زانا الخوري من دنفر: عندما سألت، مساء الخميس، دارلين بتريشيا كاي، الموظفة في مستشفى حكومي: ماذا يعني يوم غد لك؟ قالت لي ببساطة انه يوم الجمعة. قلت: نعم. ثم واصلت، بهدوء: نعم الجمعة. وفجأة، تذكرت: انه 11 سبتمبر.

بتريشيا ليست وحدها في هذا السياق، فمع حلول الذكرى الثامنة للهجوم الارهابي بدا الاميركيون منشغلين بأمور اخرى،كان اخرها حديث باراك اوباما الرئيس الاميركي حول نظام الرعاية الصحية والهجوم غير اللائق الذي شنه عليه جو ويلسن العضو في مجلس الشيوخ الجمهوري الذي نعت الرئيس بـ quot;الكاذبquot; خلال جلسة عامة ناقشت يوم الاربعاء النظام الصحي.

وللمناسبة اليوم، طابع خاص اذ شارك باراك اوباما في فعاليات هذه الذكرى لأول مرة كرئيس للولايات المتحدة، حيثتذكرت مدينة نيويورك ضحايا الاعتداءات وفق المراسم ذاتها التي تجري كل سنة في موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين استهدفا بطائرتين انتحاريتين، في وقت لا تزال ورشة إعادة الاعمار مشلولة والبحث عن بن لادن مستمر.

فبعد الحرب الشرشة التي أطلقها جورج بوش الرئيس الاميركي السابق عام 2001 على الارهاب، تثير تساؤلات عدة وسط الاميركيين وشكوكا حيال خطة اوباما وسياسته حيال مسألة الامن القومي عامة وتهديد القاعدة خاصة وسط هجوم متواصل من قبل الجمهوريين ومطالبات عدة لوقف الحرب في افغانستان، آخرها معارضة عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ الخميس رفض طلب إرسال المزيد من القوى العسكرية الى العاصمة الافغانية.

ولا يزال نشاط القاعدة بعد 8 سنوات يهدد امن الولايات المتحدة والعالم رغم ان واشنطن لم تشهد اي هجوم منذ عام 2001، الا ان القاعدة وسعت دائرة هجماتها وباتت تضم اعضاء ومؤيدين لها في روسيا والفيليبين، كما انها تشن هجمات متواصلة في اليمن والجزائر والمغرب وآخر هجوم لها كان محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير داخلية المملكة السعودية، الحليفة للولايات المتحدة.

اوباما الذي كان قد ميّز في خطاب الشهر الماضي بين حرب خيار ( العراق) وحرب ضرورة ( افغانستان) أكد الجمعة اهمية ان تجدد بلاده حملتها الخاصة بمواجهة تنظيم القاعدة. وقال في كلمة له بالمناسبة quot;لنجدد التزامنا في مجابهة الذين خططوا وقاموا بهذا العمل البربري ضدنا ولازالوا يخططون ضدناquot;.وذكر quot;ان العمل لحماية اميركا لا ينتهي ابدا وسنبذل كل الجهود الممكنة التي لابقاء امريكا امنةquot;، مؤكدا ان بلاده لن تتوانى في ملاحقة اعضاء تنظيم القاعدة و حلفائها المتطرفين quot;ولن نستسلمquot;.

وعشية الذكرى اكد اوباما في حديث مع غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني التزامهما بهزيمة القاعدة وحلفائه المتطرفين في افغانستان وإمداداتهم في باكستان وجوارها. وكانت الولايات المتحدة قد سجلت هدفا مؤخرا بمقتل بيت الله محسود زعيم حركة طالبان الباكستانية في غارة صاروخية الشهر الماضي. ويرى مراقبون ان الرئيس لن يقبل بـquot;هزيمةquot; في افغانستان كالتي مني بها سلفه في العراق.

وكان اوباما قد عرض خطته في أفغانستان وباكستان بعد أشهر من دخوله البيت الابيض والتي ركزت على كيفية القضاء على طالبان والقاعدة، وقد تضمنت الاستراتيجية زيادة المساعدات لأفغانستان وتدريب القوات الأفغانية تمهيدا للانسحاب.

كما حاول اوباما خلال خطابه في القاهرة رأب الصدع مع العالم الاسلامي بعد أن تدهورت العلاقات بين العالمين اثر هجمات الحادي عشر من ايلول، وكرر ادانته لاعمال التطرف والعنف مشدددا على أهمية القضاء على المتطرفين في كل من أفغانستان وباكستان الذين يحرصون على قتل أكبر عدد ممكن من الأميركيين و مؤكدا ان quot; أميركا لن تشهد أي حالة من الضعف لإرادتها، ولا ينبغي لأحد منا أن يتسامح مع أولئك المتطرفينquot;.

بعد مرور ثماني سنوات على الاعتداءات الإرهابية على البرجين التوأمين، تتلى الجمعة أسماء القتلى الـ2752 خلال حفل في نيويورك، كما ان مرة جديدة يلزم الجميع دقائق صمت، أولا في الوقت الذي صدمت الطائرة الاولى البرج الأول، ثم في الوقت الذي صدمت الطائرة الثانية البرج الثاني، واخيرا في موعد انهيار البرج الاول وبعده البرج الثاني.

دارلين استذكرت لدى سؤالي عن ذكرى الهجمات ذلك اليوم ووصفت لي بدقة كيف سمعت النبأ من زميلتها في المكتب قبل ان تنتقل الى اقرب جهاز تلفزيوني لمتابعة الاحداث مباشرة، ثم استرسلت بالحديث وعادت الى النظام الصحي الذي يعرضه الرئيس الاميركي مبدية اعتراضها واحتجاجها عليه.