&
أسئلة كثيرة تجول في ذهني العربي والمسلم بصورة خاصة وهو يتوجه الى الولايات المتحدة لأول مرة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وخاصة من يعرف الولايات المتحدة، وسبق ان درس أو عمل فيها، ورأى بعينه ما يتمتع به المجتمع الامريكي من تسامح واحترام للعدالة والقانون والحرية الشخصية، ويتساءل وخاصة بعد تلك القوانين والاجراءات التي سمع عنها وتتابعت بعد الحادي عشر من سبتمبر، هل امريكا هي امريكا التي عرفها أم انها تغيرت، وكيف سيُعامل وهو صاحب ملامح شرق أوسطية ويحمل اسما عربيا.
ان الساحة السياسية والفكرية في الولايات المتحدة منشغلة بنقاشات كبرى حول موضوعات هامة، وهذه النقاشات جديرة بالمتابعة لانعكاساتها وتأثيرها في العالم ككل بحكم ما تملكه الولايات من امكانيات سياسية واقتصادية وتكنولوجية وبحكم ما تتمتع به من تواجد في كل مكان عسكريا وامنيا واقتصاديا وثقافيا. وقد زرت الولايات المتحدة بعد غياب ثلاث سنوات، وهي اول زيارة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وبكل ما يعنيه هذا التاريخ من تحولات. ومن الطبيعي ان اتطلع الى هذه الزيارة وان افتح العين والاذن لمعرفة ما يحدث. وقد مكثت في العاصمة الامريكية اسبوعين، مما اتاح لي ان اطلع عن كثب على الاوضاع بحكم اقامتي السابقة تسع سنوات بين واشنطون ونيويورك وبحكم صداقاتي التي اعتز بها بين الجالية العربية ورجال السلك الدبلوماسي والامريكيين. ولقد حاولت منذ اليوم الاول ان اندمج مع الامريكيين وان اتحدث مع كل من التقيه حيث اذهب الى المقهى كل صباح لقراءة الجرائد، وفاتحا الحديث مع من تتاح لي الفرصة الحديث معه ولقد وجدت الامريكيين البسطاء طيبي المعشر، لا تشغلهم الا تحديات حياتهم اليومية، ولا يفكرون الا في العيش بسلام شأنهم شأن شعوب العالم الاخرى.
ولكن الصورة تختلف تماما عندما نقرأ الصحف الكبرى او نشاهد التليفزيونات او نستمع الى الاذاعات حيث نجد تعبئة من هذه الوسائل الاعلامية البالغة التأثير لاهداف خاصة لمصلحة جماعات خاصة، حيث كان الشغل الشاغل الذي لا حديث عن غيره هو الارهابي كأن كل هموم المواطن وقضاياه قد حلت ولم يبق غير الحديث عن هذا الخطر الدائم الآتي من الشرق، وقد اثير خلال فترة وجودي موضوع الحديث عن التقصير في التعامل مع المعلومات الأمنية التي كانت في متناول الادارة قبل الحادي عشر من سبتمبر وواضح ان هذا الموضوع يقع في نطاق الصراع بين الاجهزة كما يقع ايضا في باب السياسة الداخلية التي لا هم لها الا الانتخابات في مجلس الشيوخ والكونجرس وهي ان هدأت الآن فإنها ستجد طريقها مرة اخرى مع قضايا اخرى كل ما قربت هذه الانتخابات. واللافت ان الخبر عن اي حادث عنف في أي مكان من الولايات المتحدة او خارجها يكون مصحوبا بلقاء مع من يطلقون عليهم (خبراء الارهاب) ومعظم هؤلاء - وأقول معظم تحرزا من المبالغة - هم من الصهاينة ذوي الكفاءة العالية في التعامل مع الاعلام الامريكي والمسخرين لتحريض الرأي العام الامريكي ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة ضد الاسلام والعرب، ومن أهم هؤلاء السيد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل السابق وربما اللاحق ومثل نتنياهو كثيرون ولكنه يبقى الاكثر شهرة. انني اشعر ان الاعلام الامريكي مختطف من الصهيونية مع ما تبع ذلك من اختطاف لعقل ووجدان الانسان الامريكي الطيب ولكن الى جانب توجيه الاعلام وتركيزه على موضوع الارهاب لاهداف مرسومة وكأن لا هم للمواطن الامريكي غيره، فإن المجتمع الامريكي وبالذات الدوائر الفكرية والثقافية منشغلة بموضوعات هامة جديرة بتسليط الاضواء عليها، ومن هذه الموضوعات ما يطلق عليه (الدبلوماسية العامة) او (دبلوماسية الشعوب). هناك ادراك في الولايات المتحدة ان علاقاتها مع الشعوب في مستوى مترد للغاية. وان العلاقات مع الحكومات يمكن تدبيرها من خلال الدبلوماسية التقليدية التي يقوم بها دبلوماسيون محترفون، او من خلال العلاقات الاقتصادية واغراءاتها أو من خلال الضغوط السياسية والامنية، ولكن العلاقات مع الشعوب لها وضع مختلف وتزايدت هذه القناعة بعد الحادي عشر من سبتمبر وخاصة مع الرأي العام العربي والاسلامي، بل ومع الرأي العام العالمي في مناطق اخرى حتى تلك الدول التي توصف بالحليفة، كما هو الحال مع الرأي العام الاوروبي، الذي كشفت استطلاعات الرأي عن مدى استيائه من السياسات الامريكية واتضح ذلك اثناء الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس جورج بوش لاوروبا، حيث صاحبتها المظاهرات الرافضة لافكاره ولسياساته في كل العواصم الاوروبية التي زارها بما فيها لندن وبرلين وباريس.
ولدى راسمي السياسة الامريكية قناعة بأن الأمن والاستقرار يتطلب صياغة سياسات تتعامل مع الرأي العام العالمي، تتخطى الاساليب التقليدية التي يقوم بها عدد من الدبلوماسيين المحترفين. وقد حان الوقت كما يرى عدد من المثقفين الامريكيين الجادين ان تأخذ امريكا هذا الامر مأخذ الجد. وقد خصصت مجلة (واشنطون الفصلية) المعروفة برزانتها ملفا في عددها الاخير للحديث عن الدبلوماسية العامة. ان هذه الدبلوماسية كما يقول احد المشاركين في هذا الملف تعني التعامل بعناية مع قطاعات من عامة الناس لتحقيق الاهداف التي ترسمها استراتيجية السياسة الخارجية، اذ ان الدبلوماسية لم تعد مقصورة على الحكومات، بل ان المنظمات غير الحكومية والافراد ذوي القدرات الخاصة يمارسون هذه الدبلوماسية بمهارة ونجاح، وحتى بين الاجهزة الحكومية لم تعد وزارة الخارجية اللاعب الوحيد، بل ان جهات اخرى محلية ودولية قد برزت وتقوم بدور كبير في هذا المجال. ان تكنولوجيا الاتصالات تغيرت وانتشرت في كل البقاع، وتغير اللاعبون وتعددوا مسلحين بمرونة في التحرك وبمهارة متزايدة تعجز عنها الحكومات وان الاعلام تغير بوسائطه وباختلاف متلقيه، ان متحدثا باسم منظمة غير حكومية قد يعرض قضيته بصورة بليغة تعجز كل امكانيات الحكومات عنها. ان المهم ليس ما يقال ولكن ما يترسخ في القلوب، وتتحدث السيدة شارلوت بيرز مساعدة وزير الخارجية الامريكية لشئون الدبلوماسية العامة معترفة بأن العالم نظر بالكثير من الشبهة والتشكيك في اهداف السياسة الخارجية الامريكية، لذلك فإن الولايات المتحدة تسعى إلى وضع برامج طويلة الامد للتعامل مع الشعوب، واضعة في الاعتبار الاهتمام بالتأثير في الجيل الجديد في الشرق الاوسط، وهم من دون الثلاثين، وقد شرعت الادارة في وضع برامج ومشروعات لهذا الهدف، وخصصت اموالا طائلة، وبالذات لمشروع الشرق الاوسط، مستهدفة التركيز على العلاقات على المدى البعيد، وبالذات في مجالي الاقتصاد والتعليم والثقافة الشعبية المتمثلة في الافلام والموسيقى والمسرح، وترى ان من تسعى برامج العلاقات العامة التأثير عليهم هم الشباب، الذين لم تتح لهم معرفة الولايات المتحدة، وليسوا من ابناء النخبة، الذين بطبيعة الحال يذهبون ويدرسون ان شاءوا. وان البرامج الثقافية لهؤلاء يجب ان تركز على خدمة الأمن الوطني وان تكون كما سماها بعضهم القوة الناعمة لخدمة السياسات العامة. ولا شك ان ادارك الولايات المتحدة لمعاداة الشعوب لسياساتها امر في منتهى الاهمية. ولكن التعامل معها لا يكون بتسويق السياسات الخاطئة والمرفوضة ولكن بالتزام هذه السياسات بالعدل وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومساندة الفقير، وسيادة القانون والمشاركة في صناعة مصير الانسان مع الثقافات الاخرى. ولذلك فقد لاحظ معدو ملف العلاقات العامة لمجلة واشنطون الفصلية ان كل ما قامت به امريكا من جهود وعلاقات عامة بعد الحادي عشر من سبتمبر فإنها قد فقدت من عقول وقلوب العرب والمسلمين - بل والاوروبيين - اكثر مما كسبت ويقول احد كتاب هذا العدد من المجلة (ان صانعي السياسة الامريكية يجب ان يفكروا كثيرا قبل الظهور على وسائط الاعلام ويشرعوا بوضع الخطط لتليفزيون وراديو الشرق الاوسط، وتخصيص الاموال الطائلة لشرح السياسات. ان المطلوب هو التزام واشنطون بالعدالة والمساواة وحقوق الانسان وبالذات في علاقاتها مع الآخرين. وهذا وحده كفيل بدبلوماسية تفرض احترام الشعوب، ان الجمهور المستهدف لن يقيم او يغير موقفه بالكلمات ومدى بلاغتها او مقدرة المتحدثين بها باللغة العربية وانما على ضوء حاضر وماضي افعال الولايات المتحدة وممارساتها) نشارك هذا الباحث رأيه ونرى ان تصريح الرئيس جورج بوش بأن شارون رجل سلام وهو المعروف بارتكابه جرائم ضد الانسان، كفيل بهدم كل ما تقدم به حملة العلاقات العامة الامريكية وما تصرفه من اموال لتحسين صورتها. سأل عضو مجلس الشيوخ امريكي على ابواب الثمانين من العمر احد المواطنين الامريكيين من اصل فلسطيني عن اوضاعه بعد الحادي عشر من سبتمبر فشرح المواطن اوضاعه واوضاع انداده من العرب والمسلمين فقال الشيخ الامريكي: ان ضميري يدفعني ان اعترف بما نسببه للشعب الفلسطيني من كوارث، وان علينا ان نعتذر ونصحح سياسات في الشرق الاوسط، ولكن رغبتي في ان يخلفني ابني في عضوية مجلش الشيوخ يدفعني ان ادعو ضميري إلى ان يستمر في نومه. وفي مناسبة اخرى سأل الشاب الامريكي احد الخبراء في الشئون الخارجية، لماذا هذا الدعم الامريكي المطلق للسياسات الاسرائيلية، فرد عليه الخبير: لأن اسرائيل هي الصديقة الوحيدة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط. ورد الشاب الامريكي ببساطة: وهل كان لنا اعداء قبل ان نكون اصدقاء لاسرائيل.
أسئلة كثيرة تجول في ذهني العربي والمسلم بصورة خاصة وهو يتوجه الى الولايات المتحدة لأول مرة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وخاصة من يعرف الولايات المتحدة، وسبق ان درس أو عمل فيها، ورأى بعينه ما يتمتع به المجتمع الامريكي من تسامح واحترام للعدالة والقانون والحرية الشخصية، ويتساءل وخاصة بعد تلك القوانين والاجراءات التي سمع عنها وتتابعت بعد الحادي عشر من سبتمبر، هل امريكا هي امريكا التي عرفها أم انها تغيرت، وكيف سيُعامل وهو صاحب ملامح شرق أوسطية ويحمل اسما عربيا.
ان الساحة السياسية والفكرية في الولايات المتحدة منشغلة بنقاشات كبرى حول موضوعات هامة، وهذه النقاشات جديرة بالمتابعة لانعكاساتها وتأثيرها في العالم ككل بحكم ما تملكه الولايات من امكانيات سياسية واقتصادية وتكنولوجية وبحكم ما تتمتع به من تواجد في كل مكان عسكريا وامنيا واقتصاديا وثقافيا. وقد زرت الولايات المتحدة بعد غياب ثلاث سنوات، وهي اول زيارة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وبكل ما يعنيه هذا التاريخ من تحولات. ومن الطبيعي ان اتطلع الى هذه الزيارة وان افتح العين والاذن لمعرفة ما يحدث. وقد مكثت في العاصمة الامريكية اسبوعين، مما اتاح لي ان اطلع عن كثب على الاوضاع بحكم اقامتي السابقة تسع سنوات بين واشنطون ونيويورك وبحكم صداقاتي التي اعتز بها بين الجالية العربية ورجال السلك الدبلوماسي والامريكيين. ولقد حاولت منذ اليوم الاول ان اندمج مع الامريكيين وان اتحدث مع كل من التقيه حيث اذهب الى المقهى كل صباح لقراءة الجرائد، وفاتحا الحديث مع من تتاح لي الفرصة الحديث معه ولقد وجدت الامريكيين البسطاء طيبي المعشر، لا تشغلهم الا تحديات حياتهم اليومية، ولا يفكرون الا في العيش بسلام شأنهم شأن شعوب العالم الاخرى.
ولكن الصورة تختلف تماما عندما نقرأ الصحف الكبرى او نشاهد التليفزيونات او نستمع الى الاذاعات حيث نجد تعبئة من هذه الوسائل الاعلامية البالغة التأثير لاهداف خاصة لمصلحة جماعات خاصة، حيث كان الشغل الشاغل الذي لا حديث عن غيره هو الارهابي كأن كل هموم المواطن وقضاياه قد حلت ولم يبق غير الحديث عن هذا الخطر الدائم الآتي من الشرق، وقد اثير خلال فترة وجودي موضوع الحديث عن التقصير في التعامل مع المعلومات الأمنية التي كانت في متناول الادارة قبل الحادي عشر من سبتمبر وواضح ان هذا الموضوع يقع في نطاق الصراع بين الاجهزة كما يقع ايضا في باب السياسة الداخلية التي لا هم لها الا الانتخابات في مجلس الشيوخ والكونجرس وهي ان هدأت الآن فإنها ستجد طريقها مرة اخرى مع قضايا اخرى كل ما قربت هذه الانتخابات. واللافت ان الخبر عن اي حادث عنف في أي مكان من الولايات المتحدة او خارجها يكون مصحوبا بلقاء مع من يطلقون عليهم (خبراء الارهاب) ومعظم هؤلاء - وأقول معظم تحرزا من المبالغة - هم من الصهاينة ذوي الكفاءة العالية في التعامل مع الاعلام الامريكي والمسخرين لتحريض الرأي العام الامريكي ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة ضد الاسلام والعرب، ومن أهم هؤلاء السيد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل السابق وربما اللاحق ومثل نتنياهو كثيرون ولكنه يبقى الاكثر شهرة. انني اشعر ان الاعلام الامريكي مختطف من الصهيونية مع ما تبع ذلك من اختطاف لعقل ووجدان الانسان الامريكي الطيب ولكن الى جانب توجيه الاعلام وتركيزه على موضوع الارهاب لاهداف مرسومة وكأن لا هم للمواطن الامريكي غيره، فإن المجتمع الامريكي وبالذات الدوائر الفكرية والثقافية منشغلة بموضوعات هامة جديرة بتسليط الاضواء عليها، ومن هذه الموضوعات ما يطلق عليه (الدبلوماسية العامة) او (دبلوماسية الشعوب). هناك ادراك في الولايات المتحدة ان علاقاتها مع الشعوب في مستوى مترد للغاية. وان العلاقات مع الحكومات يمكن تدبيرها من خلال الدبلوماسية التقليدية التي يقوم بها دبلوماسيون محترفون، او من خلال العلاقات الاقتصادية واغراءاتها أو من خلال الضغوط السياسية والامنية، ولكن العلاقات مع الشعوب لها وضع مختلف وتزايدت هذه القناعة بعد الحادي عشر من سبتمبر وخاصة مع الرأي العام العربي والاسلامي، بل ومع الرأي العام العالمي في مناطق اخرى حتى تلك الدول التي توصف بالحليفة، كما هو الحال مع الرأي العام الاوروبي، الذي كشفت استطلاعات الرأي عن مدى استيائه من السياسات الامريكية واتضح ذلك اثناء الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس جورج بوش لاوروبا، حيث صاحبتها المظاهرات الرافضة لافكاره ولسياساته في كل العواصم الاوروبية التي زارها بما فيها لندن وبرلين وباريس.
ولدى راسمي السياسة الامريكية قناعة بأن الأمن والاستقرار يتطلب صياغة سياسات تتعامل مع الرأي العام العالمي، تتخطى الاساليب التقليدية التي يقوم بها عدد من الدبلوماسيين المحترفين. وقد حان الوقت كما يرى عدد من المثقفين الامريكيين الجادين ان تأخذ امريكا هذا الامر مأخذ الجد. وقد خصصت مجلة (واشنطون الفصلية) المعروفة برزانتها ملفا في عددها الاخير للحديث عن الدبلوماسية العامة. ان هذه الدبلوماسية كما يقول احد المشاركين في هذا الملف تعني التعامل بعناية مع قطاعات من عامة الناس لتحقيق الاهداف التي ترسمها استراتيجية السياسة الخارجية، اذ ان الدبلوماسية لم تعد مقصورة على الحكومات، بل ان المنظمات غير الحكومية والافراد ذوي القدرات الخاصة يمارسون هذه الدبلوماسية بمهارة ونجاح، وحتى بين الاجهزة الحكومية لم تعد وزارة الخارجية اللاعب الوحيد، بل ان جهات اخرى محلية ودولية قد برزت وتقوم بدور كبير في هذا المجال. ان تكنولوجيا الاتصالات تغيرت وانتشرت في كل البقاع، وتغير اللاعبون وتعددوا مسلحين بمرونة في التحرك وبمهارة متزايدة تعجز عنها الحكومات وان الاعلام تغير بوسائطه وباختلاف متلقيه، ان متحدثا باسم منظمة غير حكومية قد يعرض قضيته بصورة بليغة تعجز كل امكانيات الحكومات عنها. ان المهم ليس ما يقال ولكن ما يترسخ في القلوب، وتتحدث السيدة شارلوت بيرز مساعدة وزير الخارجية الامريكية لشئون الدبلوماسية العامة معترفة بأن العالم نظر بالكثير من الشبهة والتشكيك في اهداف السياسة الخارجية الامريكية، لذلك فإن الولايات المتحدة تسعى إلى وضع برامج طويلة الامد للتعامل مع الشعوب، واضعة في الاعتبار الاهتمام بالتأثير في الجيل الجديد في الشرق الاوسط، وهم من دون الثلاثين، وقد شرعت الادارة في وضع برامج ومشروعات لهذا الهدف، وخصصت اموالا طائلة، وبالذات لمشروع الشرق الاوسط، مستهدفة التركيز على العلاقات على المدى البعيد، وبالذات في مجالي الاقتصاد والتعليم والثقافة الشعبية المتمثلة في الافلام والموسيقى والمسرح، وترى ان من تسعى برامج العلاقات العامة التأثير عليهم هم الشباب، الذين لم تتح لهم معرفة الولايات المتحدة، وليسوا من ابناء النخبة، الذين بطبيعة الحال يذهبون ويدرسون ان شاءوا. وان البرامج الثقافية لهؤلاء يجب ان تركز على خدمة الأمن الوطني وان تكون كما سماها بعضهم القوة الناعمة لخدمة السياسات العامة. ولا شك ان ادارك الولايات المتحدة لمعاداة الشعوب لسياساتها امر في منتهى الاهمية. ولكن التعامل معها لا يكون بتسويق السياسات الخاطئة والمرفوضة ولكن بالتزام هذه السياسات بالعدل وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومساندة الفقير، وسيادة القانون والمشاركة في صناعة مصير الانسان مع الثقافات الاخرى. ولذلك فقد لاحظ معدو ملف العلاقات العامة لمجلة واشنطون الفصلية ان كل ما قامت به امريكا من جهود وعلاقات عامة بعد الحادي عشر من سبتمبر فإنها قد فقدت من عقول وقلوب العرب والمسلمين - بل والاوروبيين - اكثر مما كسبت ويقول احد كتاب هذا العدد من المجلة (ان صانعي السياسة الامريكية يجب ان يفكروا كثيرا قبل الظهور على وسائط الاعلام ويشرعوا بوضع الخطط لتليفزيون وراديو الشرق الاوسط، وتخصيص الاموال الطائلة لشرح السياسات. ان المطلوب هو التزام واشنطون بالعدالة والمساواة وحقوق الانسان وبالذات في علاقاتها مع الآخرين. وهذا وحده كفيل بدبلوماسية تفرض احترام الشعوب، ان الجمهور المستهدف لن يقيم او يغير موقفه بالكلمات ومدى بلاغتها او مقدرة المتحدثين بها باللغة العربية وانما على ضوء حاضر وماضي افعال الولايات المتحدة وممارساتها) نشارك هذا الباحث رأيه ونرى ان تصريح الرئيس جورج بوش بأن شارون رجل سلام وهو المعروف بارتكابه جرائم ضد الانسان، كفيل بهدم كل ما تقدم به حملة العلاقات العامة الامريكية وما تصرفه من اموال لتحسين صورتها. سأل عضو مجلس الشيوخ امريكي على ابواب الثمانين من العمر احد المواطنين الامريكيين من اصل فلسطيني عن اوضاعه بعد الحادي عشر من سبتمبر فشرح المواطن اوضاعه واوضاع انداده من العرب والمسلمين فقال الشيخ الامريكي: ان ضميري يدفعني ان اعترف بما نسببه للشعب الفلسطيني من كوارث، وان علينا ان نعتذر ونصحح سياسات في الشرق الاوسط، ولكن رغبتي في ان يخلفني ابني في عضوية مجلش الشيوخ يدفعني ان ادعو ضميري إلى ان يستمر في نومه. وفي مناسبة اخرى سأل الشاب الامريكي احد الخبراء في الشئون الخارجية، لماذا هذا الدعم الامريكي المطلق للسياسات الاسرائيلية، فرد عليه الخبير: لأن اسرائيل هي الصديقة الوحيدة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط. ورد الشاب الامريكي ببساطة: وهل كان لنا اعداء قبل ان نكون اصدقاء لاسرائيل.
سياسي قطري (أخبار الخليج البحرينية)
التعليقات