&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& حازم صاغية
الحرب الاخيرة- الراهنة أسمح لنفسي بأن اسميها رب الحلاقة. صحيح ان بعض الافغان هرعوا الى الموسيقى التي عادت تسمع في كابول. صحيح ان بعض الافغانيات نزعن الحجاب الذي حول نصف المجتمع أكياسا. لكن الأهم يبقى في مبادرة البعض الى حلق اللحية.
لماذا؟ لأنها الألصق بالجسد من الموسيقى ومن الحجاب. والطرف السياسي الذي يتدخل في شيء جسماني كهذا يكون شرا خالصا. يكون مستبدا مطلقا. فمن يصادر حرية امرئ في ان يكون حرا بجسده/ جسدها، لا يمكن ان يكون على حق في شيء. لا يمكن، ولا يجوز، اللقاء معه على مطلق شيء. لا يمكن ان يكون الا على خطأ في كل شيء. لا يمكن هو نفسه ان يكون حرا.
والبشر، كما نعلم، قد يحرمون كل ملكية، غير انهم يملكون اجسامهم على الاقل، ويملكون حق التصرف بها.
ومنعا لسوء الفهم، فالمناضل الطالباني الذي سمح لنفسه بان يمنع حلق اللحية، كالنازي الذي كان يمنع ارخاء اللحية. الاثنان يتدخلان في الجسد، يتعرضان للحرية في اكثر مجالاتها حميمية: الطالباني توتاليتاري بدائي شعاره ارخاء اللحى بالقوة. النازي توتاليتاري حديث شعاره حلقها بالقوة.
واعترف بان التوتاليتاري هو من يستنفر فيّ مشاعر العداء الشخصي. كائنا ما كان رأيه بفلسطين والعراق وافغانستانوالتحرير والعولمة. أما الذي لا يتدخل في حلق اللحية او ارخائها، فعداوتي له لا ترقى الى هذه الدرجة.. مهما بلغ سوءه السياسي.
لكن العقل التوتاليتاري، بالمناسبة، هو الذي علمنا ان نرى الامور على نحو معاكس: قال لنا ان امور الذقن واللحية ليست مهمة، المهم هو الموقف السياسي والاستراتيجي والاتفاق حول الاساسيات. والاساسيات بالطبع، لا علاقة لها بالحياة الملموسة للناس واجسامهم، وان كانت على علاقة وثيقة بـ"مفهومنا" عنها.
فما هو المهم، وما هو الاهم الذي تصفه جماعة الصناعة الثقيلة والافكار الأثقل بـ"العميق"؟ المناضل ضد الاستعمار في فيلم "حياة براين" لمونتي بايتن، قال عبارة بديعة في فرز درجات الاهمية: "ماذا فعل (المستعمرون) الرومان غير بناء القناطر ومد الجسور وشق الطرق وفتح المدارس..؟ غير ذلك ما فعل لنا الرومان؟".
هذا كله غير مهم. كما ان المحاكمة المعيبة التي تجري الان، نعم الان، لـ"قوم لوط الجدد" في مصر، والاحكام الصادرة بحقهم، ليست مهمة. المهم هو الموقف الاستراتيجي والمبدئي للقاهرة في صراع العرب المصيري!
اعتقد ان الامور ينبغي ان تنعكس تماما اذا ما قيض لنا ان نصير شعوبا مهمة. ان يتغلب حزب حرية الحلاقة على حزب التدخل في الحلاقة.
التوتاليتاريون سينظرون باستخفاف ويضحكون على هذه التفاهة" حلاقة، شفرة. هاهاها. نضحك عليهم: هاهاهاهاها. (عن "الحياة" اللندنية).

&