"لقد حان الوقت لحوار بين المسلمين انفسهم".. "المسلمون في حاجة الى اثارة بعض الاسئلة والاجابة عليها" .. هذه بعض العبارات التي تضمنتها الافتتاحيات والمقالات في العديد من الصحف الغربية الرئيسية. وتقدم النصائح التي ظهرت بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة، مزيجا من التعاطف والغضب غير الخفي.
ومشكلة هذه النصائح هي انها تتجاهل حقيقة وجود نقاش بين المسلمين انفسهم منذ البداية، بل ان تاريخ الاسلام مليء بالقلاقل الفقهية والسياسية والانشقاقات النظرية واعمال العنف، بل والحروب الاهلية. فالمعارضة في سنوات الاسلام الاولى اغتالت ثلاثة من الخلفاء الراشدين، ثم بدأ تقليد من الاغتيالات السياسية التي استمرت الى يومنا هذا. وطبقا لافضل التقديرات الاكاديمية المتوفرة فإن الاسلام شاهد نشوء وسقوط مئات من المدارس المختلفة والطرق والاغراءات والطوائف.
وهناك مشكلة اخرى وهي ان معظم المعلقين الغربيين ينظرون للاسلام باعتباره نظيرا للمسيحية، بينما يجب اعتبار الاسلام نظيرا للعالم المسيحي وليس للمسيحية. ويرجع ذلك الى ان الاسلام يغطي جميع مناحي الحياة بينما المسيحية تسمح بتعايش المجالات الدينية والسياسية المتباعدة. وعندما نتحدث عن المسيحية نشير فقط الى الدين. ولكن عندما نتحدث عن الاسلام فإننا نشير الى كل شيء: الدين والسياسة والحكومة والثقافة والفنون والعلوم الى اخره.
وعلى العكس من المسيحية، لا توجد في الاسلام آلية ثابتة، ومقبولة عالميا، مماثلة للحرمان الكنيسي، بمعنى سلطة الكنيسة في تجريد شخص ما من ديانته. فأي شخص ينطق بالشهادتين يجب اعتباره مسلما. وخلال حوار تلفزيوني قبل اسابيع تعرضت للتوبيخ من شخص دخل الاسلام حديثا، لإصراري على ضرورة اعتبار ان اسامة بن لادن والملا عمر من المسلمين. ربما لا نعجب بالرجلين، ومن المؤكد انني غير معجب بهما، ولكن ليس في الاسلام بابا او كبير اساقفة ليحرمهما من الانتماء للكنيسة.
هذه الانفتاح الاسلامي هو، بالطبع، مصدر قوة وضعف في ذات الوقت. كما انه يشوش افكار غير المسلمين، الذين يجدون انه من الصعب استيعاب ان بن لادن وافراد عصابة القاعدة ينتمون الى الاسلام الذي تنتمي اليه الجماعات الصوفية شبة السرية. فالمغنية الاميركية مادونا، التي اصبحت واحدة من اتباع جلال الدين الرومي، واستخدمت بعضا من اشعاره الخالدة في اغانيها، لا يمكنها استيعاب حقيقة ان شاعرها الفارسي المفضل في العصور الوسطى، وساكن الكهوف الحالي في افغانستان ينتميان الى نفس العالم الاسلامي الواسع.
ومن دون التعمق في التاريخ الاسلامي، يمكن لاي شخص لديه اية معلومات عن التاريخ الاسلامي الحديث ان يعرف ان المسلمين يشاركون في حوار حول الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر على الاقل. وكل هذه الايديولوجيات الحديثة والمدراس السياسية في الغرب من الليبرالية والديمقراطية الى الاشتراكية والشيوعية، بل وحتى الماسونية، كان لها في العالم الاسلامي اتباع ومدافعون. وفي فترة من الفترات كانت توجد احزاب على الطراز الغربي تسيطر على الحياة السياسية والثقافية في دول اسلامية اساسية مثل مصر وتركيا وايران.
القضية المطروحة هي في السؤال الآتي: من الذي ركّزت وسائل الاعلام الغربية الاضواء عليه؟
فمنذ استيلاء الملالي على السلطة في طهران عام 1979 واحتجاز رهائن دبلوماسيين اميركيين، فإن الاعلام الغربي ركز اهتمامه على ممارسي العنف والمدافعين عنهم اكثر من تركيزه على معارضيه في العالم الاسلامي. لقد اصدر العلماء الغربيون عشرات الكتب بخصوص ناشطين سطحيين، مثل ابو الاعلى المودودي، وحسن البنا، وسيد قطب، والخميني، وغيرهم ممن يماثلونهم، بدلا من المفكرين الاسلاميين الاكثر جدية في القرن الماضي من امثال اسماعيل اغا جسبرنسيك، وميرزا ابراهيموف، واخوند ـ زاده، ومحمد عبده، وجمال الدين اسعد- ابادي (الافغاني) وميرزا ملكام خان، وعبد الرؤوف فيترات، واحمد دانش، وصدر الدين عين، وطه حسين، واحمد كسرواي، ومحمد اقبال، واحمد فرديد، ومالك بن نبي... والعديد غيرهم.
وبالنسبة للوقت الراهن قلما يبدي احد الاهتمام بشخصيات مثل نور خالص مجيد درييش شايغان، وعبد الكريم سوروش، ومحمد صالح العشماوي، وفريدون هويدا، ومحمد عبد الجابري، وعشرات غيرهم من اندونيسيا الى المغرب. ويوجد ايضا العديد من الشخصيات الاسلامية السياسية الذين يمكن ان يتوفر لهم وضع افضل لتمثيل التوجهات في الاسلام المعاصر.
لكن الانطباع الحالي في الغرب هو ان العالم الاسلامي مجرد صحارى سياسية وان النبات الوحيد الذي ينمو فيها يأتي على شكل الملالي المتطرفين او مقاتلي تنظيم القاعدة. وجزء من الاسباب هو تعذيب الذات عند بعض المثقفين الغربيين. فهم يفضلون هؤلاء الذين يدافعون عن العنف والارهاب ضد الغرب. ولقد عكس العديد من المثقفين الغربيين تعذيب الذات هذا حتى بعد مآسي 11 سبتمبر. فوسائل الاعلام الغربية مهتمة بالتصريحات المثيرة والساخنة اكثر من اهتمامها بالتحليلات الهادئة والعميقة. وذكر لي رئيس تحرير قناة تلفزيونية اميركية شهيرة كم شعر بالاحباط من ان كل المفكرين المسلمين الذين اقترحت اجراء مقابلات معهم كانوا حليقي الذقون ويرتدون ربطة العنق، ورجاني أن اقترح اسماء بعض اصحاب اللحى، قال لي: "نريد بعض هؤلاء الذين يقولون نريد قتل كل من في الغرب".
ويبدو الامر كما لو انا احدنا اعد برنامجا نقدم فيه بعض الافراد من جماعات حليقي الرأس البريطانية، وجماعات النازية الجدد في المانيا، وبعض القتلة الاميركيين باعتبارهم نماذج للعالم الاسلامي ضد الاسلام.
هناك اليوم 53 دولة اسلامية ذات نظم اجتماعية وسياسية مختلفة. واي تعميم بخصوصهم سيخلق من المشاكل اكثر مما يحل. والواقع انه في الوقت الراهن يجري نقاش حيوي على العديد من المستويات في معظم الدول الاسلامية، وفي البعض منها يمكن وصف الحوار بأنه "نوع من حرب افكار اهلية"، وفي البعض الاخر ـ مثل الجزائر وافغانستان على سبيل المثال ـ يوجد اولئك الذين يذبحون الناس بدلا من الحوار معهم. ولكن ليست هذه هي الحالة دائما. ففي جوهر القضية تتردد نفس الاسئلة التي ظهرت في القرن التاسع عشر: لماذا، اصبح الاسلام، الذي كان يقيم الحضارات، ضعيفا ولا يزيد دوره عن المراقب للعالم؟ ربما الاهم من ذلك هو: ما الذي يجب القيام به لجعل الاسلام موضوعا بدلا من كونه مادة للتاريخ مرة اخرى؟
الاجابة التي يقدمها الملالي والقاعدة، هي ان ينسف المسلمون انفسهم والجميع معهم. لكن هذه مجرد اجابة واحدة من الاجابات، واذا كان الغرب مهتما بالبحث عن اجابات اخرى بالفعل، فعليه ان يطلب من المثقفين ووسائل الاعلام العمل بجدية اكثر والبحث بعمق اكثر.
سألني صحافي تلفزيوني اميركي كبير في الاسبوع الماضي "اين الانفجار؟"، وكان يشير الى الانفجار الذي كان من المقصود ان يحدث في الشارع الاسلامي ضد الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان. والحقيقة ان عدد المظاهرات المعادية للغرب في كل العالم الاسلامي لم يتجاوز سبع عشرة مظاهرة فقط، تسع منها في ثلاث مدن باكستانية، ولم تجتذب احداها اكثر من عدة مئات. وكانت هناك مظاهرات اكبر ضد الولايات المتحدة في لندن. اما في طهران فقد تظاهر العديد تعاطفا مع الولايات المتحدة.
الحقيقة هي ان هناك بعض العناصر في العالم الاسلامي التي تشعر بكراهية عميقة للغرب، ولا سيما للولايات المتحدة. كما توجد ايضا بعض العناصر في الغرب، التي تشارك في هذه الكراهية العميقة. ولكن الاغلبية من المسلمين ليست لديهم مثل هذه الاحكام المسبقة. فهم يختلفون مع الولايات المتحدة في بعض القضايا ويتفقون معها في قضايا اخرى. وبكلمة اخرى يتعاملون مع المواقف من منطلق سياسي وليس من منطلق ديني. وهناك أيضا الذين يعيشون في الغرب ممن يدعون انه اذا لم نتفق معهم في كل شيء دائما فيجب اعتبارنا من الاعداء. مثل هذا الموقف هو انعكاس لنفس صورة الملالي ومجرمي القاعدة، وهم يستحقون التوبيخ بنفس الدرجة.
لقد كنت اتمنى ان تشجع مآسي 11 سبتمبر مزيدا من الفهم الافضل للاسلام في الغرب. ولكني الآن اشعر ان العكس هو الذي حدث. ان سيل المعلومات حول الاسلام تركز على مساحة صغيرة للوجود الاسلامي المعاصر. ومعرفة المزيد بخصوص امر ما لا يعني بالضرورة معرفة افضل، ولا سيما عندما تكون المعلومات إما خاطئة أو متحيزة.(الشرق الأوسط اللندنية)
ومشكلة هذه النصائح هي انها تتجاهل حقيقة وجود نقاش بين المسلمين انفسهم منذ البداية، بل ان تاريخ الاسلام مليء بالقلاقل الفقهية والسياسية والانشقاقات النظرية واعمال العنف، بل والحروب الاهلية. فالمعارضة في سنوات الاسلام الاولى اغتالت ثلاثة من الخلفاء الراشدين، ثم بدأ تقليد من الاغتيالات السياسية التي استمرت الى يومنا هذا. وطبقا لافضل التقديرات الاكاديمية المتوفرة فإن الاسلام شاهد نشوء وسقوط مئات من المدارس المختلفة والطرق والاغراءات والطوائف.
وهناك مشكلة اخرى وهي ان معظم المعلقين الغربيين ينظرون للاسلام باعتباره نظيرا للمسيحية، بينما يجب اعتبار الاسلام نظيرا للعالم المسيحي وليس للمسيحية. ويرجع ذلك الى ان الاسلام يغطي جميع مناحي الحياة بينما المسيحية تسمح بتعايش المجالات الدينية والسياسية المتباعدة. وعندما نتحدث عن المسيحية نشير فقط الى الدين. ولكن عندما نتحدث عن الاسلام فإننا نشير الى كل شيء: الدين والسياسة والحكومة والثقافة والفنون والعلوم الى اخره.
وعلى العكس من المسيحية، لا توجد في الاسلام آلية ثابتة، ومقبولة عالميا، مماثلة للحرمان الكنيسي، بمعنى سلطة الكنيسة في تجريد شخص ما من ديانته. فأي شخص ينطق بالشهادتين يجب اعتباره مسلما. وخلال حوار تلفزيوني قبل اسابيع تعرضت للتوبيخ من شخص دخل الاسلام حديثا، لإصراري على ضرورة اعتبار ان اسامة بن لادن والملا عمر من المسلمين. ربما لا نعجب بالرجلين، ومن المؤكد انني غير معجب بهما، ولكن ليس في الاسلام بابا او كبير اساقفة ليحرمهما من الانتماء للكنيسة.
هذه الانفتاح الاسلامي هو، بالطبع، مصدر قوة وضعف في ذات الوقت. كما انه يشوش افكار غير المسلمين، الذين يجدون انه من الصعب استيعاب ان بن لادن وافراد عصابة القاعدة ينتمون الى الاسلام الذي تنتمي اليه الجماعات الصوفية شبة السرية. فالمغنية الاميركية مادونا، التي اصبحت واحدة من اتباع جلال الدين الرومي، واستخدمت بعضا من اشعاره الخالدة في اغانيها، لا يمكنها استيعاب حقيقة ان شاعرها الفارسي المفضل في العصور الوسطى، وساكن الكهوف الحالي في افغانستان ينتميان الى نفس العالم الاسلامي الواسع.
ومن دون التعمق في التاريخ الاسلامي، يمكن لاي شخص لديه اية معلومات عن التاريخ الاسلامي الحديث ان يعرف ان المسلمين يشاركون في حوار حول الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر على الاقل. وكل هذه الايديولوجيات الحديثة والمدراس السياسية في الغرب من الليبرالية والديمقراطية الى الاشتراكية والشيوعية، بل وحتى الماسونية، كان لها في العالم الاسلامي اتباع ومدافعون. وفي فترة من الفترات كانت توجد احزاب على الطراز الغربي تسيطر على الحياة السياسية والثقافية في دول اسلامية اساسية مثل مصر وتركيا وايران.
القضية المطروحة هي في السؤال الآتي: من الذي ركّزت وسائل الاعلام الغربية الاضواء عليه؟
فمنذ استيلاء الملالي على السلطة في طهران عام 1979 واحتجاز رهائن دبلوماسيين اميركيين، فإن الاعلام الغربي ركز اهتمامه على ممارسي العنف والمدافعين عنهم اكثر من تركيزه على معارضيه في العالم الاسلامي. لقد اصدر العلماء الغربيون عشرات الكتب بخصوص ناشطين سطحيين، مثل ابو الاعلى المودودي، وحسن البنا، وسيد قطب، والخميني، وغيرهم ممن يماثلونهم، بدلا من المفكرين الاسلاميين الاكثر جدية في القرن الماضي من امثال اسماعيل اغا جسبرنسيك، وميرزا ابراهيموف، واخوند ـ زاده، ومحمد عبده، وجمال الدين اسعد- ابادي (الافغاني) وميرزا ملكام خان، وعبد الرؤوف فيترات، واحمد دانش، وصدر الدين عين، وطه حسين، واحمد كسرواي، ومحمد اقبال، واحمد فرديد، ومالك بن نبي... والعديد غيرهم.
وبالنسبة للوقت الراهن قلما يبدي احد الاهتمام بشخصيات مثل نور خالص مجيد درييش شايغان، وعبد الكريم سوروش، ومحمد صالح العشماوي، وفريدون هويدا، ومحمد عبد الجابري، وعشرات غيرهم من اندونيسيا الى المغرب. ويوجد ايضا العديد من الشخصيات الاسلامية السياسية الذين يمكن ان يتوفر لهم وضع افضل لتمثيل التوجهات في الاسلام المعاصر.
لكن الانطباع الحالي في الغرب هو ان العالم الاسلامي مجرد صحارى سياسية وان النبات الوحيد الذي ينمو فيها يأتي على شكل الملالي المتطرفين او مقاتلي تنظيم القاعدة. وجزء من الاسباب هو تعذيب الذات عند بعض المثقفين الغربيين. فهم يفضلون هؤلاء الذين يدافعون عن العنف والارهاب ضد الغرب. ولقد عكس العديد من المثقفين الغربيين تعذيب الذات هذا حتى بعد مآسي 11 سبتمبر. فوسائل الاعلام الغربية مهتمة بالتصريحات المثيرة والساخنة اكثر من اهتمامها بالتحليلات الهادئة والعميقة. وذكر لي رئيس تحرير قناة تلفزيونية اميركية شهيرة كم شعر بالاحباط من ان كل المفكرين المسلمين الذين اقترحت اجراء مقابلات معهم كانوا حليقي الذقون ويرتدون ربطة العنق، ورجاني أن اقترح اسماء بعض اصحاب اللحى، قال لي: "نريد بعض هؤلاء الذين يقولون نريد قتل كل من في الغرب".
ويبدو الامر كما لو انا احدنا اعد برنامجا نقدم فيه بعض الافراد من جماعات حليقي الرأس البريطانية، وجماعات النازية الجدد في المانيا، وبعض القتلة الاميركيين باعتبارهم نماذج للعالم الاسلامي ضد الاسلام.
هناك اليوم 53 دولة اسلامية ذات نظم اجتماعية وسياسية مختلفة. واي تعميم بخصوصهم سيخلق من المشاكل اكثر مما يحل. والواقع انه في الوقت الراهن يجري نقاش حيوي على العديد من المستويات في معظم الدول الاسلامية، وفي البعض منها يمكن وصف الحوار بأنه "نوع من حرب افكار اهلية"، وفي البعض الاخر ـ مثل الجزائر وافغانستان على سبيل المثال ـ يوجد اولئك الذين يذبحون الناس بدلا من الحوار معهم. ولكن ليست هذه هي الحالة دائما. ففي جوهر القضية تتردد نفس الاسئلة التي ظهرت في القرن التاسع عشر: لماذا، اصبح الاسلام، الذي كان يقيم الحضارات، ضعيفا ولا يزيد دوره عن المراقب للعالم؟ ربما الاهم من ذلك هو: ما الذي يجب القيام به لجعل الاسلام موضوعا بدلا من كونه مادة للتاريخ مرة اخرى؟
الاجابة التي يقدمها الملالي والقاعدة، هي ان ينسف المسلمون انفسهم والجميع معهم. لكن هذه مجرد اجابة واحدة من الاجابات، واذا كان الغرب مهتما بالبحث عن اجابات اخرى بالفعل، فعليه ان يطلب من المثقفين ووسائل الاعلام العمل بجدية اكثر والبحث بعمق اكثر.
سألني صحافي تلفزيوني اميركي كبير في الاسبوع الماضي "اين الانفجار؟"، وكان يشير الى الانفجار الذي كان من المقصود ان يحدث في الشارع الاسلامي ضد الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان. والحقيقة ان عدد المظاهرات المعادية للغرب في كل العالم الاسلامي لم يتجاوز سبع عشرة مظاهرة فقط، تسع منها في ثلاث مدن باكستانية، ولم تجتذب احداها اكثر من عدة مئات. وكانت هناك مظاهرات اكبر ضد الولايات المتحدة في لندن. اما في طهران فقد تظاهر العديد تعاطفا مع الولايات المتحدة.
الحقيقة هي ان هناك بعض العناصر في العالم الاسلامي التي تشعر بكراهية عميقة للغرب، ولا سيما للولايات المتحدة. كما توجد ايضا بعض العناصر في الغرب، التي تشارك في هذه الكراهية العميقة. ولكن الاغلبية من المسلمين ليست لديهم مثل هذه الاحكام المسبقة. فهم يختلفون مع الولايات المتحدة في بعض القضايا ويتفقون معها في قضايا اخرى. وبكلمة اخرى يتعاملون مع المواقف من منطلق سياسي وليس من منطلق ديني. وهناك أيضا الذين يعيشون في الغرب ممن يدعون انه اذا لم نتفق معهم في كل شيء دائما فيجب اعتبارنا من الاعداء. مثل هذا الموقف هو انعكاس لنفس صورة الملالي ومجرمي القاعدة، وهم يستحقون التوبيخ بنفس الدرجة.
لقد كنت اتمنى ان تشجع مآسي 11 سبتمبر مزيدا من الفهم الافضل للاسلام في الغرب. ولكني الآن اشعر ان العكس هو الذي حدث. ان سيل المعلومات حول الاسلام تركز على مساحة صغيرة للوجود الاسلامي المعاصر. ومعرفة المزيد بخصوص امر ما لا يعني بالضرورة معرفة افضل، ولا سيما عندما تكون المعلومات إما خاطئة أو متحيزة.(الشرق الأوسط اللندنية)
&
التعليقات