السنعوسي خلال الحوار مع مراسل إيلاف

أشرف السعيد من الكويت: يعتبر وزير الإعلام الكويتي الأسبق محمد السنعوسي من رواد الإعلام في الخليج العربي، وأحد مؤسسي التلفزيوني الكويتي، وشغل مناصب عدة في الحكومة الكويتية، كما قام بدور محوري في تطوير العديد من القطاعات الحيوية في بلاده، بما في ذلك السياحة وتكنولوجيا المعلومات والفنون والسينما والإعلام، كما شارك في العديد من المؤتمرات حول الإعلام والسينما داخل وخارج الكويت، إلى جانب مشاركته في لجان التحكيم في عدة مهرجانات سينمائيـة.

وفي حوار شامل معه تطرق السنعوسي إلى عدة محطات مختلفة وبصراحته المعهودة جاءت إجاباته شافية وإليكم نص الحوار:

*في البداية نرحب بكم في quot;إيلافquot;؟

- قبل الدخول الى أسيءلة الحوار أود أن أتوجه بتحية خاصة الى أخي وصديقي عثمان العمير فتحياتي له، وأهنئه بالشهر الفضيل وأتمنى له التوفيق.

*ماهى شهادتكم على المشهد الإعلامي في الكويت حاليا بكافة معطياته؟

- أعتقد أنه لا يمكن إختزال الرؤية أو التحليل عن الإعلام لبلد بحد ذاتها، أعتقد أن الإعلام العربي يؤثر ويتأثر بالآخر والقنوات الفضائية صنعت تلفزيونا عربيا و ليس فقط تلفزيونا محليا، وفي نفس الوقت تجد ان كل الإبداعات أو المواهب أو الإمكانيات تتوفر من عدة دول لخدمة قناة تلفزيونية معينة. فإذا أردنا أن نعطي رأيا عن الكويت فبدون شك هناك انتاج محلي خاص يتماشى مع نتاج المجتمع ذاته وقدراته وعطاءه وثقافته، وبالنهاية الجانب الإبداعي من المجتمع في هذه الثقافة.

القنوات العربية الآن تؤدى دورا وحدويا وتعريفيا وتثقيفيا لكل العالم العربي بل أكثر حتى مما تقوم به جامعة الدول العربية، وذلك لأن الجامعة العربية تمثل صراعات في الأمة العربية بسياساتها المختلفة ووفق حكوماتها المختلفة، أما القنوات الفضائية فهى خارجة عن هذا النطاق. وإذا كان هناك بعض القنوات التي تعمل في هذا الجانب فيستطيع المشاهد تجنبها.

*ماهو تقويمكم للإعلام الكويتي الحكومي والخاص حاليا؟ وماهي المعوقات التى تحول دون تطوره؟

-الإعلام في الكويت لا بأس به، ويجب أن نكون منصفين سواء الحكومي أو الخاص، فالإعلام الخاص يعمل من تلاميذ الإعلام الحكومي في كافة المجالات سواء المسرح والموسيقى والغناء والأدب والثقافة، وهى وحدة إجتماعية متكاملة كلها نبعت من حضن الدولة، ولهذا فالعيب ليس في العنصر الأفضل أو الأحسن وإنما في التخلف الإداري لأسلوب إدارة الإعلام، والحكومة وقعت بشكل متراكم في أخطاء كثيرة نتيجة روتين وإختيار سيء في مجال التوظيف.

*في ظل المعطيات الحالية..ماهى قراءاتكم للمشهد السياسي الكويتي؟

- الضجة المفتعلة والروتينية أصبحت جزءا من حياتنا اليومية وفيها كثير من المبالغة والتسرع وعدم الحكمة والفوضى والمصالح الذاتية وإستغلال الأوضاع السياسية. نحن مع وجود هذا الكم الهائل من الإعلام ووسائله المطبوعة والمرئية والمسموعة في مجتمع لا يقيم ولا يعرف معنى الديمقراطية والمحافظة عليها وممارستها بشكل صحيح.

*هل مصدر هذه الفوضى مجلس الأمة أو الحكومة أم المسؤولية مشتركة بينهما؟

- بدون شك لا يمكن إتهام الحكومة دون أن نشير بوضوح غلى أخطاء أعضاء مجلس الأمة وممارساتهم والكيفية التى يمارس بها الأعضاء دورهم الريادي المثالي المفروض، ومازالت التهمة موجهة لكل هؤلاء، وأضيف كذلك أنه يجب أن يكون للمجتمع دورا رياديا وقياديا ولكن للآسف هذا الدور مفقود.

*وماذا عن المشهد الخليجي إقتصاديا وسياسيا؟

- نواجه في منطقة الخليج تأثيرات عالمية وكذلك تقييم للبنوك والمؤسسات الإقتصادية والشركات، الجانب الإقتصادي في الخليج محتاج الى إعادة نظر.

أما على المستوى السياسي أعتقد أنه على دول الخليج أن تجابه الموضوعات بشكل موحد وبقوة حتى تستطيع أن تتغلب على الخلاف في وجهات النظر والإجتهادات في الجوانب الإقتصادية والسياسية، ويجب ألا تتمسك أى دولة خليجية بمصلحة معينة ممن أجل تحقيق نتائج أفضل للمجموع، ولدينا تجربة مجلس التعاون الخليجي التي ينقصها هذا التوجه وأن تعمل بجدية لتحقيق الأهداف.

*ما مدى إرتباط المشهدين السياسي والإعلامي خليجيا وعربيا وتأثيرهما في كلا منهما؟

- كل دولة عربية أو خليجية لديها أجندة خاصة بها، وسياسة خاصة لذلك لا نستطيع القول أن هناك تفاهم تام لأن هناك خلاف موجود، صحيح أن النوايا طيبة موجودة لكنها لا تصنع كل شيء، لذلك علينا أن نعترف بأن هناك خلافات وإجتهادات خاصة كل على حدة.

*قررت وزارة الإعلام الكويتية قبل عدة أيام إيقاف إحالة القنوات الفضائية وشركات الإنتاج الفنية الى النيابة العامة التى عرضت أعمالها دون الحصول على ترخيص خلال شهر رمضان. فما تعليقكم على هذا القرار؟ وماتفسيركم له؟ وهل يعتبر تراجع من وزارة الإعلام أم حرص على الإبقاء على مساحة الحرية الإعلامية المتاحة؟

- في الواقع يمكن لاي شخص يستغل بنود القانون ويرفع دعوى قضائية ضد أي وسية إعلامية. والخلل ليس في موضوع رفع القضية لأنها مستندة الى بنود موجودة في اللائحة التنفيذية وهذا هو الخلل والخطأ الكبير، لأنه لا يمكن من الناحية القانونية أن تستند لقانون أو بند من اللائحة بدون أن يكون ذلك موجودا في القانون الأساسي.

*ذكرتم بأن هناك خلل ما في قانون المرئي والمسموع رقم 61/2007؟ هل هذا الخلل يحتاج الى تطوير أو تعديل؟

-عندما كنت وزيرا للإعلام أصدرت قرارا بالمرئي والمسموع في عام 2006 بإتاحة الفرصة لكل من يريد وبدون إحتكار لشركات مساهمة عامة وغيرها، قبل إصدار هذا القانون في عام 2007 وحرصت على أن لا يتضمن القرار أي عقوبات. أما القانون فأعرف أنه يستغرق عام أو عامين، فأصدرت القرار وبدأت المحطات الفضائية.

إنما قانون المرئي والمسموع كان يفترض أن يظهر بتأني ولصالح الحريات والدستور، وكأنه لا يوجد دستور يتيح الحريات ولا يعطي المحطات الحالية وغيرها شيء من التقييم في عملهم، لهذا السبب أتمنى أن يعاد النظر في قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع على شرط أن تهتم وزارة الإعلام والوزير بالذات والحكومة بأن يكون القانون مثاليا بقدر الإمكان.

*كنتم أحدالمؤسيين لتلفزيون الكويت في مطلع الستينات، وإعتبر البعض أن العصر الماسي للتلفزيون كان في السبعينيات والثمانينات، لكن يرى البعض أن الغزو ترك آثارا سلبية على كافة المجالات ومن بينها التلفزيون. فما تعليقكم؟

-أرجو ألا نضع قضية الغزو العراقي حجة أو شماعة نتيجة لما وصل الحال إليه في التلفزيون، أعتقد أن المجتمع الكويتي والحكومة والنظام العام في البلد متأخر، والمشكلة في التأخر إداريا بالدرجة الأولى وكذلك عدم الإهتمام بالأولويات. فمنذ سنوات طويلة كان المفروض أن يكون التعليم بالكويت نموذجيا ومتطورا، والمفروض أن التنمية البشرية بالذات هي العنصر الرئيسي في إستراتيجية الكويت لكل المجالات، ولذلك عندما نجد تراخي وتقصير وعدم قدرة وكفاءة في الأداء فهو خطأ جسيم مسؤولة عنه الحكومة بدون شك، وكذلك مجلس الأمة لعدم قدرته ليكون بديلا في طرح الأفكار والمشاريع التنموية.

وبدون شك أن تلفزيون الكويت هو ثاني تلفزيون عربي، بدأ نهاية عام 1960 بعد تلفزيون لبنان مباشرة الذى بدأ في نهاية عام 1959، أما مصر فقد بدأ تلفزيونها عام 1961 وهذه المرحلة عشتها في مصر وبالكويت، وأنا أحد الأشخاص الذين أسسوا الإعلام المعاصر وبالذات تلفزيون الكويت، وأعتقد أن هذه المرحلة لم يكن التلفزيون مجرد شاشة يشاهدها المشاهد بل كانت وسيلة للثقافة والمعرفة وحتى لتفاعل المجتمع في ميادين ثقافية وعلمية وفنية.

*أثناء توليكم وزارة الإعلام أصدرتم قرارا بإغلاق المراكزوالمكاتب الإعلامية بالسفارات الكويتية بدول العالم المختلفة.فما هى الأسباب وراء الإغلاق؟ وما منظوركم لدمج الإعلام الخارجى بوكالة الأنباء الكويتية quot;كوناquot; حاليا؟

- كانت وكالات الأنباء الحكومية تقوم بدور فيالأنظمة السياسية الشمولية في زمن الإتحاد السوفيتى والإشتراكية، الآن لا تحتاج الى وكالات أنباء على الإطلاق أنت الآن ممكن أن تكلف جريدةquot; القب quot; -على سبيل المثال- أن تلعب دورا أهم بكثير وكالة الأنباء.

أما مسألة المكاتب الإعلامية فعندما توليت الوزارة أطلعت على ملف الإعلام الخارجي ووجدت أنها علاقات عامة ولا عمل فيها ولا أنشطة، وكان في كل المكاتب توصيات من نواب مجلس الأمة بتعيين أشخاص بعضهم يذهب هناك للدراسة وليس للعمل، ووجدت أموالا طائلة تنفق دون معنى فأصدرت قرارا بإغلاق هذه المكاتب والمراكزالإعلامية معتمدا على تقارير من سفراء الكويت بالدول المختلفة وأيضا من وزارة الخارجية. وبخلفية إعلامية عن واقع الحال قررت إغلاقها وأن يكون البديل وجود ملحق إعلامي في السفارات تحت إشراف وقيادة السفير.

*تفوقت معظم الدول الخليجية إعلاميا على الكويت وباتت تحتل المقدمة. برأيكم ماهى أسباب التفوق؟

-عندما تتفوق في إنك تقيم مباني كبيرة وتأتى بأجهزة حديثة ذات تقنيات عالية ويضم فريق عمل من كل مكان هذا لا يعني أن هناك إعلام وطني. العنصر البشري ذهو الأساس، والمهم ككويتي أن نصنع إعلاميين كويتيين.

*توليتم حقيبة الإعلام بالحكومة الكويتية في 13مايو 2006 وظللتم بها لمدة سبعة شهور ثم تقدمتم بإستقالتكم على أثر الإستجواب المقدم من أحد أعضاء مجلس الأمة. فماذا عن هذه المرحلة من حياتكم العملية؟

-أنا أعتقد أن تجربة العمل الوزاري ثرية جدا وكنت سعيدا جدا لتحمل أعباء هذه المسؤولية، وأنا إبن الإعلام وأعرف ماذا أريد؟ ولكننى من النوع الذى لا يصلح للسياسة والدبلوماسية، فأنا رجل واضح وصريح وعملي وأعرف كيف أخدم الإعلام وأطوره ولا أستطيع أن أكسر القانون، كما لا يستطيع أن يتوسط لدي عضو مجلس أمة أو أن أمرر أي شيء خطأ، وفي وزارة الإعلام التى هى مسؤوليتى، وجدت كثيرا من الفساد لذلك لا أصلح لنفاق أو لأمور تمرر تحت القانون، لهذا لم أستمر طويلا في وزارة الإعلام وكثرت الضغوط من مجلس الأمة وأعضاءه وحتى الوزارة ولذلك فتقدمت بإستقالتي.

* الصدام لذى وقع بينكم وبين بعض أعضاء مجلس الأمة. هل يمكن القول أنه نتيجة إختلاف التوجهات والأيديولوجيات؟

- هذه قراءة خاطئة. البعض من التكتلات الإسلامية يروجون ذلك، لأنه معروف عني مواقفي الصريحة ضد هذه التكتلات الدينية- حتى قبل أن أتولى حقيبة الأعلام- والأسلوب الذى يعملون به، وكأي مواطن يرى أمامه بأن هذه التكتلات السياسة الموجودة هى أبعد ماتكون عن الديمقراطية. ومعروف عني منذ سنوات طويلة ضد توجهاتهم وأسلوبهم وفي المقابل لا يرحبون بي.

وإتهمت بأننى وزير التأزيم وقلت أن ذلك وسام على صدري، حتى زملائى الليبراليين أنتقدهم بعنف وشدة لعدم جديتهم وتحالفهم في قضايا عديدة وهناك تنافر وتباعد ومصالح، فوجدت أنه لابد أن أواجه بصراحة كل شيء وليس عندي هدف معين حتى أجامل لهذا أنا فعلا وزير تأزيم لأني لا أتماشى مع ما يطرحونه.

*هل أصبحت وزارة الإعلام وزارة تأزيم تحديدا أم أن وزير الإعلام هو المستهدف دائما؟

- لو لاحظت الآن كل الوزراء في الحكومة وزراء تأزيم، حتى الوزير المهادن الذى يلبي كل طلبات أعضاء مجلس الأمة، والوضع عجيب وطريف في الكويت ولهذا لابد من الحلول.

*هل سبب إستجوابكم هوالموافقة على إستضافة برنامج سوبرستار، وكوميديان وستار أكاديمى أم ماذا؟

-لا ليس بسبب هذا البرنامج، وحتى المحاور الرئيسية بالإستجواب كانت تافهة جدا، لأنهم يريدون فقط إثارة ضجة حولك ولم يكن بالإستجواب أى شيء من الحقيقة. كل يوم نقرأ بالصحف الكويتية عن الإستجواب، وزير الأشغال والبلدية وأيضا وزير الصحة وهما عنصرين من خيرة الوزراء.

*الى متى سيظل هذا الوضع المتأزم والإحتقان؟

-الحل بيد الأمير الكويتي لأنه يملك دستوريا حل مجلس الأمة وكذلك يستطيع أن يضع حدا وحدودا لما يدور حتى مراجعة الدستور وتحديثه، وإعادة النظر في كثير من القضايا. وممكن كذلك الأخذ بتجارب الدول العديدة في وجود مجلس أعيان أو مجلس شورى آخر بهدف التوازن، وأن يختار لهذا المجلس عناصر مختصة في ميادين عديدة وعلى مستوى راقي ولا تبنى على إختيار محاصة طائفي أو قبلي، وإنما الإختيار على أساس الكفاءة.

*ماذا ينقص المشهد الديمقراطي في الكويت؟

- أن نفهم الديمقراطية. فنسبة كبيرة من الشعب الكويتي لا يعرف معنى الديمقراطية أو لايمارس حقيقة الديمقراطية، فهي بالنسبة لنا كلمة نكررها ولكن في الممارسة نجد حتى الأشخاص الذين يجب أن يكونوا قدوة لنا وهم أعضاء مجلس الأمة يسيئون لها.