كتب رفيق خوري في " الأنوار " اللبنانية فقال : لا مفاجآت في الاجتماع الطارئ لمنظمة المؤتمر الاسلامي على مستوى وزراء الخارجية. حتى الخلافات التي استعان وزير الخارجية القطري بالانشاء العربي لوصفها بانها (نقاط خلاف لا آراء مختلفة) لم تبدل شيئا في السيناريو. فما انتهى اليه البيان الختامي في الدوحة هو ما كان متوقعا بصرف النظر عن الامنيات داخل المؤتمر والمطالب الراديكالية خارجه. وما يقلق وزراء الخارجية هو ان يحدث في الحرب ضد الارهاب ما ليس متوقعا وما يرفضونه من توقعات أوساط نافذة في واشنطن حيال شمول الحرب دولا في المنطقة.
ذلك ان الوزراء لعبوا ورقة الموقف العربي والاسلامي الموحد على الطاولة، بعدما لعبت كل دولة ورقتها الخاصة على طاولة منفصلة مع اميركا، وبعضها تحت الطاولة. وليس في المشهد فواصل قاطعة بين الصور بل مجرد ظلال في المنطقة الرمادية بين الابيض والاسود. فالصورة على الكومبيوتر الاميركي هي، بالمقدار الذي كشفه وزير الخارجية كولن باول (المرتاح جدا)، صورة (دعم كثير) من الدول العربية والاسلامية بالصوت العالي و(التسهيلات المقدمة للعمليات الاميركية)، مع تفهم حال (الصامتين) الذين يواجهون صعوبات في الشارع، و(عليهم الحفاظ على استقرار اوضاعهم الداخلية). والصورة العامة الظاهرة في اجتماع الدوحة هي، بما في السطور وما بين السطور، شيء من فك الارتباط وشيء من الربط.
اما فك الارتباط، فانه على جبهتين: جبهة الحرب في افغانستان حيث التسليم الضمني بها وبأهدافها ضد نظام الطالبان ومنظمة (القاعدة) مع رفض استهداف المدنيين وضمان (وحدة افغانستان الترابية وهويتها الاسلامية). وجبهة نزع الغطاء عن منظمي (الاعمال الارهابية المشينة) ضد اميركا والتي (تتنافى ورسالة الاسلام المناهضة للاثم والعدوان). وبالتالي الاقتراب مما تدعو اليه واشنطن وعواصم الغرب وهو مواجهة الايديولوجية الاصولية وليس فقط المنظمات الارهابية.
واما الربط، فانه في ثلاثة: الاول هو اشتراط ان تكون الحرب في مراحلها الطويلة التالية تحت اشراف الامم المتحدة من اجل (المساهمة الفعالة) للدول العربية والاسلامية في (القضاء على ظاهرة الارهاب ومعالجة اسبابه). والثاني هو ربط (ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائىل( بالارهاب الدولي المطلوب ضربه، مع الحرص على (التفريق بين الارهاب والمقاومة). والثالث هو اعتبار ازالة الاحتلال الاسرائيلي للأرض العربية المحتلة والتوصل الى تسوية شاملة واقامة دولة فلسطينية جزءا اساسيا من (التحرك الدولي لتحقيق الأمن والسلام في عالم يخلو من الارهاب والظلم).
وبين فك الارتباط والربط كان (رفض المؤتمر استهداف اي دولة عربية او اسلامية تحت ذريعة مكافحة الارهاب). فواشنطن تحدثت بأكثر من صوت وأعطت نفسها في مذكرة الى مجلس الامن الحق في ضرب أية دولة او منظمة يظهر ان لها علاقة بالهجمات الانتحارية في واشنطن ونيويورك. وهي أوحت في أكثر من مناسبة بأن الحرب التي قال الرئيس بوش انها (أوسع من افغانستان) تستهدف من هم أكثر من المسؤولين عن تلك الهجمات. وهذا ما يقلق الدول العربية والاسلامية، كما يدفع اوساطا اميركية واوروبية الى التخوف اقله بسبب مضاعفاته وانعكاساته على التحالف الدولي ومصالح الغرب.
واذا كانت الحرب في افغانستان تدور عسكريا على ايقاع سياسي في الكواليس، فان اللعبة الكبيرة هي في مرحلة ما بعد المسرح الافغاني. والموقف العربي والاسلامي يحتاج الى ما هو اكثر من بيان ختامي.