وضع صيغ ودعائم إتصال وتجنيد إجتماعي
الجزائر تبدأ أكبر حملة لإستبعاد شبح المقاطعة الإنتخابية

كامل الشيرازي من الجزائر:
تبدأ السلطات الجزائرية إعتبارًا من منتصف الشهر الجاري، حملة واسعة تدوم أسبوعين، وتقوم الحملة على وضع صيغ ودعائم اتصال وتجنيد اجتماعي حيز التنفيذ، على نحو تحفيزي يجري إنعاشه عبر نشاطات جوارية وبدعائم ترقوية اتصالية متعددة، ويرى مراقبون أنّ هذا الإجراء السابق من نوعه، تغذيه رغبة دوائر القرار لتفادي تكرار سيناريو المقاطعة الانتخابية التي بلغت أعلى مستوياتها في آخر موعدين انتخابيين في العام ما قبل الماضي، بعزوف 11 مليون جزائري آنذاك عن التصويت.

وجاء في بيان للداخلية الجزائرية ndash; تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه-، إنّ الحملة ستأخذ شكل التقرب من عموم الناخبين، سيما أولئك الذين غيّروا مقرّ سكناهم، كما ستقوم الحملة على تعزيز الاتصال الإعلامي الرسمي بـ18 مليون ناخب من خلال توزيع كتيبات وملصقات ومطويات باللغتين العربية والفرنسية، ويقدر مسؤولون حكوميون أنّ هذا الأسلوب هو الأنجع لاستمالة الجماهير وإبعادها عن رياح المقاطعة التي ستحرج السلطة كثيرًا في حال اقتصر الاقتراع على 20 في المئة فقط من الناخبين.
وتسعى الحكومة الجزائرية لتفعيل سائر قنواتها كالإذاعة الرسمية والتلفزيون الحكومي، من خلال بث ومضات إشهارية تضفي إيجابية على المسار الانتخابي وتحسّس مواطنيها بمراودة مراكز الانتخاب في اليوم الموعود، ولا تنوي السلطات تجاهل وسائط اتصالية أخرى، إذ من المرتقب أن توظف الشبكة العنكبوتية والهواتف الخلوية والجامعات والمرافق الإدارية والوكالات البريدية، علمًا أنّ هذه الحملة التوعوية تركّز بشكل خاص على مشاركة المرأة في المسار الانتخابي، خصوصًا مع ما تشكله من رقم مهم في المعادلة الانتخابية بوعاء يزيد عن العشرة ملايين امرأة.

وفي تكتيك يرنو إلى التحكم بشكل أكبر في أعداد الناخبين واستبعاد (الوهميين) منهم، ستعمد مصالح الداخلية الجزائرية إلى تحيين القوائم الانتخابية عن طريق شطب الأشخاص المتوفين والناخبين المسجلين لأكثر من مرة والناخبين المسجلين ببلدات لا يقيمون فيها بالفعل، وكذا كل الأشخاص المسجلين بصفة غير نظامية، وترى الوزارة المذكورة أنّ هذه العملية ستعزز هذه العملية من quot;صدقيةquot; القوائم الانتخابية وبالتالي النظام الانتخابي، عبر الحدّ من التسجيل المزدوج وتسجيل الأشخاص المتوفين، إضافة إلى ما يرافق استمرار تسجيل الوافدين الجدد ببلداتهم القديمة، والتي غالبًا ما تكون بعيدة جدًا عن مكان إقامتهم الجديد.

وعلى مبعدة ثلاثة أشهر عن أهم موعد سياسي ستشهده الجزائر هذا العام، لا يحس المتجول في شوارع العاصمة كما سائر المدن الكبرى، أنّ الجزائر مقبلة على رابع انتخابات رئاسية تعددية، حيث يبدو الشارع المحلي غير مبال إطلاقًا بالموعد، ما يضاعف حجم الهواجس من تسجيل نسبة مقاطعة قياسية بعد ثلاثة أشهر من الآن، حيث تتحدث تقديرات قوى المعارضة عن عزوف انتخابي قد يصل إلى حدود 75 في المئة.

والراسخ من خلال من استجوبناهم، هو تكرّس شعور عام بانتفاء جدوى التغيير، نتيجة كارثية التطورات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، والارتفاع الفاحش في الأسعار مقابل تراجع القدرة الشرائية، في وقت تعيش الطبقة السياسية حالة من الفصام عن باقي الشعب ما يهدد اللحمة الوطنية، ويعلّق الشاب العاطل جميل (28 سنة):quot; إننا نتجرع مرارة الحياة الصعبة ونعاني ألم البطالة، والقبضة الأمنية الصارمة، والتمييز، والإسكان البائسquot;.

ويرى الوجه الحقوقي البارز مقران آيت العربيquot; إنّ السلطات مثل القوى السياسية عجزت عن استيعاب رسائل المقاطعين في مناسبات انتخابية ماضية، ويشاطره الإعلامي هيثم رباني الرأي، ويستغرب تجنيد دوائر القرار في الجزائر لكل إمكانيات التعبئة الجماهيرية حتى تضمن نسبة مشاركة quot;محترمةquot; دون أن تكلّف نفسها عناء معالجة عمق الأشياء وأصل الداء، ما كان سيمكنها من منح quot;مصداقية أكبرquot; للانتخابات، وتذهب الأستاذة زهية فراد إلى أنّ عموم مواطنيها لن يكترثوا بما ستجتره ألسنة الساسة، بعدما أفحمتهم تجارب انتخابية سابقة بوهم إنتاج الممارسة الانتخابية لخدمة عامة في المستوى، وفداحة عجز المسيرين، في حين يعزو السوسيولوجي ناصر جابي، المقاطعة المحتملة إلى جملة تراكمات، بالنظر إلى الدور غير المقنع للحكومات المتعاقبة وهزال أدوار المجالس المنتخبة.