عانى الشعب الفلسطيني من الاحتلال والتنكيل عقودا طويلة، وقد تسبب هذا الظلم الفادح عليه في خلق سلبيات في روح الشعب الفلسطيني نتمنى ان تتم دراستها وتحليلها، ونحن هنا نتكلم بلسان المحبين والمتعاطفين معهم وتقديم النصيحة التي قد يحتاجونها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخهم.
لقد ادى استغلال القضية الفلسطينية الى التكتم على سلبيات في سلوكيات الشعب الفلسطيني بحجة ان النقد في هذه المرحلة يعني العداوة، او على اقل تقدير تأجيل كل نصيحة الى ما بعد تحرير الارض، وهذا ادى الى توسع في السلبيات التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني حتى كاد هذا الشعب يجد نفسه وحيداً في ميدان القتال ضد اليهود، بينما توجهت قوافل من العرب الى افغانستان في حربها التي كانت ضد الاتحاد السوفيتي وازدادت طلبات الالتحاق بالمقاتلين مع حزب الله اثناء تحرير الجنوب اللبناني، يقف العرب مؤخراً من القضية الفلسطينية موقف المتفرج، حتى الاموال تخرج من الجيوب بقرارات رسمية، وفي الغالب لا يتم تنفيذها.
ان نظرية الاحباط العدواني والتي بحث فيها دولارد) وزملاؤه لمدة عشرين عاماً، هذه النظرية كشفت ان الاحباط لا سيما الذي يكون احباطا متعمداً، كاحتلال الدول وحرمان الشعب من حقوقه، هذا النوع من الاحباط تتبعه روح غاضبة سهلة الانقياد نحو العداوة.
لقد فوجىء اهل الكويت يوم احتلال بلدهم بموقف الشعب الفلسطيني، بغالبيته، والمؤيد للاحتلال، كما اكد جميع الذين كانوا متواجدين في الاردن من الكويتيين الموقف المضاد لهم من الشعب الاردني، والذي اغلبيته من الفلسطينيين، ولم يستطع احد حتى الان ان يفهم سر تلك العداوة المفاجئة للكويت من اول يوم احتلال لها حتى قبل دخول موضوع القوات الاجنبية في القضية، هذه المفاجأة كانت وما زالت كبيرة على الكويتيين والخليجيين عموماً رغم تجنيد الكويت نفسها للقضية الفلسطينية على حساب مصالحها احياناً واستقبالها رقماً يعادل نصف عدد مواطنيها من الفلسطينين على ارضها، وهذا ما لم تفعله اية دولة عربية من قبل.
ان الاحباط العدواني الذي تسبب به الاحتلال الاسرائيلي للنفسية الفلسطينية جعل كثيرا من الفلسطينيين لا يفكرون الا في قضيتهم ولا يهتمون الا لتخليص بلدهم من الاحتلال حتى لو كان ذلك على حساب شعوب اخرى او مقابل حياة ابرياء لم يتسببوا بأي ضرر لهم، من هنا كانت الفرحة عارمة بين الشعب الفلسطيني حين ضرب الارهاب مدينة نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر، وقد حاولت القيادة الفلسطينية التغطية على هذا الشعور ولكنها لم تحاول تفسيره الا كردة فعل على موقف الحكومة الامريكية المؤيد لاسرائيل.
ان المتابع، كمثال آخر، للعلاقة بين العراق والاردن يرى عمق التأييد من الشعب الفلسطيني في كل مكان للقيادة العراقية، وهو تأييد كبير رغم سماعهم لانات الشعب العراقي وصراخه في الفضائيات ضد القيادة العراقية، كما انهم وفي الاردن وغيرها من دول الشتات يرون افرادا من الشعب العراقي وهم يتسولون المارة بعد ان كانوا ينفقون الاموال من سعة، ورغم هذا كله لا يقف الشعب الفلسطيني مع هذا الشعب المغلوب على امره ولا ينبس بحرف ضد القيادة العراقية، فما دام صدام يؤيدهم بالكلمات ويمدهم بأموال الشعب العراقي فهم مع صدام حتى لو قتل آخر مواطن عراقي.
هذه اهم السلبيات التي نتمنى على القيادة الفلسطينية البحث فيها ومحاول اصلاحها فالشعوب العربية التي يطالبهم الفلسطينيون بمساندتهم يطالبون هم ايضاً من الفلسطينيين ان يقفوا معهم في محنهم.
لو كان موقف الشعب الفلسطيني مسانداً للكويت يوم احتلالها لما لامه احد ولكان اكد مصداقيته وعزز من قضيته، واليوم لو وقف الشعب الفلسطيني مع الشعب العراقي في محنته لا سيما وهو يرى ملايين من العراقيين اضحوا مشردين في العالم، لو وقف الشعب الفلسطيني هذا الموقف لوضع رجله على اول الطريق لتحرير بلده، فالطريق الى فلسطين لن يكون فوق اشلاء الابرياء او انات المعذبين