&
في خطاب هام خلال الشهر الحالي اكد الرئيس الاميركي جورج بوش نية ادارته "محاربة الشر"، متجاهلا عدة تعليقات من مسؤولين اوروبيين، وقال انه لا يشعر بتأنيب الضمير بخصوص رؤيته للعالم كحلبة يتصارع فيها الخير والشر في كل مجال من مجالات الوجود الانساني.
الا ان السؤال الذي لا بد ان يُطرح في هذا المجال هو: ماهية الشر وماهية الخير؟
لقد وصف الرئيس الاميركي في العام الماضي ايران والعراق وكوريا الشمالية بأنها "محور الشر"، واضاف بعد ذلك عدة دول اخرى مثل ليبيا والسودان الى تلك القائمة.
وبالرغم من ذلك فإن الدول الموجودة في قائمة "الاشرار" اصبحت حليفة للولايات المتحدة في المعركة الدبلوماسية التي تعارض فيها معظم الدول الاوروبية ادارة بوش.
وميدان المعركة هنا هو حقوق الانسان، حيث يعاد النظر في المعاهدات القائمة ومناقشتها عبر الولايات المتحدة.
فمن ناحية نجد ان النخبة الليبرالية على مستوى العالم، التي تحظى بدعم الاتحاد الاوروبي، تريد اعادة تفسير مبدأ حقوق الانسان لمنح الافراد حريات جديدة بغض النظر عن القيود الدينية والاجتماعية والثقافية.
فعلى سبيل المثال، يريدون اعتبار الاجهاض حقا مشروعا والتأكيد لأي امرأة على ضرورة تمويل الحكومات له. ويريدون الاعتراف بأن يصبح الطلاق حقا مشروعا ووسيلة لتوسيع وزيادة حريات المرأة. كما يريدون المزيد من الحريات للمثليين من الرجال والنساء، بما في ذلك حق الزواج من نفس الجنس وتبني المثليين للاطفال. كما تنتشر سلسلة متكاملة من النصوص المثيرة للجدل حول العديد من القضايا مثل "حق الاطفال" الذي سيحرم الاباء من سلطاتهم التقليدية.
كما تستخدم النخبة الليبرالية الاوروبية اطر حقوق الانسان كوسيلة للتوفيق بين النظم القانونية المختلفة في العالم. وهم يريدون الغاء حكم الاعدام، وما يعتبرونه العقوبات البربرية والمتشددة التي حرمها المجتمع الدولي. بل ان البعض يتحدث بخصوص نشر "حق الموت" في العالم بأجمعه وهو الامر الذي اعترفت به ثلاث دول اوروبية.
ان الفلسفة الكامنة وراء ذلك هي ان الانسانية يمكنها العيش والتطور والازدهار في عصر العولمة اذا خلقت مجالا جديدا من الحرية تضمنه القوانين ذات الصبغة العالمية. لقد تشكلت بالفعل، ويعمل الخبراء الان على، صياغة نظام قانوني جديد يعامل جميع الافراد كمواطنين في العالم اكثر من كونهم مواطنين في دول محددة. وفي هذه الفلسفة اصبح الدين قضية شخصية، وليس من المسموح لها بفرض تعاليمه على المجتمعات.
كما تسعى الجماعات الليبرالية من اجل حقوق اجتماعية اقتصادية تهدف الى نشر القيم الاوروبية في جميع انحاء العالم. ويتضمن هذا الحد الادنى القانوني للاجور والمرتبات، وخفض ساعات العمل والحق في اجازات مدفوعة وتعويضات البطالة، وحق تشكيل النقابات والحق في الاضراب.
ليس هذا كل ما في الامر، فالنخبة الليبرالية حقنت عنصرا بيئيا في النقاش. فالحق في التمتع بالمياه النقية والهواء النظيف اصبح موضوعا اساسيا.
ان الاسلوب الحماسي للنخبة الليبرالية ادى الى ظهور موقف غريب، وجدت فيه الولايات المتحدة، مرفأ الاتجاهات المحافظة في معظم القضايا الاجتماعية والحياتية، متحالفة مع الفاتيكان والدول الاسلامية بما فيها ايران والعراق والسودان.
وذكرت اوستين روس الكاثوليكية مستشارة ادارة بوش في قضايا حقوق الانسان "لقد تبين لنا اننا بدون دول مثل السودان، فإن قضية الاجهاض، كان من الممكن قبولها كحق عالمي من حقوق الانسان في وثيقة للامم المتحدة.
كما تعود استعادة الولايات المتحدة لمقعدها في لجنة حقوق الانسان، الذي فقدته قبل عام، جزئيا، الى هذا التحالف الجديد الغريب. وكانت خسارة الولايات المتحدة لمقعدها من تخطيط الاتحاد الاوربي، اما استعادتها للمقعد فترجع الى النيات الحسنة للدول الاسلامية.
وبالرغم من غرابة الموضوع فإن ايران عملت اكثر من مرة كجندي دبلوماسي للولايات المتحدة في عدة مناسبات ، احداها خلال مؤتمر قمة الامم المتحدة لحقوق الطفل في نيويورك في الشهر الماضي.
وتقدم الدول الاسلامية التي تشكل 50 صوتا للولايات المتحدة اكبر كتلة تأييد عندما تحاول وقف النخبة الليبرالية الاوروبية. وفي معظم القضايا المتعلقة بحقوق الانسان فإن الصين وكوريا الشمالية تنضمان الى التحالف الاسلامي الاميركي.
وبكلمة اخرى فإن الدول التي تعادي الولايات المتحدة سياسيا تصبح موالية لها في القضايا الاجتماعية والدينية والثقافية.
ومن الناحية النظرية فإن الاتحاد الاوروبي يمكنه الحصول على عدد كاف من الاصوات من دول اميركا اللاتينية وافريقيا وبعض اجزاء اسيا لفرض بعض، ان لم يكن كل، الاجراءات المثيرة للجدل التي تقترحها النخبة الليبرالية. ان الولايات المتحدة وحلفاءها من المسلمين اقلية في معظم هذه القضايا.
الامر المؤكد هو انه لا الولايات المتحدة ولا الحلفاء المسلمون على استعداد لتبني اجندة حقوق الانسان الاوروبية. ويمكن ان يؤدي هذا الى حرب اهلية دبلوماسية، يتحول فيها مفهوم حقوق الانسان الى الضحية النهائية.
هل يمكن تجنب ذلك؟ الاجابة هي بالايجاب. ان الافكار الاوروبية لا تتمتع بتأييد الرأي العام الذي تحتاجه سواء في الولايات المتحدة او في الدول الاسلامية. ولذا فهناك حاجة لمزيد من النقاش والاقناع. ان الحقوق التي تفرضها المعاهدات الدولية، ولكنها لا تُقبل بإخلاص من كل الدول، اما انها فقدت قيمتها او مضرة. ان ثلثي دول العالم التي التزمت بالمعاهدات الاجتماعية والاقتصادية تنتهكها.
ان ما يحتاجه النقاش حول حقوق الانسان هو المزيد من الصبر، وتباطؤ سرعة التغيير، ومزيد من التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه بدلا من تقديم اجراءات جديدة.
ومن الضروري تطمين الدول الاسلامية ان حقوق الانسان لا تتعارض مع المعتقدات الدينية. ويمكن تحقيق ذلك عبر عدد من التحركات. وأحد هذه التحركات هو تحدي العالم الاسلامي لتقديم موقفه في عدد من القضايا الجديدة المرتبطة بحقوق الانسان، بدلا من ردود الفعل السلبية للنصوص المقترحة من الاوروبيين.
والخطوة الثانية هي اختيار شخصية اسلامية كمفوض عام لحقوق الانسان بدلا من السياسية الايرلندية ماري روبنسون.
وقد انتشرت مجموعة من الشخصيات الاسلامية في الاسابيع القليلة الماضية. من بينها بعض رؤساء الوزراء السابقين الشيخة حسينة من بنغلاديش وصادق المهدي من السودان وسليم الحص من لبنان.
كما يمكن لرئيس الوزراء المغربي الحالي عبد الرحمن اليوسفي، الذي يملك تاريخا مشرفا كمناضل في مجال حقوق الانسان، ان يصبح مرشحا لهذا المنصب، اذا قرر التقاعد من المجالات السياسية لبلاده.
ومن بين المرشحين الاخيرين جميل الحجيلان الامين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي وهشام ناظر الوزير السابق وعبد الله بشارة وهو وزير كويتي سابق.(الشرق الأوسط اللندنية)
الا ان السؤال الذي لا بد ان يُطرح في هذا المجال هو: ماهية الشر وماهية الخير؟
لقد وصف الرئيس الاميركي في العام الماضي ايران والعراق وكوريا الشمالية بأنها "محور الشر"، واضاف بعد ذلك عدة دول اخرى مثل ليبيا والسودان الى تلك القائمة.
وبالرغم من ذلك فإن الدول الموجودة في قائمة "الاشرار" اصبحت حليفة للولايات المتحدة في المعركة الدبلوماسية التي تعارض فيها معظم الدول الاوروبية ادارة بوش.
وميدان المعركة هنا هو حقوق الانسان، حيث يعاد النظر في المعاهدات القائمة ومناقشتها عبر الولايات المتحدة.
فمن ناحية نجد ان النخبة الليبرالية على مستوى العالم، التي تحظى بدعم الاتحاد الاوروبي، تريد اعادة تفسير مبدأ حقوق الانسان لمنح الافراد حريات جديدة بغض النظر عن القيود الدينية والاجتماعية والثقافية.
فعلى سبيل المثال، يريدون اعتبار الاجهاض حقا مشروعا والتأكيد لأي امرأة على ضرورة تمويل الحكومات له. ويريدون الاعتراف بأن يصبح الطلاق حقا مشروعا ووسيلة لتوسيع وزيادة حريات المرأة. كما يريدون المزيد من الحريات للمثليين من الرجال والنساء، بما في ذلك حق الزواج من نفس الجنس وتبني المثليين للاطفال. كما تنتشر سلسلة متكاملة من النصوص المثيرة للجدل حول العديد من القضايا مثل "حق الاطفال" الذي سيحرم الاباء من سلطاتهم التقليدية.
كما تستخدم النخبة الليبرالية الاوروبية اطر حقوق الانسان كوسيلة للتوفيق بين النظم القانونية المختلفة في العالم. وهم يريدون الغاء حكم الاعدام، وما يعتبرونه العقوبات البربرية والمتشددة التي حرمها المجتمع الدولي. بل ان البعض يتحدث بخصوص نشر "حق الموت" في العالم بأجمعه وهو الامر الذي اعترفت به ثلاث دول اوروبية.
ان الفلسفة الكامنة وراء ذلك هي ان الانسانية يمكنها العيش والتطور والازدهار في عصر العولمة اذا خلقت مجالا جديدا من الحرية تضمنه القوانين ذات الصبغة العالمية. لقد تشكلت بالفعل، ويعمل الخبراء الان على، صياغة نظام قانوني جديد يعامل جميع الافراد كمواطنين في العالم اكثر من كونهم مواطنين في دول محددة. وفي هذه الفلسفة اصبح الدين قضية شخصية، وليس من المسموح لها بفرض تعاليمه على المجتمعات.
كما تسعى الجماعات الليبرالية من اجل حقوق اجتماعية اقتصادية تهدف الى نشر القيم الاوروبية في جميع انحاء العالم. ويتضمن هذا الحد الادنى القانوني للاجور والمرتبات، وخفض ساعات العمل والحق في اجازات مدفوعة وتعويضات البطالة، وحق تشكيل النقابات والحق في الاضراب.
ليس هذا كل ما في الامر، فالنخبة الليبرالية حقنت عنصرا بيئيا في النقاش. فالحق في التمتع بالمياه النقية والهواء النظيف اصبح موضوعا اساسيا.
ان الاسلوب الحماسي للنخبة الليبرالية ادى الى ظهور موقف غريب، وجدت فيه الولايات المتحدة، مرفأ الاتجاهات المحافظة في معظم القضايا الاجتماعية والحياتية، متحالفة مع الفاتيكان والدول الاسلامية بما فيها ايران والعراق والسودان.
وذكرت اوستين روس الكاثوليكية مستشارة ادارة بوش في قضايا حقوق الانسان "لقد تبين لنا اننا بدون دول مثل السودان، فإن قضية الاجهاض، كان من الممكن قبولها كحق عالمي من حقوق الانسان في وثيقة للامم المتحدة.
كما تعود استعادة الولايات المتحدة لمقعدها في لجنة حقوق الانسان، الذي فقدته قبل عام، جزئيا، الى هذا التحالف الجديد الغريب. وكانت خسارة الولايات المتحدة لمقعدها من تخطيط الاتحاد الاوربي، اما استعادتها للمقعد فترجع الى النيات الحسنة للدول الاسلامية.
وبالرغم من غرابة الموضوع فإن ايران عملت اكثر من مرة كجندي دبلوماسي للولايات المتحدة في عدة مناسبات ، احداها خلال مؤتمر قمة الامم المتحدة لحقوق الطفل في نيويورك في الشهر الماضي.
وتقدم الدول الاسلامية التي تشكل 50 صوتا للولايات المتحدة اكبر كتلة تأييد عندما تحاول وقف النخبة الليبرالية الاوروبية. وفي معظم القضايا المتعلقة بحقوق الانسان فإن الصين وكوريا الشمالية تنضمان الى التحالف الاسلامي الاميركي.
وبكلمة اخرى فإن الدول التي تعادي الولايات المتحدة سياسيا تصبح موالية لها في القضايا الاجتماعية والدينية والثقافية.
ومن الناحية النظرية فإن الاتحاد الاوروبي يمكنه الحصول على عدد كاف من الاصوات من دول اميركا اللاتينية وافريقيا وبعض اجزاء اسيا لفرض بعض، ان لم يكن كل، الاجراءات المثيرة للجدل التي تقترحها النخبة الليبرالية. ان الولايات المتحدة وحلفاءها من المسلمين اقلية في معظم هذه القضايا.
الامر المؤكد هو انه لا الولايات المتحدة ولا الحلفاء المسلمون على استعداد لتبني اجندة حقوق الانسان الاوروبية. ويمكن ان يؤدي هذا الى حرب اهلية دبلوماسية، يتحول فيها مفهوم حقوق الانسان الى الضحية النهائية.
هل يمكن تجنب ذلك؟ الاجابة هي بالايجاب. ان الافكار الاوروبية لا تتمتع بتأييد الرأي العام الذي تحتاجه سواء في الولايات المتحدة او في الدول الاسلامية. ولذا فهناك حاجة لمزيد من النقاش والاقناع. ان الحقوق التي تفرضها المعاهدات الدولية، ولكنها لا تُقبل بإخلاص من كل الدول، اما انها فقدت قيمتها او مضرة. ان ثلثي دول العالم التي التزمت بالمعاهدات الاجتماعية والاقتصادية تنتهكها.
ان ما يحتاجه النقاش حول حقوق الانسان هو المزيد من الصبر، وتباطؤ سرعة التغيير، ومزيد من التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه بدلا من تقديم اجراءات جديدة.
ومن الضروري تطمين الدول الاسلامية ان حقوق الانسان لا تتعارض مع المعتقدات الدينية. ويمكن تحقيق ذلك عبر عدد من التحركات. وأحد هذه التحركات هو تحدي العالم الاسلامي لتقديم موقفه في عدد من القضايا الجديدة المرتبطة بحقوق الانسان، بدلا من ردود الفعل السلبية للنصوص المقترحة من الاوروبيين.
والخطوة الثانية هي اختيار شخصية اسلامية كمفوض عام لحقوق الانسان بدلا من السياسية الايرلندية ماري روبنسون.
وقد انتشرت مجموعة من الشخصيات الاسلامية في الاسابيع القليلة الماضية. من بينها بعض رؤساء الوزراء السابقين الشيخة حسينة من بنغلاديش وصادق المهدي من السودان وسليم الحص من لبنان.
كما يمكن لرئيس الوزراء المغربي الحالي عبد الرحمن اليوسفي، الذي يملك تاريخا مشرفا كمناضل في مجال حقوق الانسان، ان يصبح مرشحا لهذا المنصب، اذا قرر التقاعد من المجالات السياسية لبلاده.
ومن بين المرشحين الاخيرين جميل الحجيلان الامين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي وهشام ناظر الوزير السابق وعبد الله بشارة وهو وزير كويتي سابق.(الشرق الأوسط اللندنية)
التعليقات