&
- حرب باردة بين ابن الرئيس ووزارة الاعلام انتهت باقصاء الوزير
- عدي يعلن العصيان المسلح وصدام يتدخل شخصياً لإنهاء أزمة لاكتها الألسن
- عدي يعلن العصيان المسلح وصدام يتدخل شخصياً لإنهاء أزمة لاكتها الألسن
قد تحيد بعض كتب نقل الوقائع والأحداث عن المسار الموضوعي ويطلق الكاتب الحرية لمشاعره علي حساب الموضوعية،
إلا ان الدكتور الصحفي هاشم حسن في هذه الاستذكارات الواقعية الخطيرة يتحرك بموضوعية الصحفي الذي لا يقول (أنا فعلت)،
بل بكل تواضع يقول سمعت وشاهدت..
وما يرويه هاشم حسن في هذا الكتاب (قال لي ابن الرئيس) شهادة مروعة عن بلد سحق فيه القانون بأحذية مسؤوليه
لينقاد ويقاد إلي الكارثة المهولةالحالية والمنتظرة. وفي تفاصيل سلوكيات عدي صدام حسين يقربنا هاشم حسن من الحقيقة بموضوعية منضبطة لنتعرف علي شذوذ (شخص) يعتقد أن جميع أبناء بلاد النهرين خدم لديه، وتلك وحدها تجعله مصاباً بمرض
خارج حدود التصنيف الطبي والاجتماعي.
في هذا الكتاب رحلة مروعة عاشها الكاتب ونقلها بحاسة صحفية ماهرة، تجعلنا في أقرب صورة لما أصاب شعب بلاد النهرين.
إلا ان الدكتور الصحفي هاشم حسن في هذه الاستذكارات الواقعية الخطيرة يتحرك بموضوعية الصحفي الذي لا يقول (أنا فعلت)،
بل بكل تواضع يقول سمعت وشاهدت..
وما يرويه هاشم حسن في هذا الكتاب (قال لي ابن الرئيس) شهادة مروعة عن بلد سحق فيه القانون بأحذية مسؤوليه
لينقاد ويقاد إلي الكارثة المهولةالحالية والمنتظرة. وفي تفاصيل سلوكيات عدي صدام حسين يقربنا هاشم حسن من الحقيقة بموضوعية منضبطة لنتعرف علي شذوذ (شخص) يعتقد أن جميع أبناء بلاد النهرين خدم لديه، وتلك وحدها تجعله مصاباً بمرض
خارج حدود التصنيف الطبي والاجتماعي.
في هذا الكتاب رحلة مروعة عاشها الكاتب ونقلها بحاسة صحفية ماهرة، تجعلنا في أقرب صورة لما أصاب شعب بلاد النهرين.
رسالة خاصة جدا إلي صدام حسين
دخلنا خلال هذه الأيام إلي مرحلة حرجة تنذر بالخطر الداهم، فتحركاتنا في مجلس النقابة أثارت غضب المكتب المهني للحزب وهو المشرف علي كل النقابات والاتحادات المهنية في العراق ــ ولسوء الحظ ــ كان مسؤوله في تلك الفترة وزير الإعلام نفسه عبد الغني عبد الغفور حتي ان السيد طه البصري نائب نقيب الصحفيين الذي يقود اجتماع مجلس النقابة كان لا يشعر بالسعادة وهدد بالاستقالة اكثر من مرة لتحفظه علي طروحات بعض أعضاء المجلس وهي غير منسجمة مع المناخ الرسمي للحزب والحكومة!
وزاد الأمر توتراً المقالات الافتتاحية لصحيفة بابل، وقبلها معركة مجلة (المصور العربي) مع السيد الوزير ولم يكن أمامنا إزاء هذا الوضع المتأزم.. إلا.. البحث عن حل حاسم يضمن لنا سلامتنا ويحفظ كرامتنا ويخرجنا من هذه " الورطة" بسلام.. فكرت في حل اعتقدت بأنه سيقودنا إلي بر الأمان بأقل الخسائر.. وساند الفكرة الزميل ((..)) وتمثل في كتابة رسالة مباشرة إلي الرئيس صدام حسين ندعوه فيها إلي إجراء تغييرات ديمقراطية ودعم حرية التعبير ــ لأهمية هذه الرسالة ننشر نصها علي ذات الصفحة ــ.. في اليوم التالي اتصلت بالفريق عبد حمود وعرفته بنفسي وسألته هل ان نسخ المصور العربي التي نرسلها للسيد الرئيس وله شخصياً تصل إليهم أم لا؟ فأجاب بلهجة متعالية.. نعم وماذا تريد؟
قلت له أنا وهيئة التحرير عندنا رسالة نرغب بإيصالها بالسرعة الممكنة لسيادة الرئيس.. فرد عندكم الوزير المختص هو الذي سينقل رسالتكم للسيد الرئيس.. قلت وهل أبلغه بذلك.؟ قال نعم.. وأغلق سماعة الهاتف.
وبعد أيام قليلة كنت ضمن وفد الجمعية العراقية للمصورين العراقيين عند زيارتهم للسيد الوزير.. وبعد مراسيم التحية والترحاب وتبادل الكلمات.. تقدمت من الوزير.. وسلمته ملفاً أنيقاً يحتضن الرسالة.. وقلت له.. سيادة الوزير.. لقد أبلغني الفريق عبد حمود سكرتير السيد الرئيس ان أسلمكم هذه الأمانة وهي رسالة إلي السيد الرئيس صدام حسين نأمل ان تصل بالسرعة الممكنة.. فتح الوزير الملف وبدت علي تعابير وجهه علامات الامتعاض والغضب وكظم غيضه ولم يتفوه بكلمة واحدة بمجرد ان قرأ الأسطر الأولي من الرسالة!
جواسيس عدي يخترقون وزارة الإعلام!
شهدت هذه الفترة أوسع حرب باردة بين عدي صدام حسين ووزارة الإعلام ممثلة بالسيد عبد الغني عبد الغفور وتابع معاركها الجمهور العادي خارج أسوار مبني وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين واللجنة الأولمبية فقد تسربت الإشاعات إلي كل مكان، وأضفي عليها البعض وقائع ملفقة وغير حقيقية!
ونشط جواسيس عدي في وزارة الثقافة والإعلام، فكانوا يرسلون كل يوم أدق التفاصيل عن تحركات الوزير ولقاءاته ومحاضر اجتماعاته وتصريحاته وتلميحاته وحتي مكالماته الهاتفية.. وضمت هذه الشبكة موظفاً كبيراً في الوزارة تولي نقل كل تفاصيل ما يجري في الاجتماعات الدورية الأسبوعية للوزير مع رؤوساء التحرير والمدراء العامين.. ونشط جاسوس مزدوج يعمل لعدي وللوزير في الوقت ذاته وكان كتوما يحسب خطواته بدقة.. وأنضم للشبكة شخص آخر لكنه كان ثرثاراً اقترب بسرعة قياسية من عدي لكنه أبعده بذات السرعة! فقد اكتشف ان أغلب تعليقاته الساخرة عن الوزير تصل بعد ساعات إلي وزارة الإعلام والمركز الصحفي الذي يحتضن المراسلين العرب والأجانب.. وقبل نهاية الدوام الرسمي يطلع الوزير وباهتمام وبقلق علي الحكايات والإشاعات المرتبطة بهذه الحرب خاصة ما ينقل عن عدي إزاء الوزير والوزارة!ويصمت الوزير كاظماً غيضه ومغلوباً علي أمره ويردد أمام موظفي مكتبه.. لا.. هذه شائعات، فأنا أعرف الرفيق عدي جيداً، فهو مؤدب ولا تصدر منه مثل هذه التقولات.. وهؤلاء مغرضون سأضع لهم حدا لينالوا جزاءهم العادل.!
وليسمح لنا القراء الاحتفاظ بوقائع اكثر إثارة عن هذه الحرب العجيبة وأبطالها الآخرين، لأنها تتعلق بأشخاص يتمتعون الآن بمناصب رفيعة في الحكومة العراقية.. (والمجالس كما يقولون أمانات) ونحن لا نهدف للإثارة الصحفية، بل نسعي لتسليط الضوء علي الكيفية التي تتشكل فيها الأحداث وتصنع القرارات في العراق والكشف عن منهج تفكير المستوي القيادي في العراق، وطبيعة الأزمات والصراعات القائمة في قمة الهرم القيادي في العراق،.. صحيح أنها لا تصدق.. لكنها حدثت فعلاً ومعنا الوثائق التي تثبت صدق ما تقوله.
أقتنع الوزير بعد اشتداد ضغوط عدي عليه، وتزايد الكتابات التي يعتقد أنها تتقاطع مع نهج الحكومة والحزب، وشعوره باليأس من إصلاح مجلس النقابة الذي بدأ يثير مخاوفه من اقتداء الصحفيين والإعلاميين، بهذا النهج الليبرالي غير المعهود، والمسنود ظاهرياً من عدي، وتعززت مخاوف الوزير أثر المجابهة معه خلال المقابلة الساخنة مع مجلس نقابة الصحفيين التي أشرنا إليها،والذي عبر من خلالها الوزير بصراحة عن رفضه المطلق لحرية التعبير بكل أشكالها، واعتراضه الشديد علي توجهاتنا المهنية في مجلس النقابة لا سيما ان أغلبنا من العناصر المستقلة من غير الحزبيين، والتي أسهمت باعتقاد وزير الإعلام في تضليلنا لعدي واستخدامه غطاء لتمرير كتاباتنا المشبوهة والتحريضية ضد نهج الثورة، وكان نموذجها الأخطر مقالة (مذكرة تفاهم مع عبدئيل) وهذا ما اجمع عليه الوزراء وبقية المسؤولين في قيادة الحزب والحكومة!!
دخلنا خلال هذه الأيام إلي مرحلة حرجة تنذر بالخطر الداهم، فتحركاتنا في مجلس النقابة أثارت غضب المكتب المهني للحزب وهو المشرف علي كل النقابات والاتحادات المهنية في العراق ــ ولسوء الحظ ــ كان مسؤوله في تلك الفترة وزير الإعلام نفسه عبد الغني عبد الغفور حتي ان السيد طه البصري نائب نقيب الصحفيين الذي يقود اجتماع مجلس النقابة كان لا يشعر بالسعادة وهدد بالاستقالة اكثر من مرة لتحفظه علي طروحات بعض أعضاء المجلس وهي غير منسجمة مع المناخ الرسمي للحزب والحكومة!
وزاد الأمر توتراً المقالات الافتتاحية لصحيفة بابل، وقبلها معركة مجلة (المصور العربي) مع السيد الوزير ولم يكن أمامنا إزاء هذا الوضع المتأزم.. إلا.. البحث عن حل حاسم يضمن لنا سلامتنا ويحفظ كرامتنا ويخرجنا من هذه " الورطة" بسلام.. فكرت في حل اعتقدت بأنه سيقودنا إلي بر الأمان بأقل الخسائر.. وساند الفكرة الزميل ((..)) وتمثل في كتابة رسالة مباشرة إلي الرئيس صدام حسين ندعوه فيها إلي إجراء تغييرات ديمقراطية ودعم حرية التعبير ــ لأهمية هذه الرسالة ننشر نصها علي ذات الصفحة ــ.. في اليوم التالي اتصلت بالفريق عبد حمود وعرفته بنفسي وسألته هل ان نسخ المصور العربي التي نرسلها للسيد الرئيس وله شخصياً تصل إليهم أم لا؟ فأجاب بلهجة متعالية.. نعم وماذا تريد؟
قلت له أنا وهيئة التحرير عندنا رسالة نرغب بإيصالها بالسرعة الممكنة لسيادة الرئيس.. فرد عندكم الوزير المختص هو الذي سينقل رسالتكم للسيد الرئيس.. قلت وهل أبلغه بذلك.؟ قال نعم.. وأغلق سماعة الهاتف.
وبعد أيام قليلة كنت ضمن وفد الجمعية العراقية للمصورين العراقيين عند زيارتهم للسيد الوزير.. وبعد مراسيم التحية والترحاب وتبادل الكلمات.. تقدمت من الوزير.. وسلمته ملفاً أنيقاً يحتضن الرسالة.. وقلت له.. سيادة الوزير.. لقد أبلغني الفريق عبد حمود سكرتير السيد الرئيس ان أسلمكم هذه الأمانة وهي رسالة إلي السيد الرئيس صدام حسين نأمل ان تصل بالسرعة الممكنة.. فتح الوزير الملف وبدت علي تعابير وجهه علامات الامتعاض والغضب وكظم غيضه ولم يتفوه بكلمة واحدة بمجرد ان قرأ الأسطر الأولي من الرسالة!
جواسيس عدي يخترقون وزارة الإعلام!
شهدت هذه الفترة أوسع حرب باردة بين عدي صدام حسين ووزارة الإعلام ممثلة بالسيد عبد الغني عبد الغفور وتابع معاركها الجمهور العادي خارج أسوار مبني وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين واللجنة الأولمبية فقد تسربت الإشاعات إلي كل مكان، وأضفي عليها البعض وقائع ملفقة وغير حقيقية!
ونشط جواسيس عدي في وزارة الثقافة والإعلام، فكانوا يرسلون كل يوم أدق التفاصيل عن تحركات الوزير ولقاءاته ومحاضر اجتماعاته وتصريحاته وتلميحاته وحتي مكالماته الهاتفية.. وضمت هذه الشبكة موظفاً كبيراً في الوزارة تولي نقل كل تفاصيل ما يجري في الاجتماعات الدورية الأسبوعية للوزير مع رؤوساء التحرير والمدراء العامين.. ونشط جاسوس مزدوج يعمل لعدي وللوزير في الوقت ذاته وكان كتوما يحسب خطواته بدقة.. وأنضم للشبكة شخص آخر لكنه كان ثرثاراً اقترب بسرعة قياسية من عدي لكنه أبعده بذات السرعة! فقد اكتشف ان أغلب تعليقاته الساخرة عن الوزير تصل بعد ساعات إلي وزارة الإعلام والمركز الصحفي الذي يحتضن المراسلين العرب والأجانب.. وقبل نهاية الدوام الرسمي يطلع الوزير وباهتمام وبقلق علي الحكايات والإشاعات المرتبطة بهذه الحرب خاصة ما ينقل عن عدي إزاء الوزير والوزارة!ويصمت الوزير كاظماً غيضه ومغلوباً علي أمره ويردد أمام موظفي مكتبه.. لا.. هذه شائعات، فأنا أعرف الرفيق عدي جيداً، فهو مؤدب ولا تصدر منه مثل هذه التقولات.. وهؤلاء مغرضون سأضع لهم حدا لينالوا جزاءهم العادل.!
وليسمح لنا القراء الاحتفاظ بوقائع اكثر إثارة عن هذه الحرب العجيبة وأبطالها الآخرين، لأنها تتعلق بأشخاص يتمتعون الآن بمناصب رفيعة في الحكومة العراقية.. (والمجالس كما يقولون أمانات) ونحن لا نهدف للإثارة الصحفية، بل نسعي لتسليط الضوء علي الكيفية التي تتشكل فيها الأحداث وتصنع القرارات في العراق والكشف عن منهج تفكير المستوي القيادي في العراق، وطبيعة الأزمات والصراعات القائمة في قمة الهرم القيادي في العراق،.. صحيح أنها لا تصدق.. لكنها حدثت فعلاً ومعنا الوثائق التي تثبت صدق ما تقوله.
أقتنع الوزير بعد اشتداد ضغوط عدي عليه، وتزايد الكتابات التي يعتقد أنها تتقاطع مع نهج الحكومة والحزب، وشعوره باليأس من إصلاح مجلس النقابة الذي بدأ يثير مخاوفه من اقتداء الصحفيين والإعلاميين، بهذا النهج الليبرالي غير المعهود، والمسنود ظاهرياً من عدي، وتعززت مخاوف الوزير أثر المجابهة معه خلال المقابلة الساخنة مع مجلس نقابة الصحفيين التي أشرنا إليها،والذي عبر من خلالها الوزير بصراحة عن رفضه المطلق لحرية التعبير بكل أشكالها، واعتراضه الشديد علي توجهاتنا المهنية في مجلس النقابة لا سيما ان أغلبنا من العناصر المستقلة من غير الحزبيين، والتي أسهمت باعتقاد وزير الإعلام في تضليلنا لعدي واستخدامه غطاء لتمرير كتاباتنا المشبوهة والتحريضية ضد نهج الثورة، وكان نموذجها الأخطر مقالة (مذكرة تفاهم مع عبدئيل) وهذا ما اجمع عليه الوزراء وبقية المسؤولين في قيادة الحزب والحكومة!!
صدام حسين يتدخل شخصياً
قرر الوزير عرض الأمر علي رئيس الجمهورية، فاغتنم أول اجتماع لمجلس الوزراء يترأسه صدام حسين، فبادر لعرض شكواه المريرة مدعياً ان فئة من الكتاب الحاقدين، استثمروا الحرية التي وفرها عدي في صحيفة بابل للدس علي الثورة وقيادتها وتحريض الناس ضد فكرها ومسارها التاريخي، وتوفير مادة صحفية خصبة لأعداء الوطن من إمبرياليين وشعوبيين وطابور خامس ومرتدين من خلال نشر الغسيل القذر أمام الأنظار.
وبلغ فيهم الحد أنهم تجرأوا علي إسقاط هيبة الدولة.. وهذا الأمر أربك السياسة الإعلامية في القطر.. والحالة لا تستقيم إلا بتدخل مباشر من سيادتكم.. أصغي صدام حسين طويلاً لهذا الكلام ــ كما نقل لنا ذلك السيد (..) وهو شاهد عيان حضر الاجتماع المذكور.. فقال صدام بغضب موجها كلامه لوزير الإعلام (رفيق عبد الغني أنت عضو قيادة ووزير إعلام وعندكم صلاحيات لإدارة العملية الإعلامية وفقا للسياقات المتبعة وصحف عدي وجماعته تطبق بحقهم التعليمات ذاتها المطبقة علي الصحف الرسمية الأخري، ويتم التنسيق مع الرفيق رئيس الديوان وفريق عبد.. وأريد ان تعالج وتنتهي هذه المشاكل بسرعة وبدون فضائح.. وألا سأضطر للتدخل وعلي طريقتي الخاصة).. وهكذا أخذ الوزير عبد الغني أوامر صدام حسين علي محمل الجد وشعر تلك الليلة بنشوة الانتصار علي عدي.. ولم يغادر ديوان الرئاسة تلك الليلة إلا بعد ان حمل معه كتاباً رسمياً موقعاً من رئيس ديوان الرئاسة موجها إلي صحيفة بابل يبلغها فيه إلي أنها ستعامل مثل بقية الصحف الرسمية تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية، وأعقب ذلك كتاباً سرياً وعلي الفور موجها إلي بابل أيضاً ألزمها بموجبه الصدور بالحجم الصغير (تابلويت)، وان تتعطل مرتين كل أسبوع أسوة ببقية الصحف.. وبعد أيام قليلة استجمع الوزير كل شجاعته معتقدا أنه حصل علي الضوء الأخضر من الرئيس شخصياً لمهاجمة عدي، وتدمير وسحق كل الصحفيين الذين تجرأوا علي إتباع أسلوب ديمقراطي جديد في الصحافة والإعلام وفي إطار العمل المهني النقابي.. وأتخذ الوزير قراره بإغلاق صحيفة بابل لمدة أربعة أيام، ولكنه لم يجرؤ بتوقيع أمر الغلق بنفسه استناداً لقانون المطبوعات، وإنما ترك هذه المهمة لمدير عام دائرة الإعلام وكالة عدي الطائي فوقع الرجل في ورطة لا يحسد عليها، فهو غير راغب ان يحشر أسمه في هذه المواجهة، وكما يقول المثل العراقي فإن الوزير وضع المدير الطائي (بوجه المدفع)، بل وذهب إلي أبعد من ذلك، حين هدد بغلق إذاعة وتلفزيون الشباب لعدم التزامهما بالتعليمات، وأوقف مرتبات بعض العاملين فيها، وسحب معدات فنية من تلفزيون الشباب، هي بالأساس من ملكية دائرة الإذاعة والتلفزيون، ولكي لا نتهم بالإسراف أو المبالغة نترك لصحيفة بابل تروي بنفسها ملابسات قرار غلقها بموجب كتاب وزارة الإعلام المرقم 107 في 10/8/1996 إثر نشر ثلاث مقالات الأولي بعنوان (وداعا للقلم وداعا للسلاح) نشر في زاوية فوق الخط الأحمر بقلم مؤيد عبد القادر السعدي، هاجم فيه الأداء الروتيني الرتيب لوزارة الثقافة والإعلام، فأستفز مشاعرها، فوجهت إلي بابل كتاب تنبيه، أعقبته بإنذار بالغلق بعد نشر مقالة للسيد داود الفرحان بعنوان (الذين يخدشون الحياء العام) يسخر فيها من الذرائع الواهية التي اعتمدتها الوزارة في قرار غلق مجلة المصور العربي التي كنت آنذاك أرأس تحريرها، وأصدر الوزير قرار الغلق بعد نشر المقالة الثالثة وكانت بتوقيعي وبعنوان (إتاوات.. وليست تبرعات!) وننشر نص المقالتين الأخيرتين لإعطاء تصور واضح للقراء عن أساليب المقالات وطريقة عرضها للمشاكل التي أرضت الجمهور، واغضبت المسؤولين وقادت الكاتبين في وقت لاحق إلي زنزانات جهاز المخابرات وقبلها إيقافهما عن العمل ليسدل الستار علي حلم صحفي لم يدم طويلاً، بل ولد وهو ميت! لكن تعطشنا للحرية جعلنا نعيش في الوهم والمكابرة والمراهنة علي لوي ذراع الحكومة وترويضها وإدخالها إلي مرحلة جديدة تتألف فيها مع قدر ضئيل من حرية الرأي والتعبير الذي يمارس علنا وفي صحف وطنية تصدر علي أرض العراق وتهدف فعلاً للإصلاح، بل لإنقاذ الوطن من مآسي الاستبداد وغياب الحريات ومصادرة كامل الحقوق المدنية للإنسان العراقي..
قرر الوزير عرض الأمر علي رئيس الجمهورية، فاغتنم أول اجتماع لمجلس الوزراء يترأسه صدام حسين، فبادر لعرض شكواه المريرة مدعياً ان فئة من الكتاب الحاقدين، استثمروا الحرية التي وفرها عدي في صحيفة بابل للدس علي الثورة وقيادتها وتحريض الناس ضد فكرها ومسارها التاريخي، وتوفير مادة صحفية خصبة لأعداء الوطن من إمبرياليين وشعوبيين وطابور خامس ومرتدين من خلال نشر الغسيل القذر أمام الأنظار.
وبلغ فيهم الحد أنهم تجرأوا علي إسقاط هيبة الدولة.. وهذا الأمر أربك السياسة الإعلامية في القطر.. والحالة لا تستقيم إلا بتدخل مباشر من سيادتكم.. أصغي صدام حسين طويلاً لهذا الكلام ــ كما نقل لنا ذلك السيد (..) وهو شاهد عيان حضر الاجتماع المذكور.. فقال صدام بغضب موجها كلامه لوزير الإعلام (رفيق عبد الغني أنت عضو قيادة ووزير إعلام وعندكم صلاحيات لإدارة العملية الإعلامية وفقا للسياقات المتبعة وصحف عدي وجماعته تطبق بحقهم التعليمات ذاتها المطبقة علي الصحف الرسمية الأخري، ويتم التنسيق مع الرفيق رئيس الديوان وفريق عبد.. وأريد ان تعالج وتنتهي هذه المشاكل بسرعة وبدون فضائح.. وألا سأضطر للتدخل وعلي طريقتي الخاصة).. وهكذا أخذ الوزير عبد الغني أوامر صدام حسين علي محمل الجد وشعر تلك الليلة بنشوة الانتصار علي عدي.. ولم يغادر ديوان الرئاسة تلك الليلة إلا بعد ان حمل معه كتاباً رسمياً موقعاً من رئيس ديوان الرئاسة موجها إلي صحيفة بابل يبلغها فيه إلي أنها ستعامل مثل بقية الصحف الرسمية تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية، وأعقب ذلك كتاباً سرياً وعلي الفور موجها إلي بابل أيضاً ألزمها بموجبه الصدور بالحجم الصغير (تابلويت)، وان تتعطل مرتين كل أسبوع أسوة ببقية الصحف.. وبعد أيام قليلة استجمع الوزير كل شجاعته معتقدا أنه حصل علي الضوء الأخضر من الرئيس شخصياً لمهاجمة عدي، وتدمير وسحق كل الصحفيين الذين تجرأوا علي إتباع أسلوب ديمقراطي جديد في الصحافة والإعلام وفي إطار العمل المهني النقابي.. وأتخذ الوزير قراره بإغلاق صحيفة بابل لمدة أربعة أيام، ولكنه لم يجرؤ بتوقيع أمر الغلق بنفسه استناداً لقانون المطبوعات، وإنما ترك هذه المهمة لمدير عام دائرة الإعلام وكالة عدي الطائي فوقع الرجل في ورطة لا يحسد عليها، فهو غير راغب ان يحشر أسمه في هذه المواجهة، وكما يقول المثل العراقي فإن الوزير وضع المدير الطائي (بوجه المدفع)، بل وذهب إلي أبعد من ذلك، حين هدد بغلق إذاعة وتلفزيون الشباب لعدم التزامهما بالتعليمات، وأوقف مرتبات بعض العاملين فيها، وسحب معدات فنية من تلفزيون الشباب، هي بالأساس من ملكية دائرة الإذاعة والتلفزيون، ولكي لا نتهم بالإسراف أو المبالغة نترك لصحيفة بابل تروي بنفسها ملابسات قرار غلقها بموجب كتاب وزارة الإعلام المرقم 107 في 10/8/1996 إثر نشر ثلاث مقالات الأولي بعنوان (وداعا للقلم وداعا للسلاح) نشر في زاوية فوق الخط الأحمر بقلم مؤيد عبد القادر السعدي، هاجم فيه الأداء الروتيني الرتيب لوزارة الثقافة والإعلام، فأستفز مشاعرها، فوجهت إلي بابل كتاب تنبيه، أعقبته بإنذار بالغلق بعد نشر مقالة للسيد داود الفرحان بعنوان (الذين يخدشون الحياء العام) يسخر فيها من الذرائع الواهية التي اعتمدتها الوزارة في قرار غلق مجلة المصور العربي التي كنت آنذاك أرأس تحريرها، وأصدر الوزير قرار الغلق بعد نشر المقالة الثالثة وكانت بتوقيعي وبعنوان (إتاوات.. وليست تبرعات!) وننشر نص المقالتين الأخيرتين لإعطاء تصور واضح للقراء عن أساليب المقالات وطريقة عرضها للمشاكل التي أرضت الجمهور، واغضبت المسؤولين وقادت الكاتبين في وقت لاحق إلي زنزانات جهاز المخابرات وقبلها إيقافهما عن العمل ليسدل الستار علي حلم صحفي لم يدم طويلاً، بل ولد وهو ميت! لكن تعطشنا للحرية جعلنا نعيش في الوهم والمكابرة والمراهنة علي لوي ذراع الحكومة وترويضها وإدخالها إلي مرحلة جديدة تتألف فيها مع قدر ضئيل من حرية الرأي والتعبير الذي يمارس علنا وفي صحف وطنية تصدر علي أرض العراق وتهدف فعلاً للإصلاح، بل لإنقاذ الوطن من مآسي الاستبداد وغياب الحريات ومصادرة كامل الحقوق المدنية للإنسان العراقي..
عدي يقرر استخدام السلاح ضد الحكومة
حين وصل قرار الغلق إلي مكتب عدي.. تأمله جيداً، وسأل عن الوزير، فقالوا له أنه في الوزارة ولم يغادر العراق!.. فقال لماذا لم يتكرم هذا الـ(..) ويوقع القرار بنفسه وفقا لقانون المطبوعات، وترك الأمر لمدير عام دائرة الإعلام.. ألا يخجل من نفسه ويعرف قدره..!؟ وأصدر عدي توجيهاته إلي مدير تحرير بابل ومسؤول المطبعة بمواصلة العمل في الصحيفة لتصدر في اليوم التالي كالمعتاد وقال (ليذهب عبدو والمدير العام وقرار الغلق إلي الجحيم).. وفي المساء حضر عدي شخصياً إلي المطبعة للاطمئنان علي تطبيق توجيهاته وإتمام عملية الطبع.. وأصدر أمراً خطيراً لمجموعة من حمايته قائلاً لهم (سأترككم في المطبعة لكي يتم الطبع حسب الأصول وأطلقوا النار علي أية قوة تحاول عرقلة الطبع مهما كان مصدرها.. وانتظروا التعليمات مني فقط!!).. انتهي المونتاج بعد الساعة الثانية من منتصف الليل ودارت ماكنة الأوفسيت منذ دقائق.. بعدها رن جهاز الهاتف وكان عدي علي الطرف الآخر يأمر بإيقاف الطبع بعد ان هاتفه الرئيس شخصياً وأمر بالالتزام بقرار الوزارة..)
ودخل عدي مساء اليوم التالي إلي المطبعة ويبدو عليه الغضب الشديد وطلب من مدير التحرير إحضار قانون المطبوعات لترتيب الرد المناسب علي الوزير، وتكليف المحامي الخاص للجنة الأولمبية بتقديم دعوي قضائية ضد الوزير لرد الاعتبار المعنوي الذي أصاب الصحيفة والمطالبة بالتعويض عن الخسائر الناجمة عن أيام الغلق غير القانوني.. كنا أنا وداود نجلس في غرفة صغيرة فأطل علينا عدي بقامته المديدة التي أحتلت جزءاً كبيراً من باب الغرفة.. وبعد تبادل التحية والمصافحة حاول عدي مداعبتنا وتلطيف الجو والتظاهر بعدم الاكتراث بالموقف.. لكنه بعد دردشة قصيرة توجه لي بالسؤال.. ماذا تقول عن ذلك يا هاشم.. قلت له (والله ليس عندي من كلام سوي التأكيد أننا نشعر بصدق الانتماء إلي هذا الوطن، وان ما نكتبه هو للمصلحة العامة ولا يستفز إلا المنحرفين والمفسدين.. فلماذا تغضب الوزارة والجهات الأخري من هذا النهج؟ وهو بذاته ممارسة لحق مشروع في إبداء الرأي والتعبير الصادق عن هموم الوطن والمواطن..، ولسنا علي استعداد لاستبدال هذا النهج الصحفي بالتهريج والتطبيل مهما كانت المصائب!).
ابتسم عدي وقال (بارك الله فيكم.. وبصراحة نحن لا نريد ان ندخل في مواجهة مع عبد الغني..، فمن يكون (العبد الغبي).. وأذكر عندنا في الريف شخصيات علي شاكلته،.. وبينهم من هو معدم يتكرم عليه الناس بالملابس القديمة وببعض المال.. لكن هؤلاء بعد فترة من الزمن يذهبون إلي مركز المدينة لشراء ثياب جديدة (وغترة) (غطاء الرأس) وعقال ونعال جديد.. فيعودون إلي قريتهم وكأنهم من أسياد القوم وكأن النعل والعقال نصبهم شيوخاً.. وصاروا يتبخترون في مشيتهم، ويتناسون فضل حتي الناس الذين يعطفون ويتكرمون عليهم ويسدون رمقهم ببضعة (عانات)!.. وهذا الوزير يبدو انه نسي نفسه ومن صيره ونصبه وزيراً.. وقد تمادي كثيراً.. حتي أنه اتصل بي ذات مرة معترضاً علي عرض مسلسل ابن تيمية بدوافع من الجهل بأصول الدين وتاريخ الفقه وقال لي أستاذ عدي نطالبكم بإيقاف عرض المسلسل قلت له ومن أنت حتي تصدر لي هذه الأوامر.. قال أنا عبد الغني عضو القيادة وزير الإعلام.. قلت وأنا عدي صدام حسين الذي لا يأخذ أوامره إلا من شخص واحد فقط في هذا العالم هو صدام حسين رئيس الجمهورية، أما أنت فأذهب أنت وقراراتك إلي (..)!!
حين وصل قرار الغلق إلي مكتب عدي.. تأمله جيداً، وسأل عن الوزير، فقالوا له أنه في الوزارة ولم يغادر العراق!.. فقال لماذا لم يتكرم هذا الـ(..) ويوقع القرار بنفسه وفقا لقانون المطبوعات، وترك الأمر لمدير عام دائرة الإعلام.. ألا يخجل من نفسه ويعرف قدره..!؟ وأصدر عدي توجيهاته إلي مدير تحرير بابل ومسؤول المطبعة بمواصلة العمل في الصحيفة لتصدر في اليوم التالي كالمعتاد وقال (ليذهب عبدو والمدير العام وقرار الغلق إلي الجحيم).. وفي المساء حضر عدي شخصياً إلي المطبعة للاطمئنان علي تطبيق توجيهاته وإتمام عملية الطبع.. وأصدر أمراً خطيراً لمجموعة من حمايته قائلاً لهم (سأترككم في المطبعة لكي يتم الطبع حسب الأصول وأطلقوا النار علي أية قوة تحاول عرقلة الطبع مهما كان مصدرها.. وانتظروا التعليمات مني فقط!!).. انتهي المونتاج بعد الساعة الثانية من منتصف الليل ودارت ماكنة الأوفسيت منذ دقائق.. بعدها رن جهاز الهاتف وكان عدي علي الطرف الآخر يأمر بإيقاف الطبع بعد ان هاتفه الرئيس شخصياً وأمر بالالتزام بقرار الوزارة..)
ودخل عدي مساء اليوم التالي إلي المطبعة ويبدو عليه الغضب الشديد وطلب من مدير التحرير إحضار قانون المطبوعات لترتيب الرد المناسب علي الوزير، وتكليف المحامي الخاص للجنة الأولمبية بتقديم دعوي قضائية ضد الوزير لرد الاعتبار المعنوي الذي أصاب الصحيفة والمطالبة بالتعويض عن الخسائر الناجمة عن أيام الغلق غير القانوني.. كنا أنا وداود نجلس في غرفة صغيرة فأطل علينا عدي بقامته المديدة التي أحتلت جزءاً كبيراً من باب الغرفة.. وبعد تبادل التحية والمصافحة حاول عدي مداعبتنا وتلطيف الجو والتظاهر بعدم الاكتراث بالموقف.. لكنه بعد دردشة قصيرة توجه لي بالسؤال.. ماذا تقول عن ذلك يا هاشم.. قلت له (والله ليس عندي من كلام سوي التأكيد أننا نشعر بصدق الانتماء إلي هذا الوطن، وان ما نكتبه هو للمصلحة العامة ولا يستفز إلا المنحرفين والمفسدين.. فلماذا تغضب الوزارة والجهات الأخري من هذا النهج؟ وهو بذاته ممارسة لحق مشروع في إبداء الرأي والتعبير الصادق عن هموم الوطن والمواطن..، ولسنا علي استعداد لاستبدال هذا النهج الصحفي بالتهريج والتطبيل مهما كانت المصائب!).
ابتسم عدي وقال (بارك الله فيكم.. وبصراحة نحن لا نريد ان ندخل في مواجهة مع عبد الغني..، فمن يكون (العبد الغبي).. وأذكر عندنا في الريف شخصيات علي شاكلته،.. وبينهم من هو معدم يتكرم عليه الناس بالملابس القديمة وببعض المال.. لكن هؤلاء بعد فترة من الزمن يذهبون إلي مركز المدينة لشراء ثياب جديدة (وغترة) (غطاء الرأس) وعقال ونعال جديد.. فيعودون إلي قريتهم وكأنهم من أسياد القوم وكأن النعل والعقال نصبهم شيوخاً.. وصاروا يتبخترون في مشيتهم، ويتناسون فضل حتي الناس الذين يعطفون ويتكرمون عليهم ويسدون رمقهم ببضعة (عانات)!.. وهذا الوزير يبدو انه نسي نفسه ومن صيره ونصبه وزيراً.. وقد تمادي كثيراً.. حتي أنه اتصل بي ذات مرة معترضاً علي عرض مسلسل ابن تيمية بدوافع من الجهل بأصول الدين وتاريخ الفقه وقال لي أستاذ عدي نطالبكم بإيقاف عرض المسلسل قلت له ومن أنت حتي تصدر لي هذه الأوامر.. قال أنا عبد الغني عضو القيادة وزير الإعلام.. قلت وأنا عدي صدام حسين الذي لا يأخذ أوامره إلا من شخص واحد فقط في هذا العالم هو صدام حسين رئيس الجمهورية، أما أنت فأذهب أنت وقراراتك إلي (..)!!












التعليقات