أيمن بن التهامي من الدارالبيضاء: دخل المعتقلون الإسلاميون الجزائريون من مجموعة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الموجودون رهن الاعتقال بالمغرب منذ 1995 إضرابا مفتوحا عن الطعام بعد إقدام الإدارة على ترحيلهم من سجن سيد سعيد بمكناس إلى السجن المحلي بسلا، وتجريدهم من جميع حقوقهم ومكتسباتهم التي راكموها.
ويتعلق الأمر بكل من محمد بورويس، وخالد العيداوي، والسجعي الواسني، وجميعهم محكومين بـ 14 سنة سجنا لكل واحد منهم.
ويطالب هؤلاء السجناء، الذي شارف إضرابهم عن الطعام على إتمام أسبوعه الأول، بإرجاعهم إلى السجن الذي كانوا فيه وتحسين أوضاعهم السجنية.
وكان مجموعة من المعتقلين الإسلاميين المغاربة نفذوا إضرابا إنذاريا عن الطعام تضامنا مع حسن الحسكي، الذي جرت تبرئته ابتدائيا وحكم عليه بعشر سنوات استئنافيا، حتى لا يجري إعادته إلى إسبانيا، التي سلمته إلى المغرب لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، بعد أن حكم عليه هناك بـ 14 سنة، لاتهامه بالتورط في اعتداءات 11 مارس 2004 في مدريد.
وكانت عائلات معتقلي السلفية الجهادية في المغرب، الذين يقبع ألف منهم وراء القضبان، نظمت، أخيرا، وقفة أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمدينة الرباط، بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجاءت هذه الوقفة، التي دعت إليها جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، للمطالبة بـ quot;فتح حوار جاد وجدي وإيجابي ومسؤول مع المعتقلين الإسلاميين الموجودين بالسجون المغربيةquot;.
ويأتي هذا في وقت فتح الجهاز الأمني للدولة في المغرب حوارًا مع بعض شيوخ السلفية. الحوار الذي بدأ قبل ثلاثة أسابيع، ظلت الدولة متكتمة بخصوص هذا الحوار، رافضة حتى الإعتراف به، بل وذهبت مصادر إلى محاولة التقليل منه والحديث عن quot;زيارات عاديةquot; إلى شيوخ السلفية بالسجون.
في المقابل أكد عدد من معتقلي السلفية الجهادية إلى أن هناك اتصالات معهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
ودشنت الدولة حوارها مع بعض من يسمون quot;شيوخ السلفية الجهاديةquot;، واستثني من الحوار الذين تبث تورطهم في أعمال إرهابية.
وبدأ الحوار مع محمد الحدوشي، المعتقل في سجن تطوان بالشمال المغربي. ويعد هذا أحد منظري الفكر السلفي الذي تشبع به عدد من المعتقلين في ملفات الإرهاب بالمغرب.
وجاءت هذه التطورات في وقت يفتخر المغرب بمواجهة موضوع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان بشجاعة نادرة في المنطقة، بإحداث quot;هيئة التحكيم المستقلةquot; ثم لاحقا quot;هيئة الإنصاف والمصالحةquot;، التي حققت في جرائم حقوق الإنسان المقترفة لنحو 43 سنة، وعرضتها على الرأي العام المحلي والأجنبي بكل جرأة ووضعت توصيات لجبر الضرر وتفادي عدم التكرار.
ولقد كان إحداث quot;الهيئة المستقلة للتحكيمquot; أواخر تسعينيات القرن الماضي أولى لبنات هذا المسار الشامل لطي ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق المصالحة الشاملة التي تصب في تعزيز الانتقال الديمقراطي، والإصلاحات السياسية والاجتماعية التي باشرها المغرب بكل ثقة وعزم متطلعا للمستقبل، إذ اشتغلت على مئات الملفات المعروضة عليها وأقرت تعويضات تفوق 94 مليون دولار (ما يقارب مليار درهم) لحوالي أربعة آلاف ضحية.
وتزامن عمل الهيئة مع وجود دينامية كبرى في المجتمع المغربي لطي ملف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وترسيخ الانتقال الديمقراطي، ففي ذلك الوقت بالذات أقرت الدولة بوجود ظاهرة الاختفاء القسري من خلال قرار غير مسبوق دوليا تمثل في إطلاق سراح أزيد من ثلاثمائة شخص ظلوا لسنوات طويلة في عداد المختفين، واعترفت بوفاة عشرات أثناء اختفائهم في معتقلات سرية، كما صدرت قرارات عفو ملكي استفاد منها مئات المعتقلين والمنفيين لأسباب سياسية.
التعليقات