جهاد بزي - ".. وبعد ذلك سأفجّر كنائسكم العربية، وكنائسكم العربية، ومحطاتكم "البنزين"العربية...".
يتحدث رجل أبيض سمين عبر هاتف عمومي وقد التقط مضرب بايسبول بيده وتدلى لسانه من فمه يسيل اللعاب منه ووقف فأر اسود قبيح على كتفه.
<<الإرهاب المحلي>>، كتب الرسام فوق القسم الثاني من الكاريكاتور مطابقا إياه <<بالارهاب الدولي>> المتمثل بالطبع بالمركز التجاري يحترق في القسم الاول من الرسم نشر الكاريكاتور في عدد السبت من صحيفتي <<ديترويت نيوز>> و<<ديترويت فري برس>>. وهما الصحيفتان الرئيسيتان في المدينة وتخرجا في عدد موحد يومي السبت والاحد.
ويشكل الرسم اختصارا مكثفا وجريئا للغة انتهجتها الصحيفتان منذ الثلاثاء الاميركي الشهير. ففي خط مواز للتغطية الشاملة والتفصيلية للحدث تسير تغطية ثانية لأحوال <<العرب الاميركيين>> ومخاوفهم وما يتعرضون إليه، إضافة الى التشديد على إظهار ولائهم للبلد الذي يحملون جنسيته ويتفجّعون، كما البقية الباقية، لمصابه.
تكاد صورة العربي الاميركي لا تغيب عن اي خبر او تحقيق محلي، حتى ذاك الذي قد لا يخص المجموعة مباشرة. والعرب الاميركيون في الصور التي تحتل مساحات كبيرة من الصحيفة، حزينو الملامح تميزهم سمرتهم عن غيرهم كما تميزهم تعابير الفزع المرسومة على الوجوه.
وفي صحف تصدر بعدد هائل من الصفحات، تصير الصورة وكلامها خبرا كاملا ورسالة إعلامية لا غبار على متلقيها الاميركي الصرف الذي يعيش في مدينة واحدة مع عشرات الآلاف العرب. هكذا يقف العلي العمار مرتديا ثياب ناديه في كرة القدم ويفتح راحتي يديه مصليا وقد تحلق حوله زملاؤه راكعين قبل المباراة. وهكذا أيضا تصير سارة مظهر المحجبة ثالث امرأتين من العرقين الابيض والأسود في دقيقة صمت مشتركة في الجامعة. أما حسين صبح فيرفع الراية الاميركية فوق متجره <<ليظهر ولاؤه للولايات المتحدة>>. وتبدو في الصورة كلمتا <<فضل ربي>> كجزء من العبارة السابقة من زمن بعيد للعلم في ذلك المكان. لم يقع للعرب خلال الايام الماضية ما لا تحمد عقباه. مجرد متفرقات صغيرة ولكن مخيفة، من دون شك، لمن هم في مثل حالتهم. اتصالات هاتفية ورسائل الكترونية تشبه الرسم السابق الذكر وشتائم غاضبين عابرين. حتى إن خبر التحرشات العنصرية كان بطله هندي مسكين سأله اميركي ساخط <<هل تعرف اسامة بن لادن؟>> واكمل آخر <<انت واحد من جماعته. أليس كذلك؟ واحد من المسلمين>>.
بعدها اقترب أربعة رجال من الملتحي قبل ان ينقذه احد معارفه بأن <<هذا ليس مسلماً وإنما هندي>>.
تأخذ الصحيفتان اذا على عاتقهما الدفاع عن العرب وتجسيد هواجسهم كما ايضاح وجهات نظرهم. تقتطع من احاديثهم عبارات مثل <<نحن اميركيون كالجميع وأنا احبّ وطني هذا اكثر من بلدي الأم>> ويوجه كتّاب الأعمدة قراءهم الى بديهيات مفترضة والى كليشهات عريضة تصب في خانة <<كلنا اخوان التي تساءل زياد الرحباني عن جدوى تكرارها <<ما دمنا كلنا اخوان>>.
المشهد في الشارع <<العربي الاميركي>> يظل أقل قلقا من الصحيفتين. انتشرت الرايات على شرفات البيوت كما على هوائيات السيارات. ولم تقتصر على عرق بعينه، وبخلاف إعلانات جمع التبرعات الملصقة في المتاجر، الصورة هناك ليست مغايرة عن سابقاتها. محجبات يتسوقن وينادين أولادهن بأسماء عربية ذات الحروف العاصية على اللغات الاخرى.
يحدّق بعض الحانقين في اصحاب الملامح العربية بغضب بيد انهم لا يتخطون سقف استراق التحديق الى تبادل النظرات. وعلى تقاطع شارع وارن مع شارع آخر، كان رجال الاطفاء يركضون بين السيارات حاملين فردات من الجزمات التي ينتعلونها خلال اداء مهامهم، معظم السائقين كان كريما ورمى في الاحذية مالا وهو في معظمه عربي.
يضع عجوز ابيض يرتدي قبعة جريدتي الصباح تحت إبطه <<انني اليوم أشعر بتحسن>>. يقول لعربي الى جانبه فيسأله هذا <<منذ الثلاثاء أليس كذلك؟>> فيرد العجوز <<لا لا منذ الاربعاء: أنا أتلقى علاجا كيميائيا. انه السرطان كما تعلم. عمري واحد وسبعون عاما وأريد ان امضي عشرة أعوام حياً>>.
ثم يرفع قبعته ليظهر للعربي رأسه الخالي تماما من الشعر نتيجة للعلاج الكيمائي.(السفير اللبنانية)
يتحدث رجل أبيض سمين عبر هاتف عمومي وقد التقط مضرب بايسبول بيده وتدلى لسانه من فمه يسيل اللعاب منه ووقف فأر اسود قبيح على كتفه.
<<الإرهاب المحلي>>، كتب الرسام فوق القسم الثاني من الكاريكاتور مطابقا إياه <<بالارهاب الدولي>> المتمثل بالطبع بالمركز التجاري يحترق في القسم الاول من الرسم نشر الكاريكاتور في عدد السبت من صحيفتي <<ديترويت نيوز>> و<<ديترويت فري برس>>. وهما الصحيفتان الرئيسيتان في المدينة وتخرجا في عدد موحد يومي السبت والاحد.
ويشكل الرسم اختصارا مكثفا وجريئا للغة انتهجتها الصحيفتان منذ الثلاثاء الاميركي الشهير. ففي خط مواز للتغطية الشاملة والتفصيلية للحدث تسير تغطية ثانية لأحوال <<العرب الاميركيين>> ومخاوفهم وما يتعرضون إليه، إضافة الى التشديد على إظهار ولائهم للبلد الذي يحملون جنسيته ويتفجّعون، كما البقية الباقية، لمصابه.
تكاد صورة العربي الاميركي لا تغيب عن اي خبر او تحقيق محلي، حتى ذاك الذي قد لا يخص المجموعة مباشرة. والعرب الاميركيون في الصور التي تحتل مساحات كبيرة من الصحيفة، حزينو الملامح تميزهم سمرتهم عن غيرهم كما تميزهم تعابير الفزع المرسومة على الوجوه.
وفي صحف تصدر بعدد هائل من الصفحات، تصير الصورة وكلامها خبرا كاملا ورسالة إعلامية لا غبار على متلقيها الاميركي الصرف الذي يعيش في مدينة واحدة مع عشرات الآلاف العرب. هكذا يقف العلي العمار مرتديا ثياب ناديه في كرة القدم ويفتح راحتي يديه مصليا وقد تحلق حوله زملاؤه راكعين قبل المباراة. وهكذا أيضا تصير سارة مظهر المحجبة ثالث امرأتين من العرقين الابيض والأسود في دقيقة صمت مشتركة في الجامعة. أما حسين صبح فيرفع الراية الاميركية فوق متجره <<ليظهر ولاؤه للولايات المتحدة>>. وتبدو في الصورة كلمتا <<فضل ربي>> كجزء من العبارة السابقة من زمن بعيد للعلم في ذلك المكان. لم يقع للعرب خلال الايام الماضية ما لا تحمد عقباه. مجرد متفرقات صغيرة ولكن مخيفة، من دون شك، لمن هم في مثل حالتهم. اتصالات هاتفية ورسائل الكترونية تشبه الرسم السابق الذكر وشتائم غاضبين عابرين. حتى إن خبر التحرشات العنصرية كان بطله هندي مسكين سأله اميركي ساخط <<هل تعرف اسامة بن لادن؟>> واكمل آخر <<انت واحد من جماعته. أليس كذلك؟ واحد من المسلمين>>.
بعدها اقترب أربعة رجال من الملتحي قبل ان ينقذه احد معارفه بأن <<هذا ليس مسلماً وإنما هندي>>.
تأخذ الصحيفتان اذا على عاتقهما الدفاع عن العرب وتجسيد هواجسهم كما ايضاح وجهات نظرهم. تقتطع من احاديثهم عبارات مثل <<نحن اميركيون كالجميع وأنا احبّ وطني هذا اكثر من بلدي الأم>> ويوجه كتّاب الأعمدة قراءهم الى بديهيات مفترضة والى كليشهات عريضة تصب في خانة <<كلنا اخوان التي تساءل زياد الرحباني عن جدوى تكرارها <<ما دمنا كلنا اخوان>>.
المشهد في الشارع <<العربي الاميركي>> يظل أقل قلقا من الصحيفتين. انتشرت الرايات على شرفات البيوت كما على هوائيات السيارات. ولم تقتصر على عرق بعينه، وبخلاف إعلانات جمع التبرعات الملصقة في المتاجر، الصورة هناك ليست مغايرة عن سابقاتها. محجبات يتسوقن وينادين أولادهن بأسماء عربية ذات الحروف العاصية على اللغات الاخرى.
يحدّق بعض الحانقين في اصحاب الملامح العربية بغضب بيد انهم لا يتخطون سقف استراق التحديق الى تبادل النظرات. وعلى تقاطع شارع وارن مع شارع آخر، كان رجال الاطفاء يركضون بين السيارات حاملين فردات من الجزمات التي ينتعلونها خلال اداء مهامهم، معظم السائقين كان كريما ورمى في الاحذية مالا وهو في معظمه عربي.
يضع عجوز ابيض يرتدي قبعة جريدتي الصباح تحت إبطه <<انني اليوم أشعر بتحسن>>. يقول لعربي الى جانبه فيسأله هذا <<منذ الثلاثاء أليس كذلك؟>> فيرد العجوز <<لا لا منذ الاربعاء: أنا أتلقى علاجا كيميائيا. انه السرطان كما تعلم. عمري واحد وسبعون عاما وأريد ان امضي عشرة أعوام حياً>>.
ثم يرفع قبعته ليظهر للعربي رأسه الخالي تماما من الشعر نتيجة للعلاج الكيمائي.(السفير اللبنانية)
&
التعليقات