الوزير العربي في حكومة إسرائيل غالب مجادلة في حوار مع إيلاف:
المبادرة السعودية العربية هي الخيار الوحيد لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني

حاوره نضال وتد من تل أبيب: أكد الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية، وزير الثقافة والرياضة والعلوم، غالب مجادلة في حوار خاص مع quot; إيلاف quot;، أنه لا بديل عن المبادرة السعودية- العربية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني العربي، وقال إنه من دون حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فلن يكون هناك مجال حقيقي لإقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل، لأن ما يعيق علاقات سلمية هو بالأساس استمرار النزاع مع الفلسطينيين، وبالتالي فإن دول عربية، خارج دول المواجهة لا تقيم أي علاقات مع إسرائيل، بسبب استمرار النزاع. وأوضح الوزير غالب مجادلة أن إسرائيل تدرك من جانبها، أنه في نهاية المطاف لن يكون هناك مفر من إعادة كافة الأراضي المحتلة مقابل تحقيق السلام موضحا أن قادة إسرائيليين ومنذ حرب العام 67 من أشكول وحتى ديان. قالوا صراحة إن الأراضي المحتلة في العام 67 هي ورقة للمساومة في المفاوضات مع الدول العربية.

وعن التغيير الأخير في لهجة الخطاب على المسار السوري الإسرائيلي من لغة التوتر وقرع طبول الحرب والتهديدات العسكرية إلى تصريحات أولمرت الأخيرة بأنه (أي أولمرت) يعرف ما يريده الأسد، وأن الأسد يعرف توقعات إسرائيل منه، قال مجادلة إن التوتر والخطاب العسكري لم يكن موجودًا إلا في الإعلام وأن الاتصالات بين الطرفين لم تتوقف بين الجانبين بوساطات مختلفة، وأن أكثر من طرف أبدى استعدادًا للقيام بدور الوساطة، أطراف عربية وأخرى غربية.

وفي ما يلي نص الحوار:
إيلاف: السيد غالب مجادلة، وزير عربي في الحكومة الإسرائيلية، يجلس على طاولة الحكومة على يمينه أولمرت وعن يساره بينيامين بن إليعيزر، كيف ترى ذلك؟

الوزير مجادلة: ليس صدفة بعد ستين عامًا من تأسيس إسرائيل أن يشغل عربي منصب وزير الثقافة والرياضة والعلوم، ليس سهلاً أن يكون وزير عربي في حكومة إسرائيل في ظروف سياسية صعبة ؛ ما يدور في الأشهر الأخيرة فهناك من جهة في غزة مجابهة عسكرية مستمرة، ومن ناحية أخرى مفاوضات بين الحكومة الإسرائيلية وبين أبي مازن في الضفة الغربية، الشارع اليهودي الإسرائيلي ينحرف أكثر نحو التطرف، والشارع العربي الإسرائيلي يتحرك نحو اليسار، وهذا يزيد من حدة التطرف في الشارع اليهودي الإسرائيلي، والمهمة هنا تصبح ليست سهلة؛ أن تكون وزيرًا عربيًا في هذه الظروف في الحكومة الإسرائيلية، مع ذلك فإن القرارات الحكومية في صالح إغلاق الفجوات بين الوسط العربي واليهودي داخل إسرائيل، مثل بناء 3500 غرفة دراسية في الوسط العربي، وإغلاق الفجوات بن الوسطين، وعدة قرارات لمواجهة الفقر في الوسط العربي (حيث أن 50% من الوسط العربي تحت خط الفقر)، هذا على صعيد الساحة المحلية، وعلى صعيد النزاع العربي الإسرائيلي ومسار السلام وما يحدث في الجنوب وعلى صعيد المجابهة اليومية في الأشهر الأخيرة بين حكومة حماس وحكومة إسرائيل وسقوط حوالى 900 فلسطيني خلال هذه الفترة، وفي المقابل فإن رئيس الوزراء إيهود أولمرت، مصر وبشدة على أنه يمكن التوصل على المسار الفلسطيني إلى اتفاق يكون في صالح الفلسطينيين ودولة إسرائيل، وأنا ألمس هذا الأمر، وأستطيع القول إن أبا مازن مصر هو الآخر، رغم كل ما يدور في غزة من تصعيد في المجابهة الإسرائيلية الفلسطينية مع حماس، وهذا صعب جدًا على أبو مازن أن يكون هناك وضع تقوم فيه حكومة فلسطينية في الضفة بالتفاوض مع إسرائيل فيما تخوض حكومة أخرى في غزة مواجهة عسكرية مع إسرائيل، ويسقط يوميًا ضحايا، وعلى الرغم من الوضع الصعب لأولمرت، الذي يواجه داخل الحكومة انتقادات شديدة بشأن المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، وهو يتعرض لهجوم شديد من اليمين الإسرائيلي، إلا أن الاثنين؛ أبو مازن وأولمرت مصران على مواصلة المفاوضات لإيمانهم القاطع بأن السلام هو الخيار الصحيح لتحقيق أمن إسرائيل ولإقامة الدولة الفلسطينية، هذه الأمور هي التي توفر لي الأمل للبقاء في الحكومة، خصوصا وأنه يبدو لي، وآمل ألا أكون مخطئا، أن هناك تيارات في حماس بدأت تقتنع بأن مسار التهدئة عبر الوساطة المصرية، هو في صالح حماس نفسها وفي صالح الشعب الفلسطيني ككل، وهو ما قد يتمخض خلال الأيام القادمة ، عن اتفاقية تهدئة في جنوب البلاد وانطلاق مفاوضات مع أبي مازن بشكل متقدم وسريع نسبيًا على أمل أن نتمكن حتى نهاية العام 2008 من التوصل على صيغة التي من الممكن أن تتمخض عن تسوية في مصلحة الشعبين.

أنباء عن صفقة متكاملة تشمل حزمة ملفات إقليمية
زيارة كارتر تجدد إثارة اتصالات سورية وإسرائيل

إيلاف: تحدثت عن ضغوط وانتقادات داخل الحكومة، ومن خارجها من الأحزاب اليمينية ضد المفاوضات والتسوية، ولكن يبدو أنه فيما يؤيد غالبية زعماء حزب العمل سياسة أولمرت، فإن زعيم العمل إيهود براك يأخذ مواقف متشددة من هذه السياسة، هل هذا نابع من اعتبارات حزبية أم أن هذه هي حقيقة مواقف براك؟

مجادلة: من الصعب جدًا الإجابة على هذا السؤال، ولكن هناك تشاؤم داخل وزراء وأعضاء العمل من مواقف براك بهذا الخصوص، وأعتقد أنه من المهم ألا ننسى أن براك هو شخصية عسكرية، وقائد سابق لأركان الجيش الإسرائيلي وله منطلقات أمنية عدا عن أنه يحمل مواقف سياسية هي أقرب إلى قوى الوسط واليمين منها لليسار، وبالتالي أستبعد مع ذلك أن تكون له دوافع شخصية لعرقلة المسيرة السلمية.

إيلاف: عندما عين مجادلة وزيرًا كان هناك من شكّك بأنك ستحصل على صلاحيات كاملة، وكانت محاولات لإقتطاع مؤسسات مهمة، مثل المجلس القومي للبحوث العلمية، ووكالة الطاقة من وزارة العلوم والثقافة والرياضة حتى لا تبقى مكشوفة بأسرارها لعيون وزير عربي؟

مجادلة: الواقع أن هذه المحاولات كانت كثيرة، وكانت هناك دعوات لنقل المسؤولية عنها، عن مجلس البحوث العلمي ووكالة الطاقة لوزارات أخرى، ولكن تحت إصراري لم يتسنَّ ذلك للمعارضين، وقد فرضت على الجميع التعامل معنا بندية وقمت بممارسة كامل الصلاحيات التي يخولها القانون، وفي هذا السياق مثلا وعلى الرغم من المعارضة والضجة التي أثارتها عناصر في الأوساط الثقافية والفينة في إسرائيل، فقد أصريت على تحويل 18 مليون شيقل للوسط العربي، على الرغم من محاولات اتهامي بالتمييز، وقلت بصراحة بأن هذه الأموال هي من حق العرب في إسرائيل، وأنني لن أتردد بانتهاج سياسية تفضيل لصالح الثقافة العربية على الرغم من المعارضة التي ثارت في حينه.

مثال آخر هو إصراري على وقف أعمال الحفريات الإسرائيلية في باب المغاربة، باعتباري الوزير المسؤول عن سلطة الآثار الإسرائيلية، وقلت إنه لن أسمح بمخالفة القانون، وعلى سلطة الآثار أن تستوفي بداية كافة الإجراءات القانونية، والتوصل إلى تفاهم مع هيئة الأوقاف الإسلامية ومع الأوقاف الأردنية بهذا الشأن، وعدم السماح لهيئات إسرائيلية بتجاوز وخرق القوانين. نحن نؤمن بأنه يجب المحافظة على الأماكن المقدسة، ولا يمكن أن نعطي الفرصة لليمين الإسرائيلي المتطرف بأن يشعل النار والفتنة بما يتعلق بالحرم القدسي الشريف. ومن هذا المنطلق أوقفت أعمال سلطة الآثار حتى تكتمل جميع المستندات الرسمية والرخصة القانونية وليس قبل ذلك، لأن على حكومة إسرائيل نفسها أن تعمل بموجب القانون، وهناك أحاديث ومفاوضات وتفاهم، مع الأوقاف الإسلامية ومع السفارة الأردنية لأننا نؤمن بأنه يجب إبعاد المقدسات الدينية عن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

إيلاف: هل هناك تعاون في مجالات الثقافة والرياضة والعلوم مع أطراف عربية، الأردن مصر، والسلطة الفلسطينية وقطر وغيرها؟

النائب مجادلة خلال حواره مع الزميل نضال وتد
مجادلة: الواقع كانت لنا مشاركة قبل شهور في مؤتمر البحث العلمي في القاهرة، والتقيت بوزير البحوث العلمية في مصر، د. هاني هلال، وكان لي لقاء أيضًا مع الوزير الأردني د. خالد طوقان، واقترحت عليهما أوجهًا للتعاون، ولكن لغاية الآن لم يتم إخراج أي منها إلى حيز التنفيذ، فهذا منوط أكثر بالجانب الآخر وليس بالجانب الإسرائيلي. هناك تعاون مع الجانب الفلسطيني، وكان لي حديث مع الوزيرة الفلسطينية تهاني أبو دقة واقترحت تعاون بين الجانبين، لأنني أعتقد أن التعاون في مجالات الشباب والرياضة فقد يؤثر إيجابًا على المسار السياسي، وأعتقد أنه يجب مثلاً تقديم كل المساعدات لتمكين الرياضيين الفلسطينيين من الوصول إلى كل المحافل الرياضية والمشاركة في المهرجانات والمسابقات الرياضية العالمية والأولمبية، على الرغم من تسارع الأحداث وما قد يعترض التعاون بين الطرفين. وكنا على استعداد لتوفير كل الإمكانيات التي تتيح للفريق الفلسطيني الأوليمبي ان يتدرب بدرجة لائقة، خصوصًا أن الفريق الفلسطيني بفعل الظروف ومجريات الأحداث لا يقوم بتدريباته كما يجب، وكانت الصحافة الإسرائيلية نشرت تقريرًا كاملاً عن هذا الموضوع، وكنا على استعداد لتقديم المعونات والإمكانية اللازمة، بما في ذلك الدعم المالي، ولكن العلاقات الراهنة لم تمكن ذلك، وهي تعيق كل مشاريع مشتركة بين الجانبين.

طبعًا أشير هنا إلى مسألة دعوة لاعبة التنس الإسرائيلية إلى قطر للمشاركة في المباريات، وقد تم استقبالها، وقمت بإرسال رسالة شكر للوزير القطري بهذ1ه المناسبة ، وأعتقد أن الخطوة القطرية كانت مهمة جدا، وآمل ألا تقف أية دولة عربية أمام مشاركة رياضية من الطرفين لأن الرياضة هي ملتقى الشعوب ويمكن أن تقرب بين الشعب، ويجب أن نفصل النزاعات السياسية والقومية عن الرياضية وإتاحة الفرصة أمام الرياضيين للمشاركة في مباريات ومهرجانات دولية.

إيلاف: أليس هذا هو التطبيع بعينه؟
مجادلة: طبعا هذا تطبيع، ولكن نحن نعلم أن النزاع الإسرائيلي العربي سينتهي في نهاية المطاف بتسوية سلمية، فأوروبا التي عانت ويلات حربين عالميتين وحروب قومية ونزاعات إثنية توصلت في نهاية المطاف إلى سلام وإلى تسوية سلمية وتعاون بلغ حد إقامة الاتحاد الأوروبي، أفلا يحق للشعوب العربية والإسرائيلي أن يتخلصوا من الحروب والتوصل إلى سلام .

إيلاف: أعود إلى السياسة وإلى الملف السوري، كيف تفسر هذا الانتقال من الخطاب العسكري المثقل بالتهديدات العسكرية والتوتر الأمني على الحدود الإسرائيلية السورية إلى الحديث عن أن هناك تفاهمًا حول المسار السوري الإسرائيلي والثمن المطلوب من الجانبين؟

مجادلة: التوتر كان في الإعلام وفقط في الإعلام، ولم يكن على أرض الواقع وأكبر دليل على ذلك هو النفي الإسرائيلي لوجود هذا التوتر على لسان كل من رئيس الحكومة ومن وزير الأمن، وقد قلت قبل ستة أشهر إن الأسد أقربإلى أولمرت منه إلى أحمد النجاد، وقامت القيامة، لكنهم لم يفهموا معنى قولي يومها في الإعلام الإسرائيلي. من الواضح أن سوريا لن تقبل بأقل من سلام شامل وعادل، والشروط الإسرائيلية للسلام معروفة لسوريا، وكذلك الشروط السورية معروفة، وباعتقادي أنه سيكون صعبًا على المدى القريب إعادة الجولان كاملاً لسوريا، يجب أن تسبق ذلك تفاهمات وترتيبات يتعين على سوريا أن تقبل بها، وأن تعطي لإسرائيل الأمن.

أعتقد انه لا بديل اليوم عن المبادرة السعودية، إذ لا يوجد خيار آخر، السلام الشامل والكامل لن يكون دون استعادة البلدان العربية لأراضيها المحتلة، ودون إقامة دولة فلسطينية، فلا نزاع لإسرائيل مع الدول البعيدة عنها مثل تونس وغيرها، ومن الواضح اليوم أن القضية الفلسطينية هي لب النزاع الإسرائيلي العربي ومن دون حله لن يتم التوصل على سلام شامل مع باقي الدول العربية، ولا أقول هذا الكلام لوحدي هناك وزراء آخرون يعتقدون مثلي أن المبادرة السعودية\ العربية هي الخيار الوحيد الممكن للخروج من دوامة النزاع العربي الإسرائيلي.

إيلاف: لا جدل اليوم وأنت قلت ذلك، أن الجمهور الإسرائيلي يميل نحو اليمين وأن هناك عنصرية متفشية، والعرب في إسرائيل يقولون اليوم إن الحكومة تلاحقهم وتسعى لمصادرة المزيد من أراضيهم وتضييق الخناق عليهم، كيف ترى ذلك؟

مجادلة: أنا لا أتفق معك على الإطلاق، ولو كان الأمر كذلك لما رأيتني في الحكومة، فالحكومة الحالية تعمل فعلا، وهي الأولى، بعد حكومة رابين في أواسط التسعينات، التي تعمل جاهدة لسد الفجوات بين الوسط العربي واليهودي، ولكن لا يمكن سد فجوات عمرها ستين عامًا خلال فترة قصيرة. حكومة أولمرت تقول اليوم إن العرب في إسرائيل هم مواطنون لهم كامل الحقوق، والجنوح الإسرائيلي نحو اليمين هو بفعل استمرار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وما حدث خلال حرب لبنان الثانية، من هنا ترى الاستطلاعات أن نتيناهو مثلا يملك فرصًا أكبر في الفوز في الانتخابات القادمة، ولكن باعتقادي فإن الشارع الإسرائيلي في نهاية المطاف سيصوت مع معسكر اليسار، ومع تسوية سلمية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لأنه هو لب الصراع.

وأعتقد مثلاً، أن آن الأوان لن تتحرك الدول العربية، وفي مقدمتها دول الخليج، لتقديم المساعدات والدعم المالي للوسط العربي في إسرائيل، تمامًا كما يقدم اليهود في العالم المساعدات لإسرائيل، أن تقوم الدول العربية بدعم الوسط العربي في إسرائيل، والمساهمة في بناء المؤسسات الثقافية والتعليمية والتربوية والرياضية، على غرار المساعدات القطرية لإقامة استاد الدوحة على سبيل المثال، وحكومة إسرائيل لا تعارض مثل هذا الأمر اليوم، بل تعتبرها خطوة مهمة وصحيحة.