ايلاف -خاص: يدافع الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل للاداب، غابرييل غارسيا ماركيز عن التكنولوجيا الحديثة، ويستخدم في مجال الكتابة والابداع ما توصلت اليه هذه التكنولوجيا من وسائل بهذا الخصوص. ولكن التكنولوجيا الحديثة في مجالات اخرى، مرافقة للتطور العلمي، تتدخل في فرض سطوة الانسان على المادة والحياة وتطلب تغيير جوهرها.
ولذلك يقترن هذا التطور بالمخاوف وينذر بالخطر. الا ان ماركيز يرى بأن المشكلات التي ترافق الثورةالتكنولوجية قابلة للحل، اما المخاوف فتكمن في ان البشرية ربما لا تقدر على التلائم مع مشكلات العصر ولا تقدر، احيانا، ان تقف وتقول لا لبعض الظواهر والبروزات المحددة التي تصيغ نتائج سلبية عوضا عن ان تؤثر على نحو ايجابي في تحسين شروط الحياة واشاعة السعادة للانسان بتقديم الحلول الناجحة له. هنا نص حوار اجري مع ماركيز اثناء زيارته لبرشلونة.
تحمل معك قرصا مضغوطا يحتوي على اخر عمل من اعمالك الادبية. أيه خصوصية هذه؟

مع كل هذه التطورات التي تحصل عبر التكنولوجيا الحديثة يصبح بمقدورنا، نحن الكتاب، ان نتجول هنا وهناك حاملين في أسفارنا ما انجزناه من عمل. لقد فتحت لنا التكنولوجيا الحديثة افاقا جديدة رحبة اصبح من الممكن بواسطتها اطلاق مخلية الكاتب على نحو اوسع وبشكل اعمق. ليس بمقدوري ان اتصور نفسي عائدا الى الماضي. تعلمت كل التقنيات المتعلقة بالكتابة، من الريشة الى الكومبيوتر. وبواسطة الكومبيوتر يكون بمستطاع المرء ان يستعيد نصه، يفحصه، يشذبه، ويعمل عليه. وبمقدوره ان يرى كتابه مصفوفا ومطبوعا. واعتقد بان هذا، بالنسبة للكتّاب، بمثابة ثورة حقيقية.
في هذا المجال هل تستخدم، أو انك تضع، الى حديثة في خدمتك؟

أية آلة تعين وتساعد في عملية الخلق والابداع هي بالنسبة لي وسيلة مساعدة هامة. انني أرحب بها. لو كان أحد الاشخاص قد أعطاني قبل عشرين عاما آلة كومبيوتر لكنت قد نشرت ضعف ما نشرت من الكتب حتى الان.
وماذا تقول عن النقاد الذين يقدمون امثلة عن سوء استعمال واستغلال التطور العلمي وامكانية سطوة "الانفورماتيك" (المعلوماتية).وسيادته على كل شيء؟

ثمة خطورة في الامر بالطبع. ولكن بحق السماء يجب ان نثق بالبشرية، ونؤمن بانها في وضع تتمكن فيه من تدبير أمورها، وتسيطر على ما ينجم عن التطور العلمي من مشكلات.
أنت تأمل اذا، في ان يستمر التطور هذا باضطراد؟

آمل ان العلم سيكون بمقدوره تقديم المزيد من الاجهزة الحديثة في المستقبل، لتوضع في خدمة الانسان. وبواسطتها سنكون اكثر سعادة. نحن نكتب لتحقيق تلك السعادة، ومن أجلها.
ماركيز يحيي الجمهور عند حصوله جائزة نوبل في 10 ديسمبر 1982.
ولكن ألا تجلب التكنولوجيا، باسم التطور والتقدم العلمي الوبال وتكون وسيلة تحطيم تقود الى تدمير البيئة التي نعيش فيها؟

ينبغي ان يقال سلفا، بأن البشر في مسيرة القرن هذا قد توصلوا الى وعي مفاده ضرورة معالجة الأمر، واصلاح ما حصل على كوكبنا من تدمير. هي أرضنا وقد اصبحت قاحلة، وعلى البشرية ان تبادر الى اصلاح الوضع، ان عاجلا أم آجلا، سيكون البشر على وعي، وبشكل قاطع، ليضعوا حدا نهائيا للدمار الذي ألحقوه بكوكبنا.
اذا، ما زلت متفائلا؟

أنا متفائل. لا يمكن ان يكون البشر حمقى الى تلك الدرجة التي كانت فيها الحياة خلال العقود الاخيرة.
عملت مع المخرج الياباني أكيرا كوروساوا في فيلم مشترك، ماذا يعني لك ادراك كوروساوا للعالم والتكنولوجيا؟

أكيرا كوروساوا منحني ادراكا شرقيا، وبالتخصيص ادراكا يابانيا عن الحياة، وعن الزمن، حيث جعلهما قريبين مني. كان من المهم بالنسبة لكوروساوا، أن يجد الوقت الكافي، وهو ضروري له للغاية، لكي يمضي وينتج على نحو افضل. كنت أخاف الزمن دوما، لأنني لم أملك وقتا كافيا على الاطلاق.
ولكن كيف يمكن للانسان ان يكون أقل حمقا؟

قبل كل شيء ان يتعلم كيف يسيطر على الزمن. وعندما يسيطر على الوقت يكون بمقدوره ان يجرأ بقول كلمة لا. ان حقبتنا مهددة من خلال شحة الوقت. والانسان سيمضي نحو الافضل عندما يتعامل مع الوقت بدقة، وينجز عمله باتقان. بمقدور البشرية ان تتعلم، ويجب ان تتعلم.
كيف لك ان تفسر الزمن البشري او الانساني؟

ان يقول، بكل بساطة وقناعة: نعم، عندما يعني بالتأكيد نعم. وان يقول لا عندما يعني لا. وان يضع أمامه حدودا فاصلة تكون ماثلة وحاضرة دوما.
وكيف ترى مستقبل العالم؟

أنا مقتنع بأن كافة الشعوب على هذه الارض سوف تُمنح لها فرصة ثانية. أما بالنسبة لشعبي فانه ربما الان قد أتته هذه الفرصة، وهي الاولى من نوعها. اتمنى في المستقبل ان يكون ثمة مزيد من الحب والانسانية ولذا فأنا لا اعتبر نفسي كولومبيا أو مكسيكيا او كوبيا، أنا وبكل بساطة من أمريكا اللاتينية.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& اعداد : مازن أمين
&