&
عندما أبدى الرئيس الاميركي جورج بوش العام الماضي التزام ادارته باجراء "تغيير للنظام" في العراق، واجه رفضا جماعيا من اوروبا ودول منطقة الشرق الاوسط، اذ قال البعض ان السبب في هذا الموقف عائد الى احترام مبدأ السيادة، فيما ابدى البعض الآخر خوفا من اندلاع حرب ربما تخرج عن نطاق السيطرة.
كما ان وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر ونظيره الفرنسي هوبيرت فيدرين تحدثا ضمن تعليقاتهما حول هذه القضية حول "فيتنام اخرى"، اذا شنت الولايات المتحدة حربا على العراق. ورغم ان واشنطن لم تكشف بعد عن اي خطط خاصة بخطوتها ازاء العراق، فإن اتجاهات الرأي العام في اوروبا تحولت باتجاه خيار "اطاحة صدام حسين".
فيشر متأكد في ما يبدو من انه لن يكون في موقعه بعد الانتخابات العامة المقبلة المقرر اجراؤها في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. اما نظيره الفرنسي فيدرين، فقد غادر موقعه ليحل محله دومينيك فيلبين الذي اصدر تعليمات بمراجعة السياسة الفرنسية تجاه العراق، اذ أكد واحد من الخبراء المكلفين بهذه المهمة ان باريس "في حاجة الى مراجعة الخيارات كافة".
حكومة يمين الوسط الجديدة في فرنسا تعتقد ان سياسة الحكومة اليسارية السابقة تجاه افغانستان كانت خاطئة، اذ عارضت فرنسا العام الماضي اتخاذ أي خطوة عسكرية ضد حركة طالبان حتى اللحظات الاخيرة. وعندما بات واضحا ان واشنطن ستكسب الحرب، قررت باريس على عجل ارسال قوات مظلية محدودة، الا ان الجانب الاميركي اجرى "ترتيبات" ابقى بموجبها على القوات الفرنسية في اوزبكستان لمدة عشرة ايام قبل نقل افرادها جوا الى مدينة مزار الشريف حيث أوكل لها دور رمزي.
يعتقد مستشار جديد للحكومة الفرنسية ان الولايات المتحدة ستوجه بالتأكيد ضربة لصدام حسين وان من مصلحة فرنسا ان تكون جزءا من الحملة منذ البداية بدلا من السعي الى دور هامشي بعد ان "يتحرك القطار"، على حد تعليقه. من العوامل التي جعلت موقف فرنسا اكثر تشددا مقتل 11 فرنسيا في كراتشي في هجوم انتحاري مطلع الشهر الجاري، اذ يعتقد مستشار الحكومة الفرنسية الجديدة ان اللهجة المناوئة للولايات المتحدة لم تحم فرنسا من "القاعدة" ويرى كذلك ان اتخاذ موقف مؤيد لصدام لا يضمن بالضرورة حماية فرنسا من أي هجوم كيماوي اذا بات العراق قادرا على شن هذا النوع من الهجمات.
رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، يعمل من جانبه على تهيئة الرأي العام لعملية لـ"اطاحة صدام حسين"، فقد أكد في لقاء اجرته معه قناة تلفزيونية تابعة لـ"هيئة الاذاعة البريطانية" (بي. بي. سي)، الاسبوع الماضي على دعمه لسياسة قائمة على اساس فعل كل شيء ممكن للتخلص من صدام حسين. ودعمت الحكومة البريطانية سلسلة من الاجتماعات ناقش قادة المعارضة العراقية خلالها خططا لدستور مؤقت وتشكيل حكومة انتقالية تعقب نظام صدام حسين. ويعمل بلير ومستشاروه على تحييد المعارضة العراقية ازاء اتخاذ أي عمل عسكري ضد العراق. يضاف الى ما سبق ان وثائق سرية سربت الى الصحف اليسارية البريطانية بغرض تقوية الموقف ضد العراق، فحتى صحيفة "ذا غارديان"، المعروفة بمعارضتها القوية لاتخاذ أي عمل عسكري ضد العراق، غيرت لهجتها وذهبت الى حد اجراء تغطية اكثر تعاطفا مع "المؤتمر الوطني العراقي" الذي تسانده واشنطن.
التوجه اليميني في السياسة الاوروبية يمثل عاملا في تصلب الموقف الاوروبي تجاه العراق ودول اخرى تساند الارهاب. فرئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني ونظيره الاسباني خوسيه ماريا ازنار أكدا بوضوح ان موقف بلديهما سيكون مؤيدا للولايات المتحدة ازاء العراق على نفس النحو الذي ساندا فيه واشنطن في الحرب في افغانستان.
ويقول روبرتو منوتي وهو شخصية ايطالية معروفة، ان الحكومات المحافظة الجديدة في الاتحاد الاوروبي ستكون اكثر قبولا للسياسة الخارجية الاميركية.
واوضح "اعتقد ان اغلبية الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ستؤيد العمليات ضد صدام حسين".
وفي الوقت ذاته كرر ستفين ايفرت وهو عالم هولندي، نفس الافكار.
"ربما يكون للاوروبيين بعض الاسئلة بخصوص من يأتي بعد صدام، وكم من الوقت سيبقى الاميركيون في العراق للاشراف على المرحلة الانتقالية."
والمعروف ان احد العوامل التي اضعفت المعارضة لعمليات ضد العراق هي العلاقات الجيدة بين موسكو وواشنطن التي تبلورت في قمة بوش/بوتين هذا الاسبوع في موسكو.
فقد خففت روسيا "تحفظاتها" بخصوص تغيير النظام في بغداد، ولعبت دورا فاعلا في تشكيل قرار مجلس الامن الذي اتخذه هذا الاسبوع لاعادة تطوير العقوبات ضد العراق. وتعتقد موسكو ان "العقوبات الذكية" التي تم الموافقة عليها تعطي العراق فرصة لاستئناف التعاون مع الامم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف "لا يجب ان يضيع العراق هذه الفرصة. واذا فعل ذلك فسيفتح ابواب الخطر على نفسه".
كما قدمت بعض الدول العربية تحذيرات مماثلة.
فقد اقنع السعوديون مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بيروت في شهر مارس (آذار) الماضي بمعارضة العمليات العسكرية ضد العراق. ولكن بشرط سماح العراق لمفتشي الاسلحة للامم المتحدة بالعودة، وهو الامر الذي رفضه صدام حتى الآن.
وفي الوقت ذاته تبني الولايات المتحدة قاعدة بحرية جوية في خور العديد في جنوب شرق قطر. كما يتم تجديد تسهيلات القواعد الاميركية وتوسيعها في جزيرة مصيرة وراس مسندم في مضيق هرمز. ويتم تجديد قاعدة ثالثة في البحرين.
أما ايران فيبدو انها قبلت حتمية عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين.
فقد ذكر قائد الحرس الثوري الاسلامي الايراني الجنرال رحيم صفوي، في رسالة اذيعت عبر الراديو في طهران في الاسبوع الماضي "يجب ان نستعد للحد من عمليات مماثلة ضد ثورتنا الاسلامية".
كما ان تركيا وهي من جيران العراق، غيرت موقفها من معارضة تامة لعمليات ضد صدام الى المطالبة بدور في تشكيل مستقبل العراق. فقد ذكر وزير الخارجية التركي اسماعيل شيم مؤخرا "اي شئ يحدث في العراق يؤثر علينا بطريقة مباشرة. يجب علينا التأكد من استمرار وحدة الاراضي العراقية واستقلاله والا تهدد الاحداث هناك على امننا".
كل ذلك لا يعني ان بوش تمكن من تكوين التحالف الذي قال انه يحتاجه لعمليات ضد صدام. ولم يناقش خطط "تغيير نظام" في العراق مع الحلفاء او مع الاطراف المعنية.
وذكر مسؤول مصري "ان واشنطن تكتم نواياها. ربما يرجع ذلك الى ان الادارة غير متأكدة كيف ومتى بل وحتى لماذا يجب استبدال نظام صدام، وبماذا".
(عن "الشرق الأوسط" اللندنية)
كما ان وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر ونظيره الفرنسي هوبيرت فيدرين تحدثا ضمن تعليقاتهما حول هذه القضية حول "فيتنام اخرى"، اذا شنت الولايات المتحدة حربا على العراق. ورغم ان واشنطن لم تكشف بعد عن اي خطط خاصة بخطوتها ازاء العراق، فإن اتجاهات الرأي العام في اوروبا تحولت باتجاه خيار "اطاحة صدام حسين".
فيشر متأكد في ما يبدو من انه لن يكون في موقعه بعد الانتخابات العامة المقبلة المقرر اجراؤها في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. اما نظيره الفرنسي فيدرين، فقد غادر موقعه ليحل محله دومينيك فيلبين الذي اصدر تعليمات بمراجعة السياسة الفرنسية تجاه العراق، اذ أكد واحد من الخبراء المكلفين بهذه المهمة ان باريس "في حاجة الى مراجعة الخيارات كافة".
حكومة يمين الوسط الجديدة في فرنسا تعتقد ان سياسة الحكومة اليسارية السابقة تجاه افغانستان كانت خاطئة، اذ عارضت فرنسا العام الماضي اتخاذ أي خطوة عسكرية ضد حركة طالبان حتى اللحظات الاخيرة. وعندما بات واضحا ان واشنطن ستكسب الحرب، قررت باريس على عجل ارسال قوات مظلية محدودة، الا ان الجانب الاميركي اجرى "ترتيبات" ابقى بموجبها على القوات الفرنسية في اوزبكستان لمدة عشرة ايام قبل نقل افرادها جوا الى مدينة مزار الشريف حيث أوكل لها دور رمزي.
يعتقد مستشار جديد للحكومة الفرنسية ان الولايات المتحدة ستوجه بالتأكيد ضربة لصدام حسين وان من مصلحة فرنسا ان تكون جزءا من الحملة منذ البداية بدلا من السعي الى دور هامشي بعد ان "يتحرك القطار"، على حد تعليقه. من العوامل التي جعلت موقف فرنسا اكثر تشددا مقتل 11 فرنسيا في كراتشي في هجوم انتحاري مطلع الشهر الجاري، اذ يعتقد مستشار الحكومة الفرنسية الجديدة ان اللهجة المناوئة للولايات المتحدة لم تحم فرنسا من "القاعدة" ويرى كذلك ان اتخاذ موقف مؤيد لصدام لا يضمن بالضرورة حماية فرنسا من أي هجوم كيماوي اذا بات العراق قادرا على شن هذا النوع من الهجمات.
رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، يعمل من جانبه على تهيئة الرأي العام لعملية لـ"اطاحة صدام حسين"، فقد أكد في لقاء اجرته معه قناة تلفزيونية تابعة لـ"هيئة الاذاعة البريطانية" (بي. بي. سي)، الاسبوع الماضي على دعمه لسياسة قائمة على اساس فعل كل شيء ممكن للتخلص من صدام حسين. ودعمت الحكومة البريطانية سلسلة من الاجتماعات ناقش قادة المعارضة العراقية خلالها خططا لدستور مؤقت وتشكيل حكومة انتقالية تعقب نظام صدام حسين. ويعمل بلير ومستشاروه على تحييد المعارضة العراقية ازاء اتخاذ أي عمل عسكري ضد العراق. يضاف الى ما سبق ان وثائق سرية سربت الى الصحف اليسارية البريطانية بغرض تقوية الموقف ضد العراق، فحتى صحيفة "ذا غارديان"، المعروفة بمعارضتها القوية لاتخاذ أي عمل عسكري ضد العراق، غيرت لهجتها وذهبت الى حد اجراء تغطية اكثر تعاطفا مع "المؤتمر الوطني العراقي" الذي تسانده واشنطن.
التوجه اليميني في السياسة الاوروبية يمثل عاملا في تصلب الموقف الاوروبي تجاه العراق ودول اخرى تساند الارهاب. فرئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني ونظيره الاسباني خوسيه ماريا ازنار أكدا بوضوح ان موقف بلديهما سيكون مؤيدا للولايات المتحدة ازاء العراق على نفس النحو الذي ساندا فيه واشنطن في الحرب في افغانستان.
ويقول روبرتو منوتي وهو شخصية ايطالية معروفة، ان الحكومات المحافظة الجديدة في الاتحاد الاوروبي ستكون اكثر قبولا للسياسة الخارجية الاميركية.
واوضح "اعتقد ان اغلبية الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ستؤيد العمليات ضد صدام حسين".
وفي الوقت ذاته كرر ستفين ايفرت وهو عالم هولندي، نفس الافكار.
"ربما يكون للاوروبيين بعض الاسئلة بخصوص من يأتي بعد صدام، وكم من الوقت سيبقى الاميركيون في العراق للاشراف على المرحلة الانتقالية."
والمعروف ان احد العوامل التي اضعفت المعارضة لعمليات ضد العراق هي العلاقات الجيدة بين موسكو وواشنطن التي تبلورت في قمة بوش/بوتين هذا الاسبوع في موسكو.
فقد خففت روسيا "تحفظاتها" بخصوص تغيير النظام في بغداد، ولعبت دورا فاعلا في تشكيل قرار مجلس الامن الذي اتخذه هذا الاسبوع لاعادة تطوير العقوبات ضد العراق. وتعتقد موسكو ان "العقوبات الذكية" التي تم الموافقة عليها تعطي العراق فرصة لاستئناف التعاون مع الامم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف "لا يجب ان يضيع العراق هذه الفرصة. واذا فعل ذلك فسيفتح ابواب الخطر على نفسه".
كما قدمت بعض الدول العربية تحذيرات مماثلة.
فقد اقنع السعوديون مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بيروت في شهر مارس (آذار) الماضي بمعارضة العمليات العسكرية ضد العراق. ولكن بشرط سماح العراق لمفتشي الاسلحة للامم المتحدة بالعودة، وهو الامر الذي رفضه صدام حتى الآن.
وفي الوقت ذاته تبني الولايات المتحدة قاعدة بحرية جوية في خور العديد في جنوب شرق قطر. كما يتم تجديد تسهيلات القواعد الاميركية وتوسيعها في جزيرة مصيرة وراس مسندم في مضيق هرمز. ويتم تجديد قاعدة ثالثة في البحرين.
أما ايران فيبدو انها قبلت حتمية عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين.
فقد ذكر قائد الحرس الثوري الاسلامي الايراني الجنرال رحيم صفوي، في رسالة اذيعت عبر الراديو في طهران في الاسبوع الماضي "يجب ان نستعد للحد من عمليات مماثلة ضد ثورتنا الاسلامية".
كما ان تركيا وهي من جيران العراق، غيرت موقفها من معارضة تامة لعمليات ضد صدام الى المطالبة بدور في تشكيل مستقبل العراق. فقد ذكر وزير الخارجية التركي اسماعيل شيم مؤخرا "اي شئ يحدث في العراق يؤثر علينا بطريقة مباشرة. يجب علينا التأكد من استمرار وحدة الاراضي العراقية واستقلاله والا تهدد الاحداث هناك على امننا".
كل ذلك لا يعني ان بوش تمكن من تكوين التحالف الذي قال انه يحتاجه لعمليات ضد صدام. ولم يناقش خطط "تغيير نظام" في العراق مع الحلفاء او مع الاطراف المعنية.
وذكر مسؤول مصري "ان واشنطن تكتم نواياها. ربما يرجع ذلك الى ان الادارة غير متأكدة كيف ومتى بل وحتى لماذا يجب استبدال نظام صدام، وبماذا".
(عن "الشرق الأوسط" اللندنية)
التعليقات