زكي شهاب من لندن: غيَب الموت في العاصمة البريطانية الزميل قاسم جعفر، الصحافي والمحلل الإستراتيجي، عن عمر يناهز الرابعة والخمسينعاماَ، تاركاَ لعائلته و أصدقائه و القراء مشاعر الحزن والخسارة، خصوصاَ أن الموت غدره باكراَ وهو في ذروة حيويته وعطائه. كان قاسم جعفر، الصحافي الجنوبي اللبناني و العربي، مأخوذاً بمتابعة الأحداث التي تعصف ببلده و المنطقة من خلال رصده بدقة و بصبر للتحولات في موازين القوى الإقليمية،و الأدوار الكبرى ليحمل خلاصاته إلى المهتمين...ولم تحل ولادته في نيجيريا، ونشأته لوالدين هاجرا إإلى القارة السمراء بحثاَ عن لقمة العيش، من أن يكون صحافياَ منفتحاَ وعربيا َرحباَ يفرد دائماَ مكاناَ مميزاَ للرأي الأخر، وهو يسعى إلى الحوار مع من لا يشاطره الرأي.
شغل قاسم جعفر، إلى ما قبل ثلاث سنوات، منصب عضو مجلس إدراة قناة quot;الجزيرةquot; القطرية وقد عمل في الدوحة في السنوات العشر الأخيرة، قبل أنقطاع علاقته نهائيا أخيرا. وقد سبق له وكتب في صحف عربية بارزة و في مقدمتها صحيفتا الحياة والشرق الأوسط، كما كان من العرب القلائل الذي تولوا موقعاَ متميزأَ في محطة البي بي سي، وحظي بلقاءات مع زعماء الدول من بينها حديث مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذي لقي صدى واسعاَ.
كان قاسم جعفر من الجيل العربي الذي أدرك الأسباب الحقيقيةوراء تأخرالعالم العربي، من هنا كانت دعوته الدائمة إلى الإهتمام بالتعليم والإنفتاح على الجديد والتفاعل مع الخارج والأخذ بأسباب التقدم وفهم المتغيرات.
تلقى الراحلعلومه في الجامعة الأميركية في بيروت قبل أن يواصل دراسته في جامعة كنغز كوليدج البريطانية، وكان عضواَ في عددِ من المعاهد والمراكز الإستراتيجية المرموقة في بريطانية وبلجيكا والولايات المتحدة، من بينها مركز الدراسات الإستراتيجية والمعهد الملكي المتحد، كما كان أيضا مستشارا زائرا لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط.
تناولت الدراسات التي أعدَها أزمات المنطقة وبينَت أنه كان في سباق مع الوقت من أجل إغناء معرفته وتعميق تحليلاته، كما عكست غنى تجربته في تحصيل العلم. وأظهرت دراساته كم كان هذا الشاب الجنوبي تواقاَ إلى تحصيل العلم في مرحلة كان فيها العالم يتغَير و يشهد إنقلابات متواصلة في السياسة و الأمن و الإعلام.
كان قاسم جعفر يتابع التطورات العالمية ليفهم العالم أكثر وليعطي المزيد من المعرفة لقرائه، كما كان أيضاَ محباَ للحياة. و ليس من المبالغة القول إن الجمع بين كل هذه الأشياء هو جمعُ قاتل. رحل قاسم جعفر وهو يتألم على وطنه لبنان بسبب صعود الغرائز المذهبية. و ربما كان ذلك، هو ما عجل في توقف قلب quot;أبو عليquot;عن الخفقان وترك هذا العالم.
التعليقات