حاول مؤتمر الامم المتحدة حول المناخ في كوبنهاغن احراز تقدم بعد ان طالبت الدول النامية باتفاق قادر على quot;حماية السكان الاكثر فقراquot; واعربت عن قلقها من قلة التزام الدول الغنية بتمويله. في وقت اكد محللون أن الالتزامات بالحد من الانبعاث الحراري تلقي مقاومة من قبل ممثلي الصناعات الكبرى وممثليهم السياسيين في الهيئات التشريعية ، خصوصا في ظل المخاوف من أن هذا الالتزام سيرفع الكلفة ثم اسعار المنتجات ما يجعلها غير قادرة على منافسة البضائع المصنوعة في الصين مثلا.


Environmental activists from the World Wildlife Fund greet a ...

برلين: قفز اسم وكالة حماية البيئة الاميركية Epa (Environmental Protection Agency إلى الأضواء فجأة بعد أن أصبحت هذه الوكالة الأداةَ التي استخدمتها الإدارة الأميركية والرئيس أوباما في تجاوز مجلس الشيوخ الذي عارض القرارات الخاصة بأية التزامات أميركية بخصوص البيئة.

على خلاف اللهجة المتشائمة التي سادت أوساط المحللين ووسائل الأعلام الألمانية لغاية يوم أمس بخصوص النتائج المتوقعة من قمة كوبنهاغن بخصوص المناخ كانت الصحافة الصادرة صباح هذا اليوم و كذلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أكثر تفاؤلا. يأتي ذلك في أعقاب القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية من خلال وكالة البيئة Epa.

الجديد أن هذه الهيئة قد اعتبرت أن ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يتسبب به انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون و الميثان ومواد أخرى تشكل خطرا مباشرا على حياة المواطنين لهذا الجيل و الأجيال القادمة مما مهد الطريق أمام الإدارة الأميركية لاتخاذ قرارات بالحد من انبعاث هذه الغازات، التي تقذف بها الى الجو المعامل ووسائط النقل وغيرها، بدون الرجوع الى السلطات التشريعية. و بهذا أصبح لدى الرئيس الأميركي الذي سوف يحضر مؤتمر البيئة في كوبنهاكن في أسبوعه الأخير المزيد quot; من أوراق اللعبquot; و الصلاحيات لإعلان التزام أميركي محدد بهذا الشأن، كما عبرت صحيفة ( Die Welt) الألمانية.

و لم يأتِ قرار الـ Epa كمفاجأة، فقد مهد اوباما لذلك بالعمل على تعيين احد الداعمين لحملته الانتخابية كنائب لرئيس الهيئة، و لكن حتى بدون ذلك كانت المزيد من التصريحات قد أخذت نهجا جديدا للـ .Epa فقد قالت رئيسة الوكالة ليزا جاكسون بان هذه الغازات تشكل خطرا على حياة الجيل الحالي و الأجيال القادمة.

و كان مجلس الشيوخ الأميركي قد عطل التزاما أميركيا أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون ضمن بروتوكول كيوتو بالحد من انبعاث الغازات التي تزيد من حرارة الكوكب و تجعله على حافة الهاوية.

هذا التطور الجديد دفع المحلل Ansgar Graw أن يكتب أن الحائزين على جائزة نوبل بوسعهم أيضا استعراض عضلاتهم مشيرا إلى الرئيس الأميركي اوباما.

كان الحد من الانبعاث الغازي احد النقاط المهمة في حملة اوباما الانتخابية و لكن تحويل هذا الوعد الانتخابي الى عمل ملموس قد عُطل بواسطة الجمهوريين و الديمقراطيين المترددين بل حتى من بعض أصدقاء اوباما الذين صرحوا بشكوكهم إزاء جدوى القرار مثل الديمقراطية عضو مجلس الشيوخ عن اركنساس بلانش لنكولن التي صرحت أن قرار الـ Epa سيشكل عبئا على الصناعات الأميركية دون تحقيق نتائج ايجابية للبيئة ودعت الـ Epa إلى الانتظار حتى يجد الكونغرس حلا.

ولكن حلا كهذا لا يبدو ماثلا في الأفق فلنكولن نفسها كانت ضمن الذين رفضوا سابقا قرارات الحد من الانبعاث .

و يرى محللون أن الالتزامات بالحد من الانبعاث الحراري تلقى مقاومة من قبل ممثلي الصناعات الكبرى وممثليهم السياسيين في الهيئات التشريعية وخصوصا المخاوف من أن هذا الالتزام سيرفع الكلفة ثم اسعار المنتجات الأميركية ما يجعلها غير قادرة على منافسة البضائع المصنوعة في الصين مثلا و التي تتمتع بقدرة تنافسية أصلا بسبب انخفاض كلف الإنتاج هناك.

كما حذر معارضون لهذه القرارات و ممثلون للأوساط الصناعية ان هذه الإجراءات ترفع من أسعار الوقود و بالتالي سوف ترفع من أسعار المواد المعيشية و تؤدي إلى ازدياد البطالة.

Activists from Christian Aid wear clocks and hold a globe at ...

و تسعى الدول الصناعية الكبرى في أوروبا وأميركا و اليابان إلى إلزام الأطراف الأخرى التي تتسبب بهذا الانبعاث الغازي من الدول المنخرطة حديثا في عملية التصنيع مثل الصين و الهند ودول أخرى في آسيا و أميركا اللاتينية و غيرها بتعديل صناعتها و أنواع الوقود المستعمل لتحقيق هذا الهدف، فيما تقاوم اغلب هذه الدول مثل هذه الأعباء و التكاليف الإضافية على صناعتها، فهي ترى أن الدول الصناعية المتقدمة هي التي ينبغي أن تتحمل العبء بسبب دورها في تلويث كوكبنا و منذ فترة طويلة، و أن تمتلك هي الحق في تطوير صناعتها بالطريقة التي تراها، أسوة بالدول المتقدمة كحق طبيعي.

ساعد الموقف السلبي للمشرعين الأميركيين في موضوع البيئة و عدم قدرة الولايات المتحدة على إلزام نفسها بقرارات كيوتو على هذا الموقف المتشدد للدول حديثة التصنيع، و من هنا تأتي أهمية القرارات الأخيرة للـ Epa التي مهدت الطريق للحصول على التزام من اكبر ملوث وبالتالي تمهيد الطريق لالتزام عالمي متعدد الأطراف.

و بالرغم من أن بعض المحللين يرون أن الوضع الحالي في الولايات المتحدة غير ملائم لأية التزامات مرهقة خصوصا بسبب نسبة البطالة العالية فإن إدارة الرئيس اوباما قد قررت بموازاة القرارات الخاصة بالبيئة تخصيص المزيد من الأموال لخلق فرص عمل جديدة لتخفيض نسبة البطالة و كذلك لدعم المشاريع الصغيرة و المتوسطة إضافة الى دعم المشاريع التي تعتمد مصادر طاقة نظيفة و متجددة.

وقد رحبت العديد من منظمات البيئة بالتطورات الأخيرة و أشادت بقرار الـ Epa و اعتبر القرار عالي الأهمية حسب وصف يفو دي بوير مسؤول الأمم المتحدة لشؤون المناخ.

ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي التزام الولايات المتحدة بخفض الانبعاث الحراري بنسبة 17 % حتى العام 2020 . و لكن الإدارة الأميركية سوف تعتمد مستوى الانبعاث لسنة 2005 كسنة معيارية لهذا الخفض بدلا من الاتفاق السابق في أن يكون العام 1990 معيارا مما يعني حسب ما يراه خبراء في البيئة ليس سوى نسبة خفض تتراوح بين 3 ـ 4 % في الوقت الذي تلتزم فيه دول اوروبا و اليابان بخفض يتراوح بين 20 ـ 30 %.

أما ألمانيا فقد ذهبت ابعد من ذلك وتجاوزت هذه النسبة . فحسب ما صرح به وزير البيئة الألماني روتغن فإن بلاده تلزم نفسها بخفض يصل إلى 40% حتى العام 2020 و قد أشار الوزير الى أن ألمانيا لديها مشروع يسعى لكي يجعل مصادر الطاقة في ألمانيا معتمدة بشكل كلي على مصادر الطاقة المتجددة ( وهي الطاقة المستمدة من الريح و أمواج البحار و الشمس .. الخ ) حتى عام 2050 .