في تطور يرى المراقبون انه خطوة مهمة في سلّم الإصلاح، اعتمد مجلس القضاء الأعلى في السعودية لائحة التفتيش القضائي، وذلك في اجتماعه الأخير مؤكداً سعيه للتطوير في السلك القضائي على عدة مسارات، وحددت اللائحة اشتراطات معينة انحصرت في أربع نقاط لاختيار عناصر التفتيش القضائي هي أن يمتلك العنصر خبرة لا تقل عن سبع سنوات في عمل القضاء في المحاكم ، وأن لا يقل تقييمه على تقدير فوق المتوسط فيالتقريرين الأخيرين السابقين على اختياره، وألا يكون قد أوقعت عليه عقوبة اللوم من المجلس خلال السنوات الثلاث السابقة على الاختيار ، وألا تقل درجته عن رئيس محكمة .

الرياض: كما حددت اللائحة عمله في وضع الدرجات للقضاة ضمن سلم تقييم معين يعتمد على نماذج عمل مُعدّة للمفتشين يتم من خلال بنودها تحديد وتوزيع درجات الكفاية على القضاة ، وكتاب العدل ، الذين سيخضعون في تقييمهم لجوانب مثل سرعة إنجاز القضايا، وتسبيب الأحكام، والقيام بواجباتهم الوظيفية، وما يتعلق بالجانبين العلمي والإداري للقاضي .

ووفقا لأمين عام المجلس الأعلى للقضاء الشيخ عبدالله بن محمد اليحيى فإن آليـة عمل الإدارة العامة للتفتيش القضائي ستركز على العمل في مسارين يعنيان بالدرجة الأولى بالتفتيش الدوري على أعمال القضاة، والثاني في التحقيق في الشكاوى المقدمة ضد القضاة أو منهم مما يحال إليها من جهات معنية، لافتاً الى أن ملامح اللائحة لا تخرج عن خمسة جوانب هي التعريفات والأحكام العامة، والإدارة العامة للتفتيش، والتفتيش والاعتراض، والشكاوى والتحقيق، نهاية بالأحكام الختامية، من ناحية أخرى وافق المجلس على إنشاء محاكم استئناف جديدة في العديد من المناطق شملت جازان ونجران و الحدود الشمالية و تبوك و حائل و الباحة وفق جدولة زمنية.

ويبدو أن مجلس القضاء الأعلى لم يتأخر كثيرا في تمرير اللائحة واعتمادها إذ إنه في منتصف العام الماضي كان رئيسه الدكتور صالح بن عبدالله بن محمد بن حميد قد أعلن عن انتهاء العمل في لائحة التفتيش القضائي تمهيدا لإصدارها، بما في ذلك لائحة للشؤون الوظيفية ، وضوابط ترشيح القضاة ، وكذلك البدء في إعداد دراسة مستفيضة لمشروع quot;الزمالة القضائيةquot; والتي تقابل الزمالة الطبية، وكانت تلك التحركات من المجلس قد جاءت استنادا إلى خطة التطوير والمطالبات الكثيرة بإخضاع القضاة وكتاب العدل للتفتيش القضائي ومحاسبتهم وهو ماكان المجلس يرفضه معتبرا أن ذلك مزلق في حق حصانة القضاة ،وأن المطالبة بمحاسبتهم على الحضور والانصراف والالتزام به غير مقبول.

يذكر أن الرقابة والتطوير في المحاكم العامة والجزائية تصدرت الاهتمامات وكذلك قضية الشفافية بين القضاء والمجتمع المدني، مع التأكيد على استقلالية القضاء وتقبله للاستفادة من الانتقادات والملاحظات من وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع في ظل أن الواقع الفعلي وحضور التفتيش القضائي الضعيف كان ملموسا بحيث أن القاضي قد لا يستقبل أي مفتش سوى مرات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة طوال فترة عمله ، خصوصا أن القضاة وبحكم المادة الصريحة في نظام القضاء quot;غير قابلين للعزل إلا في حالات متقدمة جداً ، و لا ينقل القضاة إلى وظائف أخرى إلا برضاهم أو بسبب ترقيتهم quot;.

الأمور الأخرى التي ربما ستأتي في ثنايا التطبيق وهي في بعض الانتقادات للائحة والمطالبة بجعل التفتيش مفاجئاً وليس على موعد مسبق وتجهيز القهوة والتمر والمفطحات له على تعبير بعض المنتقدين ، وكذلك بأن تكون الأولوية لتقييم القضاة على سرعة الانجاز، وفك الخلافات ، وتطبيق الأحكام بعيدا عن المغالاة في الاجتهاد ، وأيضاً على مدى إطلاعهم على الأنظمة القضائية الدولية، وقضايا التعاملات التجارية ، والاتفاقيات الدولية في ما يخص ذلك .

وتشير التوقعات إلى أن إدارة التفتيش القضائي ستعمد لتوسعة أعداد المفتشين في ظل ما يُنتظر من زيادات كبيرة في أعداد القضاة ، وكتاب العدل لمواجهة الانتقادات ، حيث سبق لرئيس المجلس الدكتور صالح الحميد أن أكد في شوال المنصرم أنه سيتم إقرار زيادة لا تقل عن 78٪ وأن quot; عدد القضاة وصل إلى 1250 قاضيًا بعد أن كان عددهم يقل عن 700 قاضٍ، في ظل حاجة المحاكم إلى أكثر من 3000 قاض، ووجود حوالى 2000 وظيفة شاغرة الآن في المحاكم الشرعية quot;.

واشار إلى توجه المجلس للتعامل مع أصحاب الفضيلة القضاة من خلال الرسائل القصيرة quot;sms quot; لتحقيق الانجاز وإطلاعهم على الجديد من عمل المجلس وآليته وعلى متطلبات العمل القضائي في المرحلة القادمة مع حثِّهم على التعاون مع المراجعين وإنهاء معاملاتهم أولا بأول وعدم تأخيرها.