&
ما سر الضعف العربي؟ ولماذا التراجع في كل مقياس وفي كل اطار؟ هل هي العوامل الخارجية أم العوامل الداخلية أم الاثنتان معاً؟ ففي الاقتصاد يسجل العرب اضعف المؤشرات الى جانب أفريقيا السوداء, وفي مجال الانتاج الفكري والعلمي العالمي يسجل العرب أقل المؤشرات, كما يسجل العرب ندرة في التواجد الدولي على صعيد التأثير والتبادل وضعفاً في شرح قضاياهم, ولو نظرنا لحالة التعليم في البلاد العربية لوجدنا ضعفاً في التركيز على المهارات التي تخاطب الاحتياجات الفعلية, حتى من حيث الاستثمارات الدولية التي تجوب دول وشعوب العالم، فالعرب لديهم أقل نصيب، بل على العكس تشكل بلادهم مكاناً ملائماً لطرد رؤوس الأموال الوطنية، ومكاناً ملائماً لهجرة العقول المحلية والوطنية مما يساهم بتقليل فرص توسعة الاقتصاد وفرص التوظيف والتنمية للجيل الصاعد, أما على صعيد الأنظمة السياسية، فهي أكثر الأنظمة استقراراً من خلال ندرة الابداع، وقلة التجديد، وعمق المركزية، وقوة الأمن وأجهزة المخابرات وحداثتها، وندرة الحريات والانتخابات, وهذا كله يشكل اغتيالا مباشراً للمستقبل وللجيل الصاعد, ماذا جرى لنا؟ فبعد التفاؤل بنهضة العرب في أواسط القرن الماضي، وبعد الحركات العربية الاستقلالية والوحدوية والاسلامية نجد أنفسنا في تراجع نتذكر عمقه عندما تعصـف بنا الأحداث الكبرى.
إن التحدث عن علاج يحقق نهضة لن يكون ممكناً إلا إذا سعينا لصالح انفتاح داخلي في الحريات الفكرية والسياسية وفي اطار الكتابة والتعبير في اطار النشر والقراءة وفي اطار المسموح لا الممنوع وفي اطار رعاية نقاش علني وعام حول القضايا التي تفصل العرب عن النهضة, فالتباري الفكري والجدل حول قضايا اليوم الداخلية والاقليمية يجب أن يكونا محميين بأدب الحوار، وبأدب التعبير، وبكل ما يسمح للمدارس بأن تتعايش, فاحدى كوارث العرب عدم المقدرة على التعايش بين مدرسة وأخرى وقناعتهم الدائمة بضرورة غلبة مدرسة على جميع المدارس الأخرى.
ولكن جوهر النهضة يتطلب مبادرات قيادية خارجة عن المألوف, فالنهضة تعني تسريع بناء دور القطاعات الخاصة والأعمال الصغيرة والابداع في المهن وفي الانتاج الخاص والعام, وهي تعني اصلاح حال الدول لصالح تغيير في القيادات، فأفضل الأنظمة السياسية هي تلك التي تنجح في اعادة تجديد ذاتها وتجديد أهدافها ورسالتها والتأقلم مع التغيير الداخلي والخارجي, هذا ما نلاحظه اليوم في الصين الشعبية التي لا تمتلك نظاماً ديموقراطياً، وهو ما نلاحظه في الكثير من دول العالم التي تمارس أنظمة وشرائع ديموقراطية, والنهضة تعني اصلاح الأجهزة التي يدمرها الصراع الداخلي والمنافسة السلبية والانفصال عن شروط النجاح، وهي تعني اعادة نظر المؤسسات بطرق عملها وتجديد لأهدافها, ان قضية التنمية تتطلب ابداعاً جديداً، بلا هذا سوف تتحول مرحلة السخط الراهنة، ومرحلة الغضب الى حالة تسـاهم في دمار العالم العربي.
ان السير في طريق النهضة ليس في يد رؤساء الدول أو رؤساء الأحزاب أو التيارات أو المعارضة, بمعنى آخر لم تعد قضية النهضة أمراً تقوم به نخبة أو رسالة يكتبها ملك أو رئيس، أو رؤية يستنتجها من خلال التفكير أو التأمل, ان النهضة حالة تعبر عن مجتمع متحرك يلتمس ضرورات الاصلاح, لهذا فإن فتح باب الحريات ورعاية التغيير يمثلان المـــدخل الذي قد يســمح بتلــمس الطريق الجديد والسير في رحابه.
أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت (الرأي العام الكويتية)
إن التحدث عن علاج يحقق نهضة لن يكون ممكناً إلا إذا سعينا لصالح انفتاح داخلي في الحريات الفكرية والسياسية وفي اطار الكتابة والتعبير في اطار النشر والقراءة وفي اطار المسموح لا الممنوع وفي اطار رعاية نقاش علني وعام حول القضايا التي تفصل العرب عن النهضة, فالتباري الفكري والجدل حول قضايا اليوم الداخلية والاقليمية يجب أن يكونا محميين بأدب الحوار، وبأدب التعبير، وبكل ما يسمح للمدارس بأن تتعايش, فاحدى كوارث العرب عدم المقدرة على التعايش بين مدرسة وأخرى وقناعتهم الدائمة بضرورة غلبة مدرسة على جميع المدارس الأخرى.
ولكن جوهر النهضة يتطلب مبادرات قيادية خارجة عن المألوف, فالنهضة تعني تسريع بناء دور القطاعات الخاصة والأعمال الصغيرة والابداع في المهن وفي الانتاج الخاص والعام, وهي تعني اصلاح حال الدول لصالح تغيير في القيادات، فأفضل الأنظمة السياسية هي تلك التي تنجح في اعادة تجديد ذاتها وتجديد أهدافها ورسالتها والتأقلم مع التغيير الداخلي والخارجي, هذا ما نلاحظه اليوم في الصين الشعبية التي لا تمتلك نظاماً ديموقراطياً، وهو ما نلاحظه في الكثير من دول العالم التي تمارس أنظمة وشرائع ديموقراطية, والنهضة تعني اصلاح الأجهزة التي يدمرها الصراع الداخلي والمنافسة السلبية والانفصال عن شروط النجاح، وهي تعني اعادة نظر المؤسسات بطرق عملها وتجديد لأهدافها, ان قضية التنمية تتطلب ابداعاً جديداً، بلا هذا سوف تتحول مرحلة السخط الراهنة، ومرحلة الغضب الى حالة تسـاهم في دمار العالم العربي.
ان السير في طريق النهضة ليس في يد رؤساء الدول أو رؤساء الأحزاب أو التيارات أو المعارضة, بمعنى آخر لم تعد قضية النهضة أمراً تقوم به نخبة أو رسالة يكتبها ملك أو رئيس، أو رؤية يستنتجها من خلال التفكير أو التأمل, ان النهضة حالة تعبر عن مجتمع متحرك يلتمس ضرورات الاصلاح, لهذا فإن فتح باب الحريات ورعاية التغيير يمثلان المـــدخل الذي قد يســمح بتلــمس الطريق الجديد والسير في رحابه.
أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت (الرأي العام الكويتية)
التعليقات