&
في المجتمعات غير الديمقراطية، حيث تغيب المؤسسات الإعلامية المستقلة عن الدولة، وتهمش أو تحتوى أحزاب المعارضة، وتقمع جماعات الفكر النقدي الملتزم المبدع.. في مثل هذه المجتمعات تتحمل مؤسسات المجتمع المدني غير السياسية مسئوليات سياسية مضاعفة تجاه المواطنين والأوطان. وبالطبع فإن هاتين الصورة والحالة تنطبقان على المجتمعات العربية بصورة كبيرة، في اعتقادي أن هذه المؤسسات العربية تتحمل المسئوليات التالية، مهما كانت أهدافها الأصلية ومسمياتها: فأولا: جرت العادة أن تراقب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بعضها بعضا لمنع تضارب السلطة ومقاومة الفساد فيها، كما أنها جميعها تحت رقابة قوى المعارضة ووسائل الإعلام.
أما في الأرض العربية فإن جميع تلك السلطات تنتمي إلى مصدر سلطة واحدة تتمثل في فرد أو عائلة أو طائفة أو جيش وبالتالي فالمراقبة الحقيقية وتوازن القوى مفقودان، من هنا تأتي أهمية وجود القوى غير السياسية أو الإعلامية التقليدية المعروفة لتسد هذا الفراغ الكبير. من هنا أيضا تأتي أهمية أن تكون تلك القوى في شكل مؤسسات وجماعات مستقلة عن الدولة ماليا وتنظيميا لتستطيع ممارسة أدوار المراقبة النزيهة وفضح المخالفات وإعلام المواطنين وتجييشهم للمقاومة. ثانيا: مثلما مطلوب من مؤسسات المجتمع المدني أن تراقب سلطات الدولة، كذلك مطلوب منها أن تراقب بعضها بعضا، فليس بخاف على أحد أن في المجتمع العربي جماعات وتنظيمات غير ديمقراطية في فكرها وممارساتها، بل إن بعضها لا يقل في قمعيته وتوحشه عن بعض سلطات الدولة، وأنه يحظى بمباركة ودعم بعض الدوائر الرسمية فيما يقوله ويفعله. إذا كانت مؤسسات المجتمع المدني تريد أن تحترم وتدعم من قبل المواطنين فإنها لا تستطيع التخلي عن تطهير نفسها وعن مقاومة الفساد والبغي في شقيقاتها، في شكل مناقشات موضوعية وعزل حقيقي لمن يعتدون على حقوق العباد باسم ممارستهم لحقوقهم.
ثالثا: هناك مهمة جديدة وثقيلة أفرزتها سلبيات العولمة التي بدأت تفوح روائحها الكريهة شيئا فشيئا، لنأخذ هنا بعض الأمثلة: هناك أحاديث عن شركات أدوية عالمية تصنع وتسوق وتجرب أدوية وعقاقير في مجتمعات العالم الثالث قبل أن تأخذ حقها من الدراسات المخبرية الكافية وقبل أن تسمح بتداولها سلطات البلدان التي تنتمي إليها تلك الشركات. هناك مناقشات حول القضاء على نباتات زراعية عاشت في العالم الثالث ألوف السنين لتواجه الفناء اليوم بسبب إدخال نباتات مماثلة، ولكنها معدلة من خلال وسائل التلاعب بهندسة الجينات، إلى تلك البلدان. هناك أسلحة تجرب في بلداننا وهناك نفايات ضارة سامة تدفن في تربتنا. وهناك الكثير الكثير من هذه الأمثلة.
إن الدلائل تشير الى أن هذه الممارسات تقوم بها في الأساس الشركات المتعددة الجنسيات العملاقة بتواطؤ ومساعدة من قبل قوى جشعة أو فاسدة محلية. في ظل غياب التوازنات والمراقبة التي تحدثنا عنها تنتقل المسئولية الجسيمة هذه، مسئولية منع هذه الشركات التي تدعمها وزارات خارجيتها ووزارات دفاعها، من إجراء تجاربها الإجرامية على شعوبنا وفي أرضنا، لتقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني في المراقبة والمقاومة. إلى أن تنتقل مجتمعاتنا إلى الديمقراطية الحقيقية سيكون قدر كل مؤسسات المجتمع المدني العربية أن تنغمس في السياسة حتى الرأس.
أما في الأرض العربية فإن جميع تلك السلطات تنتمي إلى مصدر سلطة واحدة تتمثل في فرد أو عائلة أو طائفة أو جيش وبالتالي فالمراقبة الحقيقية وتوازن القوى مفقودان، من هنا تأتي أهمية وجود القوى غير السياسية أو الإعلامية التقليدية المعروفة لتسد هذا الفراغ الكبير. من هنا أيضا تأتي أهمية أن تكون تلك القوى في شكل مؤسسات وجماعات مستقلة عن الدولة ماليا وتنظيميا لتستطيع ممارسة أدوار المراقبة النزيهة وفضح المخالفات وإعلام المواطنين وتجييشهم للمقاومة. ثانيا: مثلما مطلوب من مؤسسات المجتمع المدني أن تراقب سلطات الدولة، كذلك مطلوب منها أن تراقب بعضها بعضا، فليس بخاف على أحد أن في المجتمع العربي جماعات وتنظيمات غير ديمقراطية في فكرها وممارساتها، بل إن بعضها لا يقل في قمعيته وتوحشه عن بعض سلطات الدولة، وأنه يحظى بمباركة ودعم بعض الدوائر الرسمية فيما يقوله ويفعله. إذا كانت مؤسسات المجتمع المدني تريد أن تحترم وتدعم من قبل المواطنين فإنها لا تستطيع التخلي عن تطهير نفسها وعن مقاومة الفساد والبغي في شقيقاتها، في شكل مناقشات موضوعية وعزل حقيقي لمن يعتدون على حقوق العباد باسم ممارستهم لحقوقهم.
ثالثا: هناك مهمة جديدة وثقيلة أفرزتها سلبيات العولمة التي بدأت تفوح روائحها الكريهة شيئا فشيئا، لنأخذ هنا بعض الأمثلة: هناك أحاديث عن شركات أدوية عالمية تصنع وتسوق وتجرب أدوية وعقاقير في مجتمعات العالم الثالث قبل أن تأخذ حقها من الدراسات المخبرية الكافية وقبل أن تسمح بتداولها سلطات البلدان التي تنتمي إليها تلك الشركات. هناك مناقشات حول القضاء على نباتات زراعية عاشت في العالم الثالث ألوف السنين لتواجه الفناء اليوم بسبب إدخال نباتات مماثلة، ولكنها معدلة من خلال وسائل التلاعب بهندسة الجينات، إلى تلك البلدان. هناك أسلحة تجرب في بلداننا وهناك نفايات ضارة سامة تدفن في تربتنا. وهناك الكثير الكثير من هذه الأمثلة.
إن الدلائل تشير الى أن هذه الممارسات تقوم بها في الأساس الشركات المتعددة الجنسيات العملاقة بتواطؤ ومساعدة من قبل قوى جشعة أو فاسدة محلية. في ظل غياب التوازنات والمراقبة التي تحدثنا عنها تنتقل المسئولية الجسيمة هذه، مسئولية منع هذه الشركات التي تدعمها وزارات خارجيتها ووزارات دفاعها، من إجراء تجاربها الإجرامية على شعوبنا وفي أرضنا، لتقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني في المراقبة والمقاومة. إلى أن تنتقل مجتمعاتنا إلى الديمقراطية الحقيقية سيكون قدر كل مؤسسات المجتمع المدني العربية أن تنغمس في السياسة حتى الرأس.
* رئيس مجلس الأمناء - مركز البحرين للدراسات والبحوث
التعليقات