مهتاد لـ quot;إيلافquot;: القضاء ليس مستعدًا للتنازل عن أحكام 2003
النقاط العالقة في quot;الحوارquot; مع شيوخ السلفية في المغرب

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: كان رد وزير الداخلية شكيب بنموسى على سؤال طرح عليه في البرلمان حول موضوع quot; الحوار مع معتقلي السلفية الجهادية quot;، بمثابة إشارة رسمية عن دخول ملف معتقلي هذا التيار منعطفًا جديدًا قد يفضي إلى الإفراج عن بعضهم، خاصة أولئك غير المتورطين في أفعال إجرامية مباشرة. وخلف هذا الخروج لوزير الداخلية المغربي، الذي كشف من خلاله الضوابط التي تتحكم في قواعد وشروط الحوار مع معتقلي السلفية، مواقف متباينة، ففيما اعتبره مراقبون quot;اعتراًفاquot; غير مباشر بوجود تواصل مع شيوخ السلفية قصد التأكد من اعترافهم بأخطائهم ومراجعة أفكارهم، إلى جانب الظفر بـ quot; ضمانات أمنية quot;. ونزل وقع هذا الرد بشكل إيجابي على المعتقلين الإسلاميين، إذ quot;نال رضى واستحسان كل المعتقلين والأهاليquot;، على حد تعبير عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين.

وأكد مهتاد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن ما جاء على لسان وزير الداخلية، quot;حسب ما وصلنا من أصداء من داخل السجون أو من أسر وأهالي المعتقلين الإسلاميينquot;، يمكن القول بأنه نال استحسان الجميع، quot;على الرغم ممّا يشوب هذا المسلسل من صعوبات وتخوفاتquot;. وأجمل رئيس جمعية النصير هذه الصعوبات والتخوفات بالقول quot;الوزير أكد في معرض جوابه على خصوصية المغرب واشترط أن يتم الاعتراف بالخطأ، وأن تتم مراجعة الأفكار كمدخل لتفعيل آلية العفو. وأول شيء يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد أن أغلب هؤلاء المعتقلين الإسلاميين ليست لهم علاقة بأخطاء واضحة ومؤكدة حوكموا على إثرها بقدر ما أنهم أدينوا بتهمة الشبهة أو النية على هامش ما وقع من أحداث البيضاءquot;.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يضيف مهتاد، quot;باستثناء فئة قليلة ممن لهم أفكار تكفيرية، فالغالبية العظمى منهم يدينون بما يدين به المغاربة جميعا، وليست لهم مدارس فكرية معينة حتى يتم مراجعتهم فيها وعلى أساس أفكارها، أضف إلى كل هذا أن هؤلاء المعتقلين ليسوا وحدة فكرية منسجمة، ولا كانوا ينتمون إلى تنظيم يوحدهم ويوحد أفكارهم، وإنما القاسم المشترك بينهم أنهم يؤدون الصلوات الخمس، ما يجعل الشروط المقترحة في كلام الوزير لا تعني بالضرورة إلا بعض المتورطين في بعض الأعمال الإجرامية والمخالفة للقانونquot;.

وذكر أن quot;هؤلاء مطلوب منهم الاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها وطلب العفو وانتظار الإفراج، أو أولئك الذين لهم أفكار تكفيرية والمطلوب منهم مراجعة مواقفهم والتوبة منها، أما الآخرون الذين زج بهم بالسجون وليست لهم علاقة لا بالفكر المتطرف، ولا بأعمال الإجرام، فكان من الأحرى والأولى أن يتم تمتيعهم بالعفو دون شروط مسبقة ردا لاعتبارهم وحماية لكرامتهم وكرامة عائلاتهم التي أوديت من خلال اعتقالهمquot;.

وبخصوص ما إذا بدأت بوادر الانفراج تلوح في الأفق، رد رئيس جمعية النصير موضحا quot;بالطبع إذا ما توفرت النيات الصادقة والجهود الحسنة، فإن ما جاء على لسان الوزير يعتبر لبينة أساسية نحو التوصل إلى مخرج مشرف لهذه القضية التي عمرت طويلا وجرت الويلات على عدد من أبناء المغرب، وخلفت وراءها ضياعا وشتاتا شمل عددا من الأسر والأطفال الأبرياء.

ولقد صرحنا في أكثر من مناسبة أن الحل لن يكون إلا عبر هذا المنفذ، وتابعنا ما كان يجري ويدور من جولات الحوار مع المعتقلين بالسجون المغربية، منذ شهر نوفمبر 2008. ونظمنا وقفة أمام المجلس الاستشاري تحت شعار ( من أجل حوار جاد وجدي وإيجابي ومسؤول مع المعتقلين الإسلاميين بالسجون المغربية)، وصمدنا في وجه كل الذين شككوا في الحوار وإمكانته. وهاهي الدولة المغربية اليوم تؤكد صدق ما رمناه وما كنا نهدف إليه، إذ أن لا حل لهذا الملف إلا عن طريق الحوار المسؤول والإيجابي، وخصوصا بعد ما عبر القضاء المغربي، يوم الجمعة الماضي، ومن خلال إبقائه على أحكام الشيخين (أبو حفص والكتاني) في قسوتها وشدتها، رغم شهادة الشهود واستحضار كل القرائن والبراهين الدالة على براءتهم، ما يؤكد أن القضاء المغربي ليس مستعدًا للتنازل عن ما أصدره من أحكام سنة 2003، وذلك تفاديًا من أن يقع في المحظور ويصبح موضع اتهامquot;.

وكان وزير الداخلية أكد أن أي حوار مع معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، يجب أن يخضع لقواعد وشروط معينة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المغرب. وأبرز بنموسى أن الخصوصيات التي تميز المغرب عن باقي الدول الأخرى، تجعل مجال المقارنة مستبعدا في هذا الباب، خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة الحوار حول الشأن الديني، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على هيئات علمية مؤهلة لذلك، ومخول لها مناقشة مثل هذه المواضيع.

وذكر أن اعتماد منهجية الحوار مع جميع مكونات المجتمع من أحزاب سياسية، وتنظيمات مدنية، ومؤسسات تمثيلية، هو خيار تبنته السلطات العمومية في معالجتها جميع القضايا، وفق المبادئ المتعارف عليها في كل الدول الديمقراطية. وشدد على أن ما شهده المغرب يتعلق بخلايا ومجموعات ارتكبت أعمالا منافية للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، حوكم على إثرها أعضاؤها بعقوبات سالبة للحرية، وهم الآن بصدد قضاء مددهم الحبسية.

وأوضح أنه إذا تبين، كما هو معمول به وفقًا للقوانين الجاري بها العمل بالنسبة إلى كل السجناء، أن هناك استعدادا لدى هؤلاء للاعتراف بأخطائهم ومراجعة أفكارهم، فإن هناك قنوات للخروج من هذه الوضعية، من بينها إمكانية التمتع بالعفو الملكي السامي. وبالفعل، يضيف بنموسى، بادر عدد من المعتقلين إلى التقدم بطلبات للاستفادة من هذه الإمكانية، عن طريق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مشيرا إلى أن هذه الطلبات توجد قيد الدرس من خلال المساطر المعمول بها في هذا الشأن.