بعد التفجيرات الأخيرة... اللبناني يغيّر نمط حياته
لا سهر ليلاً في لبنان والمواطن يساعد في الأمن


ريما زهار من بيروت: بعد الأحداث الأمنية في نهر البارد وكذلك في مخيم عين الحلوة، إضافة إلى التفجيرات المنتقلة في بيروت وضواحيها والحديث عن تفجيرات تزرع هنا وهناك على طول المناطق اللبنانية، بات المواطن اللبناني اليوم لا يخرج من منزله إلا لقضاء الأمور الضرورية، وأصبحت بيروت كما سائر المناطق كثكنة عسكرية كبيرة، تتنقل فيها الحواجز العسكرية خصوصًا في الليل، كما يساهم بعض المواطنين في تأمين الحماية الشخصية، مستعينين ايضًا بالشركات التي تؤمن الحماية الخاصة. وبات كل فرد يتفحص منطقته وقد يسهر بعض الأفراد طويلاً على أمن مناطقهم، لأن الرعب زُرع في النفوس، خصوصًا وإن توقيت التفجيرات بدأ تصاعديًا بمعنى أن الانفجار الاول زرع في الساعة 11 والنصف، أما الثاني فكان في العاشرة والنصف، والثالث في التاسعة والربع، والأخير قرابة الساعة الثامنة والنصف. ممّا يعني أن وتيرة الإنفجارات أصبحت متدنية، ويحكى بين معظم اللبنانيين بأن الإنفجار الخامس سيكون في الساعة الـ 7 والنصف وقد يؤدي هذه المرة إلى خسائر أكبر.
وبعدما نشرت في الرسائل الالكترونية التي يتبادلها المواطنون اماكن محددة يجب تحاشيها لأنها معرضة للتفجيرات، باتت بيروت في الليل شبه مقفرة، لا يسهر فيها إلا من كان يتمتع بقلب كبير ويريد تحدي هذه الموجة الإرهابية التي تضرب المنطقة.

في المناطق

واذا تسنى لك زيارة بعض المناطق في بيروت والجوار، تلاحظ أنه بات من شبه المستحيل أن تركن سيارتك في الأماكن التي كنت تقصدها سابقًا، وباتت الأشرطة الصفراء تزنر محيط المحلات، واذا قصدت هذه الاماكن ليلاً فحتمًا ستشاهد دوريات مترجلة للجيش اللبناني بقصد حماية الأمن أو الحماية من أي تفجير قد يستهدف المناطق.
وفضلاً عن حماية الجيش اللبناني، تبرع أعضاء من بلديات المناطق بالسهر ليلاً لحماية الأمن، واقيمت قرب المجمعات التجارية الكبيرة حماية اضافية خصوصًا بعد تعرض مجمع الـ ABCفي الاشرفية ومحيطه للتفجير الأول، وتشمل الحماية تفتيش أكبر للزبائن الذين يرضون بالأمر من دون تأفف، كذلك المرائب الخارجية قرب المحلات باتت ايضًا معززة امنيًا مع فحص دقيق لكل سيارة من خلال كاشف التفجيرات.

أمن ذاتي وتلقائي

وإضافة إلى الجيش الذي يسهر على أمن المواطنين، بات طبيعيًا اليوم أن تجد المواطن كذلك يسهر على أمنه، تمامًا كما كان يحصل أيام الحرب اللبنانية الماضية، ولا يخلو حي سكني في بيروت من شباب يؤمنون حفاظ الأمن ليلاً، وكما يقال إن مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن هذه التدابير الأمنية أنعشت سوق شركات الحماية الخاصة، التي تتاجر بعدة التفتيش من آلات كشف للسيارات وأجهزة ليزر، وكاميرات مراقبة، وأبواب إلكترونية وأدوات أخرى تؤمن الحماية.
وفي هذا الصدد، لوحظ زيادة الطلب على حراس مخصّصين لتأمين الحماية للأبنية والمجمعات السكنية المعرضة، ممّا دفع هذه الشركات إلى طلب المزيد من الكادر البشري للقيام بالمهمات المنوطة بها

الأسواق خجولة

إقبال على حقائب السفر
مقابل هذا المشهد الأمني ليلاً، هناك مشهد آخر في الصباح حيث باتت الأسواق التجارية مقفهرة إلا من بعض الزبائن الذين أتوا للتبضع الضروري من مأكل ومشرب، فضلاً عن الحديث في لبنان عن نية بعض اصحاب المطاعم والمقاهي بتسريح عدد من موظفيهم، لأنها بدورها تكون خالية في المساء بسبب الأوضاع الأمنية، ونذكر مثلاً في الأشرفية ومونو والجميزة التي كانت سابقًا تعج بالزبائن، وبعد الحديث عن تهديدات للأماكن السياحة، تراها اليوم وقد خلت من أيام السهر الماضية، وبات يستعاض عن السهرات في المقاهي بالسهر داخل المنازل عند الأصحاب والأقارب، أو ربما أمام شاشات الكمبيوتر للتواصل مع العالم الخارجي الذي بات للكثيرين وكأنه الملاذ للخروج من وضع بات من المستحيل التأقلم معه. لذلك فإن الشباب اللبناني اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يفتش عن بلد ما ينتقل إليه قد يكون أكثر أمنًا من لبنان، لذلك كثرت الطوابير حول سفارات البلدان الأجنبية وحتى العربية للحصول على فيزا تدخل بعضًا من الأمان في حياة الشاب اللبناني ومستقبله.

*تصوير ريما زهار