وضعت الولايات المتحدة الاميركية لبنان في مأزق الخيار المستحيل وطالبته بفرض قيود على حزب الله باعتباره جماعة "ارهابية"، وتسليم عدد من اللبنانيين والفلسطينيين المتهمين بارتكاب عمليات ضد دبلوماسيين ومصالح اميركية ابان الغزو الاسرائيلي للبنان في الثمانينيات،
في اول اشارة رسمية تكشف عن الخلط الاميركي الواضح بين الارهاب والمقاومة، الامر الذي دفع الرؤساء اللبنانيين الثلاثة اميل لحود ورفيق الحريري ونبيه بري الى عقد اجتماع تشاوري وتكليف رئيس الحكومة بجولة عربية اوروبية بحثاً عن مظلة حماية فيما تسعى سوريا لحشد موقف عربي موحد ضد الارهاب ومع شرعية المقاومة ضد الاحتلال الاجنبي وذكرت مصادر لبنانية أن تلك المطالب قد نقلها السفير الامريكي الجديد فينسنت باتل في لقاء مع رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
ويقول المراقبون أن الولايات المتحدة خرقت "هدنة" مع لبنان بإعلانها أن حزب الله منظمة إرهابية، ومطالبتها في خطاب إلى الحكومة بضرورة التعاون في كبح أنشطة حزب الله بدعوى أن أنشطة الحركة قد سبق وهددت مصالح أمريكية. وقالت المصادر أن باتل سأل المسئولين اللبنانيين عن جماعات إرهابية أخرى تعمل في لبنان، من بينها تنظيم القاعدة التابع لاسامة بن لادن وعن الاصولي الفلسطيني أبو محجن الذي يتزعم جماعة عصبة الانصار.
يذكر أن أبو محجن، واسمه الحقيقي أحمد عبد الكريم السعدي، وجهت له أصابع الاتهام مع ابن لادن في تدبير تمرد إسلامي مناوئ للحكومة في جبال الضنية بشمالي لبنان في يناير عام 2000. الا ان الحريري ابلغ السفير الأمريكي تمسك لبنان بالتمييز بين الارهاب وحق المقاومة ضد الاحتلال.
وأبلغ السفير الامريكي فنسنت باتل الثلاثاء وزير الخارجية اللبناني شروط الولايات المتحدة للدول المستعدة لمكافحة الارهاب. وتتضمن هذه الشروط "القاء القبض على الارهابيين ومحاكمتهم وتسليم المطلوبين منهم او طردهم" كما اكد مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن هويته.
وكان باتل قد اعلن الثلاثاء ان في لبنان "منظمات ارهابية واردة على اللائحة الامريكية للمنظمات الارهابية التي تعيد الولايات المتحدة النظر سنويا فيها" والتي تتضمن كما هو معروف اسم حزب الله. بالمقابل لا يبدو لبنان راغبا باعادة فتح ملفات قديمة خاصة بعد ان اقر عام 1991 قانون عفو عن الجرائم التي وقعت خلال الحرب الاهلية (1975-1990).
وعلمت "البيان" ان واشنطن طالبت لبنان تسليمها خاطفي وقاتلي السفير الامريكي فرنسيس ميلوي وتسليم المتهمين بخطف الطائرة الامريكية تي دبليو - ايه، وتسليم المتهمين بالاعتداء على امريكيين في لبنان ابان الثمانينيات ومنهم: صبحي الطفيلي، وعز الدين عطوي.
من جهة ثانية علم ان الرؤساء الثلاثة اتفقوا على اخذ الطلب الامريكي بجدية، وقرروا تجميد الانشطة الداخلية المقررة ومنها ارجاء جلسة مجلس الوزراء من اليوم الخميس حتى الاثنين المقبل مبدئياً حسب اعلان امينه العام الدكتور سهيل بوجي والقيام بتحرك فوري وعاجل يشمل بعض الدول العربية والاوروبية الداعمة للبنان عادة في محاولة لتأمين "مظلة حماية" من اي عمل امريكي.
وبدأ الحريري عقب انتهاء الاجتماع جولته من دمشق التي يغادرها الى باريس وتلقى الحريري في دمشق اتصالاً هاتفياً من كولن باول وزير الخارجية الامريكي. وجدد الحريري "ادانة لبنان لكل عمل ارهابي" معربا عن الامل "ان تولي واشنطن اقصى الاهتمام لاعادة اطلاق العملية السلمية في الشرق الاوسط بالتوازي مع تحركاتها لتشكيل حلف عالمي لمواجهة الارهاب".
وشدد الحريري "على ضرورة العودة الى مقاربة شاملة لعملية السلام مبنية على الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام وفق قرارات مجلس الامن الدولي 242 و338 و425" كما ذكر المصدر نفسه.
وفي سياق المساعي العربية لاتخاذ موقف موحد عقدت بشرم الشيخ امس الاول قمة مصرية سورية وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان الرئيسين المصري حسني مبارك والسوري بشار الاسد اجتمعا بمنتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر لبحث الوضع في المنطقة بعد الهجمات التي هزت واشنطن ونيويورك.
وقالت الوكالة ان الرئيسين "أكدا ايضا على ضرورة ان تلتزم اسرائيل بالشرعية الدولية والحقوق العربية المشروعة وان تتجاوب مع مطلب المجتمع الدولي وقف العمليات العسكرية والعدوان على الشعب الفلسطيني وان تتخذ من الخطوات ما يحقق السلام العادل والاستقرار في المنطقة".
من جانبه اكد فايز الصايغ مدير الاذاعة والتلفزيون السوري انه "جرى التأكيد على ضرورة صياغة موقف عربي موحد ازاء ظاهرة الارهاب وبما يحقق الاستقرار الدولي والسلام العالمي وعدم الربط بين الارهاب والاسلام والعرب لتفادي وقوع شرخ بين بعض دول العالم من جهة والعرب والمسلمين من جهة ثانية والا تتحول المواقف الى صراع بين الاديان والحضارات". (البيان الإماراتية)
&