هي الأولى من نوعها بعد غيوم كثيفة شابت العلاقات بين البلدين
أنباء عن زيارة تاريخية للأمير سلطان إلى الدوحة الأسبوع المقبل
سلطان القحطاني من دبي:
حين تتصل بالسفارة القطرية في الرياض، باحثًا عن السفير، فلن يأتيك جواب آخر غير أن السفير ليس موجودًا، وذلك بسبب انشغاله في ترتيبات زيارة من العيار الثقيل يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى الدوحة الأسبوع المقبل حسب ما ذكرته مصادر خليجية في حديث مع quot;إيلافquot;.
وقال مصدر رفيع يتحدث من الدوحة إن الزيارة وصلت إلى الترتيبات الأخيرة مرجحًا أن تستمر لمدة يومين يجري خلالها المسؤول السعودي الكبير مباحثات مع أمير البلاد الشيخ حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في الوقت ذاته الشيخ حمد بن جاسم.
ويضيف مصدر قطري رفيع رفض الكشف عن هويته في سياق حديثه: quot;هذه الزيارة ستكون نقلة كبيرة في تاريخ العلاقات بين البلدين وسنتباحث مع السعوديين حول إعادة السفير وتفعيل العلاقات بشكل أكبرquot;.
وهذه هي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها مسؤول سعودي كبير إلى قطر، عدا عن زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي كانت تلبية لدعوة لحوحة من قبل الدوحة لحضور القمة الخليجية.
وكان اجتماع احتضنته مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر بين ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز ونائب رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، قبل عدة أشهر، قد توصل إلى ضرورة فرض quot;أشهر من التهدئةquot; بين البلدين وفق أنباء من مصادر وثيقة الصلة رأت في ذلك الاجتماع انعطافًا جديدًا للعلاقة بين البلدين.
ومعروف أن العلاقات بين الرياض والدوحة أكثر من سيئة نتيجة لعدة عوامل منها البرامج التلفزيونية التي تبثها قناة الجزيرة الممولة من الحكومة القطرية وتستهدف نقد الأسرة الحاكمة السعودية والنيل من أشخاص يعتبرون من quot;الرموز الوطنيةquot; في البلاد، الأمر الذي حدا بالرياض في نهاية الأمر إلى استدعاء سفيرها حمد الطعيمي عام 2004 وإغلاق ملف العلاقات موقتًا.
وعلى الرغم من أن الملك عبد الله بن عبد العزيز لم يستقبل ابن جاسم في ذلك اللقاء السعودي القطري الشهير، الذي كان بداية مرحلة ايجابية quot;موقتةquot;، إلا أن الصور الرسمية التي بثها التلفزيون الرسمي في البلدين توضحان إلى حد كبير كيف أن اللقاء كان بنّاءً ومحل رضا الطرفين، إذ كانت الابتسامات والأحاديث الباسمة مع الأمير سلطان أبرز اللقطات التي أخذتها الصحف في اليوم التالي.
كما أن السياسي القطري المثير للجدل قد عاد إلى بلاده وهو يحمل في يده مسبحة باهظة الثمن كانت هديته من قبل الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي يبدو أنه سيتولى ملف الخلافات الخليجية المتفجرة، بسبب الحدود البينية المليئة بالأفخاخ، بعد أن استطاع حل إشكالية الملف اليمني الذي كان عالقًا لأكثر من نصف قرن ومثار توترات كبيرة.
وليس سرًا أن ابن جاسم هو أحد أكثر الصقور حدة في الإدارة القطرية في ما يتعلق بملف الخلاف مع السعودية، الجارة الكبرى، مستغلاً بذلك ذراع الدوحة ومدفعيتها الثقيلة قناة الجزيرة التي تركز غالبًا على تغطية مواضيع تثير حساسية الرياض، فضلاً عن أن بلاده بدأت تستحوذ على ثقل سياسي واقتصادي متصاعد بفضل سيولتها النقدية التي توفرها مبيعاتها من الغاز المسال.
وبذلك يكون مستوى المباحثات الثنائية بين الجانبين قد ارتفع أكثر فأكثر بعد أن كان الملف القطري في عهدة حاكم منطقة الرياض ورجلها القوي الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي كشف للقطريين، بالأرقام والوثائق حجم مدفوعاتهم النقدية التي تم بها تمويل المعارضة السعودية في لندن لإثارة صداع بلاده.
وعقد ذلك الاجتماع في أحد البلدان الأوروبية (أسبانيا) دون أن يعلن عنه بشكل رسمي.
إلا أن مصادر دبلوماسية في العاصمتين أشارت إلى أن واشنطن قادت ضغوطًا على الدوحة بشكل خاص، دون أن تغفل حليفتها الرياض، للسير بالعلاقات إلى quot;هدنة موقتةquot; بغية رص الصفوف الخليجية في مواجهة إيران، متبعة هذه الضغوط الهادئة بصفقات تسلح ضخمة تبيع بموجبها دول الخليج الست معدات عسكرية فائقة الدقة.
وأبلغ السعوديون نظراءهم في واشنطن أن استراتيجيهم في المنطقة تتمثل في إرساء الاستقرار والسلم، وإن حدث غير ذلك فهو ليس من تدبيرهم بل تتحمل مسؤوليته جهات أخرى في المنطقة.
كما أن شائعات راجت حول اعتزام الرياض إنشاء مرفأ وقاعدة عسكرية في منطقة حدودية لصيقة تتوسط البقعة الفاصلة بين الإمارات وقطر أسهمت في التسريع بحرص الجانب القطري على حل هذا الخلاف.
وعزز من شائعات افتتاح هذه القاعدة العسكرية ما علمته quot;إيلافquot; من مصادر مطلعة أن تعميمًا رسميًا صدر إلى وسائل الإعلام السعودية بضرورة تفعيل الأمر الملكي (رقم 8125) الذي صدر أواخر العام الماضي ويقضي بتغيير مسمى محافظة quot;رأس أبو قميصquot; إلى محافظة quot;العديدquot;.
ولهذه المنطقة امتداد في قطر حيث تحتضن quot;العديد القطريةquot; أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.
وحسب الأمر الملكي الذي أصدره العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد عدة أشهر من توليه زمام حكم مملكته النفطية، فإن محافظة quot;العديدquot; الجديدة تشمل quot;كامل الهجر والتجمعات السكنية والمنافذ الحدودية الموجودة من المنطقة ابتداءً من سلوى ومنفذ العديد ومنفذ البطحاء إلى المنفذ الذي يجري العمل على إنشائه مع سلطنة عمان من الموقع المسمى (عردة)quot;.
وتشير مصادر موثوقة تحدثت معها quot;إيلافquot; إلى أن منفذ quot;عردةquot; المزمع الانتهاء منه خلال الأشهر القليلة المقبلة سبب خلافاً بين الرياض وأبو ظبي دون أن تتم الإشارة إلى فصوله بشكل رسمي. وتشتهر الخلافات الخليجية البينية بأنها quot;خلافات صامتةquot; باستثناء لحظات نادرة يتم الخروج فيها عن هذا النمط التقليدي.
ويتوقع مراقبون خليجيون أن تحتضن هذه القاعدة المتاخمة للحدود القطرية الإماراتية نحو 35 ألف جندي سعودي لتأمين المنطقة الشرقية من البلاد، حيث حقول النفط، من أي تهديدات قد تأتي من الخارج، وخصوصًا من طهران التي تخوض معركة مع المجتمع الدولي بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، أو تلك التهديدات التخريبية التي قد ينفذها متعاطفون مع تنظيم القاعدة بعد أن حاولوا تعطيل حقل quot;بقيقquot; الضخم العام الفائت.
وتخشى الرياض من أي تصعيد مقبل في منطقة الخليج، التي تحوي نصف الإنتاج العالمي من البترول، كونه قد يكون تهديدًا كبيرًا لمنشآتها النفطية التي لا تبعد مسافتها عن طهران سوى ربع ساعة بالطائرة المدنية، وأقل من ذلك بكثير إن كان الزائرون سيأتون على متن quot;نفاثات اللهبquot; من الطائرات الحربية الإيرانية.
ويبدو أن العلاقات بين البلدين، السعودية وقطر، في طريقها إلى التحسن لو استمرت قناة الجزيرة في ما هي عليه خلال الأيام الفائتة من خلال البعد عما يكدر صفو الرياض وحكومتها، حسب ما يرى مراقبون، إذ يشيرون إلى أن كل هذه الجهود في السير قدمًا بالعلاقات بين البلدين قد ينسفها برنامج واحد لا تتعدى مدته ثلاثين دقيقة.
وتعتبر الجزيرة القطرية واحدة من أكثر القنوات شعبية في العالم العربي، على الرغم منأن منافسين لها يتهمونها بأنها تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ناطق رسمي باسم الجماعات الإسلامية والتيارات القومية المتشددة في المنطقة.
وكان السفير حمد الطعيمي قد عاد إلى الرياض عام 2004 بعد استدعائه من قبل حكومة بلاده ولبث في أحد الفنادق في العاصمة لفترة معينة حتى تأكد فعلاً أن عودته لن تكون قريبة، فقام بالانتقال إلى سكن آخر مهيأ لإقامة قد تطول كثيرًا.
وتقول مصادر متطابقة أن فشل quot;شهور التهدئةquot; الرامية إلى السير بالعلاقات قدمًا بين السعودية وقطر، سيجعل ماكينة العلاقات بين البلدين المتناكفين تراوح مكانها كما لو أن السياسي القطري المثير للجدل لم يزر الرياض، ولم يجتمع مع ولي العهد السعودي، ولم يعد إلى بلاده حاملاً مسبحة فاخرة.