرارات مجلس الامن الدولي لاحقاق العدالة وضمان استقرار لبنان وخصوصا عبر انشاء المحكمة ذات الطابع الدوليquot;، حسب ما قالت الرئاسة الفرنسية. وقال بيان الاليزيه ان شيراك حرص على انضمام ساركوزي الى اجتماعه بسعد الحريري تشديدا منه على اهمية العلاقات بين فرنسا ولبنان.

واوضحت الرئاسة الفرنسية ان شيراك سيقيم مع زوجته برناديت لدى مغادرته قصر الاليزيه في شقة يملكها آل الحريري، لكنها حرصت على ايضاح ان الاقامة في هذه الشقة quot;ستكون موقتة جداquot;.

وفور تسلمه الرئاسة سيجد ساركوزي نفسه امام الوضع المعقد نفسه المتعلق بالملف اللبناني، فرغم توقيع معاهدة بين حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والامم المتحدة حول انشاء المحكمة الخاصة الحريري، فإن رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي اميل لحود ونبيه بري، يرفضان بالتحالف مع quot;حزب اللهquot;، المضي قدما في اقرارها قانونيا داخل المؤسسات اللبنانية، مما سيعيدها الى مجلس الأمن، حيث أعد المندوب الفرنسي جان مارك دولاسابليير ورقة عمل لطرحها على مندوبي الدول اأعضاء ووافق عليها المندوب الأميركي لدى المجلس زلماي خليل زاد المتحمس جداً لإقرار المحكمة تحت الفصل السابع.

وكان متوقعاً إقرار المحكمة في مجلس الأمن قبل إنتهاء ولاية شيراك، لكن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس طلبت إرجاء هذه العملية إلى آخر شهر أيار/ مايو الجاري.

وكانت تقارير لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال الحريري اشارت باصابع الاتهام الى تورط مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانيين في هذه الجريمة . لكن النظام السوري ينفي تورطه فيها ويواظب على التحذير من استخدام هذه المحكمة لتحقيق أهداف سياسية.

وكرر الرئيس السوري بشار الاسد الخميس موقف سوريا من هذه المحكمة عندما قال امام مجلس الشعب ان quot;اي تعاون مطلوب من سوريا في حال تطلب تنازلا عن السيادة الوطنية و امر مرفوض بالنسبة لنا جملة وتفصيلاquot;.

وكان سعد الحريري وجه برقية تهنئة الى ساركوزي مساء الأحد معربا عن ثقته بان quot;العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا ستتواصل على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافيةquot; خلال رئاسته.

الحريري مع الصحافيين

وفي ما يأتي حوار النائب الحريري مع الصحافيين في الإيليزيه:

* كيف كان اللقاء مع الرئيسين وخصوصا مع الرئيس المنتخب؟
- التقيت مع الرئيس شيراك والرئيس المنتخب ساركوزي وكان النقاش إيجابيا جدا خصوصا أنه كان هناك تطابق في وجهات النظر بالنسبة الى لبنان في شأن المحكمة الدولية والعلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا، وكيف يمكن لفرنسا أن تواصل العلاقات كما أرساها الرئيس شيراك.

* هل أكد ساركوزي استمرار السياسة الفرنسية على الزخم نفسه في ما يخص الملفات الساخنة وخصوصا المحكمة الدولية؟
- أولى الرئيس المنتخب ساركوزي اهتماما كبيرا للملف اللبناني وقد سبق له أن صرح مرات عدة حول هذا الموضوع. وكان الاجتماع اليوم إيجابيا جدا وجرى في جو من الارتياح، وتخلله كلام صريح وواضح بالنسبة الى الملف اللبناني والعلاقات اللبنانية - الفرنسية وتطبيق القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 والمحكمة الدولية ودعم فرنسا لإنشاء هذه المحكمة لمعاقبة قتلة رفيق الحريري وسائر من اغتيلوا في لبنان.

* ما كانت فحوى محادثاتكم وكيف قرأتم وجود السيد نيكولا ساركوزي في الاجتماع وهو لم يتسلم الرئاسة الفرنسية بعد؟
- جرى خلال الاجتماع مع الرئيس شيراك والرئيس المنتخب ساركوزي نقاش صريح بشأن لبنان وعلاقاته مع فرنسا واستمرارية السياسة الفرنسية تجاه لبنان. لقد أكد الرئيس المنتخب نيكولا ساركوزي على ضرورة تشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر من اغتيل في لبنان، وأكد ضرورة استمرار العلاقات بين لبنان وفرنسا على ما كانت عليه خلال ولاية الرئيس شيراك. كان اللقاء فعلا إيجابيا جدا وعلاقات فرنسا ولبنان تاريخية، وأعتقد أن الرئيس المنتخب ساركوزي سيواصلها بالطريقة نفسها.

* لم تجيبوا على قراءتكم لوجود الرئيس ساركوزي في الاجتماع؟
- أنا ممتن جدا وشاكر جدا للفرصة التي أتاحها للقائه في الإيليزيه، وأعتقد أن علاقات لبنان وفرنسا ستستمر وتبقى ممتازة في المستقبل.

*هل سيزور الرئيس ساركوزي لبنان؟ وهل قال لكم الرئيس شيراك أن المحكمة الدولية ستشكل تحت الفصل السابع قبل 16 أيار في الأمم المتحدة؟
- أعتقد أن آلية تشكيل المحكمة قد انطلقت. لقد حاولنا نحن في لبنان بالوسائل كافة ومارسنا كل الضغوط لإقرارها لبنانيا في البرلمان. وقد وصلنا إلى موقف بات جمع البرلمان اللبناني فيه غير ممكن، وبات على الأمم المتحدة الآن أن تتخذ قرار تشكيل المحكمة تحت الفصل السابع. وأنا سعد الحريري أؤيد تشكيل المحكمة تحت الفصل السابع، والآلية لتشكيل هذه المحكمة قد بدأت مع فرنسا والولايات المتحدة والدول العربية ودول أخرى أيضا، وأعتقد أننا سنتوصل إلى ذلك في أسرع وقت ممكن.

* وماذا عن زيارة الرئيس ساركوزي للبنان؟
-أعتقد أن قرار زيارة الرئيس المنتخب للبنان مرهون بالتوقيت وبالوضع في لبنان.

* هل وجدت عند الرئيس ساركوزي الالتزام نفسه الموجود لدى الرئيس شيراك تجاه لبنان والعالم العربي؟
- وجدت أن الرئيس المنتخب ساركوزي مهتم فعلا وبشكل كبير بالشأن اللبناني والشأن العربي. ووجدت فعلا أنه يأمل بعلاقات مميزة مع لبنان والدول العربية. وننظر إلى ذلك بشكل إيجابي جدا ونأمل في لقاءات قريبة مع الرئيس ساركوزي، ان شاء الله.