مؤتمر الحزب الحاكم في مصر ينطلق وسط صراعات مكتومة
تصعيد جديد لجمال مبارك وفريقه لحصد مزيد من الصلاحيات
جمال ووالده وعزمي |
نبيل شرف الدين من القاهرة: وسط أجواء احتفالية صاخبة في شتى وسائل الإعلام الحكومية المصرية، بدأت أعمال المؤتمر العام للحزب الوطني ( الحاكم ) في مصر، وسط انتقادات حادة من قبل أحزاب وقوى المعارضة بأنه يختزل الحياة السياسية في كيانه، ويحول دون إمكانية التداول السلمي على السلطة، وهي الانتقادات التي رد عليها صفوت الشريف أمين عام الحزب بقوله quot; إنه حزب كل المصريين يؤمن بالديمقراطية، من منطلق قناعة مفادها أنه لن يقوم نظام ديمقراطي من دون تعددية حقيقية وأحزاب قويةquot;، على حد تعبيره .
وعلى الرغم من النفي المتكرر لقادة الحزب الحاكم في مصر بإمكانية إجراء تغيرات في هيكله التنظيمي وقادته، غير أن مراقبين يتوقعون أن يشهد هذا المؤتمر مفاجآت من الوزن الثقيل، تتمثل في تغييرات بقيادات الحزب الذي يحكم البلاد منذ قيام التعددية الحزبية في مصر، خاصة في ظل خلافات خرجت إلى العلن أخيرًا بين من اصطلح على تسميتهم بـ quot; الحرس القديم، والجيل الجديد quot;، الأمر الذي ألقى بظلاله على أداء الحزب وانعكس في انتقادات حادة توجهها الصحف المصرية المستقلة والمعارضة يوميًا له .
وهذه الاتهامات رد عليها رجل الأعمال quot;أحمد عزquot; الأمين العام المساعد للحزب وأمين التنظيم بقوله quot;إن الحزب الوطني حزب الشعب لا حزب السلطة أو حزب الحكومة يعتمد على قدرات وإمكانات أعضائه يستمر في تأكيد مبادئ احترام الفرد والمساواة بين الجميعquot;، وأضاف في كلمته الافتتاحية للمؤتمر قائلاً إن عضوية الحزب تسير في منحنى صاعد خاصة في العامين الأخيرين وله 333 نائبًا بمجلس الشعب، و244 نائبًا في مجلس الشورى و51 ألف عضو في المجالس الشعبية المحلية على مستوى الجمهورية من أصل 51 ألفًا و577 عضوًاquot;، حسب قوله .
صخب إعلامي
إفتتاح المؤتمر |
واستنفرت كافة وسائل الإعلام الحكومية طاقاتها لتغطية مؤتمر الحزب الوطني الحاكم، حيث تبارت في ما بينها في نقل وقائعه، كما ألحت على تكرار إذاعة أغنيات لمطربين معروفين أعدت خصيصًا من أجل الحزب، الذي يحكم البلاد منذ تأسيسه عام 1978، ويهيمن على الحياة السياسية في مصر .
وأجرت الصحف الحكومية ومحطات التلفزة التابعة للدولة عشرات المقابلات مع قادة الحزب ومنظريه، كما أجرت لقاءات مع مواطنين للحديث عن رؤيتهم لمؤتمر الحزب الحاكم وما يتوقعونه من الحزب خلال المرحلة المقبلة، وبدا واضحًا في التغطية الاعلامية لمؤتمر الحزب الوطني كثافة التغطية ذات الطابع الدعائي، ومن قبيل ذلك الحديث عن ان مستقبل مصر يرتبط بمستقبل الحزب الحاكم وهو نظريًا واحد من ستة عشر حزبًا، وقامت قنوات التلفزيون الحكومية باستضافة العشرات من المواطنين للحديث عن رؤيتهم لمؤتمر الحزب الحاكم، وبدا واضحًا من أحاديثهم أن معلوماتهم شديدة القصور، وانهم يخلطون بين اشياء لا خلط بينها مثل القول ان الحزب الوطني ادخل مبدأ مجانية التعليم في مصر، في حين ان الحزب الوطني (الحاكم) لم يتأسس إلا في اواخر السبعينات، وتحديداً عام 1978 إبان عهد الرئيس الراحل أنور السادات .
كما أشارت طبيعة التغطية الاعلامية المتبعة إلى أن هناك رغبة متعمد في الخلط بين مصر كمجتمع ودولة ووطن وبين الحزب كتشكيل سياسي، وبدا ذلك في الإشارات الإعلانية المتكررة والإلحاح عليها عن مؤتمر الحزب (الحاكم) في شتى محطات التلفزيون الحكومية، وبدت هذه التغطية تليق بمجتمع شمولي وليس ديمقراطيًا، إذ تفرض التغطية الإعلامية الديمقراطية إدارة حوار جاد بين ممثلي الحكومة والمعارضة عن إنجازات حزب الاغلبية وخطته المطروحة للتطوير، وطرح رؤية نقدية ـ تتجاوز الصيغ الدعائية ـ لما قام به الحزب على كافة الأصعدة والمحاور .
في الجانب الآخر من المشهد، فإن ثمة ترتيبات سياسية تسعى إليها أحزاب المعارضة الكبرى quot;الوفد ـ الناصري ـ التجمعquot;، في الدعوة لإصلاح سياسي ودستوري في البلاد، بحيث يتغير بموجبه نظام الحكم في مصر من رئاسي يحتكر فيه الرئيس صلاحية صناعة القرار، إلى نظام نيابي (برلماني) يتيح تداول السلطة بين القوى والأحزاب السياسية المختلفة، لكن يسود اعتقاد راسخ لدى قطاع كبير من المراقبين بأن هذه الأحزاب أضعف من أن تبشر أو تصدر خطابها خارج مقارها، أو حتى تمرره بين قادتها المتطاحنين دوماً.
تصعيد جمال
صفوت الشريف متحدثا |
وجدد المؤتمر العام للحزب الحاكم في مصر الحديث عن خلافة الرئيس مبارك، وسط توقعات بتصعيد جديد لنجل الرئيس المصري جمال مبارك الذي يرأس أمانة السياسات في الحزب، وهي الكيان الأكثر تأثيراً في رسم سياساته، وتضم نخبة من المقربين لمبارك الابن الذي يسود اعتقاد في الشارع المصري بأنه يجري إعداده لخلافة والده في رئاسة البلاد، كما وصفت الصحف المعارضة والمستقلة في مصر هذا المؤتمر بأنه quot;محطة جديدة على طريق توريث الحكمquot;، الأمر الذي ينفيه قادة الحزب، ويصفونه بأنه quot;مجرد أكذوبة أطلقها بعضهم وصدقها، مؤكدين أن هناك قواعد دستورية راسخة تحكم هذا الأمر .
وبعيدًا عن نفي الرسمي لصفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني الحاكم، بوجود quot;صراع أجنحةquot; داخل الحزب، فقد تواترت أنباء عن صراع بين quot;الجيل الجديدquot; من المقربين لنجل الرئيس جمال مبارك، وquot;الحرس القديمquot; الذي يتولى دفة السلطة في معاونة الرئيس مبارك زهاء ثلاثة عقود، وبدا واضحًا أن هناك معارك شرسة تجري من خلف الكواليس بين عدد من قادة الحزب الكبار ـ ومنها على سبيل المثال لا الحصر ـ تلك التي نشبت بين صفوت الشريف ورجل الأعمال أحمد عز، وعبرت عنها هي حملات عالية الجودة والتخطيط حيث انتشرت ببطء وعناية في كل مكان، استجوابات وطلبات إحاطة في مجلس الشعب (البرلمان)، واتهامات داخل أروقة الحزب، ومذكرات احتجاج، وبلاغات للنائب العام بالفساد المالي، وتفتيش في التاريخ الشخصي لصديق جمال مبارك المقرب، الذي يشغل منصباً خطيراً هو أمين التنظيم في الحزب، بل وصل الأمر لحد توجيه اتهامات مبطنة وتسريبات مدروسة بعناية تلمح إلى أن quot;أحمد عزquot; ربما كان يخطط لاختطاف مقعد الرئيس من صديقه جمال مبارك .
وخلال الأيام الأخيرة تجاوز جمال مبارك القيام بدوره من خلف ستار في إدارة شؤون البلاد، إذ حضر اجتماعين رأسهما والده، بمشاركة كبار رجال الدولة في quot;قصر الاتحاديةquot; بضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة لبحث الجوانب المتعلقة بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وتأثيراتها المحتملة على مصر. rlm;وعلى الرغم من أن طاولة الاجتماعات ضمّت رئيس الوزراء أحمد نظيف، وعدداً من الوزراء، غير أن مشاركة جمال بهذا الاجتماع كان مؤشراً له دلالته على طريق صعوده السياسي، وتعزز القول بتنامي دوره السياسي خاصة في ملفات بعينها داخل أروقة السلطة .
التعليقات