جملة من القضايا قد تشعل المواجهة بين الحكومة والبرلمان
الكويت: تحذيرات من بدء موسم الأزمات.. وتعليق العمل بالدستور
فاخر السلطان من الكويت:
يؤكد المراقبون في الكويت أن موسم الأزمات بين الحكومة ومجلس الأمة من شأنه أن يبدأ خلال الأيام القليلة القادمة بعد انتهاء القمة الاقتصادية العربية. ويقول هؤلاء إن الأزمة بين السلطتين كان من شأنها أن تبدأ منذ زمن ليس ببعيد لولا تنظيم الكويت للقمة الاقتصادية. ومن أبرز توقعات نتائج موسم الأزمات هو حل مجلس الأمة وتعليق العمل بالدستور، كما يقول المحلل السياسي الكويتي البارز محمد عبدالقادر الجاسم، بسبب بدء المشاحنات بين الطرفين الحكومة والبرلمان.
ويشير المراقبون والصحف المحلية إلى جملة من القضايا التي من شأنها أن تشعل المواجهة بين الحكومة ومجلس الأمة في الكويت، من ضمنها ما يسمى بـquot;القرض الروسيquot; ولجنة التحقيق في إلغاء عقد شركة quot;داو كميكالquot; والخسائر المستمرة في البورصة واقتراح شراء ديون المواطنين لدى البنوك وشركات الاستثمار وإعادة جدولتها من دون أي فوائد بعد أن تبرعت الدولة بمبلغ يصل إلى 500 مليون دولار لإعمار غزة، واستجواب وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نورية الصبيح الذي يجري التحضير له على قدم وساق، كما تقول صحيفة السياسة، والتي تضيف أن quot;الانفجار المؤجل منذ وقت ليس ببعيد قد اقتربت ساعته بعدما تقلصت كل فرص وآمال الحل حسب تأكيدات مصادر رفيعة المستوىquot;. كما تؤكد الصحيفة أن كتلة العمل الشعبي البرلمانية أكملت استعداداتها لفتح ملف القرض الروسي ما قد يفتح باب التصعيد من جديد بين الكتلة ووزير المالية مصطفى الشمالي.

وحول تصريحات النواب في هذا الإطار أكد النائب خالد السلطان (سلفي) ان الوضع الاقتصادي في الكويت يمر بمرحلة خطرة ستكون نتائجها مدمرة. وقال quot;لم يعد خافيا على اي مراقب ما وصل اليه الاقتصاد من وضع سيئ وانه يتجه نحو كارثة حقيقية أودت بمدخرات كثير من الاسر الكويتية وما زال المزيد في الطريقquot;. واضاف quot;اننا نحمل الحكومة مسؤولية هذا الانهيار فلقد مضى ما يقارب اربعة اشهر ولم نر الى اليوم علاجا للأزمة، ولا يمكن ان نسكت على عدم فاعلية الحكومة او تسييس هذه الكارثة التي قد تنتهي بطرد الكثير من الموظفين في القطاع الخاص وفقدان وظائفهمquot;. وشن النائب محمد الصقر هجوما عنيفا على ما وصفه بـquot;التقاعس وضعف الاداء الحكوميquot; تجاه تداعيات الازمة المالية على الاقتصاد الكويتي وما يشهده من انهيارات متوالية تؤكد ان الكارثة قد وقعت وفشلت اجهزة الدولة في التصدي لها او معالجتهاquot;، مشيرا الى ان quot;تصريحات مسؤولين حكوميين كبار ساهمت في تعميق الازمة وشجعت المزيد من المواطنين على الانخراط فيها وتدمير مقدراتهم ومدخراتهمquot;، واكد ان quot;ما يحدث في معالجة الازمة حاليا هو تنظير سيتضح اثره بعد فترة طويلة تكون قضت فيه الازمة على اقتصادناquot;، محذرا من أن هذا الامر ان حدث لا قدر الله سيستدعي في حينه المساءلة السياسيةquot;. واكد النائب عبدالله الرومي ان ما يحدث في سوق الكويت للاوراق المالية من تراجع مستمر تقابله لا مبالاة حكومية امر لا يمكن السكوت عليه، مشددا على ضرورة التدخل الحكومي الفوري لمعالجة الانهيار في البورصة.

وكان الكاتب والمحلل السياسي محمد عبدالقادر الجاسم أكد في مقال له على موقعه الإلكتروني quot;الميزانquot; أن الأوساط السياسية في الكويت تتداول (معلومات) تبدو مؤكدة مفادها أن هناك quot;حالة تحفزquot; باتجاه الإعلان عن حل مجلس الأمة قريبا وتعليق العمل بالدستور لفترة موقتة يجري خلالها تنقيح عدد من مواده الأساسية. ويؤكد المقربون من الأسرة الحاكمة أن المسألة مسألة وقت ومناسبة. أما عن الوقت فهم يرجحون أن تحدث تطورات دراماتيكية خلال الأسابيع القليلة القادمة. أما عن المناسبة فإنها قد تكون (طبيعية) مثل quot;هوشةquot; بين نواب في مجلس الأمة أو اقتراحات من نواب ترفضها الحكومة، أو قد تكون (مفتعلة) تحركها أطراف معينة مثل افتعال حالة مواجهة طائفية أو تقديم استجواب مصطنع لرئيس مجلس الوزراء. المهم في الأمر، هو أن التوجه نحو تعليق العمل بالدستور ومصادرة الحريات العامة وفرض أجواء الدولة البوليسية هو توجه قوي ويتعدى مرحلة quot;الأمنيات التاريخيةquot; ويقترب من مرحلة التنفيذ.
ويطرح الجاسم السؤال التالي: quot;والآن.. ما هي واجباتنا؟quot;

ويقول: قبل أن quot;أفكر بصوت مسموعquot; في شأن واجباتنا تجاه مشروع الانقلاب على الحكم الدستوري، أود أن أنبه من قد يظن أن تعطيل مجلس الأمة وتعليق العمل بالدستور هو الخيار الأفضل تحت تأثير عنوان quot;شنو سوى المجلسquot; أو quot;زين يسوون ما ورا المجلس إلا المشاكلquot;، أو غير ذلك من quot;عناوينquot; استسلامية، إلى أنه لا يمكن للسلطة أن تعطل المجلس وتعلق الدستور إلا وفق صيغة أمنية مرافقة، أي عن طريق التضييق على الحريات العامة والمراقبة الأمنية المكثفة، وهذا الأسلوب سوف يشيع في البلاد أجواء غير مريحة إطلاقا، ولن تتأثر حرية التعبير في الصحف والتلفزيونات فقط، بل سيطال القمع، وبدرجات متفاوتة، كل منابر الحرية بما في ذلك أحاديث الديوانيات.. نعم لا أبالغ في هذا وما عليكم سوى أن تتذكروا أن الحكومة لديها مشروع قانون جاهز يمنح قوات الأمن حق مداهمة الديوانيات، وهو المشروع الذي أقرته خلال فترة انتخابات 2008 ثم تراجعت عنه بعد المعارضة الشعبية الشديدة له. باختصار، إن مشروع السلطة ليس quot;شطبquot; مجلس الأمة فقط، بل هو ينصب على مصادرة أجواء الحرية التي يتمتع بها الشعب الكويتي. إن الشخصية الكويتية تتميز عن غيرها في المحيط الإقليمي بالجرأة والإقدام والاعتداد الشديد بالنفس.. والحرية هي أحد مكونات الشخصية الكويتية، وحين quot;يشطبquot; مجلس الأمة، وحين يعلق العمل بالدستور، فالهدف هو quot;تحجيمquot; الشخصية الكويتية والقضاء على أهم مكوناتها.. أليس quot;تراخيquot; الحكومة في مواجهة انهيار البورصة وترك الأزمة المالية تستفحل هو quot;تحجيمquot; اقتصادي؟! يريدون مصادرة حريتنا كي نلغي عقولنا ثم نكتفي بالتصفيق لهم! ضعوا في بالكم أن quot;شطبquot; مجلس الأمة يعني انتعاش سوق المنافقين، ويعني أيضا انتعاش الفساد بكافة أشكاله.. وسوف يفقد المجتمع توازنه.. وهنا مكمن الخطر.

ويضيف الجاسم: والآن دعونا نفكر بصوت مسموع في كيفية التصدي لمشروع الانقلاب على الحكم الدستوري، فهناك، كما أرى، خيارات عدة: هل من المصلحة أن تتعمد القوى السياسية والنشطاء quot;ترخية الحبلquot; وquot;تشجيعquot; السلطة على اتخاذ القرار من أجل استدراج مواجهة محتملة جدا بين المعارضين للقمع وبين السلطة؟ بمعنى هل من المصلحة أن quot;ينبط الدملquot; وتحدث المواجهة كي تكون الغلبة في النهاية للرأي الذي ينتصر مرة وللأبد؟ فإذا تمكنت السلطة من فرض إرادتها خارج نطاق الدستور ولم يعارضها الشعب، خوفا منها أو استسلاما لها أو تأييدا لأفكارها، ستنتهي هذه المواجهة لصالح السلطة التي يمكنها أن تفعل بالبلد ما تشاء من دون حسيب أو رقيب. أما إذا انتهت المواجهة بانتصار الشعب لدستوره وحرياته وحقوقه، فإن السلطة سوف تنصاع لرغبة الشعب وتتخلى نهائيا عن أمنيتها التاريخية بالتخلص من الدستور، ويفرض الشعب اختياراته عليها فيتحقق للبلد الاستقرار السياسي. ولو حدثت تلك المواجهة وفرض الشعب إرادته، فإن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه، إذ دائما ما يفقد quot;الخسرانquot; مراكزه السابقة! أم أن المصلحة تقتضي quot;تفويت الفرصةquot; على السلطة، كما يرى البعض، وذلك من خلال دخول كافة أطراف العمل السياسي في هدنة طويلة تبتعد خلالها عن استجواب الوزراء وعن أي موضوع يسبب توترا سياسيا في البلاد، فلا تجد السلطة quot;العذرquot; الذي تريده للقيام بالانقلاب على الحكم الدستوري ما دام مجلس الأمة quot;يمشي تحت الساسquot;! أم أن المصلحة تتطلب الشروع فورا في التصدي لمخططات الانقلاب على الحكم الدستوري وقبل تنفيذها، وأن تقدم القوى السياسية الوطنية للسلطة، مبكرا، quot;نمونةquot; أو عينة مما ستكون عليه المواجهة المحتملة في حال تم تنفيذ الانقلاب على الحكم الدستوري فتدعو قريبا إلى اجتماع عام حاشد لمناصرة الحكم الدستوري والحريات العامة من أجل إيصال رسالة واضحة للسلطة مفادها أن المعارضة الشعبية ستكون فورية وفاعلة وشديدة للحكم غير الدستوري، وهي الرسالة التي قد تكون كافية لرد الأفكار الانقلابية على أعقابها. وقد يكون من المصلحة أن تتم الدعوة في أقرب فرصة إلى اجتماع مغلق تحضره شخصيات quot;مختارةquot; تمثل كافة أطياف المجتمع في ديوان النصف مثلا أو أي ديوان آخر يتم خلاله التوقيع على وثيقة وطنية تتضمن معارضة صريحة وواضحة لمشروع الانقلاب على الحكم الدستوري.

ويقول الجاسم إن ما سبق هو بعض الخيارات التي رأيت أنه قد يكون من المفيد التفكير فيها بصوت مسموع، أو للدقة، quot;بحرف مكتوب ومنشورquot; لعل نشرها يؤدي إلى خلق حالة نقاش وطني من أجل التوصل إلى صيغة مناسبة لردع فكرة الانقلاب على الحكم الدستوري.

لكن.. يبدو أنني أجزم، من خلال طرح الأفكار السابقة، بأن القوى السياسية والشخصيات الوطنية ستعارض الانقلاب على الحكم الدستوري، فهل أنا على صواب بهذا الجزم؟! أم أن الانقلاب على الدستور سوف يحظى بالتأييد، ولن يتحرك ضده، من النواب، إلا النائب أحمد السعدون والنائب مسلم البراك، وربما بعد مرور وقت طويل كما حدث بعد انقلاب عام 1986؟!

ويقول الجاسم: مع الأسف، يبدو لي أن موقف معظم القوى السياسية والشخصيات ذات الرصيد الوطني quot;السابقquot; ليس محسوما هنا، فقد نجحت السلطة خلال السنوات السابقة في إضعاف الروح الوطنية عموما وفي إقصاء دور quot;رجال الكويتquot; والعائلات التجارية ذات النشاط السياسي، كما نجحت في الحد من تأثير بعض القوى السياسية من خلال فتح نوافد وأبواب أمامها للاستفادة من المال العام، ولاسيما الكويت تمر حاليا بأزمة مالية خانقة منحت السلطة quot;فرصة ذهبيةquot; لإبرام صفقة سياسية مالية مع تلك القوى والعائلات تقوم السلطة بموجبها بإنقاذ شركاتهم مقابل سكوتهم على الانقلاب على الحكم الدستوري. إن تتبع ملكية الشركات المتضررة يكفي لوضع quot;كارت بلانشquot; في يد السلطة للمضي في فكرة الصفقة.. ومن هنا فإنني أفضل التروي في توقع رد فعل القوى السياسية والعائلات التجارية تجاه فكرة الانقلاب على الحكم الدستوري، ولست واثقا من رغبة أولئك في معارضة الانقلاب!