أمين سر نقابة التمريض الأردنية لإيلاف من غزة:
لا بد من كسر الحصار للأبد والتسريع في إرسال المساعدات

باسم النبريص_ ايلاف: أخيرًا وصل وفد من نقابة الممرضين الأردنيين إلى غزة، أربعة ممرضين، هم: سلمان المساعيد، أمين سرّ النقابة (تخصص عناية مركزة وحثيثة) ومنير عقل (التخصص نفسهه) ومحمود أبو سيف وعماد شعفوط (تخصص إسعاف وطوارئ). إلتقيناهم داخل المكتب الصغير الملحق بقسم العناية المركز في مستشفى ناصر، في لحظات الإستراحة وتناول الفطور. بعد ثوان، ينهض الممرضون الثلاثة لمساعدة الطبيب في حالة مستعجلة، ويبقى الممرض سلمان، فكان هذا اللقاء، الذي حرصت فيه على طرح أقل عدد من الأسئلة، تاركًا للضيف حرية التعبير عن مشاعره، ووجهة نظره.

الأخ سلمان: متى وصلتم بالضبط؟
وصلنا قبل يومين. نحن في عمان، واستجابة لاستغاثة الطواقم الطبية هنا، أعلنّا في نقابة التمريض الأردنية، عن فتح باب التطوع، من اجل الذهاب إلى غزة. وكان عدد المتطوعين المسجلين 1000 ممرض وممرضة من مختلف التخصصات، فقمنا بإرسال وفد من 4 أشخاص من ذوي الخبرات الطويلة، للذهاب إلى غزة، بهدف تقييم وتحديد الحاجات: من إعداد متطوعين متخصصين، وكانت هناك بعض العقبات من بعض الجهات الرسميةالأردنية والمصرية. وأصرينا على العبور بشتى الوسائل. والحمد لله أننا دخلنا أخيرًا.

ماذا فعلتم منذ وصولكم خاصة وأنتم تشغلون منصب أمين سر النقابة؟
في اليوم الأول (السبت) قمنا بجولة ميدانية في خمس مستشفيات في جنوب القطاع، بصحبة نقابة التمريض عندكم وقمنا بجولات على أقسام الإسعاف والطوارئ، الجراحة والعناية المركزة وتم الاستفسار عن احتياجاتهم من الكوادر عددًا ونوعيةً. وكذلك احتياجاتهم من المعدّات والمستلزمات الطبية. ثم قمنا بالاتصال بنقابتنا وارسال تقرير مفصل. وبدأت النقابة في عمان بترتيب الكوادر التي سوف تحضر لغزة حسب الإجراءات الرسمية المتبعة، وبصحبتهم بعض المعدات والمستلزمات حسب الحاجة هنا. في اليوم الثاني قمنا منذ الصباح الباكر بالتوجه إلى مشفى ناصر، وبدأنا العمل ميدانيًا مع الجرحى والمصابين.

حسب خبرتك، كيف ترى مستوى الأداء التمريضي هنا؟
الكوادر التمريضية تقوم ببذل قصارى جهدها لتقديم الرعاية التمريضية لجرحى القصف الصهيوني، وللحق، فهم يواصلون الليل بالنهار، دون أن يغادروا المستشفيات. وقد تعرّض بعضهم للموت وبعضهم الآخر للإصابة والجروح البليغة. ومع هذا هم يعملون بكل تفان، فضلاً عن الكفاءة والمهنية في العمل.

كيف لاحظت الحالات المرضية؟
بالنسبة إلى الحالات المرضية، هي حالات خطرة ومتنوعة. لاحظت أنّ الإصابات في معظم الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان، وتتركز بشكل خاص في مناطق مثل الأطراف والصدر والرأس.

هل يوجد نقص لدينا في المعدات والمستلزمات، حسب ما رأيت؟
طبعًا هنالك نقص حاد في بعض المعدات الرئيسة وحتى المستلزمات البسيطة، خاصة أمام كثرة عدد الحالات، جراء الحرب، وايضًا بسبب الحصار الطويل.

كممرض جاء ورأى، ماذا تقول لنقابات التمريض العربية أمام هذا النقص؟
أقول يجب أن نهبّ فورًا للمساهمة ومشاركة إخواننا في الطواقم التمريضية، لأنهم مستنفذة طاقاتهم وأُرهقوا وتحملوا فوق قدرات البشر، خاصة أن أعداد المصابين كثيفة وحالاتهم الصحية معقدة جدًا، بسبب هذا النوع الغريب من الإجرام الحربي. زد على ذلك ما يواجهونه من مضاعفات الإصابة وخطورة المناطق التي يتم فيها إخلاء المصابين. إنّ كل ما تقدم يضع على كواهل الممرضين في الوطن العربي، مسؤولية كبرى لا تحتمل التقصير.

هل ترى تقصيرًا في مد القطاع الصحي هنا بكل ما يلزم، أم أنه في وضع لا بأس به؟
هناك نقص كبير من قبل الحكومات العربية (أقصد وزارات الصحة) وتعقيدات في الإجراءات من قبلهم، بخصوص إدخال المواد والأشخاص. وفي المقابل هناك دعم كبير من المؤسسات الخيرية والشعبية من مختلف بلدان العرب والمسلمين. لذلك أناشد جميع وزراء الصحة العرب أن يقوموا بواجبهم الوطني والمهني والإنساني، تجاه ألوف المصابين، قبل فوات الأوان. كما أطالبهم بتسريع نقل الحالات إلى الخارج، لتقديم أفضل الرعاية الطبية لهم، حتى يعودوا إلى أهلهم سالمين معافين.

اليوم هو ثاني أيام وقف إطلاق النار، ماذا تقول بهذه المناسبة؟
نريد بعد نهاية الحرب أمرين: الأول، توفير مؤسسات طبية متطورة، لتأهيل المصابين الذين تعرضوا إلى إعاقات. والثاني، توفير مؤسسات طبية تكنولوجية من أجل توفير أطراف صناعية للذين تعرضوا للبتر وهم كثر جدًا.

وكيف رأيتم المرضى، من خلال تعاملكم معهم؟
سمعنا بآذاننا ورأينا بأم أعيننا أن معظم المصابين يتمتعون بمعنويات عالية جدًا وهمم عظيمة رغم آلامهم وجراحهم. ولذلك هم يستحقون من وزراء الصحة العرب كل عون ودعم وإسناد، وبأقصى السرعة اللازمة.

هل تريد إضافة شيء تودّ قوله؟
أقول إن هذه العزائم الجبارة والجهود المتفانية من الكوادر الطبية، وإنّ هذا الصبر والثبات من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، وهذا الإيمان الراسخ من المرضى والجرحى، كل ذلك يستحق من العرب أن نقف بجانبهم ولا نخذلهم في محنتهم. إنهم يستحقون النصر المؤزر من الله تعالى، ثم يستحقون كل التقدير والاحترام والدعم. فهم علموا العالم دروسًا في المقاومة والتمسك بالثوابت، والوحدة، والتكافل الاجتماعي، وإدارة الأزمات.

ماذا عن همومك الشخصية، قبل وخلال الزيارة؟
ليست هناك هموم تُذكر ولكنها طموحات وإنجازات نعتز بها، ويغبطنا عليها القريب والبعيد، حيث شعرنا أننا استنشقنا معاني العزّة الحقيقية من أهل غزة الأبية. ما زالت أستقبل اتصالات كثيرة تأتيني من الأهل والأصدقاء والزملاء في عمان، فأوصيهم بالدعاء لأهل غزة ويعبر كل المتصلين عن شوقهم وحبهم لزيارة غزة وتقديم ما يمكن تقديمه.

أي لم يكن هنالك قلق وخوف عليك وأنت تأتي لمنطقة ساخنة؟
لا. لم اشعر لا أنا ولا الأهل بهذا القلق، حتى أنّ أحد أبنائي الصغار أوصاني بأن أحضر له شيئًا من تراب غزة، ليعتزّ به. وأخيرًا أقول للجميع: لا بد من كسر الحصار الظالم عن قطاع غزة للأبد، وإلا لن تعود المنطقة للهدوء، وستعود الأمور إلى مجاريها السابقة.