عبارتا quot;العبثيةquot; وquot;الهجينةquot; أغضبتا الحكومة الإيرانية
الخارجية المغربية تتهم دبلوماسيين إيرانيين بممارسات quot;لئيمةquot;

أحمد نجيم الدار البيضاء: علمت quot;إيلافquot; أن تقارير استخباراتية مغربية كشفت عن تورط دبلوماسيين إيرانيين في دعم المذهب الشيعي بالمغرب، وكانت هذه النقطة قد أدرجت في اجتماع بنواكشوط بين مسؤولين أمنيين مغاربيين، إذ أنذر هؤلاء من النشاط المتزايد للشيعة في الدول المغاربيين. وكان وزير الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري قال إن quot;بعض الحركات والعمليات التي تقوم بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تمس، داخل الوطن المغربي، بوحدة السنة المالكية في المملكة المغربيةquot;، في إشارة إلى نشر المذهب الشيعي، كما أن تحركات السفير الإيراني في المغرب وحيد أحمدي بدأت تغضب المسؤولين المغاربة.

وقد وصف مسؤول رفيع في الخارجية المغربية لquot;إيلافquot; التصرفات الإيرانية حيال المغرب بquot;اللئيمةquot;، وقال الدبلوماسي المغربي إن الإيرانيين إن إيران quot;تعاملت بطريقة غير لبقة ولا دبلوماسية مع القائم بأعمال السفارة المغربية في طهرانquot;، إذ استدعته الخارجية لإيرانية واستقبله موظف صغير موجها إليه إهانات لم يكشف عليها المسؤول المغربي.

في المقابل حاول السفير الإيراني بالمغرب الذي سيغادر الرباط بحر الأسبوع المقبل، في اتصال مع quot;إيلافquot; أن يقلل من طريقة استقبال الإيرانيين للدبلوماسي المغربي، وقال إن إيران احتجت على المغاربة بسبب رسالة الملك محمد السادس يوم 19 شباط إلى ملك البحرين ووظف فيها عبارتا quot;العبثيةquot; وquot;الهجينةquot;لوصف بدأت الأزمة المغربية الإيرانية الديبلوماسية بعد تصريح علي أكبر ناطق نوري، رئيس التفتيش بمكتب ما يسمى قائد الثورة الاسلامية في ايران، قال فيها إن البحرين كانت محافظة إيرانية.

من جهته عبر وحيد أحمدي، السفير الإيراني المعتمد في الرباط في اتصال هاتفي مع quot;الجريدة الأولىquot;، عن استغرابه للموقف المغربي، موضحا أن ما قيل في بيان الخارجية المغربية في الموضوع quot;غير دقيقquot;، وحول استهداف المغرب دون غيره من الدول التي أعلنت تضامنها مع البحرين ردا على تصريحات مسؤول إيراني قال إن البحرين كانت مقاطعة إيرانية، وأوضح السفير الإيراني، إن المغرب هو الوحيد الذي وظف عبارات قوية ضد إيران في إشارة إلى رسالة الملك إلى ملك البحرين وصف فيها التصريحات الإيرانية بquot;العبثيةquot; وquot;الهجينةquot;.

كما لمح المسؤول الإيراني إلى إمكانية الاعتراف بالبوليساريو (المطالبة باستقلال المحافظات الصحراوية)، وكانت إيران أغلقت مكتبا للبوليساريو بطهران عام 1998، بعد زيارة قام بها الوزير الأول آنذاك عبد الرحمن اليوسفي. وذهب السفير الإيراني إلى القول quot;إلى الآن لن يتغير موقفنا من القضية، فعلاقتنا مع البوليساريو، لكن في المستقبل لا ندريquot;. كما اعتبر السفير الإيراني اتهام بلاده بنشر المذهب الشيعي في المغرب quot;لا أساس لهquot;.

وحول استهداف المغرب دون غيره من الدول التي أعلنت تضامنها مع البحرين ردا على تصريحات مسؤول إيراني قال إن البحرين كانت مقاطعة إيرانية، وأوضح السفير الإيراني، إن المغرب كان الدولة الوحيدة الذي وظف عبارات قوية ضد إيران، وأشار إلى رسالة الملك محمد السادس إلى ملك البحرين يوم 19 فبراير وصف فيها التصريحات الإيرانية بquot;العبثيةquot; وquot;الهجينةquot;، عندما قال quot;العبثية تتعارض، بصفة قطعية وكلية، مع مبادئ وقواعد القانون الدولي، وكذا مع قيم التساكن، وحسن الجوار، التي تحثنا عليها ديانتنا الإسلامية السمحةquot;، وفي مقطع آخر من الرسالة quot;التصريحات الهجينة في حق بلد عربي شقيقquot;.

في البدء كان تصريح

بدأت الأزمة المغربية الإيرانية الديبلوماسية بعد تصريح علي أكبر ناطق نوري، رئيس التفتيش بمكتب قائد الثورة الاسلامية في ايران، إذ قال إن البحرين كانت محافظة إيرانية، فأدانت الدول العربية خاصة مصر والسعودية والأردن في البداية التصريحات الإيرانية، قبل أن يرسل الملك محمد السادس وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري إلى البحرين حاملا يوم 19 شباط الماضي رسالة منه إلى ملك هذه الدولة، عبر وصف تصريحات رئيس التفتيش بquot;العبثية والهجينةquot; معلنا في الوقت نفسه عن quot;استغرابنا الشديد وقلقنا العميق لذا، نعرب لكم عن استنكارنا لها، بكل قوة وصرامة، مؤكدين لجلالتكم ولشعبكم الأصيل، تضامننا المطلقquot;.

الإيرانيون سارعوا إلى استدعاء القائم بأعمال السفارة المغربية في إيران، وأوكلوا المهمة إلى موظف عاد بالخارجية، ووصفوا الطريقة بquot;المذلة للمغربquot;، إذ تشدد الأعراف الديبوماسية ان يتم الاستقبال من مسؤول كبير كوزير الخارجية وأن يتم ذلك وفق أسلوب ديبلوماسي، كما أن وكالة الأنباء الإيرانية quot;إيرناquot; انتقدت بشدة quot;الرسالة الملكيةquot;، فكان أن استدعى وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري السفير الإيراني يوم 24 شباط وأمهله، حسب الخارجية المغربية، ردا رسميا خلال العشر الأيام المقبلة، ويوم 25 شباط استدعى المغرب القائم بأعمال السفارة إلى الرباط للتشاور. بعد انتهاء المدة، أعلن المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية، وقال بيان للخارجية المغربية إن quot;المغرب طلب توضيحا من السلطات الإيرانية التي قال انها quot;سمحت لنفسها التعامل بطريقة متفردة وغير ودية، ونشر بيان تضمن تعبيرات غير مقبولة في حق المغرب، إثر تضامنه مع مملكة البحرين، على غرار العديد من الدول، بشأن رفض المساس بسيادة هذا البلد ووحدته الترابيةquot;، لكن ايران لم ترد على طلب التوضيحquot; ثم تحدث عن نقطة أخرى وهي أن quot;هناك quot;نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البعثة الديبلوماسية بالرباط، تستهدف الإساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة، والمّس بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكيquot;، وهو ما يعد quot;تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة، ويتعارض مع قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسيquot;، وذهب وزير الخارجية المغربي إلى الشك في التصرف الإيراني، وقال إن هناك quot;بعض الحركات والعمليات تقوم بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تمس، داخل الوطن المغربي، بوحدة السنة المالكية في المملكة المغربيةquot;. الرد الإيراني لم يتأخر، فقد نفى الناطق الرسمي باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين الهام تدخل ايران في الشؤون الداخلية المغربية، وقال في مؤتمر صحافي بطهران السبت الماضي الهام عدم وجود خلافات ذات دوافع مذهبية بين طهران والرباط، معتبرا ذلك من ايحاءات القوى الاجنبية وبهدف وضع عقبات في طريق الوحدة الاسلامية، أما وزير الخارجية الايراني منوتشهر متكي فقال إن الموقف المغربي quot;مفاجئ ومثيرquot;، مضيفا أن قضية التصريحات المتعلقة بالبحرين تم تجاوزها وان العلاقات بين الجانبين جيدة للغاية بعد تبادل كل من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة رسائل تؤكد عمق العلاقات الاخوية التي تجمع البلدين.

الإيرانيون يعومون الموضوع
الإيرانيون حاولوا إعطاء بعد آخر للأزمة الديبلوماسية، فربطوها بمؤتمر لدعم الشعب الفلسطيني منعقد في إيران، وقالت الخارجية الإيرانية إنها متأسفة quot;لاعلان المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران بالتزامن مع مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني واهالي غزة الذي عقد في طهران. واکد البيان ان ايران تعتقد ان اجراء المغرب هذا سيضر بوحدة العالم الاسلامي في الظروف الحساسة الحالية التي تتطلب وحدة وتضامن الدول الاسلامية کمبدا أساسي لدعم الشعب الفلسطينيquot; كما انتقد عدم مشاركة المغرب رسميا في هذا المؤتمر. لكن الرد المغربي لم يتأخر، إذ رفضت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في بيان لها السبت الماضي التبريرات الإيرانية التبريرات الإيرانية، وقال البيان إن إيران quot;باستنادها على الظروف التي تمر منها الأمة الإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية، فإنها تتملص من مسؤولياتها وتحاول توسيع مشكل ثنائي محض، ليشمل قضايا ليس لها فيها لا حق التفرد بها ولا ادعاء احتكار شرعيتهاquot;، محملا إيران المسؤولية في تدهور العلاقات بين الجانبين وقال البيان quot;على إيران تحمل كامل مسؤوليتها بالنسبة لتدهور العلاقات الثنائية التي تعرف إيران جد المعرفة دوافعهاquot;.

القناة الإيرانية الرسمية الناطقة باللغة العربية quot;العالمquot; ذهبت أبعد بكثير في تحاملها على المغرب، وجاء في موقع القناة المروجة للبروباكاندا الإيرانية أن quot;الروحية الطائفية المتوترة ضد الشيعة مازالت هي المحرك الأساسي والفاعل في العقلية السياسية لمراكز اتخاذ القرار في أكثر من بلد عربي، والمغرب ليس مستثى من هذا الشأنquot;، متهما السلطات المغربية بمنح الإرهابيين ما سماهم quot;الشارة الخضراء لقتل أنباء الشعب العراقيquot; واتهم المغرب بالتواطؤ مع الإرهابين وقال بطريقة مثيرة ومتحاملة quot;ملفات التواطؤ بين السلطة والارهاب في المغرب قضية معروفة للمغاربة قبل غيرهمquot;. تحليل كاذب لا يمت للواقع بصلة يكشف خلط الإيرانيين للمواضيع.

إيران والمغرب قصة كره قديم
علاقة المغرب بإيران الخمينية كانت متوترة منذ إعلان الخميني لثورته في العام 1979، فالملك الراحل الحسن الثاني كانت علاقته قوية بشاه إيران، فبعد خروجه من إيران قضى سنوات في المغرب، قبل أن يغادره بعد ضغوط على الرباط قبيل استقباله لمؤتمر الدول الإسلامية، ومازالت عائلته إلى اليوم تتردد على المغرب، خاصة أرملته الملكة فرح ديبة. وكانت العلاقة بين المغرب وإيران الخمينية على غير ما يرام، خاصة أن الخيميني حاول في العام 1983 القيام بأعمال إرهابية في المغرب، فكان رد المغرب قويا من خلال خطاب الملك الراحل الحسن الثاني. هذا الأخير اعتبر الثورة الخمينية في كتابه quot;ذاكرة ملكquot; quot;رمزا لانتقام شديد القسوةquot; مضيفا quot;لقد خيب ظنيquot; ثم أردف quot;كنت اعتقد أن هذا الرجل، في إشارة إلى الخميني، سيدعو إلى الإسلام الحق وإلى احترام التعاليم الإسلاميةquot;. بعد وفاة الخيميني ثم الحسن الثاني سنوات بعد ذلك، بدأت العلاقات نتفرج، لتدشن بعلاقات ديبلوماسية بدأت تتقوى، ووصلت مع حكومة التناوب التي قادها حزب quot;الاتحاد الاشتراكيquot; نهاية التسعينات، إذ قام الوزير الاول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي بزيارة إلى إيران، ثم جمدت طهران علاقتها مع البوليساريو بعد سنوات من الدعم ضدا على نظام الملك. العلاقات كانت ستتقوى أكثر لولا هذه الأزمة، فقد وجه الإيرانيون دعوة رسمية للعاهل المغربي الملك محمد السادس لزيارة طهران هذه السنة، غير أن التوتر الشيعي السني ومحاولات إيران التغلغل في المغرب أوقف هذه الجهود، وكان مستشار للرئيس الإيراني أحمدي نجاد قد زار المغرب، حاملا رسالة من نجادي إلى الملك محمد السادس، لكنه لم يستقبل من قبل الملك من قبل الوزير الأول، لكنه لما انتقل إلى الجزائر استقبل من قبل الرئيس بوتفلقية. التقارب الإيراني الجزائري كان سببا في خلق هوة بين المغرب وجهورية الخميني.