أعدها للنشر: بابكر عيسي
الراية تعيد بعد عامين وثلاثة أشهر وعشرة أيام الحوار الذي أجرته قناة الجزيرة مع أسامة بن لادن وأذاعته مساء الخميس 10/6/1999.. وقتها كان التحدي كبيرا وكان سباقا مع الزمن: هل بمقدور الراية إعداد الحوار التليفزيوني للنشر صباح الجمعة؟ نعترف ان الأمر لم يكن سهلا ونعترف ان مجرد ذكر اسم بن لادن يثير في أخيلة الكثيرين صورا مختلفة.. قلنا وقتها أنه هنا وهناك في قلب العاصفة وفي مجري التيارات المتقاطعة تلاحقه عدسات المصورين ويلاحقه رصاص القناصة ويبقي المطلوب الأول للعدالة الأميركية بعد اتهامه بأنه وراء تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في نيروبي ودار السلام.
منذ نحو عامين وما يزيد جرت مياه كثيرة أسفل الجسور وبلغت الاحداث ذروتها بتفجير الثلاثاء الدامي 11 سبتمبر 2001 الذي استهدف المركز التجاري العالمي في نيويورك رمز الرأسمالية ومبني البنتاغون وزارة الدفاع الأميركية بواشنطن رمز القوة العسكرية، وقد هز الحادث أميركا والعالم بأسره وبات بن لادن هو الهدف الأول وباتت أفغانستان هي نقطة البداية لعملية طويلة ومعقدة أطلق عليها عدالة بلا حدود وتجمع العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه في تحالف جديد ضد الإرهاب تقوده أميركا.. وبات الحديث القديم الجديد مع بن لادن والذي قدمته قناة الجزيرة والذي اتسم بالمهنية العالية التي تستوجب الاحترام والتقدير بات مطلوبا قبل انطلاق العمليات لمعرفة الكثير عن رجل ضد دولة ودولة ضد رجل مثلما قدمت له الجزيرة .
الكثير قيل عن أسامة بن لادن في وسائل الإعلام المختلفة، والكثير كتب عن أسامة بن لادن حتي بات هذا المواطن العربي المسلم يمثل علامة استفهام كبيرة، قد يقتل وقد يعتقل وقد يحدث ما يحدث ولكن قصته تبقي حكاية تروي ورغم الشكوك التي تنتاب الكثيرين إلا ان الإدارة الأميركية تؤكد في كل مرة ان تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن وراء تلك الهجمات التي كتبت صفحة جديدة في التاريخ العالمي المعاصر.
وفيما يلي تعيد الراية نشر حوار قناة الجزيرة مع أسامة بن لادن.
عندما يذكر اسم بن لادن تتوالي علي الذهن مجموعة من الافكار المتناقضة، الثروة، الزهد، الارهاب، البطولة الجهاد.. الرابط بينها جميعا هو هذا الرجل الذي يعده البعض شيطانا والآخرون مجاهدا ذا قضية.
يقول اسامة بن لادن: اسمي اسامة بن محمد بن لادن انعم الله علي ان ولدت من ابوين مسلمين في جزيرة العرب في الرياض في حي الملز عام 1377 هـ.. ثم من الله سبحانه وتعالي علينا ان ذهبنا الي المدينة المنورة بعد الولادة بستةاشهر ومكثت باقي عمري في الحجاز ما بين مكة وجدة والمدينة.. ابي الشيخ محمد بن عوض بن لادن هو من مواليد حضرموت كما هو معلوم وذهب للعمل في الحجاز منذ وقت مبكر جدا منذ اكثر من 70 سنة، ثم فتح الله سبحانه وتعالي عليه بان شرف بما لم يشرف به احد من البنائين ببناء المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة، وفي نفس الوقت بفضل الله عليه قام ببناء المسجد النبوي علي نبينا افضل الصلاة والسلام.
ثم لما علم ان حكومة الاردن قد انزلت مناقصة لترميم مسجد قبة الصخرة، جمع المهندسين وطلب منهم ان يضعوا سعر التكلفة فقط بدون ارباح، وقالوا له نحن ان شاء الله نضمن المشروع مع ربح، قال انتم فقط ضعوا سعر التكلفة،فلما وضعوا سعر التكلفة، تفاجأوا انه خفض السعر عن سعر التكلفة حتي يضمن خدمة البناء لمساجد الله ولهذا المسجد، وأرسي عليه المشروع، وبفضل الله عليه كان يصلي احيانا في اليوم الواحد في المساجد الثلاثة عليه رحمة الله، ولا يخفي انه كان احد المؤسسين للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية.
وبعد ذلك درست في الحجاز ثم درست الاقتصاد في جامعة جدة أو ما يسمي بجامعة الملك عبد العزيز عملت مبكرا في الطرق في شركة الوالد عليه رحمة الله مع العلم ان الوالد عليه رحمة الله توفي وكان عمري عشر سنوات.. هذا باختصار عن اسامة بن لادن.
اما ماذا يريد؟.. فالذي نريده هو نطالب بما هو حق لكل كائن حي، ونحن نطالب بان تحرر ارضنا من الاعداء وان تحرر ارضنا من الاميركان هذه الكائنات الحية قد زودها الله سبحانه وتعالي بغيرة خطيرة، ترفض ان يدخل عليها داخل فهذه اعزكم الله الدواجن لو ان الدجاج دخل عليها مسلح عسكري يريد ان يعتدي علي بيتها فهي تقاتله وهي دجاج،فنحن نطالب بحق هولجميع الكائنات الحية فضلا عن الكائنات الانسانية البشرية، فضلا عن المسلمين.
والذي حصل في بلاد الاسلام وخاصة للمقدسات ابتداء من المسجد الاقصي حيث قبلة النبي عليه الصلاة والسلام الاولي، ثم استمر العدوان للتحالف الصليبي اليهودي تتزعمه اميركا واسرائيل حتي اخذوا بلاد الحرمين ولا حول ولا قوة الا بالله.
فنحن نسعي لتحريض الامة كي تقوم لتحرير ارضها والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالي ولتحكم الشرع ولتكون كلمة الله هي العليا.
د. سعد الدين ابراهيم: فيما يخص بن لادن، هذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، لانه هو الاصغر منهم، ولأن الاسرة نفسها رغم ثرائها الا انها تعتبر من السعودية اسرة هامشية من اصول حضرموتية، فهو لم يقبل قبولا كاملا رغم ثرائه في المجتمع السعودي بالداخل فهنا عامل التهميش يفسر الرغبة احيانا في التحدي والرغبة في ان يواجه النظام القائم، فاذا لم يستطع ذلك في الداخل فيفعله في الخارج، وهذا ينطبق علي بعض الامراء السعوديين حتي في عهد عبد الناصر الذين يكون مغضوبا عليهم من الاسرة، وهؤلاء اما ان التهميش او محاولات التهميش يجعلهم يثورون، وتجعلهم يتمردون علي الاسرة وعلي النظام القائم عموما وعلي طبقتهم عموما.
عبد الباري عطوان: اولا اكتشفت ان الرجل علي درجة عالية جدا من التواضع الطبيعي، يعني بطبعه متواضع، والرجل مؤمن بكل كلمة يقولها، ولا يكذب ولا يبالغ ولا يجامل، ولا يحاول حتي ان يخفي شيئا، فما في قلبه علي لسانه، وساحر في حديثه، صوته خفيض وفيه دماثة وفيه خلق، وتستطيع - وقد مكثت يوما كاملا معهم - تشعر بالدماثة والخلق والطيبة والتواضع الاصلي وليس التواضع المبالغ فيه او المصطنع.
رجل يريد الاخرة ويعتقد حقيقة انه عاش اكثر من اللازم، ويشعر بحسرة في داخله وهو لم يعبر عنها، انه لم يستشهد عندما كان يقاتل السوفييت او الشيوعيين. أو الكفار.. ويقول لك لماذا اعيش؟.
لاري جونسون: من الواضح انه قتل وجرح مواطنين اميركيين اكثر من اي جماعة اخري شنت هجمات ارهابية في الاعوام السبعة الأخيرة.
لا يوجد شخص او جماعة قتلت من الاميركيين مثل هذا العدد واجانب ايضا، فمثلا اذا أحصينا عدد الضحايا بالنسبة للهجوم الواحد نجد ان اسامة بن لادن ومؤيديه نجحوا في اسقاط حوالي 125 ضحية من الهجمة.
اما حماس وهي المنظمة التي تأتي في الترتيب الثاني فقد تسببت هجماتها في اسقاط ستة ضحايا في الهجمة الواحدة.. هذا الفارق يبين ان بن لادن لا يفعل شيئا عاديا، وانما اخذ علي عاتقه تنفيذ رؤية واضحة انه يري ان الولايات المتحدة تدنس مهد الاسلام في السعودية ومن هنا وجه حربة ضد المصالح الاميركية.
ولكن من حسن الحظ ان امكاناته محدودة، فهو انسان في النهاية انه ليس عملاقا وليس سوبر مان انه لايستطيع كشف الحجب او قراءة الافكار، لكنه مازال يعد تهديدا، لقد تعهد بقتل الناس ونفذ ذلك بالفعل واعتقد اننا يجب ان نصدق وعيده، لقد ارسل تهديده ولا يجب ان تعتبره ام لا وانما تهديدا حقيقيا.
الجزيرة: اسامة بن لادن هو الرجل الذي اعلنت الولايات المتحدة الحرب عليه واعلن عليها الحرب، بل وتكلفت محاولة قتله عدة مئات من ملايين الدولارات انهالت علي معسكره في جبال خوست بافغانستان علي شكل صواريخ كروز، هذا المعسكر هو ما اسمته الولايات المتحدة بالقاعدة، لكن القصة لا تبدأ من هنا.
كانت الحرب الافغانية في بدايتها بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي اطاح اولاها بالملكية وجاءت بحكومات حليفة للاتحاد السوفيتي الي هذا البلد المستعصي علي الغزاة.
دخلت الحرب الباردة بكل ما تعنيه الي بلاد الافغان، دخلت القوات السوفيتية، انذرت الولايات المتحدة.. وبدأت حركة مقاومة، كان المجاهدون يحاربون الكفر الشيوعي، والولايات المتحدة تحارب تقدم النفوذ السوفييتي، ولأول مرة منذ قرون ترفع راية الجهاد باسم الاسلام والحرب علي الكفار السوفييت باسم الجهاد.. وهناك من يقول باسم الولايات المتحدة ويدعمها. فهل كان المجاهدون عملاء أميركيين انقلبوا علي واشنطن عندما انقلبت هي عليهم؟.
أسامة بن لادن: محاولة للتشوية من الاميركان، والحمد لله الذي رد كيدهم الي الوساوس، وكل مسلم منذ ان يعي التمييز من قلبه بغض الاميركان وبغض اليهود والنصاري، وهو جزء من عقيدتنا ومن ديننا، فمنذ ان وعيت علي نفسي وانا في حرب وفي عذاب وفي بغض وكره للأميركان وما حصل هذا الذي يقولونه قط.
اما انهم دعموا الجهاد او دعموا القتال فهذا الدعم من دول عربية وبخاصة من دول خليجية لتتحدث انها تدعم الجهاد وهو لم يكن لوجه الله سبحانه وتعالي وانما كان خوفا علي عروشهم من الزحف الروسي، واميركا في ذلك الوقت وكان رئيسها كارتر لم يستطع أن يتفوه بكلمة ذات شأن الا بعد مرور بضع وعشرين يوما في 20 يناير وقال ان اي تدخل لروسيا الي منطقة الخليج نعتبره اعتداء علي أميركا، لانه محتل لهذه المنطقة، محتل للبترول فقال اننا سنستخدم القوة العسكرية اذا حدث هذا التدخل، فالاميركان يكذبون اذا زعموا انهم تعاونوا معنا في يوم من الايام ونتحداهم ان يبرزوا اي دليل، بل انهم كانوا عالة علينا وعلي المجاهدين في افغانستان ولم يكن باتفاق، وانما كنا نقوم بواجب هو نصرة الاسلام في افغانستان، وان كان هذا الواجب يتقاطع بغير رضانا مع مصلحة اميركية، وعندما قاتل المسلمون الروم، فمن المعلوم ان القتال الشديد بين الفرس والروم، كان دائما ولا يمكن لعاقل ان يقول ان المسلمين في معركة مؤتة عندما قاتلوا الروم القول بانهم كانوا عملاء للفرس.
وانما تقاطعت المصلحة، فقتال الروم كان واجبا عليه لكنه يفرح الفرس، وبعد غزواتهم علي الروم بدأوا بفضل من الله علي الفرس، فتقاطع المصالح بدون اتفاق لا يعني الصلة أو العمالة.. بل ونحن نعادي منذ تلك الايام ولنا محاضرات بفضل الله في الحجاز ونجد بوجوب مقاطعة البضائع الاميركية وبوجوب ضرب القوات الاميركية وبوجوب ضرب الاقتصاد الاميركي منذ اكثر من اثنتي عشرة سنة.
الجزيرة: حاولت الولايات المتحدة دائما تقليل حجم الدور الذي قامت به هناك، لكنها مع ذلك تعترف بانها قدمت المساعدات.. في العاصمة الاميركية واشنطن لا يزال لاري جونسون وهو موظف سابق في هيئة الاستخبارات الأميركية يمارس عمله في تدريب الجهات الحكومية علي مكافحة الارهاب.. ويتحدث عن هذه الفترة.
لاري جونسون: كانت هناك قوي دولية متعددة حتي قبل دخول الروس افغانستان، البريطانيون ذهبوا الي افغانستان وحاولوا السيطرة علي أهلها، فشل البريطانيون، وفشل الروس، ولا اعتقد ان هناك من يمكنه السيطرة علي افغانستان سوي اهلها... اما الولايات المتحدة فقد ذهبت هناك وعلمت المجاهدين كيف يستخدمون البنادق او كيف يزرعون المتفجرات فهذا هو الواقع.. هلفعلنا ذلك؟ نعم، ذهبنا وساعدنا في تدريبهم وقدمنالهم من العون ما ساعدهم علي طرد الروس.. ولكن لم تكن هذه ظاهرة خلقتها الولايات المتحدة، هذه الممارسةمستمرة هناك منذ قرون ويجب ان ندرك ذلك.
الجزيرة:وفي بدايات تلك الحرب كان العرب يتدفقون علي افغانستان مجاهدون وصحفيون..جمال اسماعيل مراسل الجزيرة كان يدرس هناك في تلك الفترة وتعرف علي شاب ثري مليء بالحماس للجهاد ضد الكفار في بيشاور كان اسمه اسامة بن لادن.
جمال اسماعيل: كانت بداية المعرفة بالشيخ اسامة بن محمد بن لادن هي حينما كان يتردد علي مدينة بيشاور الباكستانية اثناء فترة الجهاد الافغاني والاحتلال السوفييتي لافغانستان وكنت في ذلك الوقت طالبا في جامعة بيشاور وكنت اتردد علي مكاتب المؤسسات الاغاثية العربية وتنقل الاخبار لمن كان يهتم بها في ذلك الوقت.
تعرفت عليه في البداية عام 1984 عندما اسس مكتبه الذي كان يعرف باسم مكتب خدمات المجاهدين في مدينة بيشاور، واسست هذا المكتب بالتعاون بين اسامة بن لادن والشيخ عبد الله عزام الفلسطيني الذي قتل عام ،1989 وكان اسامة بن لادن في تلك الفترة يتكفل بتمويل جزء كبير من مكتب الخدمات وكفالة بعض المجاهدين العرب في الجبهات الافغانية لكنه لم يكن مقيما بشكل دائم في مدينة بيشاور أو في الاراضي الافغانية وانما كان يتردد علي المدينة كل ثلاثة اشهر للاطلاع علي الامور والاجتماع بقادة المجاهدين والشيخ عبد الله عزام وغيرهم ثم يتردد علي الجبهات الافغانية في الداخل.
ثم تطورت الامور وانشأ أول معسكر للمجاهدين العرب في داخل افغانستان وبتمويل منه في نهاية عام ،1986 وبدأ هذا المعسكر في تدريب واعداد المجاهدين العرب في منطقة قريبة من الحدود الباكستانية داخل الاراضي الافغانية تدعي منطقة اجاجي.
حكمتيار: جاء اسامة بن لادن الي افغانستان في حين ان كثيرا من الدول لم تكن تمنع المجاهدين من الذهاب الي هناك والمشاركة في المعارك بل كانوا يشجعونهم علي ذلك، ولم تكن اميركا تعارض ذلك، وعدد من المسلمين كانوا يأتون من اميركا واشتركوا في المعارك اثناء الغزو الروسي لافغانستان واسامة بن لادن جاء في نفس الوقت، والسعودية ايضا لم تكن تعترض علي ذلك.
الجزيرة: لكن الطرف الخاسر في هذه الحرب يري رأيا اخر.. الجنرال فارينكوف قائد القوات السوفيتية في افغانستان القي السلاح وصار عضوا في البرلمان الروسي لكنه وقبل سنوات عندما كانت الحرب في عنفوانهاكان في خط المواجهة قاتل المجاهدين وانسحب.
الجنرال فارينكوف: لقد لعبت الولايات المتحدة دورا حاسما، حاسما بالفعل، فمنذ عشية
دخولنا افغانستان كان الاميركان علي علم بقرارنا، ولكنهم لجأوا اولا الي الصمت ولم يبدوا اي موقف خشية ان نغير رأينا، فهم كانوا يريدون دخولنا. وعندما دخلنا افغانستان فعلوا كل ما بوسعهم من اجل دعم وتزويد المعارضة الافغانية ماديا وتقنيا وايديولوجيا بشكل كامل، واستغلوا وجود اللاجئين الافغان في باكستان وايران.. لقد قدموا كل ما يلزم ماديا لاقامة معسكرات ومراكز التدريب ومخازن سلاح وقواعد وساهمت في ذلك بعض الدول الاخري ربما في ذلك باكستان علي اكمل وجه، ومن الواضح ان الناس الذين راحوا يشكلون جماعات مسلحة كنا نسميهم عصابات لكنها في الواقع كانت فصائل مسلحة حقيقية، ويرسلون قوافل السلاح الي داخل افغانستان من جهة باكستان وكانوا يعرفون ان لديهم مهاما محددة ويعرفون انهم يقاتلون ليس فقط من اجل الدين والقضية بل ومن اجل المبالغ المالية غير القليلة التي كانوا يتلقونها، لقد كانت لدي المجاهدين مصلحة مادية مباشرة وهذا امر هام جدا.
الجزيرة: في خضم المعارك التي دارت في افغانستان بين القوات الحكومية والمجاهدين زار اسامة بن لادن افغانستان عدة مرات وخلال هذه الزيارات تطورت مشاركاته في العمليات مع المجاهدين من مستوي الي آخر.
جمال اسماعيل: اسس معسكر الانصار عام 87 وتعرض هذا المعسكر لهجمات جوية وبرية من القوات السوفيتية والقوات الحكومية الافغانية وتعرض هذا المعسكر العربي الي قصف شديد وانسحب المقاتلون الافغان مع بداية القصف الجوي وعمليات الانزال ولكن المقاتلين العرب وعلي رأسهم عبدالله عزام واسامة بن لادن ومجموعة لا يزيد عددها علي 35 شخصا صمدوا في المعسكر مدة اسبوعين من القتال الضاري وبعدها ظهرت ما يسمي باسطورة اسامة بن لادن والمجاهدين العرب.
الجزيرة: هذه كانت الخبرة الميدانية التي جمعها اسامة بن لادن من خلال سنوات من القتال الطويل، خبرة يفخر بأنها انتهت بالنصر علي السوفييت، خبرة استخدمها فيما بعد لانشاء معسكر تدريب هاجمته الولايات المتحدة بالصواريخ واسمته معسكر القاعدة.
الجزيرة: شخصيتان رئيسيتان كانتا تعدان المحركين وراء استقبال المقاتلين العرب وتنظيمهم ثم ارسالهم الي جبهات القتال، منهم الشيخ عبدالله عزام شيخ فلسطين قرر الجهاد واسامة بن لادن.
اسامة بن لادن: الشيخ عبدالله عزام عليه رحمة الله هو رجل اظهر بوضوح بعد ان اغتيل عليه رحمة الله مدي العقم الذي اصاب نساء المسلمين من عدم انجاب رجل بمثل الشيخ عبدالله عليه رحمة الله.
اهل الجهاد الذين حضروا الساحة وعاشوا تلك المرحلة يعلمون ان الجهاد الاسلامي في افغانستان لم يستفد من احد مثلما استفاد من الشيخ عبدالله عزام حيث انه حرض الامة من اقصي المشرق الي اقصي المغرب، والشيخ عبدالله عزام عليه رحمة الله من تلك الفترة زاد نشاطه مع المجاهدين في فلسطين وبالذات مع حماس ودخلت كتبه الي داخل فلسطين لتحريض الامة للجهاد ضد اليهود وخاصة كتاب آيات الرحمن وبدأ ينطلق الشيخ من الجو الذي الفه الاسلاميون والمشايخ وهو جو ضيق ومتقوقع واقليمي كل واحد داخل مدينته، انفتح علي العالم الاسلامي لتحريض المسلمين علي الجهاد وعند ذلك وكنا انا وهو في مركب واحد كما لا يخفي عليكم خططت مؤامرة لاغتيال الجميع وكنت اطلب من الشيخ عزام ان يبقي بعيدا عن بيشاور نظرا لزيادة المؤامرات وخاصة ما اكتشف في المسجد قبل اسبوع او اسبوعين قنبلة في المسجد الذي قتل فيه الشيخ في سبع الليل
إغراءات بملايين الدولارات حتي يترك الجهاد
أميركا تقود تحالفاً دوليا ضد الإرهاب لملاحقة بن لادن
بن لادن: طالبان أنقذت الجهاد من المخطط الأميركي
ضربة السفارة الأميركية في نيروبي ضربة كبيرة وموفقة جداً
الجنرال فارينكوف: المجاهدون يقاتلون من أجل المال لا الدين ولا القضية
فاليهود كانوا اكثر المتضررين من تحرك الشيخ عبدالله، فالمعتقد ان اسرائيل مع بعض عملائها من العرب هم الذين قاموا باغتيال الشيخ اما هذه التهمة فيروجها اليهود الاميركان وبعض عملائهم ولكنها ادني من ان ترد، والذين عاشوا الساحة يعلمون مدي الصلة القوية بيني وبين الشيخ عزام، والترهات التي يذكرها بعض الناس لا اساس لها من الصحة ولم يكن هناك تنافس.. والشيخ عبدالله كان مجاله في باب الدعوة والتحريض ونحن كنا في جبال يكتيا في الداخل وهو يرسل الي الشباب ونأخذ بتوجيهاته حول ما يأمرنا به ونسأل الله ان يتقبله شهيدا وابنيه محمد وابراهيم وان يعوض الامة من يقوم بالواجب الذي كان يقوم به.
د. سعد الدين ابراهيم: هذه كانت ظاهرة اعتبرت صحية من كل من كان ضد اي احتلال حتي لو كان استعمار دولة صديقة مثل الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، وعندما انتهي الاحتلال السوفيتي لافغانستان اصبح هؤلاء المتطوعون اصبح القتال جزءا من اسلوبهم في الحياة وحولوا اهتمامهم من قتال محتل غير مسلم الي محاولة لاسقاط انظمة في دول عربية واسلامية لا يعتبرونها مسلمة بما فيه الكفاية، وهؤلاء الذين سموا بالافغان العرب بعضهم عاد الي الجزائر والي مصر والي اليمن والي بلاد اخري وحاول ان يفعل ذلك بالفعل.. من ان يأتوا اساسا كانوا من فئات اجتماعية وبسيطة وعلي درجة معينة من الوعي والعلم ولديهم طموح بان يكونوا شيئا في الحياة سواء من خلال الخدمة العامة او من خلال التفوق الدراسي او من خلال البروز المهني وحينما كانوا يصادفون عقدة في تنفيذ هذا الطموح فاما يتركون البلاد للبحث عن فرص اخري او يبدأون التساؤل في مشروعية النظام الذي لا يسمح لهم بتحقيق اشباع هذا الطموح المشروع.
الجنرال قارينكوف: لقد خرجنا من افغانستان في اجواء اذكرها تماما كانت هناك ورود كثيرة وكانت هناك دموع ملء العيون طبعا لم يكن ذلك مزاج جميع الافغان فالذي لحقه ضرر او تعرض لنكبه بسبب الحرب كان في مزاج مغاير تماما، لكن معظم الناس في افغانستان كانوا يخشون انسحابنا من هناك لا بل حاولوا اعاقته، اما اذا كنا نتحدث عن القادة الافغان فما كانوا يريدون ذلك اطلاقا اعني نجيب الله والاخرين.
الجزيرة: خرج السوفييت انسحبوا بعد أن بدا واضحا ان افغانستان مستنقع يغرق الاتحاد السوفيتي في مياه سياسية وعسكرية آسنة وكانت الامبراطورية السوفيتية باسرها علي وشك الانهيار، وشعر المجاهدون بالنصر وبالفخر لانهم اعتبروا ما فعلوه تركيعا لاكبر قوة عسكرية في العالم لقد خاضوا الحرب وربحوها انتهي عدو وبقي اخر.
اسامة بن لادن: هذا الجهاد اليوم متعين علي الامة وقد يسقط للعجز لكننا نحن نعتقد ان الذين خاضوا الجهاد في افغانستان اكثر مما يتوجب عليهم لانهم علموا ان بامكانات ضيقة بعدد قليل من الار بي جي، عدد قليل من الغام الدبابات وعدد قليل من الكلاشينات تحطمت اكبر اسطورة عرفتها البشرية وتحطمت اكبر الة عسكرية وزال من اذهاننا ما يسمي بالدول العظمي. ونحن نعتقد ان اميركا اضعف بكثير من روسيا، ومما بلغنا من اخواننا الذين جاهدوا في الصومال وجدوا العجب العجاب من ضعف الجندي الاميركي ومن هزال الجندي الاميركي ومن جبن الجندي الاميركي.. ما قتل منهم ثمانون الا وفروا في ليل اظلم لا يلوون علي شيء بعد ضجيج ملأ الدنيا عن النظام العالمي الجديد.
جمال اسماعيل: حتي عام 89 كان الشيخ اسامة بن لادن متواجدا في افغانستان وفي بيشاور التي كان يتردد عليها، وبعد عام 89 ذهب الي المملكة العربية السعودية في زيارة ومنع من السفر لاسباب تتعلق بالحكومة الباكستانية.
الجزيرة: بعد فترة قصيرة من عودته الي السعودية كانت المنطقة تغلي بالتغيير، وفي العام التالي وقع الزلزال باحتلال القوات العراقية لدولة الكويت، وبدأت عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت.
وقد بدأت عودة الافغان العرب الي دولهم في نفس الوقت تقريبا، ومنذ ذلك الوقت كان وجودهم محسوسا في العديد من العواصم العربية التي وجهت لهم اصابع الاتهام في العديد من العمليات التي اتهمت جماعات اسلامية متطرفة بارتكابها.. في الجزائر وفي مصر وفي السعودية. وظهر منهم العديد في بريطانيا.
جمال اسماعيل: بعد حرب الخليج الثانية سحبت المملكة العربية السعودية جواز السفر من اسامة بن لادن واعطي جواز سفر مكتوب عليه سفرة واحدة حيث غادر الي مدينة بيشاور الباكستانية وكان يحيط نشاطاته وتحركاته بشيء من السرية خشية تعرضه لاي حادث اغتيال خاصة وان الشيخ عبدالله عزام تم اغتياله مع ابنيه في مدينة بيشاور.
اسامة بن لادن: كنا في حزن شديد اثناء الخلاف بين الفصائل الافغانية ولكن من الله علي الامة بحركة طالبان وجاءت وانقذت هذا الجهاد من المخطط الاميركي الذي كان خلفه نجيب والذي كان يضغط علي المجاهدين عبر باكستان لتشكيل حكومة علمانية فيها 50 بالمائة من الشيوعيين السابقين وبعض الذين كانوا درسوا في الغرب وبقيتهم من الاحزاب الافغانية السبعة.
والحمد لله وبفضل مجيء هذه الحركة التي جاءت في وقت بلغ فيه السيل الزبي وبلغ فيه التعب في الناس مبلغا وكثر قطاع الطرق، واستطاع الاميركان وحلفاؤهم ان يقسموا افغانستان الي خمس دويلات فهناك دولة في المشرق تسمي هوست شرق وجلال اباد وفي الغرب دولة اخري وفي الشمال الدولة التي يدعمها الشيوعيون وفي الوسط كانت حكومة احمد شاه مسعود ومجيب وسياف، وفي الجنوب حكومة طالبان، وكانت هناك خمس حكومات في هذه الدولة الصغيرة فمن الله علي المسلمين بحكومة طالبان.
وليس هناك قوي الدفع من الخارج كما يصدرها الاعلام الغربي الصليبي وانما كانت هناك قوة سحب من الداخل، فقد مل الناس من قطاع الطرق ومن اخذ الاتاوات والمكوس، فأي قبيلة لها طلبة علم لهم صلة بالطالبان كانوا يذهبون ويطلبون منهم الحضور الي هذه الولاية او تلك لهذا نري ان المهندس حكمتيار مكث علي حدود كابول وبدعم علني من باكستان حتي يتقدم عدة امتار لكنه لم يستطع علما بانه من افضل الاحزاب الافغانية من حيث القوة والترتيب والتنظيم والانتشار في داخل افغانستان، وفي المقابل ان الطلبة هم صغار سن في الجملة واغلبيتهم لم يشاركوا في قتال ولكن بسبب السحب الداخلي من الشعب بعد ان وصل لدرجة من اليأس من الاعمال السابقة فتح الله عليه.
حكمتيار : اقول لكم بصراحة ان هذه الحرب فرضت علينا، ومثلما فرضت هذه الحروب علي العالم الاسلامي.. واقول لكم لماذا فرضت الحروب علي العالم الاسلامي؟ ولماذا يقتل المسلم؟ لماذا تحل المشاكل في أوروبا وتسبب مشاكل بسيطة في العالم الاسلامي حروب شرسة؟ ... لماذا مشكلة الجزائر وفلسطين وكشمير وفي العديد من الدول الاسلامية.
أقول لكم ان الحزب الاسلامي مستهدف فكل مواقف الولايات المتحدة تؤكد ذلك واميركا كانت وراء الحرب ضد الحزب الاسلامي ولو كونت حكومة مجاهدين بعد انسحاب السوفيت من افغانستان لاستقرت الامور لكن اميركا تخاف من تكرار هذه التجربة لهذا كانت الحرب.
جمال اسماعيل : في عام 91 و 92 قابلت اسامة بن لادن اكثر من مرة، وكان هو رئيس لجنة المصالحة بين الفصائل الافغانية وتم اختياره علي اساس انه شخص محايد وداعم للجهاد الافغاني.. ولكن فيما بعد وعند دخول المجاهدين العاصمة كابول واندلعت الحرب بينهم حاول اسامة بن لادن التوسط بينهم لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.. ثم انتقل بن لادن الي السودان في منتصف عام 92 حتي شهر مايو 1996 حيث طلبت منه الحكومة السودانية الخروج من اراضيها.
حسب معلومات وزير الاعلام الافغاني في حكومة طالبان تم عقد اتفاق بين الادارة الاميركية والحكومة السودانية علي اخراج اسامة بن لادن علي أن يسافر الي افغانستان ويمكن مقابل هذه الصفقة تخفيف الضغوط والعقوبات الاقتصادية علي الحكومة السودانية.
عبدالباري عطوان: تحدث لي اسامة بن لادن عن الاغراءات التي قدمت له للكف عن الجهاد، والاموال وهي مئات الملايين من الدولارات عرضت عليه وهو صادق في حديثه ورفض سعي الوسطاء الذين زاروه سواء في السودان او في افغانستان لاقناعه بالعودة ورفض، كان يؤكد انه سيمضي في هذا الشوط حتي آخره وانه وهب حياته لوجه الله وللقضايا الاسلامية .. وكان يقول ذلك بلا تردد.
وحدثني عن فترة وجوده في السودان وعن طريق التحدي الذي توقف عندما توقفت المساعدات عن السودان، وكيف انه بإمكانيات محلية محدودة، تم استكمال الطريق بين الخرطوم وعطبرة، وتحدث عن مشاريعه في منطقة الجزيرة، وقال ان هذا البلد يمكن ان يطعم العالم كله اذا جري استثماره ولكن ممنوع عليه، وأخبرني كيف انه استطاع ان ينتج زهرة عباد الشمس والقطن، وكان يتمني لو يبقي في السودان ولكنه اجبر علي الهروب والعودة إلي هناك.
الجزيرة : في عام 94 بدأت أولي الهجمات ضد اهداف اميركية في منطقة الشرق الأوسط كان الهدف الرياض مقر بعثة التدريب الاميركية لقوات الحرس الوطني السعودي، وفي عام 96 في الخبر مقر قوات مشاة البحرية الأميركية وفي كلتا الحالتين كانت هناك من الاقوال ما يربطها بأسامة بن لادن بينما هو لم يدخر وسعا في تأكيد اشادته بها.
اسامة بن لادن: هذه الافعال هي ردود افعال شعبية بحتة من شباب قدموا رؤوسهم علي اكفهم يبتغون رضوان الله، وانا انظر بإجلال كبير إلي هؤلاء الرجال العظام علي انهم رفعوا الهوان عن جبين امتنا وسواء الذين فجروا في الرياض او تفجيرات الخبر او تفجيرات شرق افريقيا او ما شابه ذلك. أو إلي اخواننا في فلسطين الذين يلقنون اليهود دروسا عظيمة عن كيف يكون الإيمان وكيف تكون عزة المؤمن، ولكن للأسف وبعد تلك العمليات الجريئة في فلسطين اجتمع الكفر العالمي والمحزن ان يجتمعوا علي ارض الكنانة في مصر، وجاءوا بعملائهم من حكام المنطقة من الحكام العرب بعد ان ضحكوا علي الأمة أكثر من نصف قرن، وكلما اجتمع ملك مع رئيس قالوا انهم بحثوا القضية الفلسطينية وبعد مرور نصف قرن تتضح الصورة جلية انهم جاءوا ليس لنصرة المجاهدين في فلسطين وإنما لادانة الاشبال الذين قتل آباؤهم وقتل اخوانهم وسجنوا وعذبوا واضطهدوا يدافعون عن دينهم، وكما يقال من المعضلات توضيح الواضحات.
عبدالباري عطوان: بالنسبة للهجوم علي القوات الأميركية في الرياض والخبر أبدي تعاطفاً غير عادي مع منفذي العمليات واقترب ان يقول ولم يقلها انهم من أنصاره.. كان هناك فخر واعتزاز في عينيه، لأن هؤلاء الرجال استطاعوا ان ينفذوا هاتين العمليتين الناجحتين.
الجزيرة : لكن نقطة التحول الرئيسية التي لفتت انظار الادارة الاميركية اليه كانت اصدار فتوي.
أسامة بن لادن: الفتوي السابقة كانت تحدثت ان لدينا في ديننا تقسيماً مختلفاً عما يدعيه الكفار، وان كانوا هم يدعون دعاوي ويمشون علي خلافها، نحن نفرق بين الرجل والمرأة والطفل والشيخ الهرم، فالرجل هو مقاتل سواء حمل السلاح أو أعان علي قتالنا بدفع الضرائب فهو مقاتل، اما ينشر بين المسلمين ان اسامة يهدد بقتل المدنيين، فهم ماذا يقتلون في فلسطين؟ يقتلون ليس المدنيين فقط بل الاطفال وأميركا استأثرت بالساحة العالمية وتمكنت من قوي إعلامية ضخمة وتكيل بمكاييل مختلفة في أوقات حسب ما يناسبها، وكل رجل أميركي هو عدو لنا من الذين يقاتلوننا قتالاً مباشراً أو يدفعون الضرائب.
شعب ترتفع أسهم رئيسه عندما يقتل الأبرياء ... شعب عندما يرتكب رئيسه الفواحش والكبائر العظيمة ترتفع شعبيته.. شعب لا يفهم معني للقيم أبداً.
الجزيرة : كان هذا الحديث بعد السابع من أغسطس عام 1998 ، ففي هذا اليوم بدأ يتردد اسم بن لادن مع انفجارين وقعا في وقت واحد في افريقيا، كان رد الفعل الاميركي علي هذا العمل ذهولاً أولاً وفجيعة ثانياً وغضباً أخيراً، غضبا لم يتوقف حتي هذه اللحظة.
سقط في تفجير السفارتين إثنا عشر أميركياً ومئات من الكينيين بين قتلي وجرحي وتواصلت التحقيقات لتشير الي اشخاص قيل انهم اعترفوا بصلتهم بأسامة بن لادن.. وجاء الرد الأميركي صاعقاً وقوياً وسريعاً، وأعلن الرئيس الأميركي أنه امر بتوجيه ضربات للارهاب العالمي في السودان وفي أفغانستان، حيث جري قصف مصنع الشفاء السوداني في العاصمة الخرطوم.
الرئيس البشير: نحن حقيقة عندما دخل أسامة بن لادن كمستثمر للسودان وهو كان يقاتل في أفغانستان ضمن المجاهدين الافغان، والمعروف ان الدعم الرئيسي للمجاهدين كان الولايات المتحدة، فالولايات المتحدة هي الداعم الأساسي لأسامة بن لادن عندما كان يقاتل في أفغانستان وعندما انتهت الحرب دخل السودان كمستثمر.
وعندما كثرت الادعاءات ضده آثر الابتعاد عن السودان وذهب إلي أفغانستان.
كنا نطلع اسامة بن لادن أولاً بأول بالمعلومات ومحاولة لصق بعض الاعمال والتهم به ومحاولة إلصاق ذلك بالسودان، وهو الذي اختار ان يخرج طوعا من السودان حتي لا يعرض السودان لعدوان او لأية اجراءات تعسفية، وكان هناك عدد من الناس تم ابعادهم خشية ان يكونوا يقومون بأعمال دون علم الحكومة وطلبنا منهم المغادرة وغادروا.
الجزيرة : هذه الضربة اثارت الغضب في الشرق الأوسط اكثر مما أضرت بما يمكن ان تكون البنية التحتية ارهابية. وزودت من يطالب بالقضاء علي الاميركيين سواء بالقول او بالفعل بذخيرة جديدة.
اسامة بن لادن: الاحداث الاخيرة سواء قصف افغانستان والسودان او قصف العراق، وتهديد ليبيا بالقصف، كلها تظهر بأن الذي يحكم العالم اليوم هو شريعة الغاب. شريعة صاروخ كروز والقصف عن بعد من هؤلاء الجبناء، فجميع من له ادني معرفة وله عقل يعرف ان مصنع الدواء كان مصنعا للدواء. وإلا لمات من أهل الخرطوم عشرات الآلاف وليس لي به صلة ولا أعرف المالك الذي يذكر بأنه إدريس، ولكن من الثابت ان أميركا تريد ان تفعل ما تشاء وان تقنع الآخرين بجبروتها.
نحن نطالب بحقوقنا باخراجهم من بلاد العالم الاسلامي وعدم سيطرتهم علينا، ونعتقد ان حق الدفاع عن النفس هو حق لكل البشر، ففي وقت تخزن إسرائيل فيه مئات الرؤوس النووية والقنابل الذرية ويسيطر فيه الغرب الصليبي بنسبة كبيرة علي هذا السلاح، لا تعتبر هذه تهمة وانما هو حق، ولا نقبل من احد ان يوجه تهمة الينا في ذلك، فكيف يمكن ان تتهم رجلا بأن يكون فارسا شجاعا ولا يتهمه بذلك إلا رجل مختل وغير عاقل، وقد ايدنا وهنأنا الشعب الباكستاني عندما فتح الله عليهم وامتلكوا هذا السلاح النووي، ونعتبر انه حق من حقوق المسلمين ولا نلتفت لهذه التهم المهترئة من أميركا.
وهناك طرفان في الصراع الصليبي العالمي بالتحالف مع اليهودية الصهيونية.. تتزعمهم اميركا وبريطانيا واسرائيل والطرف الآخر العالم الاسلامي فمن غير المقبول في مثل هذا الصراع وهم يعتدون ويدخلون الي ارضه ومقدساته وينهب بترول المسلمين وعندما يجد اقل مقاومة من المسلمين يقول هؤلاء ارهابيون هذه حماقة او استحماق للآخرين وانا اعتقد ان من واجبنا شرعا ان نقاوم هذا الاحتلال بكل ما أوتينا من قوة وان نعاقبه بنفس الطرق التي يعاقبنا بها.
ادعاءات اميركا كثيرة وعلي افتراض صحتها لا تعنينا في شيء، هؤلاء يقاومون الكفر العالمي الذي احتل بلادهم فما الذي يغضب اميركا عندما تعتدي علي الناس ويقاومونها؟ ولكن ادعاءاتها ايضا مع ذلك باطلة الا اذا قصدت ان لي صلة بتحريضهم فهذا واضح واعترف به في كل وقت وحين وهو انني كنت احد الموقعين علي فتوي بتحريض الامة علي الجهاد وقد حرضت منذ بضع سنين وقد استجاب كثير من الناس بفضل الله كان منهم الاخوة الذين نحسبهم شهداء عبدالعزيز المحسن الذي قتل في الرياض ولا حول ولا قوة الا بالله والأخ مصلح الشمراني والاخ رياض الهاجري نرجو الله ان يتقبلهم جميعا ومنهم الاخ خالد السعيد، فهؤلاء اعترفوا اثناء التحقيقات انهم تأثروا ببعض الاصدارات والبيانات التي ذكرناها للناس ونقلنا فيها فتوي اهل العلم في وجوب الجهاد ضد هؤلاء الاميركان المحتلين.
عبدالباري عطوان: لمست ان الرجل يملك رؤية، ورؤية تنطوي علي استراتيجية من نوع خاص استراتيجية تتعلق به وبمنظوره للمنطقة واول خطوة في هذه الاستراتيجية هي ان الادارة الاميركية والقوات الاميركية التي يري انها قوات احتلال للخليج والجزيرة العربية مقدمة لهيمنة اسرائيلية يهودية شاملة علي المنطقة ونهب خيراتها وإذلال المسلمين فيها وهذا ما تلمسه كجوهر عقيدته واستراتيجيته وهو يعتقد ان الاولوية الاولي هي التخلص من هذه القوات الاميركية في المنطقة العربية ثم اصلاح الانظمة او تغييرها بالأحري، ومن يستعصي علي الاصلاح يجب ان يغير، وان نطبق الشريعة مثلما يجب ان تطبق وان يقام النظام الاسلامي العادل في الدول الاسلامية والدول العربية علي وجه التحديد ودول الجزيرة بشكل اخص.
هذه هي استراتيجية اسامة بن لادن وهو الآن مثلما قال لي لا يريد ان يقاتل الانظمة ولكنه يريد ان يحارب الاميركان الذين يحمون هذه الانظمة.
الجزيرة: ومع ان اسامة بن لادن يصر في كل احاديثه علي ان دوره ينحصر في الفتوي والتحريض فقط فقد كاد في المقابلة التي اجراها مع الجزيرة ان يفصح عن علمه بكافة جوانب عملية تفجير السفارة الاميركية في نيروبي.
أسامة بن لادن: كانت ضربة مؤلمة ولم يأخذوا مثلها منذ تفجير المارينز في لبنان، حيث ان سفارة نيروبي كانت عبارة عن سلسلة مؤامرات متكررة فمنها انطلق الغزو المقدس الاميركي علي الصومال وقتل من اخواننا الصوماليين وقتل من ابنائنا واخواننا في الصومال 13 الف شخص بل تحت راية الامم المتحدة وذكرت الاخبار بالصور انهم كانوا يشوون اخواننا الصوماليين كما تشوي النعال ولا حول ولا قوة الا بالله ولم يتحدثوا عن مدي الوحشية وانما اللوم دائما يأتي علي المسلمين اذا دافعوا عن انفسهم.
ومن هناك ومنذ بضعة عقود كانت تدار المؤامرات وتنطلق لتقسيم السودان وتنطلق من نيروبي حيث تدير الأمر هناك السفارة الاميركية كما هو معروف واكبر مركز للمخابرات والسي آي ايه في شرق افريقيا هو في تلك السفارة ومن فضل الله علي المسلمين انها كانت ضربة موفقة وكبيرة جدا، كانوا اهلا لها حتي يذوقوا مما ذقنا في صبرا وشاتيلا وفي دير ياسين وقانا والخليل وغيرها.
الجزيرة: ولم تكتف الولايات المتحدة بالقصف فقد اصدرت امرا بالقاء القبض علي اسامة بن لادن ورصدت جائزة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقاله وحاولت تجميد ارصدته المالية.
أسامة بن لادن بدأ رحلته وهو في الثانية والعشرين من عمره، بدأها في افغانستان، وهو الآن في الثانية والاربعين كان في مقدمة الافغان العرب وهؤلاء بدأ عددهم في التناقص في افغانستان. يقول من قابلوه انه لم يعد نفس الرجل!
عبدالباري عطوان: اعتقد ان بن لادن قبل عملية نيروبي ودار السلام غير بن لادن الان. كان يعرف ان الاميركان يستهدفونه ولكن ليس بالدرجة الحالية، ولم يكن هناك اي دليل علي انه وراء انفجاري الرياض والخبر. فربما كان مطلوبا اميركيا ولم تكن هناك دلائل كافية ولكن الان الصورة مختلفة ورغم ذلك حتي تلك الفترة كان الرجل يأخذ كل الاحتياطات الامنية له، وانا اعرف ذلك فعندما قابلته محطة السي ان ان بني معسكرا في العراء ولم يكن معسكرا او قاعدة لهم وانا اعرف ذلك ولم يسمح لها باصطحاب كاميراتهم. وكانت كاميرا بن لادن في انتظارهم وفتشوهم وتابعوهم وراقبوهم بطريقة غير مباشرة حتي يتأكدوا انهم غير متابعين او مراقبين، فالرجل يعرف كيف يتدبر اموره الامنية وارجو ان يكون موفقا في ذلك، واعرف الان انه في مكان آمن وممنوعة عليه الحركة، ليس لأن الطالبان يريدون تقييد حركته وانما لأنهم يريدون حمايته ويعتقدون اعتقادا راسخا ان الصحافة والصحفيين هم الفخ لمعرفة مكانه وتصفيته.
جمال اسماعيل: هو يعرف انه محاصر وتعترف حركة طالبان انه ليس محاصرا من الحركة داخل افغانستان لكنه ممنوع من القيام بأي عمل ضد اية دولة سواء اكانت تعترف او لا تعترف بحكومة طالبان وكل ما يقوم به من الاراضي الافغانية هو توجيه نداءات او مقابلات اعلامية واصدار فتاوي من افغانستان او مع علماء من الدول الاخري في التحريض علي الجهاد، وحركة طالبان لا تستطيع الحد والمنع منه لأنه يستند الي آيات واحاديث نبوية.
الجزيرة: القاعدة دمرت لكن بن لادن نجا، ويحاول حشد من المؤيدين رغم الخوف من تناقص الاتباع في المستقبل قال اسامة بن لادن: لما غاب الجهاد عن الامة زمنا طويلا نشأ لدينا جيل من طلبة العلم لم يخوضوا معارك الجهاد وتأثروا بالغزو الاعلامي الاميركي الذي غزا بلاد المسلمين فهو دون ان يخوض حربا عسكرية قد اصيب بهزيمة نفسية ويقول لك لا نستطيع، ولكن الصواب ان الذين منَ الله عليهم بالجهاد سواء في افغانستان او البوسنة ونحن منّ الله علينا بذلك فنحن علي يقين ان الامة تستطيع اليوم ان تجاهد باذن الله ضد اعداء الاسلام وبخاصة ضد العدو الاكبر الخارجي والتحالف الصليبي واليهودي.
الجزيرة: يعود بنا هذا كله الي الخليج العربي الذي يسميه البعض فارسيا، شيعة علي شاطيء وسنة وشيعة علي شاطيء، مقدسات في غربه في مكة والمدينة والقدس، ومقدسات في الشمال في النجف وكربلاء، ومقدسات في الشرق في قم ومشهد، افغانستان علي مرمي حجر، عراق محاصر وسلاح في البحر والارض والجو وشريان من النفط يتدفق عبر مياهه، ثروة وصراع ولكن ما لا ننساه في زحمة التفاصيل اليوم الاثر التراكمي للأشياء، فحجر يلقيه شخص ما في نهر قد يؤدي الي تغيير مجراه والي الابد.. واشنطن وأسامة بن لادن جزء من هذه الفسيفساء وبالنسبة لهما تحددت الاهداف وبدأت المطاردة.(الراية القطرية)
&