الاخطر اقتصاديًا سقوط سعر الليرة وسياسيًا الانقسام
قراءة سياسية واقتصادية لمخاطر قيام حكومتين في لبنان
ريما زهار من بيروت:مع التلميح بقيام حكومتين لبنانيتين في حال عدم التوافق على حكومة وحدة وطنية، تبدو الامور في لبنان متجهة الى الأسوأ خصوصًا اذا ما قرأنا المخاطر السياسية والاقتصادية التي قد تنتج عن قيامهما، هذه المخاطر تعطي صورة قاتمة عن الوضع السياسي والاقتصادي الذي سيؤول اليه لبنان، خصوصًا وان المؤسسات المالية والمصرفية والسياسية ستضطر الى التعامل مع حكومتين، وهذه التجربة التي كانت الاسوأ على لبنان في العام 1989 عند قيام حكومتي الرئيس سليم الحص من جهة والعماد ميشال عون من جهة اخرى، هل تتكرر مجددًا في لبنان، وهل نحن بذلك امام فرط للادراة وربما لمفهوم الدولة اللبنانية الموحدة؟
يقول النائب السابق تمام سلام لquot;إيلافquot; انه في حال قيام حكومتين في لبنان ستكون الصورة السياسية على حال الوضع السياسي منقسمة وتنعكس سلبًا على كل البلد وهو امر مزعج جدًا.
اما بالنسبة للمؤسسات السياسية ومع اي حكومة ستتعامل يقول سلام ان المجلس النيابي حاليًا غائب ومشلول، اما الواقع الدستوري كما يفرض نفسه، فان الحكومة الحالية حائزة على كل مستلزمات الحكومات ومن جهة اخرى وايضًا بموجب دستور الطائف ليس هناك صلاحية عند رئيس الجمهورية، لا الى اقالة وتشكيل حكومات، كما كان سابقًا، فان اي محاولة لتشكيل حكومة اخرى ستكون بدعة.
اما هل الاجواء السياسية اليوم مشابهة للعام 1989 مع قيام حكومتين حينها، يقول سلام، ان الاجواء العامة مشابهة ولكن الحيثيات الدستورية غير متشابهة بتاتًا، ففي العام 1989 كنا بدستور ما قبل الطائف الذي يخوّل رئيس الجمهورية التصرف في هذا الموضوع بحرية وبصلاحيات اكبر مما هي متوافرة اليوم، وفي حال قيام حكومتين في لبنان سيكون الجو قاتمًا اكثر مما هو اليوم.
اما هل يرى من امل في حل آخر يلغي قيام حكومتين في لبنان يجيب سلام:quot;انا من الذين طالبوا وما زالوا يطالبون بحكومة وفاق وطني تضم الافرقاء السياسيين كلهم، ودون ذلك توافق حول امور عامة جرى البحث فيها بالتفصيل وتوصل الفرقاء السياسيين فيها الى رؤى واضحة وواعدة في جلسات الحوار الاولى التي عقدت منذ سنة، ثم في جلسات التشاور الى حد بعيد، فاذا انطلقوا منها لن يكون هناك صعوبة في تشكيل حكومة وفاق وطني او اتحاد وطني.
قراءة اقتصادية
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لquot;إيلافquot; ان اقسى ما يمكن ان يحصل في لبنان هو قيام حكومتين فيه، لان الوضع الاقتصادي العام المتردي سيواجه حينها ضربة قاسية، وسنخاف حينها على الليرة اللبنانية، لان ما يثبت الليرة اللبنانية اليوم هي تحويلات اللبنانيين وغيرهم من الخارج الى لبنان، والتي تقدر 5,6 مليار دولار سنويًا، وفي حال وجود حكومتين سيكون هناك شلل بالمؤسسات وتقسيم بالصلاحيات، وهذه الاموال لن تصل الى لبنان، وبالتالي الاحتياطي النقدي الذي يدخل الى البلد، والذي يشكل اساسًا في تمويل مصرف لبنان، سيخف، ومن هنا امكانية مصرف لبنان بالدفاع عن سعر صرف الليرة اللبنانية ستضعف، وبالتالي سنلاحظ خطرًا على سعر صرف الليرة، وستخف قيمتها، وهذه مشكلة كبيرة، خصوصًا وان المعاشات للجيش وقوى الامن والموظفين في الدولة لا تزال تعتمد على الليرة اللبنانية، وبالتالي هذه مقدمة لثورة واعتراض شعبيين، وهو بمثابة لعب بالنار، وضرب البلد واقتصاده ونقده، وفي الثمانينات، عندما ضربت قيمة الليرة اللبنانية، تعبنا كثيرًا لتثبيتها في التسعينات، وكلفنا الامر مليارات الدولارات، وفقر وبطالة، وتضخم رهيب، وصل الى 150% بالسنة الواحدة، وهذه تجربة يجب تجنبها، مهما كانت النتائج السياسية، وكل الامور افضل من انقسام البلد.
المؤسسات الاقتصادية
ولدى سؤاله بالنسبة للمؤسسات المالية والمصرفية مع اي حكومة ستتعامل؟ يجيب حبيقة:quot; ستنقسم بين الاثنتين، لان الموضوع في لبنان اليوم هو تخريب الدستور، وما يجري اليوم لا يمت ابدًا بصلة الى الدستور، والفريقان يخربان الدستور ويهشمانه وبالتالي لا يمكن القول غدًا ان هناك امورًا دستورية واخرى لا، فمثلًا هناك مادة من مواد الدستور تقول ان الحكومة عندما لا تقدم الموازنة لمجلس النواب قبل آخر العام لا تكون حكومة دستورية، لان الموازنة اساس وجود الحكومة، واليوم وبعد ثلاثة سنوات لا ميزانية في لبنان.
والاخطر انها تصبح سوابق في القانون في المستقبل، ومع انقسام الحكومتين ستضيع المؤسسات اكثر، ويصبح لدينا وزيرين ما يخرب البلد، ورئيس اي مؤسسة مالية سيضطر للتعاطي مع الوزيرين، وفي العام 1989 مع المراسيم الجوالة مع حكومة الرئيس سليم الحص والعماد ميشال عون، كانت الاوضاع الاقتصادية متردية ومعظمنا ترك لبنان، ولكن اليوم سيكون الخراب اكبر، لان وضعنا العام اسوأ وتحدياتنا الاقليمية اسوأ والاغتيالات والتفجيرات...، البلد اليوم تعب، وبالتالي ضربة جديدة من هذا النوع تهلك لبنان اكثر.
هل هناك خطر مع قيام الحكومتين من فرط الادارة في لبنان؟ يؤكد حبيقة ذلك، لان الموظف في الادارة سيكون لديه وزير اتصالات هنا وهناك، وبالتالي تصبح الامور فارطة، ويتبع الموظف تعليمات من الجهتين ولا يعد يعرف كيف يشتغل، وهنا مشكلة اساسية ان الادارة quot;ستفرطquot; في الاداء، وهي مشكلة كبيرة، وسيضطرون في حال قيام حكومتين، ان ينسق الوزيران مع بعضهما رغم الصعوبات، كي لا تتعدد التعليمات.
التعليقات