الخبير العسكري الإستراتيجي وفيق السامرائي لـ quot;إيلافquot; عن غزة:
الهجوم البري لن يكون نزهة وإيران وحزب الله غدرا بحماس
محللون إسرائيليون:هدف العملية البرية التوصل لوقف إطلاق نار
أسامة مهدي من لندن: أكد خبير عسكري استراتيجي أن الهجوم البري الإسرائيلي ضد غزة لن يكون نزهة للإسرائيليين متوقعًا أن تلجأ حماس إلى الإستخدام الواسع للعبوات الناسفة ضد المقتربات المتوقعة داخل المدن ما يوقع خسائر بها، ويعرقل تقدمها وإن تعتمد على أسلحة مقاومة الدبابات قصيرة المدى وتحقيق إصابات في القوات المدرعة المهاجمة، مشيرًا إلى أن مفهوم الحرب السريعة لا ينطبق على حرب قطاع غزة حيث ستكون العمليات وفق نظريات القضم والتجزئة مع أن التفوق سيكون لمصلحة القوات الاسرائيلية، مرجحًا أن تستمر العمليات الحربية لعدة أيام وربما بضعة أسابيع. وقال الخبير العراقي في الشؤون الامنية والعسكرية الدولية الفريق أول الركن وفيق السامرائي في حديث مع quot;ايلافquot; اليوم انه لا يتوقع مطلقًا ان تطلق ايران صاروخًا واحدًا أو اتخاذ أي خطوة عملية لتعزيز موقف حماس. وأوضح أن القادة الإيرانيين استغلوا حرب غزة للبرهنة على أنهم متعقلون وليسوا متهورين في استخدام السلاح مشددًا على ان إيران وحزب الله أحبطا حماس وغدرا بها مؤكدًا ان هذا درس مهم عربيًا.
وفي ما يلي نص اسئلة quot;ايلافquot; واجوبة السامرائي المستشار الامني السابق للرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الاستخبارات العسكرية خلال فترة التسعينات عليها:
* بوصفك خبيرًا في الشؤون الأمنية والعسكرية كيف تقرأ ما يجري في غزة من الناحية العسكرية؟
** تشير عمليات الاسبوع الماضي الى أن ما يجري لم يكن رد فعل على موقف معين أو نشاط محدد، مثلما يراد ربطه بموضوع رفض حماس تجديد التهدئة ، بقدر ما يمثل تجسيداً لخطط واسعة النطاق، أعدت لتغيير المعادلات على الساحة الفلسطينية، وربما بداية لمتغيرات في منطقة الشرق الأوسط. وكما كان متوقعاً فقد شرعت القوات الإسرائيلية بهجومها البري على عدة محاور من شمال وشرق غزة، بعد سلسلة من عمليات التجريد الجوي، وبإسناد مباشر من المروحيات القتالية.
ويبدو التصميم الإسرائيلي كبيراً على تنفيذ البرامج المحددة، بعد ان تجاوز كل المطالب الدولية، غير المنظمة، ودرجة الحذر من وقوع خسائر كبيرة في صفوف القوات الإسرائيلية. ويشير العديد من الدلائل على أن حرب غزة لن تكون عملية محدودة ، ومنها: استمرار الحشد المدرع على مشارف غزة، ودعوة المزيد من قوات الاحتياط ، وتصعيد الضربات الجوية وتكثيفها، ما يدل على أن للعمليات هدفاً كبيراً. وإذا ربطت عناصر التحليل بعضها ببعض، وجرى التمعن في الغرض من تشديد الضربات الجوية على الحافات الشرقية والشمالية لقطاع غزة، ومن اتجاه البحر، فإن ذلك يعني من وجهة النظر الاستخبارية، العمل على تهيئة المقتربات البرية والنقاط التي تشكل أهدافاً لعمليات الصولة الجوية، لتكون أكثر انفتاحاً أمام القوات المهاجمة.
* كيف ترى سير المعارك بعد أن شرعت القوات الإسرائيلية بهجوم بري؟
** لن يكون الهجوم البري نزهة، ولو كانت الرؤية كذلك، لما انتظرت إسرائيل حتى الآن. إلا أن من غير المنطق التفكير بإلحاق هزيمة بالقوات الإسرائيلية، لأن المعطيات تختلف كلياً عما حصل في حرب جنوب لبنان عام 2006 ، من ناحية طبيعة الأرض وسعتها في لبنان، وضيقها في غزة، وقلة موارد حماس. ومن المتوقع أن تلجأ حماس الى الاستخدام الواسع للعبوات الناسفة على المقتربات المتوقعة داخل المدن، ما يوقع خسائر في القوات الإسرائيلية و(يعرقل) تقدمها. لكن في جميع الأحوال من المتوقع ان تجري العمليات، على ثلاثة محاور: برية، وإنزال بحري، وصولة جوية، ما يمهد السبيل لبعثرة جهد حماس وتجزئة منطقة العمليات، وسيكون للإسناد المباشر للمروحيات تأثير كبير في تقييد حركة مناورة قوات حماس، التي لا تمتلك قدرة على تعويض النقص بالعتاد. وتبقى معضلة وجود المدنيين حاضرة في كل تصور للعمليات، لأنها ستكون مكلفة عليهم . كما ستعمل قوات حماس على القتال بكل طاقتها، وستعول كثيرًا على أسلحة مقاومة الدبابات قصيرة المدى، ومن الطبيعي أن تحقق إصابات في القوات المدرعة الإسرائيلية. ومن المستبعد توقف القوات الإسرائيلية قبل تحقيق نتائج حاسمة على الأرض، قد يؤدي في المحصلة النهائية الى إنهاء سيطرة حماس على غزة وتسليمها الى السلطة الفلسطينية في فترة لاحقة،بطريقة مناسبة نفسياً.
* كيف ترى قدرة حماس العسكرية على المجابهة ؟
** تمتلك حماس قوة قد تبلغ عشرين الف مقاتل، يتمتعون بمعنويات عالية، إلا أن تسليحهم محدود جداً، ولا يتعدى الأسلحة الفردية، ولم يظهر امتلاك الحركة أسلحة مقاومة طائرات مؤثرة، فيما بدأت المروحيات الإسرائيلية تحوم بحرية، متجاوزة حالة الحذر المسبق. ما لدى حماس الى جانب السلاح الفردي صواريخ من طراز كاتيوشا وكراد..، تشكل مصدر رد الفعل الوحيد حالياً. وبحكم السيطرة الجوية الإسرائيلية، وقلة دقة المعلومات المساحية، واستمرار حوم طائرات الاستطلاع المسيرة،وتقدم القوات البرية، وربما بسبب قلة الخزين من هذه الصواريخ، لم يكن لها تأثير على سير العمليات، بقدر ما أعطى إسرائيل حجة تصعيد الحرب.
* كيف تقيم رد الفعل العربي والدولي على ما يحدث ضد غزة ؟
**هنالك تعاطف شعبي كبير مع المعاناة الإنسانية لسكان غزة، إلا أن التظاهرات لا تقدم حلولاً وحدها أمام تفوق قتالي ساحق. أما الموقف الرسمي العربي، فيبدو مبنيًا على معادلات إستراتيجية حساسة، كان على حماس تقييمها بشكل دقيق، لأن لا أحد لديه الاستعداد لخوض حرب، فكيف إذا كانت الحرب انسياقًا وراء مشروع يثير قلقًا عربيًا واسعًا.
* المعروف أن إيران تساند حماس وحزب الله في مجالات عدة، هل كنت، أو هل تتوقع تدخلاً إيرانيًا في حرب غزة؟
** هنالك حقيقة واضحة، ربما لم تتفهمها حماس، هي أن الدور الإيراني في المنطقة يقلق الى حد كبير الدول العربية، و ليس هناك من حل إلا رفض التدخلات الإيرانية، بما في ذلك المساعدات الى الحركات المسلحة والمنظمات السياسية، المقدمة لأهداف غير نزيهة، حيث أثبتت الأحداث طوال عقود عدم وجود تلاقي بين المصالح العربية والسياسات الإيرانية ولم يرد الى ذهني للحظة واحدة احتمال إطلاق إيران صاروخاً واحدا أو اتخاذ أي خطوة عملية لتعزيز موقف حماس وربما أن القادة الإيرانيين استغلوا حرب غزة للبرهنة على أنهم متعقلون وليسوا متهورين في استخدام السلاح. والحقيقة أن إيران وحزب الله أحبطا حماس وغدرا بها. وهو درس مهم عربياً.
* لمناسبة ذكر حزب الله، ما رأيك في دعوة زعيمه حسن نصر الله لقادة الجيش المصري بالتحرك ؟
** دعوة مثيرة للسخرية، لأن قادة الجيش المصري يسهمون جدياً في بلورة إستراتيجية الأمن المصري، ودعوة نصر الله لا تتعدى حلماً إيرانياً ساذجاً في زعزعة الأمن القومي العربي، من خلال استهداف مصر، لصرف النظر عن مشاريع يراد بها تدمير المنطقة. وكانت القيادة المصرية على الدوام مدركة لحجم التهديد الإيراني، وظهر أنها على صواب في رؤيتها.
* ما رأيك في ما يقال عن أن حرب غزة فتحت الباب أمام ضرب الفروع الإيرانية ؟
** لا أتمنى لحماس أن تأخذ هذه الصبغة، ولا بد من مراجعة علاقتها مع إيران والتخلي عنها، والتحول الى المحيط العربي، الذي تبعدها عنه العلاقة مع إيران. وعموماً من المتوقع ان تفقد المخططات الإيرانية ،على نحو ما، المبادرة من الآن فصاعداً. ولا يستبعد أن تمر الفروع التي لها علاقة بفيلق القدس الإيراني، من منظمات وحركات وأحزاب، بعمليات تشذيب.
* هل ترى حسماً سريعاً لما يجري في غزة ؟
** مفهوم الحرب السريعة لا ينطبق على حرب المدن، وستكون العمليات وفق نظريات القضم والتجزئة مع أن التفوق سيكون لمصلحة القوات الإسرائيلية، ومن المرجح أن تستمر العمليات لعدة أيام وربما بضعة أسابيع.
التعليقات