ايلاف- كتب الصحافي الأميركي توماس فريدمان في مقاله الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" بأنه في حال رغبت أي جهة في واشنطن بعد الانتهاء من أسامة بن لادن في نقل الحرب ضد الارهاب الى العراق، فلا يجب أن تعتمد على مساعدة روسيا، على الأقل خلال هذه الفترة. كما سرد&وجهة نظره في المصالح التي تمنع الدول المتحالفة في الحملة الأميركية ضد الارهاب من نقل الحملة الى مرحلة تالية، وناقش موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه اتخاذ أميركا العراق هدفا تاليا في حملتها ضد الارهاب، ليصل في النهاية الى أنه يجب على بلاده أن تستأنف حملتها (لضرب العراق) لوحدها مرة أخرى.
وكان الرئيس الروسي بوتين صرح &لصحيفة "فينينشال تايمز" الاثنين الماضي بأن المرحلة التالية للحملة الأميركية يجب ان تكون في "سد تمويل النشاطات الارهابية" معتبرا أنه لا يملك أي دليل أو تأكيد على "وجود تمويل عراقي للارهابيين الذين نحاربهم".
واعتبر فريدمان بأن بوتين لا ينفرد بوجهة نظره هذه، حيث أنه يكفي النظر الى جوهر التحالف الذي تقوده أميركا ضد الارهاب للاستنتاج أن العامل المشترك بين الدول المتحالفة هو الغضب من الاعتداءات الارهابية على أميركا بالاضافة الى المصالح الوطنية التي تحققها هذه الدول بعد هزيمة طالبان وأسامة بن لادن.
أضاف فريدمان أن هذا الحال يختلف عندما يتعلق الأمر بالهجوم على العراق، اذ أن الشعور بالغضب مفقود لدى أكثرية اعضاء التحالف ضد الارهاب، وبالتالي فإن شن حملة على صدام لا يتناسب مع المصالح الوطنية لهذه الدول المتحالفة مع أميركا في الحملة ضد الارهاب.
وعبر فريدمان عن وجهة نظره الخاصة بشأن مصلحة كل من تركيا، السعودية، الأردن، مصر وسوريا في شن أميركا هجوم على العراق.
اعتبر الصحفي الاميركي بأن قلق تركيا، التي تحقق أرباحا جيدة من خلال بيع النفط العراقي المهرب، هو من أن تؤدي الحرب على العراق الى تأسيس ولاية كردية صغيرة في شمال العراق، حيث أنه من الاحتمال أن ترتبط مع الأكراد في تركيا.
أما السعودية فاعتبر فريدمان بأنها تقلق من أن يؤدي تعادل الطائفة السنية في إيران الى خلق جيب شيعي مستقل في جنوب العراق، الأمر الذي بإمكانه أن يحرك الطائفة الشيعية في شرق السعودية.
تابع فريدمان بأن الأردن، الذي تتغلغل فيه عناصر عراقية، والتي تعتمد بشكل أساسي على التعامل التجاري مع العراق، تخشى من أن يؤدي شن حرب على بغداد الى هز الاستقرار الداخلي فيها.
أما مصر، فلا تتشوق لرؤية رئيس عراقي "لطيف" يعيد دمج بغداد كليا بأنظمة الولايات العربية ويخولها من استئناف منافستها الطبيعية للقاهرة في شأن التأثير على العالم العربي.
وختم فريدمان تحليله لنتائج شن أميركا حملة على العراق على الدول العربية بسوريا، التي اعتبر أنها لن تدعم أبدا الحرب ضد العراق لأن نجاح حملة كهذه من الممكن أن يؤدي الى إستهداف دمشق في المرحلة التالية.
من ناحية اخرى، قال فريدمان بأن الروس عموما لم يكونوا ابدا متحمسين لتوجيه ضربة الى العراق، الا أن&الرئيس الأميركي جورج بوش أحرج الرئيس الروسي بوتين بعد إنسحابه الأحادي الجانب من معاهدة "آي بي إم"، معتبرا أن كثيرا من الحلفاء الأوروبيين والعرب من الممكن أن يمتنعوا عن المشاركة بالحملة في حال امتناع روسيا عن ذلك.
ويلفت فريدمان النظر الى ما أفاد به سفير روسيا السابق في إسرائيل أليكساندر بوفين& بأن "ما تفعله أميركا في أفغانستان يتوافق مع مصالحنا وتفهمنا للوضع، أما العراق.. فمسألة مختلفة"، حيث أن روسيا طورت علاقاتها الاقتصادية مع العراق وبالتالي فالحملة ضد العراق من الممكن ان تفقدها هذه المصالح. أضاف بوفين "لا نرى أن العراق يشكل حاليا أي خطر، فالصواريخ العراقية لن تقصف على روسيا أو اميركا".
كما اعتبر بوفين بأنه شخصيا "ليس معنيا بأمر معاهدة الـ"آي بي إم"، الا أن بوش وضع بوتين في وضع صعب، فلم يكن ضروريا الغاء معاهدة "آي بي إم" في الوقت الذي كان بوتين يقول لشعبه: أنظروا، نحن أصدقاء مع الولايات المتحدة"، معتبرا أن قرار بوش خيب ظنه والعديد من الروس-"كما لو أن (بوش) تعمد اهانة شخصا ما عن قصد". أضاف بأنه من الممكن أن لا تقبل روسيا في المرة المقبلة التي يطلب من الدول أن تختار مساعدة أميركا، بأن تساعدها.
ولفت& فريدمان الى أنه من الممكن أن تجبر روسيا على المشاركة وفقا لما يسميه محلل الشؤون الخارجية أليكسي بوشكوف بالـ"حياد السلبي" لأي خطوة تتخذها الولايات المتحدة ضد العراق. الا أنه يجب ترتيب المال مسبقا، حيث أن الديون المستحقة للاتحاد السوفياتي على العراق بلغت ثمانية مليارات دولار. تريد روسيا أن تسدد لها العراق هذا الدين، وبالتالي تريد من واشنطن أن تساندها في التأكيد على أن هذا المبلغ استدانته العراق وليس فقط صدام، وذلك بهدف حفظ المبلغ في حال اطاحة صدام من الحكم وتشكيل حكومة جديدة قد تتنصل من مسؤولية تسديد هذا الدين.
واعتبر فريدمان أن الروس يريدون ايضا ضمانات بأنه في حال قيام نظام موال للغرب في العراق فإن شركات النفط الروسية لن تجد نفسها مجمدة خارج سوق واعد بالنفط المربح.
كما كتب فريدمان أنه في قضية بن لادن طلب حلفاء أميركا منها: "اعرضي علينا الدليل"، أما في قضية صدام فسيطلبون :"ارينا الدليل، أرينا المال ثم نناقش الأمر".
الحد الأدنى: انتهى الجزء الذي يتناول اغراق السمكة في الحوض من هذه الحملة ضد الارهاب. على خلاف طالبان، صدام يملك الأموال لرشوة أعدائه. وعلى عكس أفغانستان فدولته مهمة جدا استراتيجيا لكل الدول المجاورة لها، حيث أن أكثريتها تخاف من أي تغيير في الوضع الراهن. وعلى خلاف بن لادن، صدام قد لا يجعل من نفسه هدفا سهلا وواضحا. بيد أن هذا لا يعني أن أميركا لا تستطيع أو لا يجب عليها أن تبحث في سبل اطاحته، انما يعني أنه يجب عليها أن تبدأ بالتخطيط لتنفيذ هذا الأمر وحدها.